فان قلت: هل يلزم أحدا علم ما يطمئن اليه قلبه أنه لو عاش يلزمه ذلك(_( ) كأن يسئل من كان قبل وجود الطائرات مثلا عن حكم الصلاة في الطائرة وكيفيتها._) ويخاف عند لزومه أن لا يجد من يعبر له اياه؟. قلت: لا يلزمه ذلك الا أنه من باب الفضيلة والوسيلة، ولو كان يلزمه ذلك للزمه أن يعرف ما هو أبعد منه فيتمشى هذا القول إلى أن يلزمه أن يعرف جميع ما في علم الله؛ وهذا محال والدائن به دائن بضلال. وبما أورده الامام أبو سعيد(_( ) العلامة الكبير أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي الكدمي من كبار علماء الإباضية بعمان، وكدم إحدى ضواحي ولاية الحمراء ولد عام 305ه تقريبا ونشأ في ظلال حكومة الإمام العادل سعيد بن عبد الله وكان مؤازرا له منذ بلوغه الحلم ويبدو أنه تتلمذ عليه في بداية أمره إذ كان هذا الإمام موصوفا بأنه عالم لا يشق له غبار، كما أخذ عن الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسن و عاصر إمامة الإمام الرضي راشد بن الوليد، وكان أبو سعيد عالم يشار إليه بالبنان ولا أدل على ذلك من قوة التأثير الذي خلفه من بعده حيث لاقت فتاواه وأجوبته ومصنفاته صدورا رحبة فكان تراثه محط اهتمام عند أهل عمان ويندر أن ترى المصنفات التي جاءت بعده إلا وتولي فتاواه اهتماما بالغا وهو المقصود ب(أبي سعيد) إذا اطلق عند الإباضية، وكان زاهدا متورعا بحق يصفه الشيخ السالمي في "تحفة الأعيان" (1/191) بقوله: "وكان لأبي سعيد يومئذ نخلة وخمرة وهي شجرة العنب، قيل انه يأكل من تمر النخلة بلا خبز ولا حلاء [وهو اللحم بأنواعه]، وله ثلاث نسوة موسرات لا يأكل من مالهن شيئا، وقد أخذنه لأجل علمه وأحسب أنه كان يقسم ثمرة النخلة على السنة والخمرة [شجرة العنب] للكسوة فيما قيل، هذا هو الزهد لمن عقله" ا.ه.
صفحه ۵۹