بَذْلُ المَجهُودِ فِي حَلِّ سُنَنِ أبي دَاوُد
تأليف
الإِمَام الْمُحدِّثِ الْكَبِيرِ الشَّيْخ خَلِيل أَحْمَدَ السَّهَارنفوري
(ولد سنة ١٢٦٩ هـ - وَتُوفِّي سنة ١٣٤٦ هـ)
مَعَ تعليقات
الإِمَامِ الْمُحدِّثِ الشَّيْخ مُحَمَّد زَكَرِيَّا الْكَاندهلَوِي الْمَدَنِي
(توفّي سنة ١٤٠٢ هـ)
اعتني بِهِ وَعلَّق عَلَيْهِ
الْأُسْتَاذ الدكتور تَقِيّ الدّين النَّدْوِي
طبع هَذَا الْكتاب عَليّ نَفَقَة سمو الشَّيْخ سُلْطَان بن زايد آل نهيان
نَائِب رَئِيس مجْلِس الوزراء لدولة الإمارات الْعَرَبيَّة المتحدة
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
بَذْلُ المَجهُودِ فِي حَلِّ سُنَنِ أبي دَاوُد (١)
1 / 3
الطَّبعَة الأولى
مُحقّقَة وَمُنَقّحَة
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للمحَقّق
مَرْكَز الشَّيْخ أبي الْحسن الندوي
للبحوث والدراسات الإسلامية
مظفر فَور، أعظم جراه، يوبي - الْهِنْد
SHEIKH ABUL HASAN NADWI CENTER
For Research & Islamic Studies
MOZAFFARPUR، AZAMGARH، U.P - INDIA
الْهَاتِف: ٥٤٦٢٢٧٠١٠٤/ ٠٠٩١ - ٥٤٦٢٢٧٠٦٣٨/ ٠٠٩١
الفاكس: ٥٤٦٢٢٧٠٧٨٦/ ٠٠٩١
متحرك: ٩٤٥٠٨٧٦٤٦٥/ ٠٠٩١
الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيد المرسلين محمد وآله وأتباعه أجمعين، وبعد:
فإنّ كتاب "سنن أبي داود" هو الكتاب الثالث من كتب الأصول الستّة، وهو أشمل كتابٍ لأحاديث الأحكام؛ لذلك عُني بشرحه والتعليق عليه منذ ظهور الكتاب في القرن الثالث إلى عصرنا هذا كثيرٌ من المحدِّثين والعلماء، وكلٌّ منهم شرح الكتاب حسب اجتهاده.
ولم يكن هناك شرحٌ يتناول جميع جوانب الكتاب من: بيان تراجم الرجال، ومذاهب الأئمة الأربعة وأدلَّتهم، والمناقشة بين آراء شراح الحديث، ومشكلات الكتاب، وبيان درجة الأحاديث لبيان الراجح من المرجوح والصواب من الخطأ.
ولذلك، قام في القرن الرابع عشر الهجري الإِمام المحدث الفقيه شيخ العلماء والمحدثين الشيخ خليل أحمد الأنصاري السهارنفوري (المتوفى سنة ١٣٤٦ هـ) بخدمة هذا الكتاب، وشَرْحِهِ شرحًا وافيًا، وحل المشكلات والمعضلات فيه.
وسيطلع القارئ الكريم على مزايا هذا الشرح وخصائصه في تقديم سماحة العلامة الشيخ أبي الحسن الندوي وفي تقديم شيخنا العلامة المحدث محمد يوسف البنوري - رحمهما الله -.
1 / 5
وقد طبع هذا الكتاب بالهند طبعة حجرية عدة مرات، وكانت رغبة أستاذنا الإِمام العلَّامة المحدِّث الجليل الشيخ محمد زكريّا الكاندهلوي - صاحب "أوجز المسالك" وغيره من الكتب النافعة- أن يطبع هذا الشرح طباعةً جديدةً في ثوبٍ قشيبٍ، لتسهل قراءته والاستفادة منه لطلبة العلم.
وكان شيخنا الإِمام محمد زكريّا الكاندهلوي من أخصّ تلامذة الإِمام المحدّث خليل أحمد السهارنفوري، وكان مساعدًا له في تأليف هذا الشرح، ولذلك اهتمّ بطباعة هذا الكتاب طباعةً جديدةً، وبدأت طباعتُه في مطبعة ندوة العلماء بالهند، ولكن لاستعجال طباعته طُبع أكثره في القاهرة وبيروت، ثم صوّر الكتاب وانتشر في العالم العربي.
