وسيدا كاملا، قد جمع بين علم العربية والقرآن والنحو واللغة، والحديث وشيوخه وصحته وسقمه، والفقه) (١)
وكان من كتّاب الإنشاء المبرزين، وقد برز ابن الأثير في علم الحديث على بالتنظيم الحسن، والترتيب الدقيق، وإنّ من ينظر في مؤلفات ابن الأثير ويرى الدقة والتنظيم يميل إلى موافقة ابن خلكان في قوله: (وبلغني أنه صنّف هذه الكتب كلّها في مدة العطلة؛ فإنه تفرغ لها، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة) (٢).
وقول ابن العماد: (وحكي أنّ تصنيفه كلّه في حال تعطّله؛ لأنه كان عنده طلبة يعينونه على ذلك) (٣).
وكلام ابن خلكان وابن العماد غير دقيق، فليس كل مؤلفات ابن الأثير قد صنفها في فترة مرضه؛ فجامع الأصول في أحاديث الرسول مثلا انتهى من الجزء الرابع منه في سنة ست وثمانين وخمسمائة، وكان في هذه السنة يتولى ديوان الإنشاء لعز الدين مسعود بن مودود، أمّا أن يكون له طلبة يعينونه فليس ذلك بمستبعد، لا سيما أن الطلبة قد كثر عددهم في رباطه الخاص، الذي أنشأه بالموصل يسمعون عليه مؤلفاته، ويؤكد ذلك ما أثبت على مخطوطة جامع الأصول في أحاديث الرسول من أسماء عدد كبير ممن سمعوا الكتاب على المؤلف.
وكتب ابن الأثير كثيرة لم يذكر أحد ممن ترجموا له كلّ كتبه، ولذا فلا
_________
(١) معجم الأدباء (١٧/ ٧١).
(٢) وفيات الأعيان (٤/ ١٤٢).
(٣) شذرات الذهب (٥/ ٣٢).
مقدمة / 43