بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن الحمد لله على كل حال ، ونعود بالله من أحوال أهل النار ، ونسأله العفز والعافية في الدنيا والأخرة إنه هو العفو الغفار ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، مقدر الأرزاق والأعمار والمتطول على المقصرين فى عبادته بالنعم التى ليست بقصار ونشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار ، ملاد الخلائق فى النوازل الكبار ، والشافع المشقع فيمن أوبقته الكبائر بخلاصه من غضب الملك الجبار صلى الله عليه وعلى أله المتقين الأبرار، صلاة وسلاما دائمين أناء الليل وأطرا النهار أما بعد ، فقد تكرر سؤال الإخوان - نفع الله بهم - في جمع الأخبار الواردة في الطاعون ، مع شرح غرببها ، وتيسير معانيها على الأفهام وتقريبها ، وتبيين أحكامها ، وتحسين أقسامها فأجبت رغبتهم فى ذلك ، واللة أسأل الإعانة في جميع المسالك .
ورثبته على خمسة أبواب الباب الأول ز فىي مبداه .
الثاني : ففى التعريف به: الثالث : في زبيان كونه شهادة .
الرابع ز في احكم الخروج من البلد الذى يقع بها والدخول إليها الخامس : فيما يشرع فعلة بعد وقوعه .
وختمت كل باب بفصل يشتمل على كشف ما فيه من مشكل لفظ أو اشبم ، وسقت الأحاديث مخذوفة الأسانيد غالبا ، لكن [1 /ب) أنبه على من أخرجهام من الأئمة وعلى حكمها من الضحة أو الحسن أو الضعف] ملخصا لبيان علته تارة ومستوغبا أخرى . وسميته يذل المأاعون في فضل الطاعون .
واللة أسال أن لا يجعل ما جلمنا علينا وبالا ، وأن يختمن لنا بالحسنى بفضله وثرمه سبحانه وتعالى ذكر فهرست فصول أبوابه .
الباب الأول: في مبدا الطاعون ، وفيه أربعة فصول: الأول : فى [بيان ] كونه رجزا على من مضى
الثاني . فى بيان كونه رحمة لأمة محمد .
الثالث : في بيان من تزل عليه الرجز المذكور من القدماء الرابع . فى بيان ما يشكل منه الباب الثاني : في التعريف به ، وفيه تسعة فصول: الأول : فى ذكر اشتقاقه الكاني . فى بيان أن الطاعون أخص من الوباء .
الثالث : :فى سياق الأحاديث الواردة فيه وبيان كونه من وخز الجن الرابع : فى ذكر الجواب عن إشكال ورد عليه الخامس : فى ذكر كيفية الجمع بين قوله : إخواتكم أعدائكم .
السادس : فى ذكر بيأن أن الجن قد يسلطون على الإنس بغير الوخز السابع : فى ذكر الحكمة فى تسليط الجن الثامن : في ذكر الآثار الواردة في الأذكار التى تحرس قائلها من كيد الجن فمنها آثار فى بيان آات من الفرأان، ومنها آثار فى بيان أدعية نبوية .
التاسع : فى ذكر بان ما يشكل في هذا الباب.
ألباب الثالك : لم فى بيان أن الطاعون شهادة للمسلمين . وفيه عشرة فصول، الأول : فى سياق الأحاديث الواردة في ذلك .
الثاني : فى ذكر الدليل على أن الشهادة قد تحصل بالنية .
الثالك : فى ذكر معنى الشهيد .
الرابع . فى ذكر جواب من استشكل الدعاء بالشهادة مع أن فيه تمكين الكافر من قل المسلم ، وتمنى المعصية [ممتنع] الخامس : في ذير الدليل على تفاوت الشهداء في الفصل السادس : فى ذكر الدليل على أن شهيد المعركة أفضل من سائر الشهداء بغير القتل إلا الطاعون ، فإنه يساويه .
السابع ، فى ذكير الشروط التى تلحق شهيد الطاعون بشهيد المعركة .
الشامن : في ذكر الجواب عن دعاء النتى للمدينة أن لا يدخلها الطاعون مع كونه شهادة .
والتاسع : في ذكر الجواب عن حديث ورد يشكل على كون الطاعون شهادة أو رحمة ، وفيه بيان السبب في كثرة وقوع الطاعون .
العاشر: في ذكر بيان ما أشكل من الفاظ هذا الباب.
الباب الرابع : في حكم البلد الذى يقع به الطاعون . وفيه أربعة فصول: الأول: فى ذكر الزجر عن الخروج من البلد الذى يقع فيه فرارا منه .
الثاني : فى ذكر قصة عمر رضى الله عنه في رجوعه من طريق الشام لما بلغه أن الطاعون وقع بالشام ، وخبر عبدالرجمن بن عوف في ذلك وسياق الأخبار الشاهدة لصحة ذلك ما بين منرفوعنة وموقوفة ، وبيان اختلاف الصحابة في ذلك ، ومن بعدهم زمن
العلماء ، وبيان حكم من خرج فارا منه ، وما اعتل به من أجاز الفرار ، وبيان الرد عليهم من أوجه ، فيها بيان الجمع بين حديث ، ولا عذوىى وحديث: افر من المجذوم فرارك من الأسد .
الثالث : فى ذكر بيأن الحكمة في النهي عن الخروج من البلد الذى يقع به الطاعون .
الرابع : فى ذكر بيان ما أشكل من الفاظ هذا الباب الباب الخامس . في معرفة ما يشرع فعله في الطاعون بعد وقوعه . وفيه خمسة فصول، الأول : هل بشرع الدعاء برفعه أولا وعلى الأول هل شرع الاجتماع لذلك إذا وقع عاما أولا؟ وعلى الثاني هل يكتفى فيه بالقنوت كما فى سائر النوازل ، أو يقاس على النازلة الخاصة فيشرع الصوم قبله ، تم الخروج إلى الصحراء كما فى الاستسقاء؟
الثانى : هل الطاعون إذا وقع عاما بالنسبة للشخص الواحد كالمرض المخوف إذا حصل له أو لا .
الثالث : فى بيان ما يحترز به أيام وقوع الطاعون وغيره من الأمراض العامة، واتصل بذلك الكلام على العدوى أيضا الرابع . في الآداب المتعلقة بمن أصابه الطاعون ، وهى التوجه إلى الله تعالى لسؤال العافية، والصبر على القضاء والرضا به،
وحسن الظن بالله تعالى ، وبيان أدب العيبادة؟ وفضلها ، وصفة ما يدعو به العائد من الآثار القوية .
الخامس : فى ذكر بيان ما يشكل من الفاظ هذا الباب.
وفى أخر الكتاب خائمة فى بيان الطواعين الواقعة في الإسلام ، ونبذة مما قبل فيها ،
الباب الأول فى مبدا الطاعون
[الفصل الأول] [فى بيان كونه رجزا على من مضى] أخبرنى أبو المعالي الأزهرى قال : أنبا أبو محمد بن صاعد قال .
أنبا أبو القاسم الشيبانى قأل: أنبا أبو على التميمى قال : أنبا أبو بكر بن مالك قال : ثنا عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنى أبى قال تنا محمد بن جعفر قال تنا شعبة عن حبيب بن أبى تابت قال : كنت بالمدينة فبلغنى أن الطاعون بالكوفة فلقيت إبراهيم بن سعد -. يعنى ابن أبى وقاص - فسالته فقال: إسمعت ] أسامة بن زيد يحذتث سعدا أن رسول الله قال: وإن هذا الوجع رجس وعذاب . أو بقية عذاب ، حبيث يشك .
عذب به ناس من قبلكم . . الحديث .
وهكذا أخرجه الشيخان البخاريى ومسلم من حديث شعبة . وزواه الأعمش عن حبيب بن أبى تابت ، وقال: عن إبراهيم بن سعد عن أسامة وسعد جميعا ، أخرجه مسلم أيضا . ورواه التورى عن حبيب
فقالز عن إبراهيم بن سعد ، عن أسامة وسغعدم وخزيمة بن ثابت.
وبه إلى الإمام أحمد قال : حدئنا وكيع [ح] وقرات على رإبراهيم بن أحمد التنوخى بالقاهرة وإبراهيم بن محمد المؤذن بمكة [ كلاهما عن أحمد بن أبى طالب سماعا قال : أنبا أبو المنجى بن اللتى قال : أنبا أبو الوقت قال : أنبا عبدالرحمن بن محمد قال : أنبا عبدالله بن أحمد بن أعين قال : أنبا إبراهيم بن خزيم قال ن ثنا عبد بن حميد قال حدثنى أبو بكر بن أبى شيبة قال : تنا وكيع بن الجراح (ح) وقراته عاليا بعلى أم الحسن التنوخية عن أبى الفضل بن قدامة قال : أنبا محمود بن إبراهيم في لكتابه « قال: أنبا محمد بن أحمد بن عمر قال : : أنبا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قال : أنبا إبزاهيم بن عبدالله الأصبهانى قال ز تنا الحسين بن إسماعيل المحاملى قال ::ينا محمد بن عبدالله المخرمنى قال: تنا وكبع قال: تنا سفيان، عن حبيب بن أبى تأبب عن إبراهيم بن سعد، عن سعد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن تأبت رضى الله عنهم قالواز قال رسول الله .
إن هذا الطاعون رجز وبقية عذاب عذب به قوم . . .
الحديث ، لفظ أبىز بكر بن أبى شيبة .
[و] أخرجه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة على الموافقة .
وأخرجه النسائى في والسنن الكبرى عن محمود بن غيلان، عن وكثبع ، فوقع لنا بذلا عاليا جدا ورواه عامر بن سعد أيضا / عن أسامة .
أخبرنى الشيخ أبو الفرج بن العربى العزى قال : أنبا أبو الحسن بن فريش فراءة عليه وأنا أسمع بقراءة الحافط أبى الفتح اليعمرى ، قال : أنبا إسماعيل بن عبدالقوى بن عزون قال: قرىء على فاطمة بنت سعد الخير، وأنا أسمع أن فأطمة بنت عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الجوزدانية، أخبرتهم بقراءة الحافط أبى محمد اليونارتى قالت. وأنا حاضرة أسمع أنبا محمد بن عبدالله بن ريذة قال : أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانى قال : أنبا إسحاق بن إبراهيم الذيرى قال : أنبا عبد الرزاق قال : أنبا معمر عن الزهرى ، عن عامر بن سعد ، عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال: قال رسول الله .
إن هذا الوباء رجز أهلك الله به بعض الأمم ، وقد بقى فى الأرض منه شىء يجىء أحيانا ويذهب أحيانا : الحديث أخرجه أحمد عن عبدالرزاق على الموافقة العالية . وأخرجه مسلم عن أبى كامل الجحذرى ، عن عبدالواحد بن زياد عن معمر وخالفه مسدد عن عبد الواحد بن زياد، عن معمر
قرات على قاطمة بنت محمد المقدسية بصالحية ذمشق ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن إسماعيل بن عبدالقوى بن عزون - سماعا بهذا الإسناد إلى الطبرانى - قال: تنا معادين المثنى قال: تنا مسدد قال: تنامر عبدالواجد بن زياد قال : أنبا معمر عن الزهرى ، عن .
عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله .
- فذكره غين أنه قال : - وعذب به الأمم قبلكم . . الجديث .
وهذا الاختلاف لا أثر له بدليل رواية الأعمش والثورى الماضيتين قبل ، جيت جمعا فيهما، بين أسامة وسعد وبه إلى الطبرانى قال : تنا هارون بن كامل قال: تنا عبد اللها بن صالح قال : حدثنى الليث- واللفظ له - قال : وحدئنا[ إسماعيل بن الحسن قال: تنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب : كلاهما عن يونس ، عن أبن شهاب، نخو حديث عبد الرزاق ، ولفظه ، إن هذا الوجع - أو السقم - رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ، ثم بفى بعد في الأرض ، فيذهب المرة ولأتى الأخرى .
أخرجة ابن زخزيمة من طريق ابن وهب . وهكذا رواه غامة .
أصحاب الزهرى ى [ عنه ] عن عامر بن سعد ، عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما [وحده] . وقد رواه ابن أبى ذئب عن الزهزى بسند أخر
وبه إلى لطبرانى قال : تنا عمرو بن حفض السدوسي قال : تنا عاصم بن على قال : تناابن أبى ذتب ، عن الزهرى ، عن سالم - هوابن عبدالله بن عمرت عن عبدالله بن عامر بن ربيعة ، أن عبدالرحمن بن عوف أخبرهم . وهو فى طريق الشام ، لما بلغه أن بها الطاعون - عن النبى أنه قال: فإن هذا الوجع - أو السقم - عذاب عذب به من كان قبلكم . . الحديث.
ورواه محمد بن المكدر وسالم - مولى أبى النضر .- وعمروبن دينار ، كلهم عن عامر بن سعد ، عن أسامة . أخرجه البخاري ومسلم من طريقه . وفي بعض طرقه . وعذب به بعض بنى إسرائيل] .
وفى رواية عمروبن دينار عن عامر بن سعد: جاء رجل إلى سعد بن أبى وقاص يسأله عن الطاعون . وعنده أسامة - فقال أسامة رضى الله عنه .ر أنا أخبرك . . . فذكر الحديث.
وهذا لا يدفع الرواية عن سعد ، لاحتمال موافقته أسامة بأن يكون تذكر الحديث لما حدث أسامة وقد أقدم ابن عبدالبر على تخطثة الرواية عن غير أسامة ، وتبعه عياض ، وليس بجيد والله تعالى أعلم . وسيجىء ما يتعلق ببقية هذا الحديث واستيفاء طرقه في الباب الرابع إن شاء الله تعالى
[الفصل الثاني] ذكر البان بأن الطاعون إنما كان عذابا على الكفرة فيمن مضى ، لا على المسلمين منهم ، .
وأنه لمؤمنى هذه الأمة رحمة وشهادة قال الإمام أحقدز تنا يزيد - هو ابن هارون - قال: تنا مسلم بنن عبيد قال: سمعت أبا عسيب - مولى رسول الله - يحدث عن رسول الله [قال ] - وأثنانى جبريل عليه السلام بالحمى والطاعون ، فأمسكت الحضى بالمدينة ، وأرسلت زالطاعون إلى الشامم ، والطاعون شهادة لامتى ورحمة لهم ، ورجس على الكافر .
قرأته عاليا على أم يوسف المقدسية بصالحية ذمشق ، عن إبراهيم بن صالح العجمى ، أن يوسف بن خليل الحافط أخبرهم قال : أنبا خليل بن يدر قال : أنبا الحسن بن أحمد المقرىء قال : أنيا
أحمد بن عبدالله الحافط قال : تنا أحمد بن يوسف قال : تنا الحارث بن محمد قال : تنا يزيد بن هارون قال: تنا مسلم بن عبيد - أبو نصيرة - قال: سمعت أبا عسيب . . . فلكر مثله سواء ، لكن قال في أخره على الكافرين .
هذا حديث حسن . وأبو عسيب - بمهملتين وأخره موحدة بوزن عظيم -- اسمه أحمر، وهو بكنيته أشهر . وقد وقع لنا حديثه هذا بعلو في امعجم الطبرانىئ ووالمعرفةه لابن منده . ولفظه فى [الطبرانى] : ففأرسلت الحمى إلى قباءه- وله حديث أخر أخرجه له ابن مندة، ولا أعرف له غيرهما والراوى عنه أأبو نصيرةه - بنون ومهملة ، مصغر -. وأبو [ عبيد] - بالتصغير أيضا - وهو ثقة عند أحمد وغيره.
ولحديثه شواهد : منها فىي البخارى عن عائشة رضى الله عنها أنه( إكان عذابا يبعثه الله تعالى على من يشاء ، فجعله رحمة للمؤمنين] . وسيأتى في الباب الثالث . وأتى فيه أخبار أخرى فى كونه رحمة لأمة محمد ، وقريب من التفسير المذكور ، ما أخرجه ابن ] أبى الدنيا من طريق أنس بن مالك رضى الله عنه ، أنه دخل على عائشة رضى الله عنها ، هو
ورجل أخر فقال لها ذلك الرجل : با أم المؤمنين ، حدثينا عن الزلزلة؟ قالت: إذا استباحوا الزنا ، وشربوا الخمر وضربوا بالمعازف ، غار الله تعالى في سمائه فقال [للأرض ] تزلزلى بهم ، فإن تابوا ونزعوا وإلا هدمتها عليهم قال : : يا أم المؤمنين ، أعذابا لهم قالت : بل موعظة ورحمة للمؤمنين، وعدابا وسخطا للكافرين : قال أنس رضى الله عنه : ما سمعت حديئا بعدا رسول الله يللهة أنا أشد به فرحا منن بهذا الحديث .
[الفصل الثالث] ذكر بيان الرجز المذكور ومن نزل عليه فرات على فأطمة المقدسية ، عن عبدالرحيم بن عبد المحسن ، أن عبدالغنى بن سليمان أخبرهم قال : أنبا عشير بن على قال : أنبا مرشد بن يحبى المدينى ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب قالا : أنبا أبو الحسن محمد بن الحسن القهستانى قال: أنبا أبو الحسن على بن حسان قال : تنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان قال : ثنا عثمان]م - هو ابن أبى شيبة - قال: تنا يعلى بن عبيد قال : ثنا سفيان وحدثنا عبدالله بن الحكم قال : ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، فألا- تنا أبو إسحاق ، عن عمارة- هو ابن عبد الله السلولى - عن على بن أبى طالب رضى الله عنه .
أن نبيا من الأنبياء عصاه قومه ، فقيل له : نقتلهم [بالجوع ؟
قال : لا : قال : نسلط عليهم عدوا من غيرهم ] قال: لا ولكن موت
دقيق . قال على، فسلط الله تعالى عليهم الطاعون ، فجعل بقل العدد ويحرق القلوب . لفظ سفيان، ولفظ إسرائيل نحو ، وزاد [وهو بقية عذاب عذب به من كان قبلكم] هذا إسناد حسن ، أخرجه مطين في [مسنده هكذا ، وكأنه جعل له حكم الرفع ، إذ لا مجال للرأي فيه .
