ذكر إِلَى ذَلِك الإمام لَا جرم قد أبدله الله بسُلْطَان خيّر من سُلْطَانه وجيران أفضل من جِيرَانه ورزق أوسع مِمَّا منعُوهُ مِنْهُ وجاه أرفع مِمَّا حسدوه عَلَيْهِ فإنه لما خرج توجه الى مملكة الرّوم وَمَا زَالَ يترقى بهَا حَتَّى اسْتَقر في قَضَاء الْعَسْكَر وَغَيره وتحول حنفيًا وَعظم اخْتِصَاصه بِملك الروم ومدحه وَغَيره بقصائد طنانة وَحسنت حَاله هُنَالك جدًا بِحَيْثُ لم يصر عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد مُرَاد أحظى مِنْهُ وانتقل من قَضَاء الْعَسْكَر إلى منصب الْفَتْوَى وَتردد إليه الأكابر وَشرح جمع الْجَوَامِع وَكثر تعقبه للمحلي وَعمل تَفْسِيرا وشرحًا على البخاري وقصيدة في علم الْعرُوض نَحْو سِتّمائَة بَيت وَأَنْشَأَ باسطنبول جَامعا ومدرسة سَمَّاهَا دَار الحَدِيث وانثالت عَلَيْهِ الدِّينَا وَعمر الدور وانتشر علمه فَأخذ عَلَيْهِ الأكابر وَحج فى سنة ٨٦١ إحدى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَلم يزل على جلالته حَتَّى مَاتَ فى أَوَاخِر سنة ٨٩٣ ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه وَمن مطالع قصائده في مدح سُلْطَانه
(هُوَ الشَّمْس إلا أَنه اللَّيْث باسلًا ... هُوَ الْبَحْر إلا أَنه مَالك الْبر)
وَقد تَرْجمهُ صَاحب الشقائق النعمانية تَرْجَمَة حافلة وَذكر فِيهَا أن سُلْطَان الروم السُّلْطَان مُحَمَّد عرض عَلَيْهِ الوزارة فَلم يقبلهَا وَأَنه أَتَاهُ مرة مرسوم من السُّلْطَان فِيهِ مُخَالفَة للْوَجْه الشرعي فمزقه وَأَنه كَانَ يُخَاطب السُّلْطَان باسمه وَلَا ينحني لَهُ وَلَا يقبل يَده بل يصافحه مصافحة وانه كَانَ لَا يأتى الى السُّلْطَان إِلَّا إِذا أرسل اليه وَكَانَ يَقُول لَهُ مطعمك حرَام وملبسك حرَام فَعَلَيْك بِالِاحْتِيَاطِ وَذكر لَهُ مَنَاقِب جمّة تدل على أَنه من الْعلمَاء العاملين لَا كَمَا قَالَ السخاوي
1 / 41