وقد كلفني شيخنا الإِمام المحدّث الشيخ محمد زكريا بخدمة هذا الكتاب، والإشراف على طباعته، فأقمت عنده مدة سنة، ثم أرسلني لمدة سنة أخرى إلى القاهرة لطباعته، وقد ساعدني بعض أصدقائنا في هذا العمل الجليل، لكن وقع في نقل الكتاب من الطباعة الحجرية إلى الطباعة الجديدة أخطاء وسقطات.
وقد طبع الكتاب أول مرة سنة ١٣٩٢ هـ الموافق سنة ١٩٧٢ م بمساهمة كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة -حفظه الله-. وباهتمام سماحة الشيخ أحمد بن عبد العزيز آل مبارك رئيس القضاء الشرعي بـ أبو ظبي (المتوفى سنة ١٤٠٩ هـ) ﵀.
وبعد طبع الكتاب اطلع سماحة الشيخ أحمد آل مبارك على الأخطاء المطبعية في الكتاب، وتأسف على ذلك، وأمرني أن أقوم بخدمة هذا الكتاب من جديد، وكلّفني بذلك، ولكن لانشغالي بالتدريس في جامعة
1 / 6
الإمارات العربية المتحدة آنذاك لم أتمكن أن أقوم بهذا الواجب، ثم لما تفرغت اشتغلت به، وعرضت بعض أعمالي من خدمة الكتاب على أستاذنا الكبير سماحة العلامة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي (المتوفى سنة ١٤٢٠ هـ) ﵀، فشجعني على ذلك، ونشطت لخدمته، واستغرق هذا العمل عدة سنوات.
ثم عرضت موضوع طباعة هذا الكتاب على صاحب السمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان -حفظه الله ورعاه- نائب رئيس مجلس الوزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة، فأمر بطباعته، وسهّل لي جميع ما يتعلق بها، فجزاه الله خيرًا عن الإِسلام والمسلمين.
عملي في هذا الكتاب
اشتغلت بهذا الكتاب من عدة نواح:
١ - المقارنة بين الطباعة المصرية والطباعة الهندية، وتصحيح الأخطاء التي وقعت في الكتاب.
وفيما يلي نماذج بعض الأخطاء الواقعة في طبعة الهند القديمة التي
قمنا بتصحيحها في الطبعة الجديدة:
"مقدمة بذل المجهود"
طبعة الهند ............................................... الطبعة الجديدة
الخطأ ............... ج/ص/س ............ الصواب ............ ج/ص/س
تأويله .............. ١/ ١٠/ (هـ ١) ...... تأليفه ............ ١/ ٢٦/ (هـ ١)
صناعة التعليم ...... ١/ ١٣/١٥ ............ صناعة التعليم .... ١/ ٣٨/٥
وهب المدرسة ...... ١/ ١٤/١٧ ............ وهب المدرسة .... ١/ ٤١/١٢
ذكر في أنها ......... ١/ ١٥/١٩ ............ ذكر أنها ...... ١/ ٤٥/٣
على رجل ......... ١/ ١٧/١٧ ............. عن رجل ........ ١/ ١٤١/١٢
ثاره التقوى ....... ١/ ١/١٢ ............... دثارة التقوى ..... ١/ ٧١/١٧
1 / 7
"بذل المجهود"
طبعة الهند - الطبعة الجديدة
الخطأ ... ج/ص/س - الصواب ... ج/ص/س
يحيى بن كثير ... ١/ ١٠/ ٢٧ - يحيى بن أبي كثير ... ١/ ٢١٣/ ٧
لام معشر ... ١/ ١٥/ (هـ ٨) - لأم بشر ... ١/ ٢٣٧/ (هـ ٢)
عبيد الله بن عمر ١/ ٤٢/ ١١ - عبيد الله بن عبد الله بن عمر ... ١/ ٣٨٤/ ١٦