ثم رأيت في [ المبتدا« لابن إسحاق ، فى سبب تاسيس داود عليه السلام بيت المقدس : أن الله تعالى أوحى إلى داود أن بنى إسرائيل قدكثر طغيانهم ، فخيزهم بين تلاث : زإما أن أبتليهم بالقخط سنتين ، أو أسلط عليهم العدو شهرين، أو أرسل عليهم الطاعون ثلاثة أبام . فخيرهم ، فقالوا : أنت نبين فاختر لنا فقال: أما الجوع فإنه بلاء فاضح لا صبر عليه ، وأما العدو فلا بقية معه ، فاختار لهم الطاعون . فمات منهم إلى أن زالت الشمس سبعون ألفام، ويقال : : مائة ألف . فتضرع داود إلى الله تعالى ، فرفعنه عنهم . فقال داود: إن الله تعالى قد رحمكم فأحدثوا لله شكرا بقدر ما أبلاكم . فشرع فى تأسيس المسجد ، إلى أن كان إكماله على يد ولده سليمان عليهما الصلاة والسلام .
ووجدت أصل هذا الحديث عند أحمد والنناتي في والكبرى يسند على شرط مسلم ، من طريق تابت البنانى ، عن عبدالرحمن بن
أبى ليلى ، عن صهيب مرقوعا . وصححه ابن حبان ، لكن لم يسم فيه أداودا ، وقال: الموت بدل الطاعون . وفى أخره أنه كان يقول عقب صلاة العصر : وفى رواية: الفجر [اللهم بك أقائل ، وبك أحاول - وفى رواية : أصاول - ، ولا حول ولا قوة إلا بك وأخرج عبد بن حميد وأبو جعفر الطبرى . واللفظ له - وأبو محمد بن أبى حائم فى تفاسيرهم وإبراهيم الحربى في غريبه باختصار ، كلهم من طريق بعقوب بن عبدالله بن سعد القمى ، عن جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير قال : [أمر موسى عليه الصلاة والسلام قومه من بنى إسرائيل ، وذلك بعدما جاء قوم فرعون الآيات الخمس : الطوفان. . وما ذكر الله تعالى في الأية - يعنى قوله تعالى : أرسلا علية الطوفان والجراد . . .
الآية فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بنى إسرائيل . فقال: ليذبح كل رجل منكم كبشام ، ثم ليخضب كفه في ذمه ، ثم ليضرب به على بابه .
فقال القبط لبنى إسرائيل : لم تجعلون هذا الدم على أبوابكم؟
فقالوا : إن الله سبحانه يرسل عليكم عذابا يقتلكم وتهلكون . فقال القبط : فما يعرفكم الله إلا بهذه العلامات؟ فقالوا: هكذا أمرنا نبينا .
فأصبحوا وقد ظعن من قوم فرعون سبعون ألفار فأمسوا وهم يتدافنون . فقال فرعون عند ذلك لموسى عليه الصلاة والسلام ، أدع
لنا ربك بما عهد عندك لبن كشفت عنا الرجز - وهو الطاعون - لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني اسراءيل. فدعا ربه ، فكشفه عنهم ، هذا مرسل قوى الإسناد القمى - بضم القاف وتشديد الميم - نسبة إلى فقم : بلد مشهور في العجم . وهو أشعرى النسب ، ويكنى أبا الحسن ، قواه النسائى ، ووثقه الطبرانى ، وقال الدارقطنى : ليس بالقوى ، وذكره ابن حبان في الثقات .
وشيخه جعقر بن أبى المغيرة خزاعى النسب ، وهو قمى ا أيضا وهو تابعي صغير واسم أبى المغيرة [ديناره ، أفاده أبو نعيم في ى تاريخ أصبهان . وقال ابن منده،: ليس بقوى ، ونقل ابن شاهين توثيقه عن أحمد ، وذكره ابن جبان في الطبقة الثالثة من والثقات} . وأخرج له البخارى في الأدبا المفردا ، وأبو داود والترمدى والنسائى . وقد ذكر أبو داود في كتاب الصلاة من السنن عن محمد بن حميد قال .
سمعت يعقوب القغى يقول : كل شىء حدئتكم عن جعفر، عن سعيد ، عن النبي ، فهو مسند عن ابن عباس : انتهى وأخرج ابن أبى حائم من وجه أخر عن يعقوب بعض هذا الحديث موصولا بذكر ابن عباس فيه . وأخرجه الطبرى كذلك ، لكن أدخل بين سعيد بن اجبير وابن عباس رجلا، والأول أثبت .
وأخرج الطبرى وابن أبى حائم ، من طريق ابن أبى تجبح ، عن مجاهد قال : الطوفان - يعنى المذكور في الأية الماضية - هو الطاعون . وذكر فيه أقوالا أخرى ، أرجحها أنه الماء .
و من طريق ابن أبى نجيح ، عن مجاهد قال : الرجز العذاب .
وهذا لا ينافي الحديث الماضى أنه الطاعون ، فقد ثبت وصفه بأنه عذاب . ويهذا أجاب إبراهيم الحربى في غريبه ، بعد أن أخرج أثر مجاهد هذا .
ويستفاد منه أن المراد بالذين أصابهم الرجز فى حديث أسامة هم قوم فرعون . قال عياض فى قوله : أرجز على بنى إسرائيل] : قيل : مات من بنى إسرائيل فى ساعة واحدة عشرون ألفا، وقيل: سبعون الفا قلت : قد خرجت الثانى ، لكنهم كانوا من قوم فرعون لا من بني إسرائيل ثم وقفت على المستند فى ذلك ، وهو ما أخرجه الطبرى من طريق سليمان التيمى ، التابعى المشهور ، عن سيار ، أن رجلا كان يقال له بلعام ، كان لر مجاب الدعوة ، وأن موسى أقبل فى بنى إسرائيل ، يريد الأرض التى فيها بلعام ، فرعبوا منه رعبا شديدا قال : فأتوا بلعام فقالوا: ادع الله عليهم قال: حتى أوامر ربى . قوامر ، فقيل له : لا تدع عليهم فإنهم عبادى ونبيهم معهم قال : فأهدوا له هدية فقبلها ، ثم راجعوه فقال : حتى أوامر ربى . فوامر فلم يرجع إليه شىء . فقالوا: لوكره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك في المرة الأولى قال : فأخذ يدعو عليهم ، فيجرى على لسانه الدعاء على قومه ، وإذا أراد أن يدعو لقومه دعا أن يفتح لموسى وجيشه فلاموه ، فقال :
ما يجرى على لسانى إلا هكذا ولكن سأادلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم .، إن الله تعالى يبغض الزنا، وإنهم إن وقعوا في الزنا هلكوا : فأخرجوا الننناء فليستقبلنهم ، فإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنوا فيهلكوا ففعلوا وكان للملك بنت بها من الجمال ما الله به أعلم. فقال لها أبوها : لا تمكنى من نفنسك إلا موسى . قال : فوقعوا في الزنا- قال : فأزادها رأس سبط من الأسباط على نفسها فقالت : ما أنا بممكنة من نفسى إلا موسى . قان: إن منزلتى من موسى كذا وكدا فأرسلت إلى أبيها ، فأذن لها فيه ، فامكنته .
قال : ويأتيهما رجل من بنى هارون ومعه الرمح، فيطغنهما قال: وأيده الله تعالى . بقوة ، فانتظمهما جميعا ورفعهما على رمحة، فرأهما الناس : قال :: وسلط الله تعالى على بنى إسرائيل الطابون ، فمات منهم سبعون ألفا.
وهذا حديث فرسل جيد الإسناد. وإسياره شامى ، ذكره أبن حبان فى تقات التابعين : وقد أخرج الطبرى هذه القصة أيضا من طريق محفد بن إسحاق ، عن سالم أبى النضر: أن موسى علية الصلاة والسلام ، لما نزل في أرض بني كنعان ، أتى قوم بلعم، إلى بلعم ، فقالوا: هذا موسى جاء فى بنى إشرائيل
ليخرجنا من بلادك . . فذكر القصة نحوه وأبسط منه . وقال فيه : إثم قال: لم يبق إلا المكر والحيلة ، جملوا النناء ، وأعطوهن السلع ، وأرسلوهن إلى العسكر ، فإنهم إن زنا رجل منهم واحد كفيتموهم ففعلوا . فلما دخل النساء العسكر، مرت أمراة من الكنعانيين اسمها كشتا بنت صوره برجل من عظماء بني إسرائيل ، وهو زمرى بن شاؤم، رأس سبط شمعون بن يعقوب . فقام إليها ، فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها ، تم أقبل حتى وقف بها على موسى عليه الصلاة والسلام ، فقال: إنى أظنك ستقول : هذه حرام عليك قأل: أجل، هى حرام عليك ، لا تقربها قال : فوالله لا نطيعك في هذا ودخل [بها] قبته ، فوقع عليه .
فأرسل الله الطاعون في بنى إسرائيل . وثأن فنخاص بن العيزاربن هارون صاحب أمر موسى، وكان قد أعطى بسطة في الخلق وقوة فى البطش وكان غائبا، فجاء والطاعون / يجوس فى بتى إسرائيل . فأخبر الخبر ، فأخذ حربته ثم دخل القبة، فانتظمهما بحربته وهما متضاجعان . ثم خرج بهما وجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك . ورفع الطاعون ، فحسب من هلك من الطاعون ، فيما بين أن أصاب زمرى المراة، إلى أن قتله فنخاص ، سبعون ألفا والمقلل يقول : عشرون الفا وأخرج الطبري هذه القصة مختصرة من أوجه ، لكن ما فيها
ذكر الطاعون ، إلا فى هاتين الروايتين. ورجالهما تقات ، وكل منهما تشد الأخرى .
وقد جاء في خبر أخر أنه أرسل على طائفة من بنى إسرائيل ، وهم الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف حذر الموت ، كما سياتى بيانه ، وقول ، من قال: إنهم خرجوا فرارا من الطاعون .
قال عياض : يحتمل الحديث وجهين أحدهما: أنه أول ما يدا فى الأرض وحدث بالناس حدث بهم، والثاني : أنهم عذبوا به.
قلت . ولا منافاة بين الوجهين ، فيحمل على أنه أول عذاب حدث من جنسه بأولئك ، ولكن تظهر المغايرة بينهما بأن يكون سبق لغيرهم لا على سبيلن التعذيب ثم حدث لهم على سبيل التعذيب ، فتكون الأولية فيهم مقيدة بالتعذيب ، لا بمطلق الطاعون . ولا يخفى بعده ، لأن الطاعون يعذب الجسد بلا شك ، سواء كانت تتسبب عنه الرحمة أو لا
[الفصل الرابع] ذكر كشف مشكل ما فى [هذا] الباب الأول سوى / ما وقع فى أثناء الباب قوله : الطاعون ، أتى فى الباب الثان قوله : المخرمى: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة .
قوله : اليونارتي : بضم التحتانية وسكون الواو ثم نون وفتح الراء بعدها مثناة قوله : ريذة . بكسر الراء وسكون التحتانية بعدها ثم ذال معجمة .
قوله عسيب : بفتح العين وكسر السين المهملتين ثم تحتانية سائنة ثم موحده .
قوله : [رجس ] - هو بكسر الراء وسكون الجيم بعدها مهملة لا
يغاير قوله فى الرواية الماضية : رجز ، لأنهما بمعنى . قال أبن السميدع - بفتح المهملة والميم وسكون التحتانية وفتح الدال المهملة وبالعين المهملة - الرجز والرجس وأحد ، وهو العذاب. قلت .
إطلاق الرجز على الرجس من إبدال الزاى سينا ، وهو كثير والرجس أيضاء المبغد والنجس ، وليس هو المراد هنا، وسأدكز مزيدا لذلك في البانب الثاني ، إن شاء الله تعالى قوله : عشير. بمهملة ثم معجمة ، وزن عظيم .
والحطاب بحاء مهملة .
و والقهستانى : بضم القاف والهاء وسكون المهملة بعدها مثناة قوله : بلعام ن يبفتح الموحدة وسكون اللام بعدها مهملة .
ويقال له أيضاء [بلعما - بغير ألف - كما فى الرواية الثانية . وهو ابن عابورا : بمهملة وموحدة مضمومة وواو ساكنة وراء مفتوحة ويقال: أبر بهمزة بدل العين وموحدة مضمومة ، بغير إشباع وبلا ألف أخره قوله : كنعان ذ بفتح الكاف وسكون / النون بعدها مهملة وبعد الألف نون .
قوله : فنخاص : بكسر الفاء وسكون النون بعدها حاء مهملة وأخره صاد مهملة قوله : زمرى . بزاى مكسورة وميم سائنة ثم راء .
وشاؤم : بشين معجمة وواو مضمومة وشمعون : بشين معجمة مفتوحة.
قوله : يجوس : بجيم وسين مهملة أبى يتخللهم
الباب الثاني فى التعريف به
[الفصل الأول] ذكر اشتقاقه قال الجوهرى : الطاعون : وزنه فاعول من الطعن ، عدلوا به عن أصله ، ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء . ويقال : طعن فهو مطعون وطعين : إذا أصابه الطاعون ، وكذا إذا أصابه الطعن بالرمح ذكر صفته وسبب حدوثه ، قال إبراهيم الحربى في غريب الحديث: الوباء هو الطاعون والمرض العام قال: والطاعون معروف، وهو قرحة يبلى الله بها من يشاء يطول ذكر سببها .
وقال ابن العربى فىي شرح الترمذى : الطعين : الذي يصيبة الطاعون ، وهو الوجع الغالب الذى يطفى ، الروح كالذيحة . وإنما سمى طاعونا لعموم مصابه ، وسرعة قتله ، فيدخل فيه مثله .
وقال أبو الوليد الباجى في إشرح الموطاء : هو مرض يعم الكثير من الناس ، في جهة من الجهات ، بخلاف المعتاد من أمراض الناس :
ويكون مرضهم واحدأ بخلاف بقية الأوقات ، فتكون الأمراض مختلفة .
ونقل ابن التين ، عن الداوودى / قال: الطاعون حبة تخرج في الأرفاغ، ، وفى كل ظ من الجسد والصحيح أنه الوباء كذا قال . وكدا قال الخليل بن أحمد في والعين : الطاعون هو الوباء .
وقال ابن الأنيز فى النهاية ، فى قوله : وفناء أمتى بالطعن والطاعون : الطعن : القتل بالرمح، والطاعون : المرض العام، والوباء الذي يفسد له الهواء، فتفسد به الأمزجة والأبدان . ومراد الحديث : أن الغالب على فناء الأمة بالفتن التى تسفك فيها الدماء ، وبالوباء . وقد تكرر الطاعون في الحديث.
[و] قال القاضى عناض فى أشرح مسلمه : قوله - يعنى في حديثا أسامة فى الظاعون : إن هذا الوجع أو السقمه ، العرب تسمى كل مرض وجبعا وقوله : [رجزا ، الرجز العذاب . وقد قال فف الرواية الأخرى . رجز عذب به بعض الأممة .
وقال ابن عبدالبر بعد أن ذكر الحديث : إن الطاعون عدة كغدة البعير، تخرج في الأباط والمراق. وقال غير واجد من أهل العلم ، وقد تخرج في الأيدي والأصابع وحيث شاء الله تعالى من البدن .
قال عياض ، أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد والوباء عموم الأمراض ، فسميت طاعونا لشبهها بالهلاك بذلك ، وإلا فكل طاعون وباء ، وليس كل وباء طاعونا . ويدل على ذلك حديث أبى موسى : والطاعون وخز أعدائكم من الجن، وإن / وباء الشام الذى وقع في الأحاديث، إنما كان طاعونا ، وهو طاعون عمواس ، وكان قروحا وقد لخص الشيخ محبى الدين النووى فى شرح مسلم كلام عياض . وقال فى اتهديب الأسماء واللغات: الطاعون مرض معروف، وهو بثر وورم مؤلم جدا ، يخرج مع لهيب ، ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة ، ويحصل معه خفقان القلب والفىء ، ويخرج في المراق والأباط غالبا ، وفى الأيدي والأصابع وسائر الجسد .
وقال في الروضة : فسر بعضهم الطاعون بانصباب الدم إلى عضو وقال أكثرهم : إنه هيجان الدم وانتفاخه قال المتولى. وهو قريب من الجذام ، من أصابه تأكلت أعضاؤه وتساقط لحمه انتهى
وأصل كلام المتولى مستمد من كلام القاضى الحسين فى تعليقته المشهورة ، فإنه قالن الطاعون داء يصيب الإنسان ، وهو قريب من الجذام ، ، والعضو الذي يصيبة ذلك ، يتأكل ويرم وقال في تعليقته فى الأخرى التى علقها عنه البغوى . الطاعون يشبه الجذام ، يتجرح به عضو الإنسان ويرم وقال الغزالى : في البسيط1: الطاعون انتفاخ جميع البدن من الدم مع الحمى ، أو أنصباب الدم إلى بعض الأطراف ، فينتفخ ذلك الموضع ويحمر، وقد يذهب العضو إن لم يتدارك أمره في الحال ، انتهى وقال البندنيجلى : الطاعون أن يسود موضع من البدن .
وقال أبو على / ابن سينا وغيره من حذاق الأطباء: الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالا ، يحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن ، وأغلب ما يكون تحت الإبط [أو] خلف الأذن أو عند الأرنبة . قال: وسببه دم ردىء مائل إلى العقونة والفساد، يستخيل إلى جوهر سمى يفسد العضو ويغير ما يليه ، ويؤدى إلى القلب كيفية
رديئة ، فيحدث الفىء والغثيان والغشى والخفقان. وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع ، وأرداه ما يقع في الأعضاء الرئيسة . والأسود منه قل من يسلم منه ، وأسلمه الأحمر ثم الأصفر قال ابن سينا والطواعين تكثر عند الوباء وفى البلاد الوبيئة ، ومن ثم أطلق على الطاعون وباء وبالعكس . قال : وأما الوباء فهو فساد جوهر الهواء الذى هو مادة الروح ومدده ، ولذلك لا يمكن حياة الإنسان ، بل جميع الحيوان ، بدون استنشاقه، بل متى عدم الحيوان استنشاق الهواء مات .
