وثلاثة أشهر وعظم المصاب به سيما على أهل خرقته وأخرج يوم السبت وحضره الجمع الغفير وكان يومًا مشهودًا وتقدم للصلاة عليه ولده قاضي القضاة جلال الدين، ودفن في مدرسته ورثاه جماعة من الأئمة منهم رفيقه الإمام الحافظ الكبير أبو الفضل العراقي فقال:
والله يبقي شيخ المسلمين لنا ... غنًا عن الماضين للمتجدد
يحل في دروسه ما أُعضلت ... من المسائل الصعاب العُنَّد
يقعد للفتيا بعد عصره ... إلى غروبها بغير مقعد
يأتون من فجاج الأرض ... واردين بحر علومه الفتيِّ المورد
فيسألون لا يَرُدُّ سائلًا ... إلا بخطِّ أو بقول مرشد
وجمع الله شملنا ... في جَنَّةٍ ومنزل مخلد
بعد صلاة وسلام ... على النبيّ الأبطحي الأمجد
ومنهم تلميذه شيخنا الإمام الحافظ شهاب الدين ابن حجر -أينع الله ظلاله- رثاه بقصيدة طويلة ولكنها بديعية حسنة فأحببت أن أذكرها وهي قوله:
يا عين جودي لفقد البحر بالمطر ... وأذري الدموع ولا تبقي ولا تذري
إلى آخرها لأنها تطول الفصل، فإن شهرتها تغني عن ذكرها بكمالها.
ورثاه جماعة كثيرة نظمًا ونثرًا قد استوعبها ولديه القاضي جلال الدين وعلم الدين في ترجمة أبيهما وكل منهما ترجمه بمجلد، وأحسن المراثي ما ذكرناه. وقد وقفت على الكتابين المذكورين وأثبت منهما في ترجمته المقصود.
وأما الذي مُدح به في حياته فكثير لا ينحصر من شعراء عصره وأُدبائهم، منهم ابن حبيب الحلبي وغيره.
وأحسن ما وقفت عليه من ذلك مدح المحدث الفاضل الشيخ ناصر الدين بن عشائر الحلبي وقد ضمنها ببعض علوم الحديث وهي على
1 / 36