تلك الماء ... ١/ ٤٤/ ١٤ - ذلك الماء ... ١/ ٣٩٥/ ١٧
رواه ابن عربي ... ١/ ٤٦/ ٢٩ - رواه ابن عدي ... ١/ ٤٠٩/ ٩
ابن ابي على ... ١/ ٦١/ ١٧ - ابن أبي عدى ... ١/ ٤٨٦/ ٨
المجدابادى ... ١/ ٩٧/ ١١ - المحمد آباذي ... ١/ ٦٧٧/ ١٤
أبو محمد بن سودة ١/ ١٠٠/ ٧ - أبو محمد بن شوذب ... ١/ ٦٩٣/ ٢
فاليه ... ١/ ١١٧/ ١٣ - فإليها ... ٢/ ٩١/ ٦
محمد بن مطرف ... ١/ ١٣٣/ ١٧ - محمد بن مطرف بن داود بن مطرف ... ٢/ ١٧٦/ ٧
لعل شريح ... ١/ ١٥٤/ ١٢ - لعل شريحا ... ٢/ ٢٨٤/ ١٨
حيضتها ... ١/ ١٧٦/ ٢٣ - استحاضتها ... ٢/ ٣٩٣/ ١٩
لا تنقطع ... ١/ ١٨٥/ ٧ - إلا أن تنقطع ... ٢/ ٤٣٣/ ٥
الاختصار ... ١/ ٢٣٥/ ٢٢ - الاقتصار ... ٣/ ٥٦/ ١٠
1 / 8
وفيما يلي نماذج بعض الأخطاء الواقعة في طبعة مصر وبيروت التي قمنا بتصحيحها في الطبعة الجديدة:
"مقدمة بذل المجهود"
طبعة مصر - الطبعة الجديدة
الخطأ ... ج/ ص/ س - الصواب ... ج/ ص/ س
ابن الهادي ... ١/ ٨/ ٥ - ابن عبد الهادى ... ١/ ٣١/ ٨
في أصل السند ... ١/ ١٩/ ٨ - في أصل الحديث ... ١/ ٤٥/ ٨
فغرسها ... ١/ ٣١/ ٨ - فدرسها ... ١/ ٧٨/ ٥
"بذل المجهود"
طبعة مصر - الطبعة الجديدة
الخطأ ... ج/ ص/ س - الصواب ... ج/ ص/ س
الجوزاني ... ١/ ٣/ ٥ - الجوزجاني ... ١/ ١٦٦/ ١١
للاتقاء ... ١/ ١٩/ ١٠ - للإنقاء ... ١/ ١٨٧/ ١٥
ضم السين والسين والكسر ١/ ٢٣ / (هـ ٣) - ضم السين والفتح والكسر ... ١/ ١٩٣/ (هـ ٣)
خالد بن زيد بن كلب ... ١/ ٢٥ / ٢ - خالد بن زيد بن كليب ... ١/ ١٩٥/ ١٠
في عذاب القيامة ١/ ٦١/ (هـ ١) - في عذاب القبر ... ١/ ٢٤٥/ (هـ ٢)
استسلام الحجر ... ١/ ٨٢/ ٨ - استلام الحجر ... ١/ ٢٧٣/ ٨
من لفظ الاسناد ... ١/ ١٠٥/ ١٢ - من لفظ الأستاذ ... ١/ ٣٠٣/ ١٩
ونقل ابن حاتم الرازي ... ١/ ١١٧/ ١٢ - ونقل أبو حاتم الرازي ... ١/ ٣١٩/ ١٧
سنة ٦٤٥ ... ٢/ ٤٤/ ٦ - سنة ٢٤٥ هـ ... ١/ ٦٨٩/ ٩
يسح ... ٢/ ٦٩/ ١١ - يسبح ... ٢/ ٣١/ ١٠
إذ المرابد ... ٢/ ٩٩/ (هـ ١) - إذ المرابض ... ٢/ ٧٢/ (هـ ٢)
ابن يعني بلال ... ٢/ ١٠٣/ ١٩ - يعني ابن بلال ... ٢/ ٧٨/ ٢٠
أشروا أخبث ... ٢/ ١١٦/ (هـ ٢) - أشر أو أخبث ... ٢/ ٩٤/ (هـ ٢)
من الإبتداء ... ٣/ ٧/ ١٥ - من للابتداء ... ٢/ ٤٦٢/ ٧
ولا يرفع ذلك ... ٣/ ١٢/ (هـ ١) - ولا يدفع ذلك ... ٢/ ٤٦٧/ (هـ ١)
البحث ... ٣/ ١٨/ ١٩ - الحديث ... ٢/ ٤٧٥/ ١٤
1 / 9
٢ - خلال هذه المقارنة لمسنا أن الكتاب يحتاج إلى أن نرجع إلى الأصول والمصادر التي أخذ منها الشارح. وبعد المقارنة بقدر الإمكان وجدنا أن الأخطاء والسقطات وقعت في جميع الطبعات، وعلى رأسها طبعة بيروت والقاهرة، ولعلّ السبب في كل هذا أنَ كثيرًا من المصادر قد طبعت سابقًا بدون تحقيق ومقارنة بينما ظهر كثيرٌ منها الآن محقّقًا ومقارنًا مع نسخ عديدة، فاستفدت منها لتقويم النصوص والسقطات، واخترتُ لذلك أن توضع الكلمة بين المعقوفتين []، وأذكر لذلك بعض الأمثلة:
(ط: الهند) - (ط: مصر) = (ط: جديدة)
العبارة الناقصة ... ج/ ص/ س - ج/ ص/ س = العبارة بإكمال النقص ... ج/ ص/ س
وكذلك رواه إسماعيل بن علية عن رجل ... ١/ ٤٢/ ٢٣ - ١/ ١٦٩/ ١٠ = وكذلك رواه إسماعيل بن علية [عن عاصم بن المنذر] عن رجل ... ١/ ٣٨٧/ ٣
في اسناده يحيى بن هشام هكذا ... ١/ ٦٣ /١٩ - ١/ ٢٥٦/ ٤ = في إسناده يحيى بن هشام [السمسار] هكذا ... ١/ ٤٩٨/ ١٦
قال أبو الحسن القطان ... ١/ ٨٠/ ١٠ - ١/ ٣٢٨/ ١٤ = قال أبو الحسن [بن] القطان ... ١/ ٥٨٨/ ١٨
وفي التقريب بفتحها وسكون القاف وفتح الراء ثم ياء النسبة ... ١/ ٨٧/ ١٠ - ١/ ٣٥٧/ ٩ = وفي "التقريب": بفتحها وسكون القاف وفتح الراء [وبعدهما همزة] ثم ياء النسبة ... ١/ ٦٢٥/ ١٠
من حديث عمرو بن أمية الضمري وابن مغيرة بن شعبة ... ١/ ٨٧/ ٢٦ - ١/ ٣٥٩/ ١٥ = من حديث عمرو بن أمية الضمري [وبلال] والمغيره بن شعبة ... ١/ ٦٢٨/ ٩
فحديث أبي أوس ... ١/ ٩٨/ ١٩ - ٢/ ٣٩/ ١٥ = فحديث [أوس بن] أبي أوس ... ١/ ٦٨٣/ ١٨
أبو إسحاق بن معاوية ... ١/ ١٢٦/ ٣١ - ٢/ ١٥٠/ ١٢ = أبو إسحاق بن [أبي] معاوية ... ٢/ ١٤١/ ١٥
محمد بن مطرف بن عبد الله ... ١/ ١٣٣/ ١٧ - ٢/ ١٧٧/ ١٢ = محمد بن [مطرف بن داود بن مطرف بن عبد الله ... ٢/ ١٧٦/ ٧
وليس بطعن ... ١/ ١٣٥/ ١٢ - ٢/ ١٨٤/ ١٠ = و[هذا] ليس بطعن ... ٢/ ١٨٦/ ٤
هذا الحديث رواه ... ١/ ١٣٧/ ٣ - ٢/ ١٩٢/ ١١ = هذا الحديث [الذي] رواه ... ٢/ ١٩٧/ ٤
سمع القول والاشاره ... ١/ ١٤٣/ ١٧ - ٢/ ٢١٨/ ١٨ = سمع القول و[رأى] الإشاره ... ٢/ ٢٣٠/ ٦
أسماء بنت شكل أو أسماء بغير نسب ... ١/ ١٨٨/ ٣١ - ٢/ ٣٩٥/ ٦ = أسماء بنت شكل [كما في مسلم] أو أسماء بغير نسب ... ٢/ ٤٥١/ ١١
لم يمنعهن الحياء ... ١/ ١٨٩/ ١٩ - ٢/ ٣٩٧/ ١١ = لم [يكن] يمنعهن الحياء ... ٢/ ٤٥٣/ ٢١
والقياس دليل ... ١/ ١٩١/ ١١ - ٣/ ٨/ ١٠ = والقياس [على الوضوء] دليل ... ٢/ ٤٦٢/ ١٦
الضحاك بن عثمان عن ابن عمر ... ١/ ٢٠١/ ٢٦ - ٣/ ٤٨/ ٤ = الضحاك بن عثمان [عن نافع] عن ابن عمر ... ٢/ ٥١٤ /١٨
1 / 10
وكذلك يجد القارئ الكريم في "رسالة أبي داود إلى أهل مكة" التي نقلها المصنف قد وقعت فيها سقطات كثيرة، قد زدناها بين المعقوفتين أيضًا.
٣ - إن المؤلف ﵀ قد استفاد من النسخ المخطوطة والمطبوعة في تصنيف هذا الكتاب، منها: "نسخة سنن أبي داود بشرح عون المعبود" التي قورنت بعدّة نسخٍ كما هو مذكور في الكتاب، ومنها: "النسخة الخطية المقروءة على مسنِد الهند الإِمام المحدث الشيخ محمد إسحاق الدهلوي"، وهي العمدة في التأليف، وكذلك: "نسخة شيخ الهند محمود الحسن لسنن أبي داود"، وكانت أيضًا مرجعًا لتقويم النصوص، وغيرها من النسخ التي ذكرها الشارح في مقدمته، وقد أشار إلى بعض النسخ الخطية التي حصل عليها أثناءَ إقامته بالمدينة المنورة في شرحه.