فحاصل ما اجتمع لنا من كلام من تقدم كلامه أن الطاعون أنواع : أشهرها: ما يخرج في البدن من الورم ، خصوصا فى المغاين، وأنه قد يقع في اليد والإصبع وجميع الأعضاء ، لكنه نادر بالنسبة إلى ما يقع في المغابن الثاني : يقع فى أى عضو كان من البدن أيضا مثل القرحة والبثرة لكن والاختصاص له بالمغاين دون غيرها الثالت : / ما يطفىء الروح كالذبحة ، وليست الذبحة نفسها ) طاعونا ، وإنما فى أنواع الطاعون ما يضاهيها ، ولذلك يختلف حال من
وقعت به فى زمن الطاعون وفى غير زمنه . وإنما قلت ذلك لأنه ثبت في الحديث الصحيح - كما سياتى في موضغه - أن الطاعون لا يدخل المدينة . وثبت فية أيضا أن النبي كوى أسعد بن ززارة من الذبحة ، وكذا البراء بن معرور، وكلاهما كان بالمدينة ، لكن يحتمل أن يقال أن ذلك كان قبل دعاء النبي بأن الطاعون لا يدخلها .
الرابع : ما يقع في عضو ما فيتأكل منه كالجذام ، كما تقدم في كلام القاضى الحسين . ورأيت له فى ذلك سلفام فأخرج عمر بن شبة في أخبار البصرة من طريق ضمرة عن عبد الله بن شودت قال : كتب زياد إلى معاوية . . . فذكر قصة فيها فخرجت على إصبعه طاعونة ، فما أتت عليه جمعة حتى مات. وفيه أن إصبعه تأكلت وأشاروا عليه بقطعها ، لئلا تنتقل الأكلة ، ثم لم يفعل ذلك ومات.
تكملة ، ذكر علاء الدين بن النفيس في كتابه الموجز فى الطب : أن الوباء ينشا عن فساد يعرض لجوهر الهواء بأسباب سمائية أو أرضية .
فمن الأرضية : الماء الأسن والجيف الكثيرة كما يفع ففي
مواضع المعركة إذا لم تدفن القتلى، ، والتربة الكثيرة النز والكثيرة التعفن ، وكثرة الخشرات والضفادع ومن / السمائية كثرة الشهب والرجوم في أخر الصيف وفي الخريف، وثثرة الجنوب والصبا في الكائوبين، وإذا كثرت علامات المطر فى الشتاء ولم تمطر انتهى . ومستند ذلك كله التجارب .
وقد ذكر الجاحظ أن العفغق إذا حس بتلك الريح هرب من تلك الأرض . قال: وكذلك الفأر يهرب تحت الأرض
الفصل الثاني ذكر البيان الدال على أن الطاعون غير مرادف للوباء ، وأن إطلاقة عليه إنما هق يطريق المجاز لكونه أخص منه ثبت في والصحيحين، والموطأ من حديت أبى هريرة رضى الله عنه قال : رقال رسول الله .
على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال .
وأخرجه البخارى من حديث أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله .
المدينة بأتيها الدجال فيجد الملائكة، فلا يدخلها الدجال :ولا الطاعون إن شاء الله تعالى .
وقد أخرج البخاري ومسلم - في كتاب الحج - من طريق أبى .
أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة رضى الله عنها قالت.
قدمنا المدينة وهى أوبا أرض الله تعالى . . . الحديث.
وفيه قول بلال رضى الله عنه : اللهم العن شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء فلو كان الطاعون هو الوباء لتعارض الحدشان ، لكن لا تعارض بينهما لأن الطاعون أخص من الوباء .
وقولها : أوباه أفعل تفضيل ، من الوباء ، وهو يمد ويقصر قال أهل اللغة هو المرض العام ، يقال أوبات الأرض فهى موبثة ، ووبئت فهى وبيئة ووبئت - بألضم - فهى موبوءة . وأرادت عائشة رضى الله عنها في وصف المدينة بالوباء كثرة ما كان بها من الحمى وقد دل حديث أبى عسيب الماضى ، أنه اختارها على الطاعون وأقرها بالمدينة . ثم دعا الله فنقلها إلى الجحفة، كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أيضا وبقيت منها في المدينة بقايا، ففي قضة العرنيين في الصحيحين من حديث أنس رضى الله عنه ، أنهم استوخموا المدينة . وفى لفظ أنهم قالوا: إن هذه أرض وبيئة وفى رواية : أن أبدانهم سقمت ، وأن ألوانهم اصفرت .
والجمع بين الحديئين : أن الحمى كانت تصيب بالمدينة من أقام بها من أهلها، ومن ورد عليها من غير أهلها، فلما دعا له
النبي بأنها تنتقل الحمى عنها إلى الجحفة ارتفع ذلك عن أهلها إلا من تذر وبقى من لم يألف هواها يضيبه من ذلك وقد وقع فيها الوباء بالموت الكشير فى زمن عمر رضى الله عنه .
ففي صحيح البخارى من طريق أبى الأسود الدقلى قال: إأتيت المدينة وقد وقع بها مرض، والناس يموتون مونا ذريعا فجلست إلى عمر . . فذكر حديا . والذريع - بالذال المعجمة ، بوزن بظيم -: الكثير السريع ولا يعارض هذا الدعاة برفع الوباء عنها ، لأنه إنمام وقع بها نادرا . وأما الطاعون فلم ينقل قط أنه وقع بها ، من الزمان النبوى إلى زماننا هذا ولله الجمد . وسأاذدكر الحكمة فى كون المدينة لا يدخلها الطاعون ، مع ثبوت كونه شهادة ، في الباب الثالث إن شاء الله تعالى وقد ظهر بما أوردته أن الطاعون أخص من الوباء ، وأن الأخبار الواردة فىي تسمية الطاعون وباء ، لا يلزم منه أن كل وباء طاعون، بل يدل على بكنيه ، وهو أن كل طاعون وباء ، لكن لما كان الوباء ينشا عنه كثرة الموت ، وكان الطاعون أيضا كذلك أطلق عليه اسمه . .
ويفارق الطاعون الوباء بخصوص سبيه الذى لم يرد فى شيء من الأوباء نظيره ، وهو كونه من وطعن الجن. وهو عندى لا يخالف قول الأطباء - فيما تقدم - من كونه ينشا عن مادة سمية أو هيجان
الدم أو أنصبابه إلى عضو أو غير ذلك ، لأنه لا مانع أن ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة ، فيحدث منها، المادة السمية ، أو يهيج بسببها الدم ، أو ينصب : فللاطباء إذ لم يتعرضوا لكونه من طعن الجن معذرة ، لأن ذلك أمر لا يدرك بالعقل ولا بالتجربة ، وإنما تلقيناه من خبر الشارع فتكلموا على ما نشا من ذلك الطعن بقدر ما اقتضته قواعد علمهم ، والله أعلم .
نعم ، يرد على من زعم منهم أو من غيرهم أنه من فساد الهواء إشكال ، وقد تكلم عليه ابن القيم في والهدى ، ، وأبطله من أوجه .
منها : وقوعه في أعدل الفصول م وفى أضح البلاد هواء وأطيبها ماء .
وبأنه : لو كان من الهواء لعم الناس والحيوانات ، ونحن نجد الكثير من الناس والحيوان يصيبه الطاعون ، وبجانبه من جنسه ومن يشابه مزاجة من لم يصبه3 . وشوهد يأخذ أهل بيت من بلد بأجمعهم ولا يدخل بينتا بجوارهم أصلا أو يدخل بيتا فلا يصاب منه إلا البعض . وشوهد عند فساد الهواء ربما كان أقل مما يكون عند اعتداله .
ويأن : فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وثثرة الأمراض والأسقام ، وهذا يقثل بلا مرض ، أو بمرض يسير
وبأنه : لوكان من فساد الهواء ، لعم جميع البدن بمداومة الاستنشاق . والطاعون إنما يحدث في جزء خاص من البدن الا يتغداه لغيرة ، فيقتل صاحبه غالبا .
وبأنه : لو كان بسبب فشاد الهواء لدام في الأرض ، لأن الهواء يصح تارة ويفسد تارة . والطاعون يأتى على غير قياس ولا تجربة ولا انتظام ، فربما جاء رسنة وربما أبطأ عدة سنين .
وبأن : كل داء بسبب من الأسباب الطبيعية له دواء من الأدوية الطبيعية ، على ما رصح به الحديث : وما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه ، وجهله من جهلهه . أخرجه ابن ماجه من حديث ابن مسعود رضى الله عنه بسند حسن ، وصححه أبن خبان والحاكم ، وله شواهد بعضها في وصجيح مسلم . وهذا الطاعون أغبى الأطباء دواؤه ، حت سلمم خذاقهم أنه لا دواء له ، ولا دافع له إلا الذى خلقه وقذره، والله أعلم، قال الكلاباذى في إمعانى الأخباره بعد أن ساق قول عمرزبن العاض الأتى ف ى البأب الرابع : فإن هذا الوجع، وحديث عبد الرحمن بن عوف: إذا سمعتم الوباء ببلد فلا تقدموا عليهه : الوجع والوباء مرض كسائر الأمراض التى تصيب الناس من الطبائع وغلبة بعض الأمشاج . وإن لم يكن طعن إنسان ولا وخز جن ، فيجوزاأن يكون الطاعون على ضربين ،
ضرب منه : داء ووجع ووباء ، يقع من غلبة بعض الأمشاج الذى هو الدم أو الصفراء إذا احترقت ، أو غير ذلك ، من غير سبب يكون من الجن وضرب منه : من وخز الجن وهذا كما يكون القرح داء أو وجعا يصيب الإنسان من احتراق الدم وغلبة الأمشاج ، فيخرق له الجلد ، ويشرح اللحم وإن لم يكن هناك طعن ومنه ما يكون من طعن الإنس ] قال الله تعالى ، { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله.. وقد قرىء بفتح القاف وضمها فبالفتح : الجراح، وبالضم ز الخراج فكما سمى الطعن والخراج فرحا، كذلك سمى النتى وأصحابه الطاعون وجعا وداء . وقال الله تعالى . إن تكونو تألمون فإنهم يالمون كما تألمون. والألمن الوجع ، والوجع مرض وداء : فكما لم تناف إحدى القراءتين الأخرى في الجراح والخراج ، كذلك لا ينافى أحد الحدثين الأخر فى الوخز والوباء : فكما يجوز أن يكون / القرح جراحا وخراجا ، كذلك يجوز أن يكون الطاعون وخزا وداء ، انتهى ومحصل كلامه أن تسمية الطاعون [وباءه أو وجعا أو داء ، محمول على معنى غير المعنى فى كونه ووخزا من الجن) . والذى يظهر أن الذى ذكره غير لازم ، فإن الوباء يطلق على كثرة الموت ، كما تقدم ، وأنه أعم من الطاعون . وأما الداء والوجع فيطلق كل منهما
على كل مرض طاعونا كان أو غيره .
وأما كون بعض الأوجاع في الطاعون قد تكون من غلبة الطبائع لا ينافى كونه من طعن الجن ، لاحتمال أن يحصل ذلك التغير عند وجود الطعنة ، فينزغج بدن المطعون ، فيفور به الذم ، وتحصل له الكيفية الرديئة التى إشخصها الأطباء، بحسب ما اقتضته قواعدهم ، : ولا ينافى ذلك أصل سبه الأول ، والله أعلم .
[الفصل الثالث] ذكر سياق الأحاديث الواردة في أن الطاعون وخز الجن والكلام عليها قال الإمام أحمد : حدئنا عبدالرحمن - هو ابن مهدى - قال: حدثنا سفيان - هو الشورى -، ، عن زياد بن علافة، عن رجل ، عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
فناء أمتى بالطعن والطاعون: فقيل . يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ] قال: {وخز أعدائكم من الجن ، وفى كل شهادة .
رواه عبدالرزاق في أمصنفهه عن الثشورى . ومن طريقه أخرجه الطبرانى . ورواه وثيع عن سفيان فقال:، عن جرير ، بدل : أنى موسى ، كذا نقلته من مسده أبى بكر بن أبى شيبة ، وما أظنه إلا وهما : وهذا الإسناد إلى وزيادة بن علافةه على شرط الصحيح، لولا الراوى المبهم لكان المتن محكوما بصحته لكن قد سماه بعض الرواة عن زياد بن علاقة . وقد كان شعبة برويه عن زيادبن علاقة ويقول : إنه كان يحفظ اسم المبهم ،
قال أحمد أيضاء حدثنا محمد بن جعفر قال: حدئنا شغبة ، عن زيادبن علافة قال : حدئنى رجل من قومى - قال شعبة ز قد كنت أحفظ اسمه - قال :اكنا على باب عثمان ننتظر الإذن، ، فسمعت أبا موسى يقول : قال زسول الله .
فناء أمتى بالطعن والطاعون . قال: فقلنا- يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ] قال : وطعن أعدائكم من الجن ، وفى كل شهاده . قال زياد: فلم أرض بقوله ، فسالت سيد الحى - وكان معهم- فقال : صدق .
وقد أخرجه الطبرانى من طريق الحكم بن : عتيية عن زياد بن علاقة ، فوافق شعبة على وصف المبهم بأنه من قوم زياد بن علاقة ] . وأخرجه أيضا من طريق إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق، عن زياد بن علاقة ، عن رجل من الحتى ، عن أبى موسى . . . فذكر الحديث مثل شعبة . لكن قال فيه : وطعن عدوكم بلفظ الإفراد، على إرادة الجنس وقد وقع لنا الراوى مسمى من وجه أخر عن الشورى وغيره.
قال أبو الحسن الجلعى في فوائده : أخبرنا الخصيب بن محمد بن عبدالله الخصيين القاضى قأل: أنبا أبى قأل: أنبا الحسن : بن علوبه القطان.
وأخرجه الطبرانى في الأوسط عن الحسن بن علوبه المذكور .
قال : كنا إسماعيل بن عيسى العطار قال: تنا إسماعيل بن ذكريا ، عن مسعر وسفيان الثورى ، كلاهما عن زيادبن علافة عن يزيد بن الحارث ، عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه . . . فذكر الحديث مثل سياق عبدالرحمن بن مهدى ، عن سفيان.
قأل الطبرانى : لم يروه عن مسعر إلا إسماعيل ، تفرد به إسماعيل . قلت . وهما تقتان. ولعل إسماعيل بن زكريا حمل رواية الثورى على رواية مسعر . وويزيد بن الخارث « هو التعلى . وقد أثبت البخارى في آتاريخه« سماعه من عبدالله بن مسعود - وهو أقدم وفاة من أبى موسى - فلا يستبعد سماعه من أبى موسى . وذكره ابن حبان في ثقات التابعين . فالحديث حسن .
وقد تابع مسعرا على تسميته يزيد بن الحارث سعاد بن سليمان . أخرجه البزار والطبرانى في الأوسط من طريق أبى عتاب سهل بن حماد الدلال عنه . وصرح فى روايته بالتحديث في جميع إسناده ، إلى يزيد بن الحارث . وساق المتن مثل زواية عبد الرخمن ، عن سفيان، إلا أنه قأل فيه : قال: فقلنا- بأ رسول الله .
وسعاد-. بفتح السين المهملة وتشديد العين المهملة - ذكره
ابن حبان في الثقات . وقال أبو حاتم الرازى : ليس بالقوى ، انتهي ومثل هذا يصلح أن يعتبر به وأن يكتب حديثه في المتابعات . وقد تأبعهما أبو مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصارى ، عن زياد بن علاقة عن يزيد بن الحارث ، عن أبى موسى . أخرجه الطبرانى أيضا وأبو مريم ضعيف جدا وقد خالف الجميع أبو بكر النهشلى في تسميته . قال أجمد : ثنا يحيى بن أبى بكر قال: تنا أبو بكر النهشلى قال : تنا زياد بن اجلافة ، عن أسامة بن شريك قال : خرجنا في يضعة عشر نقيبا من بنى تعلية . فإذا إنحن بأبى موسى ، .وإذا هو يحدث عن رسول الله . فذكر الحديث مختصرا هكذا سماه أبو بكر النهشلى . وهو ثقة ، أخرج له مسلم . وقد اختلف في اسمه ، لكنه مشهور بكنيته . قال أحمد بن حنبل ويحبى بن معين والعجلى . ثقة. وقال أبو حائم : شيخ صالح يكتب حديثه قلت . ولا معارضنة بينه وبين رواية من سماه ويزيد بن الحارث، لما تقدم في ررواية شعبة : أن زياد بن علاقة سمعه من سيد الحى بعد أن سمعه من الأول: فيجتمل أن يكون الأول هو يزيد بن الخارث، وسيد الحى هو أسامة بن شريك؛ وهو صحابى معروف أخرج / له أصحاب السنن الأربعة .
وقد أخرج الحديث المذكور البزار عن الفضل بن سهل، عن يحتى بن أبى بكير به فقال في زوايته وعن قطبة بن مالكا1 ، بدل أسامة بن شريك . وما أظنه إلا وهما من البزار ومن شيخه، فإن أحمد بن حنيل أحفظ من الفضل بن سهل وأنقن وقد تابعه العباس بن محمد الدورى ، عن يحيى بن أبى بكير أخرجه البيهقى في الدلائل. ويحتمل أن يكون عند زياد بن علاقة عن جماعة .
وقطبة المذكور صحابى أيضاء وهو عم زياد الراوى عنه .
وقد أخرج الطبرانى الحديث المذكور من طريق يحيى بن عبدالحميد الحمانى وأبى بلال الأشعرى فإالا : حدئنا أبو بكر النهشلى قال: تنا زيادبن علافة عن أسامة بن شريك ، عن أبى موسى رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
فناء أمتى بالطعن والطاعون . قالوا : يا رسول الله ، هذا الطعن عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال: وخز أعدائكم من الجن، وفى كل شهادة. وهكذا رواه أبو بكر بن أبى الدنيا في وكتاب الطواعين عن يحيى بن عبدالحميد ، وهو المحفوظ .
