204

============================================================

وحاصل القصة: أن أبا موسى حمل النهي عن الخروج من البلد الذي يقع فيه الطاعون، على قصد الفرار منه، من غير آن يضيفه إلى معنى آخر غير الفرار؛ كما إذا كان الخارج عنها ممن لم يكن من أهلها، فاستوخمها، فخرج عنها إلى بلد آخر يوافق ما ألفه من بلدته التي نشأ بها. وإلى ذلك يشير قول عمر في كتابه لأبي عبيدة: (إنك أنزلت الناس أرضا غميقة)، وهي بغين معجمة مفتوحة وميم مكسورة وبعد التحتانية الساكنة قاف؛ اي قريبة من المياه والنذدور، والغمق: فساد الريح وخمومها من كثرة الأنداء، فيحدث منه الوباء. فإذن عمر في الخروج من تلك الأرض، يلتحق بالتداوي، وليس هو لمحض الفرار من الموت، وعلى ذلك يحمل كتابه إلى أبي عبيدة؛ يأمره بالرحيل أو كان عمر يرى النهي عن الخروج اولا، محمولا(1) على ما إذا تمحض للفرار(2)، أما إذا كان لحاجة أخرى، فلا يدخل تحت النهي: ويكون عرضت له في نفس الأمر حاجة عند أبي عبيدة، ورجا مع ذلك ان يسلم أبو عبيدة من ذلك المرض في ضمنها. وفهم آبو عبيدة أن هذا الثاني هو مراده بالأصالة، فلم يوافقه على ذلك، فعدل / عمر إلى [1/76] أمر يعم جميع من كان مع آبي عبيدة، لما اعتذر له أبو عبيدة أنه لا يرى آن يخص نفسه بأمر دونهم.

(1) في الأصل: محمول- لحن، صوابه في فه ظ.

(1) ف: على ماذا بمحض الفرار- فيها تحريف وتصحيف.

صفحه ۲۰۴