وذكر الجبرتي أنهم شرطوا مع الأهالي أنهم لا يسكنون البيوت قهرا عن | أصحابها بل بالمؤاجرة والتراضي ، ولا يمتهنون المساجد ولا يعطلون الشعائر | الإسلامية وأعطوا أمين أغا نظير خيانته أمانا على نفسه ومن معه من العساكر | وأذنوا لهم بالذهاب إلى أي محل أرادوه ومن كان له دين على الديوان يأخذ | | نصفه حالا ونصفه الثاني مؤجلا ومن أراد السفر في البحر من التجار وغيرهم | يسافر في خفارتهم إلى أي جهة أراد ما عدا إسلامبول ، وأما الغرب والشام | وتونس وطرابلس ونحوها فطلق السراح ذهابا وإيابا وأن محكمة الإسلام تكون | مفتحة الأبواب للمتقاضين تحكم بشريعتها الإسلامية ولم يكلفوا أهل الإسلام | بإقامة دعوة عند الإنكليز بغير رضاهم . اه بتصرف . |
واقعة رشيد :
أما الجنرال الإنكليزي ، فمن بعد أن استراح بضعة أيام وجهز ما يلزم ، أمر | بتوجيه بعض عساكره إلى رشيد ليكون له في القطر موقع آخر وكان عدد من | أرسل من الجند إلى ثغر رشيد ألفى جندي منهم مائتان من البحرية ، ولم تكن | حامية رشيد مؤلفة إلا من بضع مئين يرأسهم شخص ذو صداقة وشجاعة يسمى | علي بك ، فلم يقلد أمين أغا حاكم الإسكندرية في تسليمه المدينة بل صمم على | المدافعة والمكافحة عن المدينة بكتيبة قليلة العدد والعدد على قدر الإستطاعة ، ثم | أمر عسكره وشدد عليهم بأن لا يطلقوا بنادقهم مطلقا حتى يشير إليهم ولما | شاهد عساكر الإنكليز ما شاهدوه من هذه الحالة ظنوا أنهم لا يجدون مدافعة بل | يدخلونه ثغر رشيد كما دخلوا الإسكندرية وكانوا في تعب من السير فدخلوا | البلد بدون احتراس وانتشروا في أسواقها حيث وجدوها خالية خاوية ، ثم بحثوا | عن أمكنة يلتجأون إليها ويستريحون فيها وأغلبهم رموا أسلحتهم وناموا في | الطرق ، فلما رأى ذلك على بك وتحقق التمكن منهم ، خرج عليهم بقليل من | العسكر وأطلق النار على كل جهة كانوا موجودين فيها ، فنالهم من ذلك دهشة | عظيمة كأنما بعثوا من القبور وأخذ الفشل فيهم ومما زاد في ارتباكهم إطلاق | العسكر بنادقهم عليهم من الأبواب والشبابيك وأسطحة البيوت فبعد قليل من | الزمن فرت الجنود الإنكليزية هاربة بدون انتظام إلى جهة الإسكندرية بعد أن | هلك اللواء القائد لها وكثير أيضا من الضباط ومائة جندي وأخذ منهم مائة | وعشرون أسيرا ومدفعان ، أما الهاربون فلم يزالوا يتحملون عناء السفر حتى | وصلوا إلى الإسكندرية . |
صفحه ۴۴