وكان من جملة أعمالنا في خدمة هذا الكتاب الرجوع إلى "تحفة الأشراف" للمزي الذي اعتمد على نسخ عديدة لـ "سنن أبي داود"، فاستفدنا منها (١)، وزدناها.
ولا شك أن "نسخة الشيخ محمد إسحاق"- الذي هاجر في آخر حياته إلى مكة المكرمة وأقام فيها-، هي نسخة قد قورنت بعدة نسخ، كما هو مذكور في الكتاب (٢)، ويبدو أنها قورنت بنسخة الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي المتوفى سنة ١١٣٤ هـ. فالشيخ خليل أحمد السهارنفوري ﵀ كان له عناية خاصة بذكر اختلاف النسخ في الشرح وعلى هوامش الكتاب.
_________
(١) وكما استفدت أيضًا في أثناء تحقيق هذا الكتاب من طبعة فضيلة الشيخ محمد عوامة لـ "سنن أبي داود".
(٢) وهذه النسخة لا نعلم مصيرها اليوم.
1 / 11
٤ - إن الشارح يذكر ترجمة كل راو حتى تتبين درجته، فإذا وجدنا في كلامه إبهامًا بيّناه. ومن أمثلته: انظر ترجمة محمد بن إسحاق (١/ ٢٠٧)، وترجمة عروة بن الزبير بن العوام (١/ ٢٢٧)، وترجمة عبد الرزاق الصنعاني (١/ ٢٥٧)، وترجمة عطاء بن زهير (٦/ ٤٨١)، وترجمة أبي بكر الحنفي (٦/ ٤٩٢) وغيرهم.
٥ - استفاد المصنف ممن سبقه من الشراح المتقدمين والمتأخرين في إثبات ما نقله منهم، وقد أثبتُّ مواضع هذه النقول، وكذلك أثبتُّ مواضع النقولات التي أشار إليها شيخنا محمد زكريا الكاندهلوي.
٦ - إن المصنف ﵀ يشرح أقوال أبي داود في كتابه، ويعتمد في بعض الأحيان على كلام شيخه الإِمام الرباني رشيد أحمد الجنجوهي (المتوفى سنة ١٣٢٣ هـ)، وحاول تخريج الروايات التي أشار إليها الإِمام أبو داود، فإذا لم يجد تخريجها فإنه يصرح بأنه تتبّع كتب السنة فلم يجدها، وأسباب ذلك ترجع إلى عدم وقوفه على بعض مصادر السنة التي لم تظهر في زمنه، منها: "المعجم الكبير" للطبراني، و"مسند الحميدي"، و"مصنف عبد الرزاق" وغيرها من الكتب، وقد حاولنا بقدر الإمكان تخريج هذه الروايات.
٧ - إن أستاذنا الإِمام المحدث الشيخ محمد زكريا علّق على هذا الكتاب، وتعليقاته نشرت على هوامشه، وقد نقل أكثرها من "شرح ابن رسلان"، وهو مخطوط، وقد حصلنا على مخطوطة هذا الكتاب، وقارنا بينها وبين ما جاء في الشرح لتصحيح التحريفات من الناسخ، والشيخ لخّص هذا الكتاب تلخيصًا مقيدًا في تعليقاته من أول الكتاب إلى باب في الخرص. وحصل
1 / 12
الشيخ خليل أحمد على نسخة خطية من هذا الشرح في المدينة المنورة أثناء إقامته فيها أيضًا، واستفاد منه في آخر شرح الكتاب، ورجعنا إليه في تقويم عباراته.
٨ - قمنا بترقيم وتشكيل الأحاديث والأبواب والكتب.
٩ - خَرَّجْنا روايات "سنن أبي داود"، وذكرناها مع المتن، أما الروايات التي أشار إليها المصنف في أثناء الشرح فإننا نتولى تخريجها في الهامش بقدر الإمكان. وهذه رموز الكتب للأحاديث المخرجة مع المتن:
(خ) لـ "صحيح البخاري"، (خت) لتعليقات البخاري، (م) لـ"صحيح مسلم"، (د) لـ "سنن أبي داود"، (ن) لـ "سنن النسائي"، (سي) لـ "عمل اليوم والليلة" للنسائي، (ت) لـ "سنن الترمذي"، (تم) لـ "الشمائل" للترمذي، (جه) لـ "سنن ابن ماجه"، (ط) لـ "موطأ مالك"، (حم) لـ "مسند أحمد بن حنبل"، (دي) لـ "سنن الدارمي"، (ك) لـ "مستدرك الحاكم"، (ق) لـ "السنن الكبرى" للبيهقي، (حب) لـ "صحيح ابن حبان"، (خزيمة) لـ "صحيح ابن خزيمة"، (طب) لـ "المعجم الكبير" للطبراني، (طس) لـ "المعجم الأوسط" للطبراني، (ش) لـ "مصنف ابن أبي شيبة"، (عب) لـ "مصنف عبد الرزاق"، (ع) لـ "مسند أبي يعلى الموصلي"، (قط) لـ "سنن الدارقطني".
