316

بذل النظر في الأصول

بذل النظر في الأصول

ویرایشگر

الدكتور محمد زكي عبد البر

ناشر

مكتبة التراث

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

على ظن المكلف صيرورته بهذه الصفة في وقته إذا لم ينسخ، فإذا جوزتم نسخه قبل الوقت، يجوز نسخه قبل الفعل، فلا يغلب على ظنه ذلك. على أن الأمر هو إرادة كون الفعل بهذه الحالة حقيقة، وظن المكلف ليس من الإرادة في شيء فالأمر أمر لإرادة الإيجاب، لا لإرادة ظن المأمور الإيجاب. ولهذا إذا لم يظن المأمور به واجبًا، لا يمتنع وجوبه وكونه مأمورًا به.
فإن قيل: إذا نسخ قبل التمكن وقبل الوقت، تبين أنه لم يُرد به الإيجاب فلا يلزمنا ما قلتم- قلنا: هذا لا يكون نسخًا، والكلام في النسخ. ولأن تأخير هذا النوع من البيان عن مورد الخطاب لا يجوز- على ما مرَّ.
وأما من جوز ذلك فقد استدل فيه بأشياء:
١ - منها- أن إبراهيم صلوات الله عليه كان مأمورًا بذبح الولد، لأن معنى قوله: ﴿إنِّي أَرَى فِي المَنَامِ﴾ أي إني أمرت به، بدليل جواب الذبيح ﵇: ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ ثم نسخ ذلك قبل فعله.
٢ - ومنها- أن الله تعالى أمر بتقديم الصدقة بين يدي مناجاة النبي ﵇ بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ وكان قد نسخه قبل الفعل.

1 / 321