عَمَّن دبّ ودرج وَكتب الطباق وَضبط الْأَسْمَاء وتدرب بوالده في الحَدِيث وفنونه وَكَذَا في غَيره من فقه وأصول وعربيه وَمَعَان وَبَيَان وبرع في جَمِيع ذَلِك وشارك في غَيرهَا من الْفَضَائِل وَأذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه بالإفتاء والتدريس وَاسْتمرّ يترقّى لمزيد ذكائه حَتَّى سَاد وأبدا وَأعَاد وَظَهَرت نجابته ونباهته واشتهر فَضله وبهر عقله مَعَ حسن خلقه وخُلقه وَشرف نَفسه وتواضعه وانجماعه وصيانته وديانته وأمانته وعفته وضيق حَاله وكثرة عِيَاله ودرّس وَهُوَ شَاب فِي حَيَاة أَبِيه وَقَالَ أَبوهُ فِي دروسه
(دروس أَحْمد خير من دروس أبه ... وَذَاكَ عِنْد أَبِيه مُنْتَهى أربه)
وَلما توجه وَالِده لقَضَاء الْمَدِينَة وخطابتها قَامَ بِجَمِيعِ وظائفه إِلَّا مشيخة دَار الحَدِيث فإنه انتزعها مِنْهُ شَيْخه ابْن الملقّن فَتحَرك لمعارضته ثمَّ سكنه بعض مشايخه فسكن ثمَّ أضيفت إليه جِهَات أَبِيه بعد مَوته فزادت رئاسته وانتشرت في الْعُلُوم وجاهته وأضيف إليه في بعض الْأَوْقَات قَضَاء منوف وناب فى الْقَضَاء عَن الْعِمَاد الكركي نَحْو عشْرين سنة ثمَّ ترفع عَن ذَلِك وَفرغ نَفسه للإفتاء والتدريس والتصنيف إلى أَن خطبه الطَّاهِر ططر بِغَيْر سُؤال إلى قَضَاء الديار المصرية فِي منتصف شَوَّال سنة ٨٢٤ مَعَ وجود السعاة فِيهِ بالبذل وَذَلِكَ عقب موت الْجلَال البلقيني بأَرْبعَة أَيَّام فَسَار فِيهِ أحسن سيرة بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وصرامة وشهامة وَمَعْرِفَة وَكَانَ يحضّ أَصْحَابه على الاهتمام بإجابة من يلْتَمس مِنْهُم الشَّفَاعَة عِنْده عملًا بِالسنةِ وَقَامَ عَلَيْهِ جماعته حَتَّى ألزموه بتفضيل الرفيع من الثِّيَاب وقرروا لَهُ أَن في ذَلِك قُوَّة في الشَّرْع وتعظيمًا
1 / 73