١٠ - ألحقت ما وجدناه من كلام مفيد في المصادر والمراجع، وذكرناه في الهامش مختصرًا، وما كان من شيخنا أشرنا إليه بـ "ش"، وما لم يذكر فيه "ش" فهو منسوب إليّ.
١١ - قمنا بعمل فهارس فنية تكشف عن مضامين هذا الكتاب الجليل.
1 / 13
وأخيرًا ندعو الله ﷾ أن يتقبل منا هذا العمل، ويتجاوز عما وقع منا من الخطأ والزلل، وينفع الله بهذا الكتاب الباحثين والدارسين، آمين يا رب العالمين.
كتبه
تقي الدين الندوي
ليلة الخميس ٢٥/ رمضان المبارك ١٤٢٥ هـ
في المدينة المنورة على صاحبها الصلاة والسلام
1 / 14
تقديم
بقلم:
سماحة الشيخ العالم الجليل محمد الرابع الحسني الندوي
رئيس ندوة العلماء بالهند
على الطبعة الجديدة
لكتاب "بذل المجهود في حل سنن أبي داود"
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان ودعا بدعوتهم إلى يوم الدين، أما بعد!
فإني أرى نفسي أصغر وأحقر من أن أقوم بكتابة تقديم على الطبعة الجديدة هذه لكتاب شرح سنن أبي داود العظيم "بذل المجهود في حل سنن أبي داود"، الذي قام بتأليفه العالم الجليل كبير المحدثين في عهده العلامة الشيخ خليل أحمد الأنصاري السهارنفوري، وكان في مساعدتِه تلميذُه العلامة الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي - رحمهما الله-.
فإن جلالة موضوع هذا الكتاب وشرحه وعظم المسؤولية في أداء الواجب من التعريف بهما يجعلان الأمر صعبًا ومسؤولية ضخمة.
ولكن أخي في الله الدكتور الشيخ تقي الدين الندوي المظاهري الذي بذل جهده الكبير في خدمة هذا الكتاب بإخراجه أحسن إخراج قد أصرّ عليّ
1 / 15
بأن أكتب لطبعته الجديدة تقديمًا يحصل لي به شرف وبركة بمشاركتي بكلماتٍ أقدّم بها للطبعة الجديدة لهذا الكتاب الجليل، فقبلت إصراره رجاء حصول بركة وخير لهذا الفقير إلى رحمة الله، وقد قال قائل:
أُحِبُّ الصَّالِحِين وَلَسْتُ منهم
لَعَلَّ الله يرزقُني صَلاحا
وبعد:
فإنه لا يخفى على كل مطَّلعٍ على أهميَّة كتب الصحاح في الحديث الشريف أن كتاب "سنن أبي داود" الذي نحن أمام شرحه هذا إنما له قيمة كبيرة بين كتب الحديث لخصائصَ وميزاتٍ تخصه، وللاهتمام الذي قام به مؤلِّفه الإِمام أبو داود في اختيار أحاديث الأحكام، ولالتزامه بخصائص وميزات أصبح به هذا الكتاب يسدّ مكانًا يجعله منفردًا في جوانب مهمة عديدة في علم الحديث الشريف؛ أما في أهمية مكانته من بين كتب الصحاح الستة والاهتمام بما يتعلق به من مهمات في الإسناد وما يتعلق بالمتن، وبذلك نال تقديرًا كبيرًا من المهتمين بعلم الحديث، وأصبح مما لا يستغني عنه مشتغل بهذا العلم.
وقد كتب مؤلفه بنفسه عن أهمية هذا الكتاب في رسالة أرسلها إلى أهل مكة، يقول فيها:
"وهو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبي ﷺ بإسناد صالح إلَّا وهو فيه، إلَّا أن يكون كلام استخرج من الحديث، ولا يكاد يكون هذا، ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلًا أن لا يكتب من بعد ما يكتب هذا الكتاب شيئًا، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه علم إذًا مقداره".
