وأما الكتب ففيها فرائض الرحمن وحججه، وحلاله وحرامه، وتبيين ما أحل الله لعباده وما حرم عليهم، وما أمرهم وما نهاهم عن فعله وما وكد من أحكامه، وما أوجب في كل الأسباب عليهم، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم.
فإذا قال: بذلك قيل له: ويحك ما أغفلك وأبين حيرتك وأظهر جهلك وأقل علمك ما تذكر من قولك، وتقول أن الكتب عندك على ما ذكرت وفسرت وقد يعلم أن أعظم الكتب كتاب محمد عليه السلام الذي جعله الله نورا وهدا وتبيانا ورحمة وشفاء، فرض فيه الفروض، وأصل فيه الأصول، وبين به حلاله وحرامه؛ وفي ذلك ما يقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}(1) ويقول سبحانه:[ ] {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}(2) ثم أمر رسوله باتباعه والانقياد لما فيه فقال: {اتبع ما أوحي إليك من ربك}(3) ثم تقول بعد أنه قد ذهب بعضه ولم يبق منه إلا أقله وهو دعائم الرحمن، وفيه ما تحتاج إليه من أمور الله في كل شأن، فإن كان ذلك عندك كذلك فقد ذهبت أكثر فرائض الله -سبحانه وتعالى- وعدمت حجته فتركت وعطلت، ورفضت واستبدلت بنور الحق وبهجته حيرة الباطل وظلمته، فلا ذنب للعباد فيما جهلوا من الحق فارتكبوا من الفساد، وتركوا من فرائض الله تعالى التي قد ذهبت مع عامة كتابه إذ هم عنها غافلون ولها جاهلون، إذ لم يجدوها ولم يطلعوا عليها ولم يعلموها.
صفحه ۷۲