وقد خالف الجميع حجاج بن أرطاة فقال : عن زياد بن علاقة، عن كردوس الثعلبى ، عن أبى موسى . قال ابن خزيمة في كتاب
التوكل : روى حجاج بن أرطاة . . فذكره . وقال في روايته : ووفلى كل شهداء . ثم قال : حدثناة محمد بن عبدالأعلى قأل: تنا معتمر بن سليمان ، عن حجاج وهكذا أخرجه الطبرانى من طريق محمد بن عبدالأعلى وأخرجه أيضا من طريق أبى غسان مالك بن عبدالواحد المسمعى والبزار من طريق بجبى بن حبيب بن عنربى ، كلاهما عن معتمر بن سليمان التيمى فإن كان الحجاج حفظه ، احتمل أن يكون عند زياد بن علاقة عن جماعة ، كما تقدم فى بعض طرقه أنهم كانوا بضعة عشر نقي] من بتي تعلية . لكن وقع لى من طريق زياد بن علاقة ، عن كردوس ، عن أبى موسى حديث غير هذا ، وهو فى الطاعون أيضا، وسأدكره فى الباب الرابع فلعل حجاج بن أرطاة دخل له حديث في حديث.
وفى الجملة : [هذه الطريق الضعيفة لا تقدح في صحة الطريق القوية ، فإن أمثل ظرقه التى سمى فيها المبهم رواية أبى بكبر النهشلى . وأسامة بن شريك صحابى مشهور . وسائر الرويات
شاهدة لصحتها ، إلا ما شذ به الفضل بن سهل ، وخلط فيه حجاج بن أرطاق والله أعلم ثم وجدت الدارقطنى تكلم عليه في والعلله ، وجزم بأن الاضطراب فيه من زياد بن علاقة . فقال : اختلف فيه على زياد، ورواه الثورى عنه واختلف فيه عليه . فقال أبو أحمد الزبيرى .، عنه ، عن زياد، عن كردوس ، عن المغيرة وكذا قيل عن وكيع . وقال حجاج بن أرطاةز عن زياد، عن كردوس ، عن أبى موسى . وقال فى تراجيحات سائر أصحاب الشورى ، عنه ، عن زياد، عن رجل ، عن أبى موسى قلت . هذا نض عن وثيع ، عن التورى ، عن زياد، وعن رجل عن جرير . وقال أبو بكر النهشلى . عن زياد عن أسامة بن شريك ، عن أبى موسى . وقال أبو حنيفة ، عن زياد، عن عبدالله بن الحارث ، عن أبى موسى . وقال سعاد بن سليمان ، عن زياد، عن يزيد بن الحارث ، عن أبى موسى . وقال إسماعيل بن زكريا عن سعر والثورى معا ، عن زياد. وقال أبو شيية - عن زيادى عن اثنى عشر رجلا من بنى تعلية ، عن أبى موسى . وقال أبو مريم ، عن زياد قال : حدثنى البراء ، عن أبى موسى . وقال الحكم وشعبة وإسرائيل . عن زياد عن رجل من قومه ، عن أبى موسى قلت .: وقد بينت غالب هذه الطرق وأحوال زوائها ، ولا يتأتى الحكم عليه بالاضطراب مع إمكان ترجيح بعض الطرق كما قدمته .
وزواية أبى مريم بذكر البراء لم تقع لى بعد ، وهو ضعيف، والله أعلم وللحديث مع ذلك عن أبى موسى طريق فنوية ليس فيها اضطراب . قال ابن خزيمة في كتاب التوثل من وصحيحه1 - حدثنا بشربن أدم قال : ثنا جدى لأمى أزهربن سعد - هو السمان .
قال: تنا حائم - هو ابن أبى صغيرة - ، عن أبى بلج ، عن أبي بكر بن أبى موسى قال: ذكرنا الطاعون عند أبى موسى فقال : سالت عنه رسول الله فقال: هو وخز أعدائكم من الجن ، وهو لكم شهادة .
وأخرجه أيضا عن إسحاق بن منصور ، عن أزهر بن سعد وأخرجه أحمد والطبرانى من طريق أبى عوانة عن أبى بلج ، ولفظه ، إن النبي ذكر الطاعون فقال: [وخز أعدائكم من الجن، وهي شهادة للمسلم . وفى لفظ للطبرانى : وهى شهادة لكا مسلم .
وصححه الحاكم وأخرجه في كتاب الإيمان من المستدرك من رواية أزهر بن سعد عاليا. ومن رواية أبى عوانة أيضا، وقال: صحيح على شرط مسلم .
وتعقبه شيخنا في أماليه على المستدرك فقال : لم يحتج مسلم ب أبى بلج ، وإنما روى له أصحاب السنن ولكن للحديث طرق برتفع بها، إلى ذرجة الصحة فذكر رواية سفيان الشورى ، عن زياد بن علاقة ، عن رجل ، عن أبى موسى . . . كما قدمتها . ثم قال: والرجل الذى لم يسم هو أسامة بن شريك ، ثم ساقه من امسند أحمد ، ثم قال : هذا إسناد صحيح قلت . ورجال هذه الطريق رجال الشيخين إلا وأبا بلج، وهو بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها جيم - تابعي صغير كوفى نزل واسط . واسمه يحيى ، واختلف في اسم أبيه .
وقد وثقه يحتى بن معين والنسانى ومحمد بن سعد والدارقطنى وقال أبو حائم الرازى ويعقوب بن سفيان: لا بأس به . وقال البخارى فيه نظر . وهذه عبارته فيمن يكون وسطا- ونقل ابن الجوزى عن ابن معين أنه ضعفه. فإن تبت ذلك ، فقد يكون سثل عنه وعن من هو فوقه ، فضعفه بالنسبة، إليه . وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه ، نبه » عليها أبو الوليد البأجى في كتابه رجال البخارى . ويحتمل أن يكون ابن معين ضعفه من قبل رأيه ، فإنه منسوب إلى التشيع . ولأجل هذا بالغ أبو إسحاق الجوزجانى فيه - كعادته في الحط على الشيعة - وتبعه أبو الفتح الأزدى . وذكره ابن حبان، في الثقات وقال: يخطىء.
ويكفى فى تقويته توثق النسائى وإأبن أبى حائم مع تشددهما
ولم يبين ابن حبان أما أخطا فيه ليرجع إليه في ذلك . وقد ذكر ابن عدى له ترجمة ، وأورد فيها قول البخارى والجوزجانى ، ثم ساق له حديثه عن محمد بن خاطب: إفصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف ، وثلاث أحاديث من روايته عن عمروبن ميمون، اثنان منها، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، وأخر عن ابن عباس رضى الله عنه ثم قال: وله غير ما ذكرت ، وقد روى عنه أجلة الناس مثل شعبة وهشيم وأبىأعوانة ، ولا بيأس بحديثه .
فهذا ابن عذى مع شدة تفصي وتتبعه ، إما أخطا الثقات فيه لم يذكر فى أفراد أبلى بلج حديث أبى موسى ، فهو مما أتقنه عنده ، ولا سيما وقد وجدنا له متابعا فى الرواية المبدا بذكرها عن أبى موسى.
فالمتن بهذه الطرق صحيح بلا ريب ، والله أعلم .
ثم وجدت للجحديث طريقا ثالثة عن أبى موسى، أخرجها الطبرانى عن على بن عبدالعزيز البغوى قال: نا معلى بن أسد قال : ثنا عبد العزيز بن المختار ، عن عبدالله بن المختار قال : خدثني كريب بن الحارث بن أبى موسى الأشعرى ، عن أبيه عن جده رضى الله عنه قال : قال رسول الله فإن فناء أمتى بالطعن والطاعون. قالوا : يا رسول الله ، هذا
الطعن قد فهمناه ، فما الطاعون؟ قال : ووخز أعدائكم من الجن ، وفى كل شهادة .
ورجاله رجال الصحيح، إلا كريبا وأباه . و وعبدالله بن المختاره وعبد العزيز بن المختاره تقتان وليسا أخوين . وقد رواه حماد بن زيد عن عبدالله بن المختار فقال: حدشنى رجل من ولد أبى موسى الأشعرى ، عن أبى موسى . أخرجه الطبرانى أيضا من طريقه ، وعن حماد بن زيد أيضاء عن عبدالملك بن عمير، عن رجل من ولد أبى موسى ، عن أبى موسى كذلك .
ولهذا الحديث عن أبى موسى شاهد من حديث عائشة ومن حديث ابن عمر أيضا ، أما حديث عائشة رضى الله عنها : فأخرجه أبو يعلى قال: ثنا عبدالأعلى - هو ابن حماد - قال ،: تنا معتمر بن سليمان قال : سمعت الليث- هو ابن أبى سليم - يخدث عن صاحب له ، عن عطاء قال: قالت عائشة رضى الله عنها : ذكر الطاعون ، فذكرت أن النتى قال وخز يصيب أمتى من أعدائهم من الجن ، من أقام عليه كان مرابطا . . 0 الحديث.
وهذا سند ضعيف، لضعف إليت وإبهام اشيخهة . وله طريق خرى ضعيفة / أيضا عن عائشة بأتى ذكرها . وغفل الحافظ المنذرى في والترغيب فقال: إن سند أبى يعلى هذا حسن ، وليس كما قال ، فلا تغتر به .
وأما حديث ابن عمر رضى الله عنهمان فأخرجه الطبرانى فى إمعجمة الأوسط والصغيرة من طريق عبدالله بن عصمة عن بشر بن حكيم ، عن إبراهيم بن أبى حرة، عن سالم ، عن ابن عمر . فذكر مثل حديث أبى موستى الماضى أول طرقه سواء : قال الطبرانى : لم يروه عن إبراهيم إلا بشر ، ولا عنه إلا عبدالله بن عصمة قلت . وعبدالله بن عصمة مختلف فيه . قال ابن عذى. له مناكير . وذكره ابن حبان في والثقات . وأصل هذا الباب حديث أبى موسى ، والله أعلم .
ذكر معنى قوله : فناء أمتى بالطعن والطاعون .
الذى يظهر . والله أعلم - أن معناه الطلب، فإن فى بعض طرقه عن أبى موسى التصريح بذلك ، وهو فى رواية أبى بكر النهشلي عند أحمد ، ولفظه: اللهم اجعل فناء أمتى فى الطاعون » .
وقرىء على خذيجة بنت إبراهيم البعلبكية بدمشق وأنا أسمع ، عن القاسم بن المظفز إجازة إن لم يكن سماعا وعن أبى نصر البن الشيرازي كتابة . قالا أنبا أبو الوفاء بن مندة في كتابه قال: أنبا أبو الخير الباغبان قال : أنبا أبو عمروبن أبى عبدالله بن مندة: أنبا أبى قال : أنبا محمد بن محمد بن عبدالله البغدادى قأل : تنا جعفربن محمد بن شاكر قال : اثنا عفان قال : ثنا عبدالواحد بن زياد قال : ثنا عاصم الأحول ، عن كريب بن الحارث ، عن أبى بردة بن رقيس
أخى أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه - قال : قال رسول الله .
اللهم اجعل فناء أمتى قتلا فى سبيلك بالطعن والطاعون .
قال ابن مندة رواه جماعة عن عبدالواحد ، منهم عارم ، انتهى . وأخرجه أحمد في ومسنده، ، وإبراهيم الحربى في غريب الحديث له . كلاهما عن عفان. فوافقناهما بعلو وقال في زواية: عن كريب بن الخارث بن أبى موسى الأشعرى . وأخرجه أبو نعيم في والصحابة ، من رواية إسماعيل سموبه ، عن عفان كذلك . ومن رواية هذبة بن خالد ، ويحبى الحمانى ، كلاهما عن عبدالواحد .
وأخرجه ابن أبى عاصم فى كتاب الجهاد، من طريق عبد الواحد .
وصححه الحاكم ، وأخرجه في كتاب الجهاد من صحيحه، من زواية مسدد، عن عبدالواحد بن زياد، بهذا الإسناد ، وقال صحيح الإسناد .
وقال لنا شيخنا الحافط أبو الفضل بن الحسين - فيما أملاه على المستدرك : هذا حديث رجاله تقات ، وأكريب بن الحارث ذكره ابن حبان في والثقات، وروى له هذا الحديث ، إلا أنه جعله
عن أبى بردة عن أبى موسى . وظن أنه أبو بردة بن أبى موس الأشعرى ، وإنما هو أخوة ، ولذلك ذكره في الطبقة الثالثة من والثقات فوهم . والصواب ما وقع فى [ المسند] . وكذلك ذكره ابن أبى حائم في الجرح والتعديل ، وأبو أحمد الحائم في والكنى ، وابن مندة في معرفة الصحابة .
قلت : قول شيجنا أن ابن حبان / روى له هذا الحديث ، عنى به في وكتاب الثقاته ، زلا في صحيحه، فإننى لم أره فى وصحيحهم بعد تتبعه .
وأنشد شيخنا ففي آماليه في معني الحديث المذكور ، أكرم بخير أمة قد اخرجت للناس في الدنيا وفى عقباها بالطعن والطاعون هما يستشهدون ذاك وخز الجن من أعداها وعكس ذلك بعض من أدركناه فقال: المحفوظ ، وفناء أمتى بالطعن والطاعون]، ، على الخبر لا على الدغاء قال ابن الأثير فى النهاية : أراد أن الغالب على فناء الأمة الفتن التي تسفك فيه الدماء ، وبالوباء ، انتهى . ودعواه أنه بلفظ الدعاء غير محفوظ ، مردودة بما قدمته من الطريق الصحيح. ويشهد له دعاء أبى بكر الصديق رضى الله عنه بذلك ، كما ساذكره
الفصل الرابع] ذكر الجواب عن إشكال أورده بعضهم على هذا الحديث يريد القدح فيه مستندا إلى أن أكثر الأمة يموتون بغير الطعن والطاعون ، فلو ثبت الحديث لماتوا كلهم بأحد الأمرين وقد قال صاحب والنهاية في حديث ففناء أمتى بالطعن والطاعون : أراد أن الغالب على فناء الأمة الفتن التى تسفك فيها الدماء والوباء . ولم يعرج على الحديث الوارد بلفظ الدعاء . وقد قدمت أن الأول محمول عليه ، وإن كان لفظه لفظ الخبر.
ويحتمل أن يكون دعا لامته بطريق التعميم، فاستجاب الله دعاءه في بعضهم ، فيكون من العام المخصوص . ويحتمل أن يكون أراد بلفظ : أمتىى طائفة مخصوصة كأصحابه مثلا، أو صفة مخصوصة كالخيار مثلاء فيكون من العام الذى أريد به الخصوص والأول قد يوجه بأن الصحابة رضى الله عنهم لم يموتوا كلهم بالأمرين ولا يأحدهما فقط . وكذلك الخيار فإن الكثير منهم يموتون بغيرهما وقريب من الأول دعاؤه للمؤمنين بالمغفرة مع أنه ثبت
بالأدلة القطعية عند أهل السنة أن طائفة منهم يعدبون ، ثم يخرجون من النار بالشفاعة وفى عكس ذلك دعاؤه. أن لا يهلك أمته بسنة عامة ، وأن يهلكهم بالغرق ، وأن الا يلبثهم شيعا . . الحديث، فاعطى الثنتين الأوليين ومنع ما عداهما أخرجه مسلم بمعناه من حديث سعد بن أبى وقاص وأخرج أيضا من حديث ثوبان مرفوعا ، فى أثناء حديث -: » . .
وإنى سالت ربى أن لا يهلك أمتى بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهن عدوا من غيرهم ، وأن لا يلبشهم شيعا ويديق بعضهم بأسن بعض . فقال لى : يا محمد ، إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإنى أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ، وأن لا أسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيح بيضتهم ، حتى لا يكون بعضهم بهلك بعضاء، وأخرج ابن مردوبه في تفسير سورة الأنعام ، في هذه الأية ، من حديث ابن عباس رضى الله عنهما عن الني قال: دعوت الله أن ا يرفع عن أمتى أربعاء فرفع [عنهم ] اثنتين ،
وأبى أن يرفع عنهم اثنتين : دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء ، والخسف من الأرضل ، وأن لا يلبسهم شيعا، ويديق بعضهم بأس بعض . فرفع الله عنهم الخسف والرجم ، وأبى أن يرفع عنهم الاخرتين .
وقد أخرج البخارى هذا الحديث عن جابر قال لما نزلت هذه الأية: قل هو القادر على أن يعت عليكم عذابا من فوقكم قال رسول الله أعوذ بوجهك أومن تحت أرجلكم قال : [أعوذ بوجهك] ، أو يلبسكم شيعا ويديق بعضكم بأس بعض قال رسول الله. وهاتان أهون : أو أيسر وحديث ابن عباس الذى ذكرته يفسر حديث جابر هذا ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق من حديث ابى بن كعب فى قوله تعالى عذابا من فوقكم قال: ارجم أومن تحت أرجلكم قال: الغرق انتهى وقد وقع الرجم والخسف والغرق وتسليط العدو الكافر على بعض الأمة وعلى بعض البلاد، فدل على أن المراد بنفي ذلك عن الأمة نفيه عن جميعهم ، وأن وقوع ذلك لبعضهم لا يقدح في صحة الحديث ، لصلاحية اللفظ لإرادة الكل والبعض فكذا يقال في حديث البأب: اللفظ صالح لإرادة الكل
والبعض ، فدل الواقع على أن المراد البعض ، كما دل الواقع في ذاك على أن المراد الكل ، وليس المراد بالكل، جميع الأمة من أولها إلى أخرها وإنما المراد به جميع من يكون موجودا في عصر من الأعصار ، في جميع البلاد من الأمة المحمدية ، بحيث تنفرض أمة الإجابة ، ولا يبفى - مثلا- من الناس إلا أمة الدعوة . وهذا لا يقع إلا بعد وقوع الآيات ، وموت عيسى بن مريم ] ، عليه الصلاة والسلام ، وقبض أرواح من يوجد إذ ذاك من أهل التوحيد ، فلا يبقى على وجه الأرض من يقول : إلا إله إلا اللهه ، فأولئك تقوم عليهم الساعة ، كما ثبت فى الحديث الضحيح . وأما ما قبل ذلك ، فللغلماء فيه واختلاف فى مسالة : هل تخلو الأرض من قائم لله بالحجة2، ليس هذا موضع إيراده .
وزعم بعض من تأخر أن المراد بالحديث فناء الأمة في أخر الزمان ، وأن الطعن يقسر الهزج المذكور في الحديث الأخرة فقد جاء فيه أنه القتل، وأن المراد بالطاعون الريح التي تقبض أرواج المؤمنين . قال د فقد جاء في بعض الطرق أنهاء وتأخذهم في أباطهم. ولا يخفي تكلف هذا الحمل وتعسفه ، ولولا خشية الأغترار به ما عرجت عليه ، ومن تأمل سياق الأحاديث التي سنذكرها في الباب الثالث عرف فساد ما قال: ويكفى في رده إطباق أهل العلم على أن الموت بالطاعون فضيلة ، ومقتضى كلامه أنه لا فضيلة فيه ، بل هو محض إخبار بما سيقع أخر الزمان .