وقال أبو سليمان الخطابي صاحب "معالم السنن":
1 / 16
"واعلموا- رحمكم الله- أن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في علم الدين كتاب مثله، فقد رزق القبول من الناس كافة، وصار حَكَمًا بين فرق العلماء وطبقات القرّاء على اختلاف مذاهبهم، فلكل فيه وِرد، ومنه شرْب، وعليه معول أهل العراق وأهل مصر وبلاد المغرب وكثير من المدن في أقطار الأرض".
ولقد شرح هذا الكتاب كثير من العلماء السلف والخلف.
وكان نصيب علماء الهند من خدمة هذا الكتاب وشرحه نصيبًا غير منقوص، كشأنهم في خدمة علم الحديث عامة، وخدمة الصحاح الستة بصفة خاصة.
وقد قام بشرحه أخيرًا المحدث الكبير العالم الرباني الجليل الشيخ خليل أحمد السهارنفوري، وكان كبير أساتذة الحديث الشريف في جامعة مظاهر العلوم، ورئيسًا للقسم، وكان من أعظم علماء عصره، والربانيين الكبار في عهده، وكان اعتناؤه بـ "سنن أبي داود"- تدريسًا وتحقيقًا- كبيرًا وطويلًا.
وكانت فكرته لشرح هذا الكتاب تراوده منذ أيام الطلب وعنفوان الشباب، وكان يتمنّى على الله أن يُوَفَّقَ لهذا العمل الجليل.
ولما بلغ الشيخ أربعًا وستين سنة من عمره، وذلك في سنة ١٣٣٥ هـ، جاء الوقت المقدّر له من الله لتحقيق أمنيته القديمة التي لم تفارقه طيلة مدة اشتغاله بتدريس الحديث الشريف السابقة.
ونظرًا إلى ضعف صحته وشيخوخته أراد أن يكون في التعاون معه في هذا العمل الجليل بعض خيرة تلاميذه ممن كانوا يشتغلون في المدرسة معه بتدريس الحديث الشريف ومتعلقاته، ووقع اختياره لذلك على تلميذه النابغ سماحة الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي ابن صديقه الشيخ محمد يحيى الكاندهلوي ﵏، وكان من أقرب المتصلين به، فلم يستجب
1 / 17
فضيلة الشيخ محمد زكريا لطلبه استجابة فحسب، بل وجد في ذلك مطلوبه، الذي كان في أمنيته وهو تلميذه النجيب، وكان يشتغل بتدريس الحديث الشريف ويهتم به تحت إشراف أستاذه أيضًا، في الجامعة نفسها، فأراد منه أستاذه الشيخ خليل أحمد المساعدة في هذا العمل الجليل، بالمراجعة والتحقيق فيما يلزم في شرح هذا الكتاب، ليتمكن بمساعدته أستاذُهُ الشيخ الجليل من إنجاز هذا العمل المهم الضخم بإتقان وكمال لائقين رغم ضعف صحته وشيخوخته العائقة من جهد شاق وعمل كثير جاد.
على كل، فقد اشتغل الأستاذ بشرح السنن وعكف تلميذه الشيخ محمد زكريا على التعاون معه بجهد مخلص وعمل دؤوب واهتمام متواصل بمراجعة وتحقيق وتعليق مهم حتى بلغ العمل إلى نهايته.
وكان إكماله في مهبط الوحي في مدينة الرسول ﷺ، وجاء الكتاب في خمس مجلدات كبار في ألفين من الصفحات بالقطع الكبير باسم "بذل المجهود في حل سنن أبي داود".
وامتاز الكتاب باشتماله على فوائد كثيرة معتمدًا على شروح مختلفة ومراجع شتى، وبالتزام ما يلزم من البحث والتحقيق في هذا العلم المهم الشريف على نهج كبار الشراح الذين تلقت الأمة شروحهم بقبول عام. وبلغت مساعدة الشيخ محمد زكريا لأستاذه الشيخ في جهده ذلك إلى أبعد حد، فجاء هذا الشرح القيم الجديد مشتملًا على تعليقات قيمة في أسماء الرجال وأصول الحديث، وقد عارض مؤلفه الحجة بالحجة، وكان عكوفه في أكثر الأحيان مختصًا بصناعة الحديث وحده وبمتعلقاته من الفنون، ونال الشيخ تقديرًا عظيمًا وقبولًا حسنًا جدًّا من المتخصصين في فن الحديث، وكان مشتملًا على مقدمات في أول الكتاب لعدد من كبار العلماء النابغين في الحديث الشريف.
