وإليك تفصيل هجوم الإنكليز على رشيد نقلا عن جريدة أركان حرب | الجيش المصري وذلك أنه لما وصل الإنكليز إلى الإسكندرية وجرى ما أسلفناه | اغتاظ الجنرال ( فريزر ) مما حصل لجنده في رشيد فشكل سرية أخرى وأرسلها | إليها وكانت مركبة من ثلاث آلاف نفر وستة مدافع وأربعة قطع من الهوان | تحت رياسة الجنرال ( استيوارت ) فلما وصلت تلك السرية إلى رشيد في 18 | إبريل سنة 1807 وضع الجنرال المذكور بطريتين في القطعة المرتفعة من ناحية | أبي مندور وتمكن من قرية الحماد ووضع فيها خمس بلوكات لأجل محافظة | ووقاية الخلف ، ثم ابتداء المحاصرون ، أي الإنكليز ، في ضرب النار فكلما تذكر | المحصورون الظفر الذي نالوه في الواقعة الأولى صبروا وتجلدوا وكانوا يرهبون | الحاصرين في غالب الأحيان بخروجهم إلى خارج البلدة وهجومهم عليهم | فمكث ضرب النار أسبوعين بلا ثمرة وفي آخر تلك المدة أي في 21 إبريل | تعجب الفريقان من الإمدادية التي أتت على حين غفلة من طرف محمد علي | باشا فاستبشر المحصورون بذلك ، وكان مقدار الإمدادية المذكورة ألفا وخمسمائة | سوارى وأربعة آلاف بيادة ، وفي الحال انقسمت تلك العساكر إلى فرقتين | إحداهما صغيرة واتخذت موقعها أمام الحماد والثانية كبيرة تحت رئاسة الكيخيا | واتخذت موقعها في برنبال وكان عساكر الفرقتين يشاهد بعضهم بعضا . | | وعند فلق صباح اليوم التالي هجمت الفرقة الصغيرة على مدافع الإنكليز | الذي كان بالحماد بعساكر البيادة والسوارى لكنها تقهقرت فتبعها أحد | بلوكات الإنكليز إلى مسافة بعيدة حتى انفصل البلك المذكور عن بقية الجيش | وحينئذ رجع سوارى المصريين بالهجوم على ذلك البلك ففرقته وقتلت منه | عشرين نفرا وأسرت خمسة عشر ، وفي الليلة التالية اقتحم الكيخيا بعساكره | نيران الإنكليز واجتمع مع قائد الفرقة الأخرى وفي هذه الليلة أخذ الجنرال | ( استيوارت ) عساكر قره قول الحماد بخمس بلوكات فصار جميع القول 850 | نفرا تحت قيادة الأميرالاي ( مكليود ) وكان الأميرالاي المذكور يظن حينئذ أنه لم | يكن أمامه خلاف الفرقة الصغيرة لكنه لما رأى في الصباح أن جميع الجيش | اجتمع أمامه وأخذلإي السير لمهاجمته أمر بالتقهقهر ، إلا أنه غلط في تقهقرهبسبب | تجزئة قوته إلى سريات فجعل أولاها مركبة من ثلاث بلوكات تحت رئاسة | البيكباشي ( مور ) وثانيتها من بلوكين تحت رئاسته والثالثة من خمس بلوكات | ومدفعين تحت رئاسة البيكباشي ( وجلستر ) ثم لم يسير أيضا تلك السريات مع | بعضها بل جعلها منفصلة عن بعضها بمسافات بعيدة ، فعند ذلك انتظرت | السوارى المصرية سرية البيكباشي ( مور ) حتى انفصلت من السريتين الأخريين | وأحاطت بها من كل جانب ومكان حتى لم ينج من القتل إلا من أسر وهو | البيكباشي ( مور ) وقليل من الأنفار ، ولما بعد الأميرالاي ( مكليود ) مسافة نصف | ميل أراد الرجوع والإجتماع مع سرية البيكباشي ( وجلستر ) لكن كان ذلك | صعب المنال لأن السواري المصرية لم تمهله بل أحاطت به فالتزم بأن يشكل | سريته بهيئة قلعة وتمكن بذلك من صد السواري المصرية إلى أن عساكر البيادة | أطلقت عليه نارا مدرارا وقتلته وكثيرا من الجند ، فأخذ اليوزباشي ( ماكي ) | مكانه من الرئاسة وصمم على اقتحام وسط المصريين كي يلحق بإخوانه لكن لم | تزل نيران بنادق المصريين تنهال عليه كالسيل ، حتى لم يصل إلى البيكباشي | ( وجلستر ) إلا بنفر قليل مقداره سبعة أشخاص ، وأما البيكباشي ( وجلستر ) | | فدافع بعد وصول الميرألاي ( مكليود ) بشجاعة وإقدام ، لكنه التزم في آخر أمره | أن يسلم نفسه ومن معه .
هذا وأما الجنرال ( استيوارت ) فأسرع في تسمير المدافع الكبيرة وحرق | الذخيرة ثم قفل راجعا إلى الإسكندرية مع ألفي نفر بقيت ممن كان معه من الجند | وبعد الهزيمة الثانية التي حصلت للإنكليز أمام رشيد لم ير الجنرال ( فريزر ) من | الحكمة أن يهاجم رشيد مرة أخرى حتى يحضر له إمداد من انكلترا ، وخاف من | هجوم عساكر الوالي عليه فأخذ في تحصين المدينة . اه بتصرف .
ولما رجع الإنكليز إلى الإسكندرية بعد هزيمتهم ثاني مرة أمام مدينة رشيد | قطعوا جسر أبي قير الحائل بين مياه البحر المالح وأرض البحيرة لقطع المواصلات | بين الإسكندرية وداخل القطر فعم الماء أغلب جهات البحيرة وخرب بلادها | وأتلف أرضها ومزروعاتها وأعدم منها نحو مائة وأربعين بلدا بقي أغلبها إلى الآن | وهي ما تراه بين إتكو وبحيرة المعدية إلى المحمودية وما جاور بحيرة مريوط ممتدا | بالقرب من دمنهور . |
خروج الإنكليز من مصر
وفي وسط جمادى الثانية سنة 1222 ( 1807 م ) سافر الباشا بنفسه إلى | دمنهور وتكررت بينه وبين الإنكليز المكاتبات في شأن إخلاء الإسكندرية وتم | بينهما الإتفاق على إخلائها وتعهد محمد علي باشا بتسليم ما أخذ من | عساكرهم أسرى في أثناء الحرب . وفي 5 رجب أتت أوامر الباشا إلى العاصمة | بإرسال الأسرى فأرسلوا إلى الإسكندرية ، وبمجرد وصولهم نزل الإنكليز | مراكبهم ورجعوا إلى بلادهم وكان ذلك في 10 رجب سنة 1222 ( 4 سبتمبر | سنة 1807 ) ولما وصل إلى القاهرة خبر زوال الخطر من احتلال الإنكليز الثغر | الإسكندري ودخول محمد علي باشا بها ، أطلقت المدافع من القلعة ثلاثة أيام | متوالية في الأوقات الخمس . | |
صفحه ۴۸