وممن نحا إلى أن المراد ب [الأمةا في حديث الباب الصحابة،
أبو العباس القرطبى في وكتاب المقهم فى شرح مسلما ، فقال بعد أن نقل قول أبى قلابة : إن المراد في حديث معاذ بأن الطاعون ادعوة نبيكم ، أنه عليه الصلاة والسلام دعا أن يجعل فناء أمته بالطعن والطاعون . كذا جاعت الرواية عن أبى قلابة بالواو. وقال بعض علمائنا الصحيح بالطعن أو الطاعون ، بأأوه التى هي لأحد الشيئين ، أى لا يجتمع ذلك عليهم .
قلت مز العالم الذى أبهمه هو إعياضه ، وهذه عبارته في إشرح مسلم فقال ز الصحيح من الرواية أنه أخبره جبريل أن فناء أمته بطعن أو طاعون، فقال: اللهم فناء بالطاعون . قال: وهذا الذى يوافق حديثه الأخر أن لا يجعل بأسهم بينهم ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، انتهى قال القرطبى .: ويظهر لى أن الروايتين صحيحت المعنى . وبيانه أن مراد النتى بذأمتهه المذكورة في الحديث [إنما] هم أصحابه ، لأنه دعا لأمته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأجيب إلى ذلك فلا يذهب جميعهم بموت عام ولا عدو وعلى مقتضى الدعاء في حديث أبى قلابة ، يفنى جميعهم بالقتل والموت العام ، فتعين أن يصرف إلى الصحابة ، لأنهم الذين اختار الله لمعظمهم الشهادة بالقتل فى سبيل الله ، وبالطاعون الذى وقع في زمانهم فهلك
به بقيتهم . فعلى هذا فقد جمع الله لهم كلا الأمرين ، فتبقى، [الواوا على أصلها من الجمع ويحتمل أن تكون الرواية بأوا ، وهى تحتمل التنويع ولا تبعين للتخير ، انتهي كلامه .
وقد يعترض غليه بأنه قد مات جمع كثير من الصحابة بغير الطعن والطاعون ، لكنه غير وارد، لأنه إذا ساع تخصيص عموم الأمة بالصحابة ساع تخصيص الصحابة بطائفة منهم ومن التأويل المستبعد حمل لأمتىه على أمة الدعوة . ذكره الشيخ بدرالدين الزركشى فى وجزءه جمعه في الطاعون ، فقال ويحتمل - والله أعلم ذ أن م المراد ب والأمةة أمة الدعوة لا أمة الإجابة ، ويشهد له ما ورد أن سبب الطاعون ظهور الفواحش قلت . ولا يخفى بعده أيضا بل يرد عليه ما ورد على الأول، فإن معظم أمة الدعوة لم يموتوا بالقتل والطاعون . بل يفسده أن ظهور الفواحش لا يختص بأمة الدعوة بل يشركها فيه بعض أمة الإجابة ، ويفسده أيضا قوله في بعض طرق الحديث كما تقدم : قتلا في سبيلك . فدل على أن المراد أمة الدعوة . نعم لو قيلن المزاد بأمتى ما هو أعم من أمة الدعوة والإجابة لكان متجها ، وسنياتى ما يقويه إن شاء الله تعالى وروى أبو بكر الرازى في كتابه أأحكام القران» ، عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ن أنه لما جهز الجيوش إلى الشام قالن اللهم أفنهم بالطعن أو الطاعون .
وروى ابن أبنى الدنيا عن كردوس التعليى قال: لمنا وقع
الطاعون - يعنى بالكوفة - قال المغيرة بن شعبة : إن هذا العداب قد وقع فاخرجوا عنه . قال : فذكرته لأبى موسى فقال : لكن العبد الصالح أبو بكر الصديق قال : اللهم طعنا وطاعونا في مرضائك وهذا يؤيد ما تقدم أن المراد بالمدعو لهم الصحابة .
وقول أبى بكر رضى الله عنه ، في حديث أبى موسى رضى الله عنه هذا: اللهم طعنا وطاعونا في مرضائك، دعاء به للجيوش الذين جهزهم ، جمعا بين الخبرين . وكأنه لما رأهم على حالة الاستقامة خشى عليهم الفتنة ، فأحب أن يكون موثهم على الحالة التي خرجوا / عليها قبل أن يفتنوا بالدنيا ذكره أبو بكر الرازى في كتاب أحكام القران ، وكان أبا بكر الصديق سمع الحديث المرفوع فتاسى به .
وقد استبعد الشيخ تفى الدين بن تيمية - فيما نقله المنبجى فى والجزء الذي جمعه في الطاعون - حمل قوله : واجعل فناء أمتى . .
على الصحابة فقط ، وقال: متى سلم ذلك ، تطرق إلى كل حديث أضيف إلى الأمة ، انتهى والحق أن أصل الدعوة للصحابة ، ولا يمانع من إلحاق غيرهم بهم في الفضل المذكور ، والله تعالى أعلم قال ابن تيمية : ولا يعارض حمل الحديث على عموم الأمة حديث أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
إن الله أجاركم من تلات : أن يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا وأن يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن تجتمعوا على ضلالة . أخرجه أبو داود .
قلت وسندة حسن ، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين، وهى مقبولة . وله شاهد من حديث أبى : بصرة الغفارى ، أخرجه أحمد ورجاله تقات ، إلا أن فى سنده راويا لم يسم ولم يذكر وجه عدم المعارضة ، ومراده به ما تقدم من حمل قوله أمتى على الخصوص وإن كان لفظه عاما أو يقال: دعاؤه بأن . يكون فناؤهم بالطعن والطاعون ، ليس دعاء عليهم بالهلاك وإن كان من لازمه الهلاك، وإنما المراد حصول الشهادة لهم بكل من الأمرين. ولهدا إذا وقع الموت بأحد الأمرين لا يقعع ، عاما لجميع المؤمنين فى كل قطر، إذ لو وقع ذلك لخلت الأرض من المؤمنين، وإنما يقع بالتدريج ، كثيرا كان أو قليلا ، سواء طغين المعركة وطعين الوباء ، والله أعلم .
ومما يؤيد حمل قوله : [اللهم اجعل فناء أمتى . . ) على الصجابة أيضا ما أخرجه أحمد من طريق عبدالرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه ، عن عوف بن زمالك الأشجعى رضى الله عنه قال: أتيت النبي فسلمت عليه ، فقال : وادخل قلت : كلن اأو بعضى قال : وبل كلك قال : اعدد يا عوت سا بين يدى الساعة ، أولهنز موتي .فاستبكيت حتى جعل يسكتتى . قال: قلت.
إحدى . والثانية: فتح بيت المقدس. قال: قلت : اثنتين .
والثالثة : موثان يكون فى أمتى ، يأخذهم مثل قعاص الغنم ، والرابعة : فتنة تكون فى أمتى فعظمها . والخامسة : يفيض المال فيكم ، حتى إن الرجل يعطى المائة دينار فيسخطها والسادسة : هدنة تكون بيكم وبين بنى الأصف فيسيرون إليكم على تمانين غاية .
قلت . وما الغاية؟ قال: والراية ، تحت ثل راية اثنا عشر ألفا فسطاط المسلمين يومشذ فى أرض يقال لهاء الغوطة ، في مدينة يقال لها دمشق .
ورجاله رجال الصحيح . وأصله في اصحيح البخارى من وجه أخر عن عوف بن مالك نحوم، ولفظه: أمونى ، تم فتح بيت المقدس ، وموثان يأخذ فيكم كقعاص الغنم . .الحديث . وقد تكلمت عليه في شرح البخارى . وذكرت فيه أن الحائم خرج من وجه أخر عن عوف بن مالك ، أنه قال فى طاعون عمواس : أن رسول الله قال: اعدد ستا بين يدى الساعة 14 - قال: فقد وقع منهن تلات. يعني موته ، وفتح بيت المقدس ، والطاعون . قال : وبقى تلات . فقال له معاذ: إن لها أمد، ، انتهى
وقد وقعت إفاضة المال فى زمن عشمان رضى الله عنه ، والفتنة العظمى بقتله ، والسادسة لم تقع إلى الأن ، ويشهد لذلك حديث أبى مالك سعدبن طارق الأشجعى ، جن أبيه قال : قال رسول الله .
بحسب أصحابى القتل . أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون ، عنه . وسنده على رشنرط مسلم ، فقد أخرج في كتاب الإيمان من صحيحه حديئا غير هذا بهذا الإسناد وقوله : وحسب بسكون السين -ز أى كاف .
وكذا رويناه في الغيلانيات بعلق من طريق يبزيد بن نهارون ، بلفظ : كفى بأصجابى القتل. فكأنه دعا لهم بذلك ، ليحضا لهم رفع الدرجات وتكفير الخطيات . ويستفاد منه مع ذلك ثبوت فضل من مات فى الطاعزن ، للعلم بأنه يلة لا يختار لأصحابه إلا ما يرغب فيه ويحصل خير الأخرة والله أعلم
[الفصل الخامس] ذكر بيان لفظة وقعت فى هذا الحديث ، حديث أبى موسى وغيره - على ما قيل : فكثر السؤال عن معناها جميع ما وقفت عليه من الرواات في حديث أبى موسى ، وفى حديث عائشة وفى حديث ابن عمر، بلفظ:، وخز أعدائكم أو بلفظ ، وطعن أعدائكم . واشتهر على الألسنة أنه ورد أيضا: وخز إخواكم .
ورأيت فىي كراسة جمعها الشيخ بدر الدين الزركشى رحمه الله بى مسالة الطاعون ، ما نصه : روى الإمام أحمد والطبرانى في معجمة الكبيرة ، من حديث عبدالله بن الخرت ، عن أبى موسى الأشعرى أنه سمع رسول الله يقول : افناء أمتى بالطعن والطاعون . قالوا : أما الطعن فقد عرفناه ، فما الطاعون ] قال: طعن أعدائكم من الجن ، وفى كل شهادةه . هذا لفظ الطبرانى ، وفى لفظ أحمد : وإخوانكم ، انتهى وما نسبه إلى أحمد غلط في السند وفى المتن:
أما السند فما أخرجه أحمد من رواية عبدالله بن الحرت أصلا وإنما أخرجه من ثلاث ظرق .
أحدهاز من رواية سفيان . وهو الشورى ، ، عن زيادبن علاقة عن رجل ، :عن أبى موسى . وهى فى أوائل الجزء الأول من مسند أبى موسى ، من امسند أحمده ، وهو الجزء التاسع من مبنبند الكوفيين من أصل ومسند أحمد .
ثانيها : من رواية شعبة ، عن زيادبن علافة قال - حدثنى رجبن من قومى - قال شعبة ، كنت أحفظ اسمه - قال : كنا على باب عثمان ننتظر الإذن عليه ، قسمعت أبا موسى . . وهى فى الجزء الحادى بعشر من مسند الكوفيين، وهو الثالث من مسند أنى موسى ثالثها : من زواية أبى بكر النهشلي ، عن زيادبن علافة عن أسامة بن شريك قال : خرجنا في يضع عشرة من بنى تعلية ، فإذا نحن بأبى موسى . . وهى عنده عقب رواية شعبة ، كأنه لما رأى قول شعبة : إكنت أحفظز اسمه ، أورده بعده ليبين الاسم المذكور وأما المتن .
فليس فى شنء من الطرق الثلاثة المذئورة بلفظ إخواكم أصلا ، وإنما هو بلفظ : وأعدائكم. ففى رواية سفيان: وخز أعدائكم
من الجن ، وفى رواية شعبة إطعن أعدائكم من الجن] ولم يسق لفظ رواية النهشلى . وقد ساقها البزار بلفظ :، أعدائكم .
ثم استظهرت بنسخة أخرى من مسند أبى موسى من مسند أحمد رحمه الله ، فوافقت الرواية التي تقلت منها . تم راجعت ترتيب مسند أحمد الذي جمعه الحافط أبو بكر بن المحب ، وحشاه الحافظ عماد الدين ابن كثير ، فما وجدته إلا من الطرق الثلاثة من غير مزيد، ليس هو من رواية عبدالله بن الحارث عن أبى موسى أصلا وكذا لفظ المتن كما وصفته بلفظ : أعدائكم لا بلفظ : إخوانكم .
ثم راجعت والمعجم الكبيرة للطبرانى ، فوجدته أخرجه من طرق .
الأولى : رواية أبى بكر النهشلى ، عن زيادبن علافة ، عن أسامة بن شريك . عن أبى موسى . . ولفظه: [وخز أعدائكم من الجن .
الثانية:، زواية أبى بلج ، عن أبى بكر بن أبى موسى ، عن أبيه . .
وقد تقدمت كذلك .
الثالثة - رواية عبد الرزاق ، عن الثورى ، قال فيها: عن زياد بن علافة، عن رجل مبهم ، عن أبى موسى . . وساقها مثل رواية أحمد سواء .
الرابعة : رواية إسماعيل بن زكريا عن التوري ومسعر جميعا عن زياد بن علافة عن يزيد بن الحارث ، عن أبى موسى . . وقد
تقدمت ، بلفظ : وخز أعدائكم . ومثله رواية أبى مريم ، عن زيادبن علاقة . . وقد تقدم سياقها .
الخامسة : رواية الحكم بن عتيبة ، عن زيادبن علافة الثعلبى ، عن رجل من قومه ، عن أبى موسى . . ولفظه: قال : وطعن أعدائكم من الجن السادسة : رواية إسرائيل ، عن زياد عن رجل من الحى ، . عن أبى موسى . . بلفظ : طعن عدوكم . وقد تقدم سياقها أيضا هذا جميع ما في مسند أبى موسى ، من المعجم الكبير للطبراني ، لم يقبع فية من رواية فعبدالله بن الحارث1 عن أنى موسى ، ولا بلفظ :: وإخوانكم .
نعم ، ذكر الطبرانى في والمعجم الأوسط ، بعد أن ساقهر من رواية الحكم ، عن زيادبن علافة ، عن رجل ، عن أبى موسى ما نصهن رواه التورى وهسعر وإسرائيل ، عن زياد بن علافة عن عبد الله بن الحارث عن أبى زموسى . . كذا رأيت فيه ، والصواب : من رواية هؤلاء ، عن زيادبن علافة ، عن يزيد بن الخارث ، لا عن جعبد الله بن الحارث . وما أظن الوهم إلا من النسخة التي من الأوسط، ، فإنها غير مقابلة والله أغلم ثم وجدت الحديث في مسند أبى حنيفة رحمه الله للحارتى وفى ومعانى الأخباره للكلاباذى ، أخرجاه جميعا بإسناد واحد إلى سليمان الجوزجانى قال: تنا محمد بن الحسن قأل: أنبا أببو حنيفة قال: تنا زياد بن جلافة ، عن عبدالله بن الخارث ، عن أبى موسى
الأشعرى قال : قال رسول الله . ففناء أمتى بالطعن والطاعون.
قيل : يا رسول الله ، الطعن قد عرفناه، فما الطاعون ] قال: وخز أعدائكم من الجن ، وفى كل شهيد . فهذا من رواية وعبد الله بن الحارث مع شدوده ، لكنه بلفظ : أعدائكم ه أيضا والله أعلم ثم وجدته فى ومسند أبى حنيفةه، جمع أبى بكر بن المقرىء ، أخرجه قال: تنا مفضل بن محمد الجندى قأل: ثنا يوسف بن يعقوب قال : تنا المقرىء - هو عبد الله بن يزيد - قال : نا أبو حنيفة رحمه الله . . فذكر مثله سواء ، إلا أنه قال في أخره : ووفى كل شهادةه . قال ابن المقرىء ، وحدئن، أبو عروبة الحرانى ، وأخوه أبو معشر قالان تنا عمروبن أبى عمرو قال: تنا محمد بن الحسن قال: أنبا أبو حنيفة . فذكر مثله سواء .
وذكر صاحب كتاب وأكام المرجان في أحكام الجان، وهو الفاضل أبو عبدالله محمد بن عبدالله الشبلى الدمشقي الحنفى ، وهو من تلأمذة المزى والذهبى في الحديث ، في الباب الخامس والخمسين من كتابه المذكور ، فى بيان أن الطاعون من وخز الجن ما نصه : روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبى موسى الأشعرى قال : قال رسول الله . وفناء أمتى بالطعن والطاعون.
قالوا : يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ] قال: وخز إخوانكم من الجن ، وفى كل شهادةه . ورواه أبو بكر بن أبى الدنيا في وكتاب الطواعين ، وقال فيه : ووخز أعدائكم من الجن انتهى ما نقلته من كتابه . وما أدرى من أين وجده في ومسند أحمده تذلك
والموجود فيه ما ذكرته ، وأظن الزركشي اعتمده ، لكن تعبينه الراؤى عن أبى موسى . اوهو عبد الله بن الحارث - قدر زائد على كلام الشبلي ثم رأيت في والجزءه الذي جمعه المنبجى بعد أن حكى كلام الشبلي : كذا قال ، وقد كشفت عنها في والمسندا من نسخ كثيرة موثوق بها ، فما رأيتها في المسنده من حديت أبى موسى إلا بلفظ أعدائكم ه قال : أولم أره في وكتاب الطواعين لابن أبى الدنيا والظاهر أن الشبلي وهم فى ذلك قال : وقد عزاه بعضهم لأبى القاسم عبدالرحمن بن أبى عبد الله بن منده، فالله أعلم .
قلت . قد دير المتن بلفظ إخوانكم ، لم قديما أبو عبيد الهزوى في كتاب الغريبين له ، فقال فى مادة [وخزه ما نصه : وفى الحديث، «وخز إخوانكم، وهو طعن غير نافد قال : وقد ورد فى بعض طرقه .
إطعن أعدائكم ، وهو محمول على ذلك - انتهى كلامه .
وتبعه أبو البعادات المبارك ابن الأثير فى النهاية في غريب الحديث فقال ما نضه فيه ، وخز إخوانكم من الجن ، الوخز: طعن ليس بنافد .