1 / 18
وطبع الكتاب مرات عديدة، وكان طبعه على الحجر حسب ما كانت عليه الطباعة آنذاك في الهند، ونال قبولًا عظيمًا بين المشتغلين بعلم الحديث الشريف تدريسًا ودراسة.
ولما تَيَسَّر استخدامُ الحروف الحديدية بطباعة الكتب العربية في البلدان العربية وبخاصة في مصر والشام أراد فضيلة الشيخ مولانا محمد زكريا الكاندهلوي - رحمه الله تعالى (١) - أن يخرج كتاب أستاذه ذلك إخراجًا أحسن من السابق على الحروف الحديدية، وبمراجعة أوسع، وأراد أن يتولّى تصحيح الطبعة الماضية وإعدادها للطبعة الجديدة تلاميذه، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ الدكتور تقي الدين الندوي المظاهري أستاذ الحديث في دار العلوم لندوة العلماء لكهنؤ، (الهند) (٢).
فنشط الدكتور الشيخ تقي الدين لهذا العمل مع بعض تلاميذ الشيخ محمد زكريا الأجلاء، وقام بخدمة هذا الكتاب: بإعداده للطبع على الحروف الحديدية بمراجعة وتحقيق أكثر، وتصحيح الأخطاء المطبعية التي ظهرت عند التحقيق والمراجعة، وبإيضاح ما غمض من الكلمات في الطبعة السابقة، حتى جاء الكتاب في مظهر جميل، ونالت طباعته تقدير أهل العلم جميعًا، وامتازت الطبعة الجديدة بمزيد من الفوائد.
_________
(١) وذلك بعد وفاة شيخه مؤلف هذا الكتاب، وقد حلَّ محل شيخه في رئاسة قسم الحديث الشريف في جامعة مظاهر العلوم، وأحرز مكانة مرموقة في خدمة الحديث الشريف، وصدرت له كتب عديدة في شرح الحديث الشريف مثل شرح "أوجز المسالك إلى موطأ مالك" في مجلدات كبار، وكتاب "لامع الدراري على جامع البخاري" و"جزء حجة الوداع وعمرات النبي ﷺ" وغيرها من كتب أخرى، واستمر سماحته تعلو مكانته في الحديث الشريف بين رجال العلم والدين، ولقب بلقب "شيخ الحديث"، ونظرًا إلى ما كان بذله من مساعدة في إخراج كتاب أستاذه-
(٢) ثم صار أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الإمارات العربية المتحدة مدة لا بأس بها.
1 / 19
وبعد مدة من الزمن خطر ببال الدكتور الشيخ تقي الدين الندوي المظاهري الذي كان سهمه كبيرًا في الاهتمام بطبع الكتاب بالحروف الحديدية أن ينظر في هذه الطبعة كذلك نظرة فحص واستعراض ومراجعة، وقد مضى وقت على تداول الكتاب، فوجد أن الكتاب بحاجة إلى طبعة جديدة وبمراجعة أوسع وأحسن للمصادر التي ظهرت حديثًا، فأراد الشيخ تقي الدين الندوي أن يقوم بخدمة هذا الكتاب من جديد، وتشجع لهذا العمل الجليل، واشتغل به عدة سنوات بالتصحيح والتحقيق، وخدم هذا الكتاب بعدة نواح.
وذكر فضيلة الشيخ تقي الدين نفسه نقاطًا منها في مقدمته لطبعة الكتاب، منها:
١ - مقارنته بين الطباعة الهندية والطباعة المصرية ليعرف مدى صحة الطباعة المصرية.
٢ - تصحيح الأخطاء التي وجدها في هذه الطبعة كذلك، فقد رأى عند المقارنة بعد قيامه بفحص الطبعة الجديدة أن هذه الطبعة من الكتاب تفتقر أيضًا لتصحيحها إلى أن يراجع الأصول والمصادر التي أخذ منها الشارح، ووجد أن عديدًا من المصادر التي كانت قد طبعت في الماضي جاءت طبعاتها الجديدة في صورة أحسن وأكمل.
٣ - رأى أن الشارح ﵀ كان قد استفاد من النسخ المخطوطة أيضًا، وكانت منها نسخة "عون المعبود"، وقد ذكرها الشارح في مقدمته، فكان من الضروري النظر إلى النسخ الجديدة منها.
٤ - رأى أن الشارح حاول تخريج الروايات التي أشار إليها الإمام أبو داود، فإذا لم يجد صرّح بقوله: إني تتبعت كتب السنة فلم أجد، وكان من جملة أسباب عدم وجدانه لها أن بعض مصادر السنة لم تظهر في عصره، منها: "المعجم الكبير" للإمام أبي القاسم الطبراني، و"مسند
1 / 20