وهكذا كان ابن الأثير يبوّب كتابه كلّه، وهذا يدل - ولا شك - على قدرة هائلة في الترتيب والتنظيم، أفادها من عمله في الحديث، ولكن كما رأينا أن تلك التقسيمات والتفريعات وإن كانت دقيقة إلا أنها تشتت ذهن القارئ في الجمع بين الأقسام، والفصول، ولكنها تعين القارئ الراغب في معرفة أحكام
منهج الكتاب
قال ابن الأثير - في مقدمة الكتاب - بعد البسملة والحمدلة، والصلاة على رسول الله ﷺ: - (.. أما بعد فإنك أيها الأخ - أبقاك الله ورعاك - لما قرأت كتاب" بغية الراغب في تهذيب الفصول النحويّة"، ورأيته في غاية ما يكون من الاختصار، ويمكن من الإيجاز، مع ما اشتمل عليه من الشرائط، وحواه من الأحكام والضوابط، وكنت في مزاولة هذا الفن من العلم ناشيا، وإن كان عزمك فيه ماضيا، واطّلعت منه على مستبهم مستغلق، وسمت نفسك إلى ما هو أعلى منه قدرا، وأوضح سبيلا، وأكثر منه بسطا وأقوم قيلا، ورغبت إليّ في جمع كتاب - ينير طرق فهمه، وتتضح مذاهب معرفته، فأجبتك إلى ما سألت غير ذاهب بالإطالة إلى الإملال، ولا جانح بالإيجاز إلى الإخلال، حسب ما طلبت أن يكون باسطا لما أوجز فيه، مبيّنا لما أغلق من ألفاظه ومعانيه، تقصر عن رتبته الشروح، ولا يقصر في البيان والوضوح، جامعا لأبواب النحو وأحكامه، مشتملا على أنواعه وأقسامه، إلا ما
عسى أن يشذّ منها، أو ما لا تمسّ الحاجة إليه.
ولم أكد أودعه من الأدلة إلّا ما أوجب ذكره إحكامه، وافتقر إلى معرفته
مقدمة / 75