فدنا فأحرق نفسه
ولو اهتدى رشدا لأبعد
وأهم ما حظي به الشعر من التجديد في بغداد انصراف الفحول من الشعراء عن الوقوف على الديار والبكاء على الأطلال إلى وصف الأنهار والأشجار والأزهار والثمار ومجالس اللهو واللعب وضروب الأنس والطرب، وإمام هذه الجماعة الحسن بن هانئ، فإنه كان يرى من النقص أن يفتتح الشاعر شعره - وهو في بغداد بين الأنهار والأشجار - بالوقوف على الطلول المحيلة والآثار الطامسة، ويرى من الواجب على الشاعر أن يكون واقعيا، يصف شعوره وإحساساته وخلجات نفسه ويصورها تصويرا بارعا تهتز له النفوس، فكأنه يسحرها أو يسكرها؛ لأنه يصور لها ما تحن إليه وتحنو عليه، قال:
صفة الطلول بلاغة القدم
فاجعل صفاتك لابنة الكرم
وقال:
عاج الشقي على رسم يسائله
وعجت أسأل عن خمارة البلد
يبكي على طلل الماضين من أسد
لا در درك قل لي من بنو أسد؟
صفحه نامشخص