كان بهاء الدين زهير كاتب ديوان الإنشاء في عهد الملك الصالح أو كاتب السر، وديوان الإنشاء في عهد الدولة الأيوبية كان عظيما معتنى به، وكان لا يتولاه إلا أجل كتاب البلاغة، ومتولي رتبة كتابة السر أعظم أهل الدولة.
ومن وظيفة كاتب السر قراءة الكتب الواردة على السلطان، وكتابة أجوبتها، والجلوس لقراءة القصص بدار العدل، والتوقيع عليها، وتصريف المراسيم صدورا وورودا.
وكانت تجمع كتابة السر إلى الوزارة تارة، كما فعل ذلك صلاح الدين الأيوبي مع القاضي الفاضل، وتفصل عنها أخرى كما استمر عليه العمل بعد القاضي الفاضل.
ويقول بعض المؤلفين: إن بهاء الدين زهيرا كان وزيرا للملك الصالح نجم الدين أيوب ويلقبونه بالصاحب بهاء الدين زهير. والصاحب لقب للوزير إذا كان من أرباب الأقلام، على أن بهاء الدين زهيرا وإن لم يكن وزيرا فقد كانت رتبته، وهي رياسة ديوان الإنشاء، تقاسم الوزارة جاهها ومجدها في عهد الأيوبيين، وربما كانت أوفى منها مجدا وجاها. ومع هذه المكانة العالية؛ فإن البهاء زهيرا مات فقيرا، وفي آخر عمره - كما في تاريخ أبي الفداء وتاريخ ابن الوردي - انكشف حاله حتى باع موجوده وكتبه وأقام في بيته بالقاهرة حتى أدركه أجله. وأجمع المترجمون له على أنه كان ذا مروءة ولطف ومكارم أخلاق، وقد كان متمكنا من صاحبه الملك الصالح، ولا يتوسط عنده إلا بالخير، ونفع خلقا كثيرا، وبلغ من الرفعة ما لم يبلغه غيره.
والقارئ لشعر البهاء زهير يحس بما في نفس الشاعر من رقة وحسن ذوق، وبعد عن الشر والأذى، ومما يدل على لطف روحه أنه قلما يهجو بغير الوصف بالثقل، فيقول:
وثقيل كأنما
ملك الموت قربه
ليس في الناس كلهم
من تراه يحبه
لو ذكرت اسمه على الما
صفحه نامشخص