وقولهما أن الوخز وطعن غير نافده صحيح . وأما الرواية بلفظ .
إخوانكم فما عرفت موضعها من كتب الحديث
وقد راجعت كتاب أبى عبيد في وغريب الحديثه . ثم اكتاب أبى محمد بن قتيبة في ذلك ، وهو كالديل على كتاب أبى عبيد . ثم كتابه أبى سليمان الخطابى في ذلك ، وهو كالديل على كتاب ابن قتيبة . ثم اكتاب قاسم بن تابت السرقسطى فى ذلك ، وهو كالديل على كتاب ابن قتية أيضا فلم أره فيها أصلا ولا فى والفائق للزمخشرى ، وكذلك فغريب الحديث لإبراهيم الحربى ، وهو أوسع هذه الكتب كلها - ومع ذلك ما أكمله - فلم أجده فيها، .
نعم ، قد ورد وصف الجن بكونهم إخوان الإنس في حديث صحيح غير هذا ) وهو ما أخرجه مسلم من رواية عامر . وهو الشعبى قال : سالت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله ليلة الجن. فذكر الحديث، وفى أخره . . وسألوه الزاد فقال : آكل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف . فلا تستتجوا بها، فإنها طعام إخوانكم. وأخرجه أبو داود كذلك ، لكن وقع فى رواية : وكل عظم لم يذكر اسم الله عليه .
وحكى السهيلى عن بعضهم أنه جمع بين الروايتين : بأن الأولى
فى حق مؤمنى الجن، والثانية فى حق كافريهم . وهذا جيد لو تعدد مخرج الحديث ، أما مع اتجاد مخرجه فلا ، والله أعلم ، طريق أخرى فى كون الطاعون من الوخز ذكر الزمخشزى في والفائقه عن معاد قال: لما قدم - يعنى .
من اليمن - وأصابهم الظاعون ، قال عمروبن العاص : لا أراهإلا رجزا وطوفانا . وروى أنه قال: إنما هو وخز من الشيطان. فقال له معاذ: إليس برجزا ولا طوفان، ولكنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم الحديث .
قال الزمخشرى . الرجز والرجس : العذاب . ثم بقل عن بعض اللغويين، أنه الأمر الشديد ينزل بالناس . وهو من قولهم :، ارتجزب السماء بالرعد وارتجست . ورعد مرتجز ومرنجس ، وهو حرشة مع جلبة ، لأن العذاب النازل لا يد فيه للمنزول به من أن يضطربوا ويجلبوا . قال: والوخز بفتح الواو وسكون المعجمة بعدها زاى ويقال بدل الزاىن ضاد معجمة ، أو طاء مهملةه بمعنى -. وهو الطعن : قال: وكانت العرب تسمى الطاعون : ورماح الجن . وأراد بقوله : ودعوة نبيكم ] حديثز [اللهم اجعل فناء أمتى بالطعن والطاعون ، انتهى وحديث معاذ المذكور سياتى سياقه من مسند البزار فى الباب الرابع . ولكن الرواية التي فيها، [وخز من الشيطانه ما وقفت عليها بعد ثم وجدتها في وعيون الأخباره لأبى محمد بن قتيبة ، وقال فيه : العرب تدعول الطاعون رماح الجن . قلت . وهذا يحتمل أن يكون نقلا
عن العرب الإسلاميين الذين تلقوا ذلك عن النبي، وإلا فلوكان ذلك معروفا عند العرب قبل الإسلام ، لما احتاج الصحابة أن يسالوا النبي عن الطاعون ، كما تقدم في حديث أبى موسى . ويمكن أن يجاب أن الذين سالوه عن ذلك لم يكن من لغتهم ، والله تعالى أعلم ذكر كيفية الجمع بين قوله : ووخز أعدائكم ، وقوله : وخز إخوانكم ، على تقرير صحتها ومحصل ما رأيته من الأجوبة خمسة أوجه ، الوجه الأول : ذكره الشبلى عقب كلامه المتقدم فقال: ولا تنافى بين اللفظين ، لأن الأخوة فى الدين لا تنافى العداوة « لأن عداوة الجن للإنس بالطبع وإن كانوا مؤمنين، فالعداوة موجودة ، انته .
ويمكن أن يستشهذ له بقوله تعالى : { وقلنا أفطوا بصله لبعض عدو ، الخطاب لأصل الإنس أدم وحواء ، ولاصل الجن إبليس وقوله تعالى : افتتخذونه وذريته أوليا من دوني وهم لكم عدو وحاصل هذا الجواب: أن الجن يوصفون بكونهم أعداء الإنس ، سواء كانوا مؤمنين أو كافرين. وكأنه استشكل لفظ أعدائكم ه فأجاب عنها ، وأقر لفظ وإخوانكم فلم يستشكلها ولم يتعرض لتفسيرها ، وهو خلاف ما يفهمه غيره .
الوجه الثاني : ذكره الزركشى عقب كلامه المذكور ، فقال: إن صحت الروايتان ، احتمل -. والله أعلم في الجمع بينهما أن زواية
أعدائكم ، م طعنز الكافرين منهم للمسلمين من الإنس . ورواية وإخوانكم طعن المسلمين منهم للكافرين من الإنس، انته وأظنه منتزعا من جواب السهيلى الماضى في الجمع بين زواية مسلم وأبى داود ثم وجدت الجواب بعينه فى وجزءه المنبجي المذكور ، وكان الزركشى ظفر به - كعادته -، وهو جمع لا بأس به ، إلا أنه يلزم منه أن يجون المراد بكل طريق من الطريقين طائفة مخصوصة غير الأخزى . وهذا لوكان مع اختلاف مخرج الطريقين لسهل الأمر، وحمل على أنهما حدثان ، لكن الطريق متحجد، وفى ذلك قرينة ترشد إللى أن الاختلاف في لفظه من بعض روائه ، وإلا أورده مرة باللفظين معا ليضح التوزيع الوجه الثالث : بلغنى عن الحافط عماد الدين ابن كثير أنه سئل عن ذلك فأجاب بما خاصله :، إن الرواية بلفظ أعدائكم محمولة على المباشرة ، والرواية بلفظ وإخوانكم محمولة على السبب . وبو مبتتى على أن المخاطب ابذلك المؤمنون فقط ، وأن الطعن يقع من كافرى الجن فقط ، لكن تنارة يكون يمحض العداوة للإنس فيباشر الجنى الكافر طعن الإنسى المؤمن ، وتارة [يقع] بسبب وقوع أمر بين مؤمنى الجن وكافريهم - مثلا - فيعجز الكافر منهم عن مقاومة المؤمن منهم ، فيقتض من إنسى مؤمنن فيكون الجنىي المؤمن سبيا لوقوع ذلك بالإنسى المؤمن واستشهد لصحة هذا الجمع بقوله تعالى ، { ولا تسبوا
الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم وبالحديث الذى فيه التخذير عن سب الرجل أباه ، قالوا: وكيف يسب الرجل أباه قال: ويسب أبا الرجل فيسب أباه . الحديث . قلت .
وهو جوات لا بأس به أيضا إلا أنه يرد عليه نحوما ورد على الذى قبله .
الوجه الرابع : ظهر لى ولم أره منقولا ، وهو أن يحمل اختلاف اللفظ على أنه من تصرف الرواة ، لاتحاد مخرج الحديث - كما تقدم - بناء على أن كلا من اللفظين يفيد ما يفيده الأخر من المقصود . فحيث جاء بلفظ [أعدائكم ] فهو على عمومه ، إذ لا يقع الطعن إلا من عدو في عدوه ، ويكون الخطاب لجميع الإنس بأن الطعن يقع من كافرى الجن فى مؤمنى الإنس ، أو من مؤمنى الجن في كافرى الإنس ، ويشهد له حديث أبى غسيب الماضى ذكره أنه شهادة للمسلم ورجز على الكافر . وحيث جاء بلفظ وإخوانكم « فهو على عمومه أيضا لكن المعنى به أخوة التقابل ، كما يقال: الليل والنهار أخوان ، والشمس والقمر أخوان . أو أخوة التكليف، فإن الإنس والجن هما الثقلان بنص الفرأن ، لأاشتراتهما في التكليف.
قال ابن عبدالبر في والتمهيدة : الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون . وقال ابن حزم في الملل . جاء النص بأن الجن أمة عاقلة مميزة مكلفة موعودة متوعدة متناسلة يموتون، وأجمع المسلمون كلهم على ذلك . نعم ، والنصارى والمجوس واليهود إلا السامرة فقط . وقال الإمام فخر الدين في والتفسيرة : أطبق الكل - يعنى من أثبت م وجود الجن - على أن كلهم مكلفون ، انتهى
فإطلاق وإخوانكم ه من هذه الحيثية يشمل جميع الجن فيصح وصف من يقع منهم الطعن في الإنس بذلك كلفظة والأعداء . وبهدا يجاب عن حديث الزاد، فإنه جاء بلفظ وإخوانكم في جميع طرقة دون لفظ أعدائكم . والمراد به جميع الجن - مؤمنهم وثافرهم فإنهم مشتركون في كون ذلك زادهم ، والله أعلم .
ثم رأيت حاصل هذا الجواب فنقولا في جزء . جمعه الشيخ أبو عبدالله المنبجى زتم الصالحى الحنبلى في الطاعزن ، ولفظه: قال بعض المتأخرين : ليس المراد أخوة الدين ، وإنما المراد أخوة التقابل ، فالإنس والجن متقابلان لأنهما الشقلان، هذه عبارته ، والله أغلم وقد أجاب بعض قدماء المفسرين عن قوله تعالى : ياخت هرون قال : أراد أخوة التشابه لا أخوة النسب ، وثأن في ذلك الوقت رجل يقال له هارون إما صالح وإما طالح ، على اختلاف الرواية في ذلك ، فشبهوفا به . فيمكن أن يجىء مثل ذلك هنا ء لان الجن والإنس متشابهان فى التكليف ، كما تقدم .
الوجه الخامسن : ذاكرنى به بعض الفضلاء ، وهو أن تحمل ، الإضافة في رواية وخز أعدائكم على أنها، إضافة إلى الفاعل ، وفنى رواية إخوانكم على أنه، إضافة إلى المفعول . والمراد بالأول ما يقع في الإنس من الجن ] وبالشانى ما يقع في المؤمنين من الجن . ولا يخفى تكلف هذا الجواب وبعده .
ويمكن إثبات وجه سادس ، يستبط من معنى حديث ذكرته ل في أخر الباب الثالث ، فليراجع منه .
تكملة تتعلق بقوله : ووفى كل شهادة ، وفع لى تردد في الفاسق ما يكون حكمه وبأى الفريقين يلتحق وأعنى بالفاسق مرتكب الكبيرة ، إذا هجم عليه ذلك وهو مصر فإنه يقال : لا يكرم بدرجة الشهادة ، لما هو ملتبس به ، فقد قال سبحانه وتعالى . أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذن ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ويحتمل أن يقال: تحصل له ذرجة الشهادة ، لعدم التقييد في الأخبار الواردة ، فى أنه شهادة للمسلم بوصف زائد على الإسلام ومن الأحاديث العامة فى ذلك حديث أنس في والصحيحين: والطاعون شهادة لكل مسلم» : فإنه صريح فى العموم . ولا يلزم من حضول ذرجة الشهادة لمن اجترح السيئات أن يساوى المؤمن الذى عمل الصالحات فى المنزلة، فإن ذرجات الشهداء متفاونة ، كنظيره من عصاة المؤمنين إذا قتله الكافر مجاهدا فى سبيل الله ، لتكون كلمة الله هى العليا ، مقبلا غير مدبر، فإنه شهيد لا محالة ، ولو كانت له ذنوب أخرى لم يتب منها . فسياتى في الباب الثالت حديث عتبة بن عبد، المصرح بأن من اقترف الذنوب والخطابا ، وجاهد بنفسه وماله حتى يقتل فى سبيل الله تنمحى خطاياه ، إن السيف محاء للخطايا
نعم ، ثبت الخديث الصحيحز أن الشهيد يغفر له كل دنب / إلا الذين وفى معن الذينه سائر التبعات المتعلقة بالعباد .، وأما ما أخرجه ابن ماجة من حديث أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول : اشهيد البحر مثل شهيدى البر الحديث، وفيه: وويغقر لشهيد البر الذنوي كلها إلا الذين ، ولشهيد البحر الذنوب والدين ، فهو حديث ضعيف : لضعف راويه عقيربن معدانه . فإن كان تابا فهو خاص بالغريق الذى يخرج مجاهدا فى سبيل الله ، فإنه يجتمع له سببان للشهادة القتال في سبيل الله والغرق .
ويمكن أن يقتال: أفاد الاستثناء أن حقوق العباد لا تسقط بمجرد حصول الشهادة . وأفاد الإثبات الإشارة إلى أن الله تعالى قد يهب للشهيد من مزيد الثواب بسبب الشهادة ما يوفى معه من حسناته حق من له فى قبله مظلمة ويتوفر له تواب الشهادة خالصا والحاصل : أن وجنود التبعات لا يمنع حصول الشهادة لأن الشارع قد رتب الثواب على صفة معينة ، فإذا حصلت للمؤمن عند مونته حصل له ذلك الثواب ، فضلا من الله وإحسانا ووفاء بوعد الله ، والله لا يخلف الميعاد وليس للشهادة معنى إلا أن الله تعالى يثيب من حصلت له ثوابا مخصوصا، ويكرمه كرامة زائدة .
وقد بين الحديث أنه يكفر دنوبه المتعلقة بحقوق الله اتعالى ويتجاوز عنه الإخلال بها ، بأن يترك معاقبته عليها : فإذا فرض أن
الشهيد له أعمال صالحة ، وقدكفرت الشهادة أعماله السيتة غير / حقوق العباد، فإن أعماله الصالحة تنفعه فى موازنة ما عليه من الحقوق والتبعات ، فيوفى ما عليه من أعماله الصالحة بمن الله ورحمته .
ولا يلزم من حصول الشهادة سقوط حقوق العباد، فإن عدم بقاء شىء من التبعات على السالم من الذين ، إنما هو من ضرورة الواقع لا من جزاء الشهادة . ومثال ذلك أن بعض خواص الملك لو ظلم أخر من أخصائه - مثلا - فاقتض الملك منه للأخر حقه ، لم ينافيى ذلك إكرام لمن اقتض منه بل الواقع أن كثيرا منهم ببالغ فى إكرام بعض أخصائه ، ويستوفى مع ذلك منه حق من ليس من أخصائه ، إيثارا للعدل ومحبة في الإنصاف . فكيف بمن لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها.
وعرف بهذا التقرير أن فائدة الأستناء فى قوله : إلا الذين الإشارة إلى التفرقة بين من لا تبعة عليه ، فلا يعوقه شىء عن التنعم بثواب الشهادة ، وبين من عليه تبعة، فيتعوق ويتنغص بسبب التبعة إلى أن يوفيها لصاحبها ويؤيد ذلك حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله. وإذا خلص المؤمنون - يعنى من الصراط - حبسوا عند قنطرة بين الجنة والنار، يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن لهم في دخول الجنة الحديث . متفق عليه .
فلا شك أن مرتبة هؤلاء الذين يحبسون عند القنطرة دون مرتبة من يؤذن له فى دخول الجنة بغير تعويق .
ذكر الجواب عن إشكال وقع فى كون الطاعون من وخز الجن ذكر القاضى تاج الدين السبكى في اجزءه جمعه فى الطاعون ، بعد أن ذكر حديث أبى موسى المذكور ، ما ملخصه، ، لو ثبت هذا الحديث للزم أن لان يقع الطاعون فى شهر رمضان، لأن الشياطين تصفد فيه وتغلغل ، كما تبت في الصحيح قال، : لكنه قد وقع الطاعون فيه ، بل شاهدناه فى شهر رمضان أثثر منه في غيره ثم أجاب: بأن الحديث ليس فيه أن الشياطين تبطل أعمالها فيه بالكلية ، بل يحصل بذلك لها المنع من معظم العمل . قال : ويحتمل أن يقال : إنهم طعنوا قبل دخول شهر رمضان، ولم يظهر التأثبر إلا بعد دخول شهر رمضان . قال: وهذا بعيد .
ثم قال : وخطز لى أن يقال: إن تصفيد الشياطين إنما هو عما يترتب عليه من ابن أدم إثم من تحسينهم الفجور لاين أدم ليقع هو فيه . وأما ما لا يترتب عليه إثم ، بل يثاب المرء عليه -كالطاعون مثلا فلا يمنعون منه ، كما لا يمنعون مما لا يترتب عليه إثم ولا تواب كالاحتلام ، انتهى وقد تكلم العلماء قديما على هذه المسالة ، واستشكلول تصفيد الشياطين فيه من جهة أخرى وهى المعاصى ، كالكبائر وغيرها من بني أدم فيه . قال عبدالله بن أحمد سالت أبى عن هذا الجديث، وقلت له : فالرجل يوسوس له فى رمضان ويصرع فقال : هكذا جاء الحديث
وقد استوغبت الكلام على ذلك في افتح البأرى، ، وهذا ملخصه ، قال الخليمىي : يحتمل أن يكون الذين يسلسلون من الشياطين مسترقو السمع منهم ، وأن تسلسلهم يقع فى ليالى رمضان دون أيامه ، لأنهم كانوا منعوال فى زمن نزول الفرأان من استراق السمع مطلقا، في رمضان وفى غيره ، فزيدوا التسلسل فيه مبالغة في التحفظ .
قال : ويحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون فيه إلى إفساد المسلمين ، مثلما كانوا يخلصون في غيره، لاشتغال المسلمين بالصيام الذى فيه قمع الشهوات به ، وبقراءة القران، والذكر والصلاة، انتهى وقال ابن خزيمة : المراد بالشياطين في الحديث بعضهم لا كلهم ، وترجم لذلك في وصحيحهة ، وأورد ما أخرجه - واللفظ له - والترمذي وصححه والنساني والحائم ، من طريق الأعمش ، عن أبى صالح ، عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله. وإذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صقدت الشياطين بغير قيد . وفى رواية الترمذي . وصفدت الشياطين ومردة الجنة ، ب الواو العاطفة .
