وكان العزيز قد أصر على قتل جميع الأمراء المماليك وأتباعهم ليتخلص من | شرهم ويريح القطر من أذاهم وسلبهم ونهبهم وأسر ذلك إلى حسن باشا | وصالح قوج والكتخدا فقط ، وفي صبح ذلك اليوم أسر به إبراهيم أغا ( أغا | الباب ) ، فلما سار الموكب وانفصل الدلاة ومن خلفهم من الوجاقلية | والألداشات المصرية عن باب العزب ، أمر صالح قوج عند ذلك بغلق الباب | وعرف طائفته بالمراد فالتفتوا ضاربين للمصريين ( يقصد بذلك المماليك ) وقد | انحصروا بأجمعهم في المضيق المنحدر ، وهو الحجر المقطوع في أعلى باب العزب ، | فيما بين الباب الأسفل والباب الأعلى الذي يتوصل منه إلى سوق القلعة ، | وكانوا قد أوقفوا عدة من العسكر على الحجر والحيطان فلما حصل الضرب | من أسفل ، أراد الأمراء القهقري فلم يمكنهم ذلك لإنتظام الخيول في مضيق | النقر وأخذهم ضرب البنادق والقرابين من خلفهم أيضا ولما علم الواقفون | بالأعلى المراد ضربوا أيضا ، فلما رأى المصريون ( المماليك ) ما حل بهم ارتبكوا | في أنفسهم وتحيروا في أمرهم ، ووقع منهم أشخاص بكثرة فنزلوا عن الخيول | واقتحم شاهين بيك وسليمان بيك البواب وآخرون وعدة من مماليكهم راجعين | إلى فوق ، والرصاص ينصب عليهم من كل فج ونزعوا ما كان عليهم من | الفراوي والثياب الثقيلة ولم يزالوا سائرين شاهرين سيوفهم حتى وصلوا إلى | الرحبة الوسطى المواجهة لقاعة الأعمدة وقد سقط أكثرهم وأصيب شاهين بيك | وسقط إلى الأرض فقطعوا رأسه وأسرعوا بها إلى الباشا ليأخذوا البقاشيش ، | وكان الباشا عندما سار الموكب قد ركب من ديوان السراى إلى بيت الحريم | وهو بيت إسماعيل أفندي الضربخانة ، وأما سليمان بيك البواب فهرب من | حلاوة الروح وصعد إلى حائط البرج الكبير فتبعه الجند بالضرب حتى سقط | وقطعوا رأسه أيضا ، وهو كثير إلى بيت طوسون باشا فقتلوهم وأسرف | العسكر في قتل المصريين ( المماليك ) وسلب ما عليهم من الثياب وقتلوا معهم | من رافقهم من طوائف الناس وأهالي البلد وكل من تزيا بزيهم وقبضوا على من | | أدرك حيا وقتلوهم في حوش الديوان واستمر القتل من صخوة النهار إلى مضى | جزء من الليل على المشاعل .
هذا ما حصل بالقلعة وأما أسفل المدينة فإنه عندما أغلق باب القلعة وسمع من | الرميلة صوت الرصاص وقعت الكبسة في الناس واتصلت بأسواق المدينة وأغلق | الباعة حوانيتهم وانتشرت العساكر إلى بيوت الأمراء المصريين ومن جاورهم | كالجراد ونهبوها نهبا بليغا حتى حلى النساء ، وركب الباشا ضحوة ثاني يوم | ونزل من القلعة بموكب حافل ومنع النهب ودخل بيت الشرقاوي وجلس عنده | ساعة لطيفة ، وكذا ابنه طوسون دخل البلد ومنع العسكر من الإفساد والنهب | وأرسل الباشا إلى القرى والبلدان بضرب عنق من وجدوه بها من الكشاف | التابعين للمصريين ( المماليك ) فضربت أعناقهم ومات في هذه الواقعة نحو الألف | ما بين أمير وكاشف وجندي وكانوا يحملونهم على الأخشاب ويرمونهم عند | المغسل بالرميلة وقد جردوهم من ثيابهم وألقوهم بحفرة من الأرض ، قيل إنها | بقرة ميدان ، ولم ينج من الألفيين إلى أحمد بيك زوج عديلة هانم فإنه كان غائبا | بناحية بوش وأمين بيك تسلق من القلعة وهرب إلى ناحية الشام ، وممن قتل من | مشاهيرهم شاهين بيك كبير الألفية ونعمان بيك وحسين بيك الصغير ومصطفى | بيك الصغير ومراد بيك الكلارجي ومرزوق بيك بن إبراهيم بيك ( انتهى | ملخصا ببعض تغييرات ) وكان موتهم رحمة للعباد وعمارة للبلاد وأمنت بعدهم | السبل برا وبحرا .
أما ما تواتر على الألسن من أن أمين بيك عندما حصلت المذبحة هم بجواده | فوثب به من فوق السور لجهة الميدان فقتل جواده وسلم هو فقط فذلك أمر | مبالغ فيه إن لم يكن محض اختلاق .
صفحه ۵۵