القماح والأصول على الشمس الأصفهاني وأجازه بالإفتاء، وأخذ النحو والأدب على أبي حيان، وسمع البخاري من الشيخ جمال الدين بن شاهد الجيش، ومسلم من العلامة شمس الدين بن القمّاح، وسمع بقية الكتب الستة وغيرها من المسانيد من جماعة، وتخرج بغيرهم من مشايخ العصر، ولزم الاشتغال وحضر عند الشيخ تقي الدين السبكي وبحث معه في الفقه، وأجاز له من دمشق الحافظان المزي والذهبي وغيرهما كابن الحربي وابن نباتة وابن الخباز وغيرهم.
واشتُهر اسمه وعلا ذكره وظهرت فضائله وبهرت فوائده، ثم انتصب للاشتغال فاجتمعت الطلبة عليه بكرةً وعشية.
قال ولده القاضي جلال الدين: وكان يلقي الحاوي في الأيام اليسيرة، ووصل في ذلك حتى ألقاه في جامع الأزهر في ثمانية أيام.
وكان ممن يحضره في جامع الأزهر الشيخ فخر الدين بن جوشن، وهو من كبار أولياء الله الصالحين فجاء يومًا وأخبر الجماعة في الدرس: أنه رأى الليلة قائلًا يقول له:
فإن يك زين الدين ظن بعلمه ... فبحر سراج الدين وردٌ لمن وَرَد
يشير إلى الشيخ زين الدين بن الكتاني تغمده الله برحمته.
ثم حجّ بعد ذلك في سنة تسع وأربعين ورحل إلى القدس واجتمع فيها بالشيخ صلاح الدين العلائي وحضر حلقته وبحث معه وعظّمه وقال له: أنت الذي يقال لك البلقيني وعامله بما يليق به، ثم صاهره الشيخ بهاء الدين بن عقيل في سنة اثنين وخمسين خطبه لابنته وغبّطه به الشيخ تقي الدين السبكي، وناب عنه لما ولي الشيخ بهاء الدين القضاء في سنة تسع وخمسين تلك المدة اليسيرة -وهي نحو ثمانين يومًا، ثم ولي تدريس الزاوية بعد وفاة ابن عقيل في سنة تسع وستين واستمرت بيده إلى حين وفاته ستة وثلاثين سنة يقرِّر فيها مذهب الشافعي على أعظم وجه وأكمله، وكان قبل ذلك قد ولي تدريس
1 / 30