وعند النسائى من وجه أخر، عن أبى هريرة بلفظ : وتغل فيه مردة الشياطين .
وقوله : صقذت - بضم أوله - أى شدت بالأصفاد وهى الأغلال ، وأحدها ضقد - بفتحتين - وهو ما يوثق به الأسير من قيد
أوقد أو عل . وهو بمعنى الرواية الأخرى في والصحيحة وسلسلت الشياطين، ، والمطلق فى البروايات الاخرى محمول على المقيد ب والمردة، فيخرج غير المردة فيحصضل الجمع بأن الوخز فى شهر رمضان يقع من غير المردة وقال عياض ففلى الكلام على أصل الحديث : يحتمل تسلسل الشياطين أمرين: أحدهما: أن يحمل على ظاهره وحقيقته ، وأنه لمنع الشياطين من أذى المؤمنن . ويحتمل أن يكون للإشارة إلى كثرة الثواب ، وأن الشياطين يقل، إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين، ويكون ذلك كناية عن تعجيزهم عن الإغواء وتزينن الشهوات .
ورجح الفرطبى في [المفهم « حملة على ظاهره ، ثم قال: فإن قيل : فكيف ترى الشزور والمعاصى واقعة فى شهر رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك] فالجواب: أنها إنما تغل عن من صام الصوم المعبر بشروطه ومراعاة أدابه . أو أن المصقذ بعض الشياطين .- وهم المردة - لا كلهم . أو المقصود تقليل الشرور فيه ، وهؤ أمر واقعى فإن وجود ذلك فيه أقل منه فى غيره، انتهى كلامه ، والمعتمد الاحتمال الثاني ، على ما تقدم تقريره ، وبه يندفع الإشكال ، والله أعلم
[الفصل السادس] ذكر الدليل على أن الجن قد يسلطون على الإنس بغير الوخز فى رمضان وفى غيره فلا يستنكر تسليطهم بالوخز، وأن الله تعالى قد يدفع بعضهم عن بعضهم ثبت فى الصحيحين عن صفية بنت حيى أم المؤمنين رضى الله عنها ، في قصة اعتكاف النبي في رمضان، فإن النبي قال : إن الشيطان يجرى من ابن أدم مجرى الدم . وهو وإن كان في سياقه أنه مخصوص بالوسوسة ، لكنه يدل على إمكان ما أشرت إليه بطريق عموم لفظه . والدلالة الوجودية فيمن يصرعه الجن من الإنس كثيرة جدا وقد أخرج البزار من حديث سمرة رفعه : فإن للشيطان كحلا ولعوقا ، فإذا كخل الإنسان من كخله شغله عن و الصلاة، وإذا لعقه من لعوقه ذرب لسانه فى الشرة في سنده ضعف يسير، ، ولكن له شاهد من حديث أنس
وروى ابن أبى الدنيا في كتاب مصائد الشيطانه بند صحيح عن أنس رضى الله عنه قال: كانت ابنة عوف بن عفراء مستلقية على فراشها ، فما شعرث إلا بزنجى قد وثب على صدرها ووضع يده على خلقها ، قالت: فإذا صحيفة تهوى بين السماء والأرض ، حتى وقعت على صذرى ، فأخذها فقراها فإذا فيها: من رب لكين إلى لكين ، اجتنب ابنة الصالح ، فإنه لا سبيل لك عليها فقام وأرسل يده من حلقى وضرب بيده على ركبتى ، فاستورمت جتى صارت مثل رأس الشاة . قالت فأتيت عائشة فذكرت ذلك لها فقالت . با ابنة أختى ، إذا حضت فاجمعى عليك تيابك ، فإنه لن يضرك إن شاء الله تعالى . قال: فحفظها الله بأبيها ، إنه كان قتل يوم بدر شهيدا وخرج أيضا بسند ضعيف من طريق الحسن بن الحسن بن على قال: دخلت على الزبيع بنت معود أسألها عن شىء ، فقالت : بينا أنا في مجلسى هذا إذ انشق سففى فهبط على منه أسود مثا الجمل أو قالت : مثل الحمار- لم ار مثل سواده وخلقه وفظاعته.
قدنا منى يريدنى ، وتبعته صحيفة صغيرة ففتحها، فقرأاها : من رب علب إلى علب قالت : فرجع من حيث جاء وأنا أنظز . قال : وأرثنى الكتاب ، وكان عندهم
[الفصل السابع] ذكر الحكمة فى تسليط الجن على الإنس بالطاعون قال ل ابن القيم : فى كون الطاعون وخز أعدائنا الجن حكمة بالغة فإن أعداءنا منهم شياطينهم . وأما أهل الطاعة منهم فهم إخواننا ، والله أمرنا بمعاداة أعدائنا من الجن والإنس ، وأن تحاربهم طلبا لمرضائه ، فأبى أكثر الناس إلا مسالمتهم ، فسلطهم عليهم عقوبة لهم ، حيث استجابوا لهم حين أغووهم وأمروهم بالمعاصى والفجور والفساد في الأرض فأطاعوهم ، فاقتضت الحكمة أن يسلطهم عليهم بالطعن فيهم ، كما سلط عليهم أعداءهم من الإنس ، حيث أفسدوا في الأرض ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم . فهذه ملحمة من الإنس، والطاعون ملحمة من الجن ، وثل منهما بتسليط العزيز الحكيم ، عقوبة لمن يستحق العقوبة ، وشهادة ورحمة لمن هو أهل لها وهذه سنة الله في العقوبات ، تقع عامة فتكون طهرا للمؤمنين وانتقاما من الفاجرين ، انتهي كلامه . وسادكر ما يشيده ويؤيده في الباب الثالث إن شاء الله تعالى
ذكر حكمة أخرى تليق بقسم أخر غير من أشار إليه ابن القيم، قال أبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذى في كتاب معان الأخبار، عقب حديث أبى موسى الذى تقدم سياقه في الطاعون إن الله عز وجل اختص المؤمن لنفسه ، وصرفه فى محابة ، وجعل كل أحواله خيرا له ، وأراد به الخير فى كل ما أضابه من ضراء وسراء وألم ولذة وقيض اله من يواليه إرادة الخير به ، من ملك يستغقر له ونى يشفع له ومؤمن يعاونه . وجعل له من يعاديه إرادة الخير به من شيطان يذله وعدو يقاتله وجنى يخزه . وهو عز وجل للمؤمن حافط وناصر ، ولأعدائه مجز قاهر . والمؤمن هو الذى إذا أصابته سراء فشكر ، فكان خيرا له ، وإذا أصابته ضراء فصبر ، فكان خيرا له .
ثم ذكر جواب إشكال فى تسليط الجن على المؤمن، مع كونه محفوظا في جميع أبوره ، فقال : كما جاز أن يطعنه عدوه الظاهر بالرمح والسيف في وقت ، مع أنه فى أكثر أوقاته قد منعه الله منه بالرعب تارة والقوة والنصر أخرى ى لكنه قد يريد به الخير ونيل ذرجة الشهادة فيقتله العدف وربما استولى العدو أيضا على دار المسلم وماله مع قوله تعالى :. وأنتم الأعلون ، وقوله تعالى . ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا ، فكذلك يجوز أن يطعنه عدوه من الجن ، مع أنه فى أكثر أوقاته قد منعه الله تعالى منه بالمعقبات من الملائكة لكنه قد يريد به الخير ونيل ذرجة الشهادة ، فيمكن من وخزه ، معز قوله تعالى .إن كيد الشيطن كان ضعيفا .
قال : وطعن الإن نافذ وطعن الجن غير نافل قشمى النبى الطعن النافدذ طعناء والطعن غير النافد طأعون] . وأخبر أن فى كل ذلك شهادة .
خاتمة .
قد وردت آثار وحكايات لا تحصى فى تثبيت كون الطاعون من وخز الجن ، من أقربها وقوعا ما حدت به الشريت شهاب الدين بن عدنان ، وهو يومتذ كاتب السر فى القاهرة ، وأظننى سمعته منه ، وقرأت بخط من أثق به قال: وقع الطاعون مرة ، فتوجهت لعيادة مريض فسمعت قائلا يقول لأخر: أطعنه فقال: لا : فأعادى فقال: دغة لعله ينفع الناس : قال: لا بد : قال: ففى عين قرسه قال : وفى كل ذلك التفت فلا أرى أحدا فعذت المريض ورجعت ، فرأيت الفرس انفلتت من الركاب، فتبعوها ، إلى أن ردوها وقد ذهبت عينها من غير أتر ضربة ظاهرة قال: فتحققت صذق المنقول أن الطاعون من وخز الجن ، وكان عندى في ذلك وقفة
[الفصل الثامن] ذكر الآثار الواردة في الأذكار التى تحرس قائلها من كيد الجن فمن ذلك آيات من الفران على ترتيب السور: كحديث أبى شعيد ، وحديث ابن عباس فى الرقية بفاتخة الكتاب ، وهما فى الصحيح.
وعن عبدالملك بن عمير رضى الله عنه قال : قال رسول الله في فاتحة الكتاب : وشفاء من كل داء1 0 أخزجه الدارمى وهو ز مرسل جيد .
وعن أنس رض الله عنه قال : قال رسول الله : فإذا وضعت جنبك على الفراش ، وقرات فاتحة الكتاب و قل هوالله احد . ، .
فقد أبنت من كل شىء إلا الموت . أخرجه البزار وفى سنده راو ضعيف، وعن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله قال:
الشيطان يقر من البيت الذى يقرا فيه سورة البقرةة . رواه مسلم والترمذى والنسائي وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله . وسورة البقرة فيها أية هى سيدة أى الفرأن ، لا تقرا في بيت وفيه شيطان إلا خرج منه ، أية الكرسي . أخرجه الحاكم وهذا لفظه . وأخرجه الترمذى بلفظ أخر واستغربه ، وليس فيه المقصود . وأخرجه الطبرانى وصححه ابن حبان من حديث سهل بن سعد نحوم، وفيه مقصود الباب ، وقال فيه : من قراها فى بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال ، ومن قرأاها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام. وأخرجه أبو عبيد من حديث ابن مسعود موقوفا: والشيطان يفر من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرا فيهه . وأخرجه الحائم موقوفا ومرفوعا .
وللطبرانى من حديث عبدالله بن مغقل بسند ضعيف .
وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه ، عن النبي قال : فإن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفى عام ، أنزل منه أيتين ختم بهما سورة البقرة لا تفرأن في دار ثلاث ليال فيقربه شيطان . رواه الترمذى وحسنة والنانى ، وصححه ابن حبان والحاكم . وأخرجه الطبرانى من حديث شداد بن أوسر .
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : ومن قرا عشر آات من سورة البقرة، لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح، أربع آيات : من أولها وأية الكرسي وأبتين بعدها وخوائيمها رواه الطبرانى ، وزواته تقات إلا أن فيه انقطاعا وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : [وثلنى رسول الله بزكاة ومضان: الحديث، وفيه قول الجنى لابى هريرة : إذا أويت إلى فراشك فاقرا أبة الكرسى :الله لا إله إلا هو الحي القيوم. . حبن تختم الأية ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى / تصبح. وفيا قول النبي : وصدقك وهو تذوبه أخرجه .
البخارى بهذا اللفظ في كتاب الوكالة . وأخرجه النسائي وعن أبى أيوبن الأنصارى رضى الله عنه ، أنه كانت له سنهوة فيها تمر وكانت تجىء الغول فتأخذ منها : الحديث، وفيه قولها لأبى أيوب: لوأية الكرسي ، اقراها في بتك فلا يقربك شيطان ولا غيره . فجاء إلى النبي فقال: وصدقت وهى كذوب . أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب .
وعن أبى بن كعب رضى الله عنه ، أنه كان له جرين فيه تمر . الحديث، وفيه : وفإذا هو بدابة كهيئة الغلام المحتلم فقال: ما أنت) قال: جنى . . وفيه : فقلت : ما الذى يحرزنا منكم قال: هذه الأية أية الكرسي. وفيه قول النبى: وصدق الخبيث أخرجه النساني وأبو يعلى .
وعن بريدة قال: بلغنى أن معادذ بن جبل رضى الله عنه أخذ الشيطان على عهد رسول الله. فسالته ، فقال: نعم . فذكر الحديث ، وفيه : أقبل على صورة الفيل ، قدخل من خلل الباب ، فدنا من التمر . . وفيه : ولقدكنا في مدينتك هذه حتى بعث صاحبكم ، فلما نزلت عليه أيتان نفرنا منهما، فوقعنا بنصيبين ، فلا يقرآن في البيت إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا ، أية الكرسي وخائمة سورة البقرة : { ءامن الرسول . . إلى أخرهاء . فخليت سبيله وغدوت إلى رسول الله فقال: وصدق وهو كذوب . أخرجه الطبرانى بسند حسن .
وعن / ابن مسعود رضى الله عنه قال: خرج رجل من أصحاب رسول الله فلقى الشيطان، فاصطرعا . الحديث، وفيه : سورة البقرة ليس منها أية تقرا فى وسط بيت فيه شياطين إلا تفرقوا ، ولا تقرا فى بيت فيدخل ذلك البيت شيطان . أخرجه ابن أبى الدنيا بنبند حسن .
وعن كعب الأحبار رضى الله عنه قال: وإإن محمدا أعطى أربع آيات لم يعطهن موسى، وإن موسى أعطى أية لم يعطها محمد قال : والآيات : لله ما في السموات وما فى ألارض . . حتى خت سورة البقرة. والاية: اللهم لا تولج الشيطان في قلزبنا، وتخلصنا منه ، فإن لك الملكوت والأيد والسلطان والملك والحمد والأرض والسماء الدهر الذهر ، أبدا أبدا. رواه أبو عبيد مقطوعا هكدا .
وأخرج محمدابن المنذر الهروى في اكتاب العجائب ، من طريق حمزة الزيات رقال : بينا أنا بحلوان ، سمعت شيطانأ بقول لأخرز هذا الذى يقزىء الناس القرأان ، تعال نعبث به : فقال : من ويلك . فلما دنا منى قرات .، { شهد الله أنه لا إله إلا هو . . : إلى - . .
الحكيم . فقال أحدهما للاخرذ لا أرغم الله إلا أنفك ، أما أنا فلا أزال أحرسه إلى الصبح
وعن أبن بن كعب رضى الله عنه قال: كنت عند النبى ، فجاء أعرابى فقال : يا نبى الله ، إن لى أخا وبه وجع قال: وما وجعه قال: به لقم قال :قائينى ب1 . فوضعه بين يديه ، فعوذه بفاتحة الكتاب ، وأربع أيات من أول سورة البقرة، و{ وإلهكم إله واحد . ) الأية ، وأية الكرسي ، وثلاث / من أخر السورة وأية من أل عمران: شهد الله - إلى - العزيز الحكيم وأية في الأعراف : إن ربك الله ، وأخر المؤمنين : فتعالى الله الملك الحق . ، وعشر أات من أول الصافات ، وثلاث آيات من أخر سورة الحشر، وأية من سورة الجن : وأنه تعالى جد ربنا .
و{ فل هوالله أحد . . } ، والمعوذتين . فقام الرجل كأنه لم يشتك شيا قط . أخرجه عبدالله بن أحمد في وزيادات المسندة ، وفيه أبو جناب الكلبى ، وفيه ضعف وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله : ومن قرا أية الكرسي ، وأول حم . . - المؤمنين ، إلى قوله - . . إليه المصير حين يصبح ، حفظ بها حتى يمسى . ومن قراها حين
يمسى حفظ بها حتى يصيح . أخرجه الترمذي وقال حديث غريب.
وأخرجه على بن سبعيد العسكرى في ثواب الفرأان نحوم ، من رواية عبدالرحمن بن أبى بكر المليكى ، وهو ضعيف وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: بينما أنا أسير منع رسول الله بين الجحفة والأبواء إذ غشينا ريح وظلمة شديدة . فجعل رسول الله يتعوذ أعوذ برب الفلق و أعوذ برب الناس . . ، ويقول : يا عقب تعود بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما أخرجه أبو داود ، وأصله عند مسلم وأخرجه البزار من حديث عبدالله الأسلمى ، أن النبي قال : قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هكذا فيعود ، فما تعود العباد بمثلهن قط » . ورجاله ثقات.
وهو عند أبى عبيد ، من رواية معادبن عبد الله بن : خبيب الجهنى ، عن أبيه . . بنحوه ، وسنده جيد .
وهو عند النبائي من حديث عبد الله بن خبيب قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله ليصلى بنا . فخرج وقال: قل . قلت : ما أقول قال : قل هوالله أحد والمعودتين ، حين تمسى وحين تصبح تكفيك ثل شىء9 . زاد الترمذى في روايته، ثلات مرات .
وعند أبى عبيد ، من حديث عبدالرحمن بن عابس رضى الله عنه قال : قال رسول الله : ويابن عابس ، ألا أخبرك بأفضل ما تعود به المتعوذون قلت: بلى يا رسول الله : قأل : وه فل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس. وسنده حسن .
وعن أبى سعيد الخذرى رضى الله عنه قال : إكان رسول الله يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعودتان ، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما . أخرجه الترمذى ومن ذلك ما جاء في الأحاديث النبوية من الأذكار المأثورة .
منها عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ، مائة مرة كانت له عذل غشر رقاب . الحديث ، وفيه : . . وكانت له جرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسى . .
متفق عليه .
وفى رواية الترمدى : من قال في دير الصلاة صلاة الفجر وهو ثان رجنيه قبل أن يتكلم : لا إله إلا الله ، فذكرها عشر مرات، كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيات ، ورفع له عشر ذرجات ، وكان يومه ذلك في حرزل من كل مكروه ، وحرس من الشيطانه. وقال: حسن غريب
وعن الحارث بن الحارث الأشعرى رضى الله عنه قأل قال رسول الله : فإن الله أمر يحيى بن زكريا أن يأمر . بنى إسرائيل . -) الحديث بطوله ، وفيه قول النبي: ووأمركم بذكر [الله ] ، فإن مثل ذلك ، كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى أنى على حصن حصين ، فأحرز نفسه منهم . وكذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله . : أخرجه الترمذي وصححه.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه ، عن النبى قال : ورأيت ليلة أسرى بي عفريتا من الجن يطلبنى بشعلة من نار، كلما التفت رأيته . فقال جبريل عليه السلام : ألا أعلمك كلمات تقولهن فتنطفئ، شعلته؟ فقلت : بلى . فقال لي جبريل : قل : أعود بوجه الله الكريم ، ويكلمات الله التامات اللاتى لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما نزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرا في الأرض ، ومن
شر ما يخرج منها ، ومن فتن الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير .
أخرجه ابن أبى الدنيا بسند فيه لين وأخرجه من طريق أبى التباح قال : قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمى - وثان كبيرا - : أدركت رسول الله قال: نعم . قال: قلت : كيف صنع رسول الله ليلة ثادته الشياطين فقال: إن الشياطين تخذرت تلك الليلة على رسول الله من الأودية والشعاب ، وفيهم شيطان بيده شعلة من نار، يريد أن يحرق بها وجه رسول / الله ، فهبظ إليه جبريل فقال: يا محمد قل : فقال: ما أقول قال : قل أعوذ بكلمات الله التامة ، من شر ما خلق وذرا وبرا، ومن شر ما نزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلا طارقا بطرق بخير، يا رحمن . قال: فطفئت نارهم وهزمهم الله تعالى وأخرجه ابن أبى شيبة والبزار والحسن بن سفيان في مسائيدهم . وأخرجه النساني بسند أخر إلى ابن مسعود بنحوه . وهو من رواية محمد بن جعفر بن أبى كثير ، عن يحيى بن سعيد الأنصارى ، عن محمد بن عبدالرحمن بن سعد بن زرارة ، عن عياش الشامى ، عن ابن مسعود . وعياش - بمهملة ثم تحتانية ثقيلة وأخره معجمة - مجهول . وقد رواه مالك عن يحبى بن سعيد معضلا قال حمزة الكنانى : هذا هو المحفوظ والله أعلم وعن على رضى الله عنه ، عن النبي قال : وستر ما بين الجن
وغورات بني أدم ، إذا دخل أحدكم الخلاء ، أن يقول : بسلم الله .
أخرجه الترمذى .
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله كان يقول إذا دخل المسجد: أعود بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وبسلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم. بال : : يعنى من قالها - قال الشيطان: حفظ من سائر اليوم أخرجه أبو داود .
وعن أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله : وإذا خبزج الرجل من :بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله . يقال لهن هديت وكفيت ووقيت، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان أخزذ كيف لك برجل قد هذى وكفى ووقي .- أخرجه أبو داود .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما رفع الحديث إلى النبى قال : هذه الكلمات ، دواء من كل داء: أعود بكلمات الله التأمة ، وأسمائه كلها عامة ، من شر السامة والهامة ، وشر العين اللأمة من شر حاسد إذا حسد ، ومن شر أبى قترة وما ولد . . الحديث . أخرجه البزار وأبو يعلى ، وفيه اليث بن أبى سليمه وهو ضعيف .
وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه ، عن النبي قال: وإذا تخوف أحدكم السلطان ، فليقل . اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، كن لى جارا من شر فلان، ومن شر الإنس والجن وأتباعهم ، أن يفرط على أحد منهم ، عز جارك ، وجل تناؤك ، ولا إله غيرك . رواه الطبرانى بسند حسن .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : إذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو بك ، فقل: الله أكبر ، الله أعز من خلقه جميعا الله أعز مما أخاف وأحذر، أعود بالله الذى لا إله إلا هو، الممسك السماوات أن يقعن على الأرض إلا بإذنه ، من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس ، اللهم كن لى جارا من شرهم ، جل تناؤك ، وعز جارك ، وتبارك اسمك ، ولا إله غيرك . ثلاث مرات .
رواه ابن أبى شيبة والطبرانى موقوفا، ورجاله رجال الصحيح
وعن عطاء بن أبى مروان، عن أبيه ، أن كعبا خلف له أن صهيبا حدثه ، أنز محمدا لم ير قرية بريد دخولها إلا قال حين يراها : اللهم رب : السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسالك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعود بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيهاه . أخرجه النساني وصححه ابن خزيمة فانن حبان .
وعن خولة بنت حكيم رضى الله عنها قالتا: قال رسول الله .
من نزل منزلا فقال: أعود بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شىء حتى يرتجل . أخرجه مسلم والترمذى والنسائي وعن الوليدبن الوليد بن المغيرة رضى الله عنه قال: يا رسول الله ، إنى أجد وحشة . فقال: إذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة ، من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون، فإنه لا يضركه . أخرجه أحمد من رواية شعبة عن يحتى بن سعيد ، عن محمد بن يحبى بن حبان ، عنة . .
ورجاله ثقات ، إلا أننى أظن فيه انقطاعاة
وقد أخرجه مالك في الموطا عن يحيى بن سعيد معضلا، لم يذكر فوقه أحد ورواه أبو بكر بن أبى شيبة ، عن عبدالرحيم بن سليمان ، عن يحتى بن سعيد ، عن محمد بن يحتى بن حبان ، أن الوليد . . . وزواه ابن عيينة عن أيوب بن موسى، عن محمد بن يحيى بن حبان ، أن خالدبن الوليد . . وهذا اضطراب.
لكن أخرجه أبو داود من طريق محمد بن إسحاق ، عن عمروبن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال: كانم الوليد بن الوليد يفزع في نومه . فذكر نحو ، وزاد: وكان عبدالله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه ، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه. وهو شاهد جيد . وله شاهد أخر مرسل من طريق عبيد الله بن عبدالله بن عنتبة أن الوليد بن الوليد شكا . فذكر نحوم أخرجه إبراهيم الحربى في غريب الحديث .
وعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال : كان رسول الله إذا سافر ، فأقبل الليل قال: وبا أرض ، ربى وربك اللة ، أعود بالله بن شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما نزل عليك . أعوذ بالله من
أسد واسود ، ومن جية وعقرب ، ومن سائن البلد، ومن شر اوالد وما ولدا . أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم وعن أبى الأسمر العبدى قال : خرج رجل إلنى ظهر الكوفة .
فذكر قصة فيها أنه سمع هائفا من الجن يقول : ما على عروة- يعني ابن الزبير - سبيل ، لأنه يقول كلاما حين يضبح وحين يمسى . فرحل إلى المدينة ، فسالة فقال : أقول : أمنت بالله وحده وكفرت بالجبت والطاغوت ، واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، والله سميع عليم . أخرجه ابن أبى الدنيا في وكتاب الهواتف .
فصل وقع فى بعض النسخ من الحيلة ، عن الشافعىي رحمه الله ، أحسن ما يداوى بهالطاعون التسبح : [قيل] : ووجهه أن الذكر يرفع العقوية والهلاك قال الله تعالى . فلولا أنه كان من المسبحين .
وعن كعب قال : إسبحان الله تمنع العذاب . قال ذلك ، وقد حض عمر أمر بجلد رجل ، فجلد أول جلدة فقال: سبحان الله ، فغفا عنه عمر قلت: والمعروف عن الشافعى ما ذكر ابن أبى حائم وغيره : لم أر للوباء أنفع من البنفسج ، يذهن به ويشرب.
تنبيه ، إنما يحصل النفع بهذه الآيات والكلمات ، لمن ضفى قلبه من الكدر ، وأخلص فى التوبة، وندم على ما فرط فيه وفرط منه وإلا فإذا غلبت أسباب الداء على أسباب الدواء ، ربما بطل نفع الأدوية .
ولو لم يكن لذلك مثال في الخارج إلا غفلة المرء عن الأمور المذكورة ، حتى تهجم عليه الأفة من غير أن يشعر ، ثم يطلب الإقالة فلا يجد إليها سبيلا فنسال الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه ، وأن يرزقنا التوبة النصوح ، وأن يخيم لنا بالحسنى بمنه وثرمه .
[ الفصل التاسع] ذكر كشف مشكل ما فى هذا الباب الثاني قوله : الذيجة : بفتح الذال المعجمة والموحدة ، وقد تسكن الباء، وبالمهملة وجع يعرض في الحلق من الذم ، أو قرخة تظهر فيه من داخل ، فينبيد معها، وقد ينقطع معه النفس : قوله : الأرفاغ- بالفاء والغين المعجمة ، جمع رقغ ، بضم الراء وقد تفتح وسكون الفاء هى أصول المغابن ، كالأباط والحوالب ومطاوى الأعضاء، وهو مجتمع العرق والوسخ . وقد يطلق الرفغ على الوسخ ، وليس مرادا هنا قوله : غدة: بضم الغين المعجمة وتشديد الدال .
قوله ، المراق بفتح الميم وتخفيف الراء وتشديد القاف ، هو ما رق من أسفل البطن ولان، ولا واحد له من لفظه وميمه زائدة، قاله الجوهرى . وقال أبو عبيد الهروى في الغريب . واحدها مرق.
وهو ما سفل من البطن من المواضع التى يرق جلودها قوله : وخز: بفتح الواو وسكون الخاء المعجمة ، بعدها زاى ، هو طعن غير نافدز هذا أصل الوخز وإنما قيل لطعن الجن إنه غير
نافذ، لأن يقع من الباطن إلى الظاهر فيؤقر فى الباطن أولا ، ثم ينفذ إلى الظاهر ، وقد لا ينقل بخلاف طعن الإن ، فإنه يؤثر أولا فى الظاهر ، ثم قد ينقد إلى الباطن وقد لا ينقذ. وهذه حقيقة الطاعون المحسوسة . وبهذا التقرير يندفع الإشكال ، ويجتمع كلام الأطباء مع الآثار الواردة في ذلك ، كما تقدم .
قوله : وبثره : بضم الموحدة وفتح المثلثة جمع بثرة ، بفت الموحدة والمثلثة وقد تسكن، وهو كالدمل الصغير قوله : ويرم : بفتح التحتانية وكسر الراء وتخفيف الميم من الورم قوله : المغابن . جمع معين ، هى بواطن الأفخاذ والأباط وشبهها . ويقال أيضا لمعاطف الجلد .
قوله : الارنية : أى قصبة الأنف ، وهى مما يقل وقوع الطاعون به ، حتى أنكره بعضهم ، لكن قد وجد مصداق ذلك في الفناء الكبير بالديار المصرية والشامية ، سنة تسع وأربعين، واستغربوه جدا ء حتى ذكره الصفدى في رسالة له متعجبا منه .
قوله ، علاقة : بكسر المهملة وتخفيف اللام ، بعدها قاف .
قوله : الخصيب : بفتح المعجمة وكسر المهملة، بعدها تحتانية ساكنة ثم موحدة . والخصيبى نسبة إلى هذا الاسم .
والخلعي : بكسر المعجمة وفتح اللام، اسمه على بن الحسن .
و علوية : بفتج العين المهملة وتشديد اللام المضمومة وسكون الواو، بعدها تحتانية بفتوحة .
ومسعر : بكسر الميم وسكون المهملة والثعلبي ، زبمثلئة مفتوحة ومهملة ساكنة .
ووالنهشلى » . بفتح النون وسكون الهاء ، بعدها معجمة .
والحمانى بكسر المهملة وتشديد الميم وبعد الألف نون وكردوس بضم الكاف وسكون الراء وضم المهملة وسكون الواو وأخره مهملة.
قوله: ابن أبى صفيرة] . بفتح المهملة وكسر المعجمة وأبو بلج يفتح الموحدة وسكون اللام ، بعدها جيم ، تقدم ضبطه .
قوله : الجوزجانى .: بضم الجيم وسكون الواو وفتح الزاى وتخفيف الجيم قوله : وتقصيهه : بفاء وصاد مهملة تقيلة ، أى كثير التفتيش . .
قوله : الباغبان - بموحدة ثم غين معجمة مفتوحة ، بعدها موحدة خفيفة قوله : وفيستبيح من الإباحة .
قوله : فبيضتهم : بفتح الموحدة ، أى مجتمعهم وموضع سلطانهم . وبيضة الدار وسطها ومعظمها أراد عدوا يستاصلهم .
قوله وكفعناص الغنمة ، القعاض - بضم القاف وتخفيف
المهملة وأخره مهملة ويقال بتقديم العين - داء يأخذ الغنم فيموت سريعا .
قوله :، محاء، بتشديد المهملة ، من المحو قوله : عفير . بمهملة وفاء، مصغر وأبوه [معدان] : بفتح أوله وسكون المهملة .
قوله : تصقد . بمهملة وتشديد الفاء، أى توثق . وقد شرح فى الأصل قوله : تغلعل . بغينين معجمتين قوله : مردة. بفتحتين ، جمع مارد قوله : سهوة : بفتح المهملة وسكون الهاء وفتح الواو، أى بيت صغير قوله : جرين . بجيم وراء وأخره نون ، وزن عظيم .
قوله :، أبو جناب . بفتح الجيم وتخفيف النون وأخره موحدة .
قوله : المليكي ، هو بالتصغير قوله : ابن خبثب الجهنى : هو بخاء معجمة وموحدين ، مصغر
قوله : ذرأ . .يمعجمة وراء وهمزة ، أى خلق وثأنه مختص بخلق الذرية قوله : لكين ( بلام وكاف وأخره نون ، مصغر قوله : علب. بضم المهملة وسكون اللام بعدها موحدة .
قوله : من كلن سامة وهامة : بتشديد الميم فيهما، وأول الأول سين مهملة، والمراد ذوات السموم كالعقرب .
والمفضل الجندى . بفتح الجيم والنون . والله تعالى أعلم .
الباب الثالث فى بيان كون الطاعون شهادة للمسلمين ورحمة
[الفصل الأول] فى سياق الأحاديث الواردة في ذلك تقدم حديث أنس رضى الله عنه رفعه : والطاعون شهادة لكل مسلم . متفق عليه .
وحديث عائشة رضى الله عنها فى أنه رحمة للمؤمنين . أخرجه البخارى ، وسباتى سياقه في الباب الرابع . وفى رواية أحمد من وجه أخر عنها: والمقيم فيه كالشهيده . ولابى يعلى من وجه أخر عنها، ومن أصيب به كان شهيدا .
وسياتى في الباب الرابع حديث شرحبيل بن حسنة: إن هذا - يعنى الطاعون - رحمة ربكمه.
وعن أبى عبيدة ومعاذ بن جبل رضى الله عنهمال مثله وفى رواية لمعاد ، ووشهادة يختص الله بها من يشاء منكم.
وأخرج أحمد من طريق إسماعيل بن عبيد الله - وهو ابن أبى المهاجر - قال : قال معاذبن جبل : سمعت رسول الله يقول :
ستهاجرون إلى الشام ، فتفتح، ويكون فيكم داء كالدمل وثالخز .
تأخذ مراق الرجل ، يستشهد الله به أنفسهم ، ويزكى به أعمالهم » . وفي رواية للبيهقي في والدلائل : ويستشهد الله به أنفسكم وذراريكم ، ويزكى به أموالكم .
وله فى حديث عوف بن مأالك : آثم موثان يظهر فيكم ، يستشهد الله به دراريكم ، ويزكى به أموالكم . الحديث.
ذكر الأخبار الواردة في أن الشهادة لا تختص بالقتل في المعركة .
روى مالك رحمه الله في الموطا عن سمى ، عن أبى صالح ، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله قال: الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد بى سبيل اللهه . أخرجه البخارى من حديث مألك بهذا اللفظ وأخرجه من طريقه أيضا مختصرا بلفظ : والمبطون شهيد والمطعون شهيد .
وأخرجه مسلم من طريق جربر ، عن سهل بن أبى صالح ، عن أبيه ، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله. وما تعذون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رستول الله ، الذى يقتل فى سبل الله فهو الشهيد ، قال : إن شهداء أمتى إذا لقليل . قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: ومن قبل فى سبيل الله فهو شهيد ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في الطاعون فهو شهيد ، ومن مات في البطن فهو شهيد ، والغزيق شهيد .
وأخرجه أحمد من رواية معمر عن سهيل بلفظ: والقتل في سبيل الله شهادة، والغرق شهادة، والطاعون شهادة، والبطن شهادة والنفساء شهادة. ولأحمد من وجه أخر عن أبى هريرة رضى الله عنه نحو رواية سهيل، لكن قال فيه: والقتيل فى سبيل الله ، والغريق ، والخار عن دابته، والمجنوب - يعنى من يموت بذات الجنب - .
وللطيالسى من حدث عائشة رضى الله عنها: الطعين والمجنوب والنفساء والبطن شهادة .
ولابن أبى شيبة من حديث سعد رفعه : تستشهدون في القتل والطعن والعرق والبطن وموت المراة جمعا ، موتها في نفاسها وسنده قوى ذكر خبر فيه زيادة في عدد الشهداء على حديث أبى هريرة ، قال مالك في والموطاهز عن عبد الله بن عبدالله بن جابر بن غتيك عن عتيلك بن الحر بن غتيك . وهو جد عبد الله، بن عبد الله أبو أمه، أنه أخبره أن جابربن عتيك أخبره ، أن عبد الله بن ثابت لما مات ، قالت ابنته أما والله ، إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا ، أما إنك قد قضيت جهازك. فقال رسول الله: فإن الله قد أوقع أجره على قدر نيته . ما تعدون الشهادة قالوا: القتل فى سبيل الله . فقال
رسول الله : والشهادة سبع سوى القتل فى سبيل الله / المقتول في سبيل الله شهيد ، والبمطعون شهيد ، والغرق شهيد ، وصاحل ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد ، وصاحب الحريق شهيد ، والذى يمؤت تحت الهدم شهيد ، والمراة تموت بجمع شهيده . وأخرجه أحمد - واللفظ له - وأبو داود والنسائي وصححة ابن حبان والحائم ، كلهم من حديث مالك بهذا الإسناد .
قال ابن عبدالبر: جوده مالك إسنادا ومتنأ. وزواه أبو العميس عن عبدالله بن عبد الله بن جابر بن عتيك ، فلم يتم إسناده ولا متنه.
قال في الإسناد- عن أبيه ، عن جده . واقتصر في المتن على القتيل والحريق والمطعون والمبطون والمجنوب - وهو صاحب ذات الجنب ولرواية مالك شاهد من حديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه ، لكن ذكر بدل صاحب ذات الجنب السل ، وذكر بدل والمراة تموت يجمع النفساء يجرها ولذها يسرره، إلى الجنة ، وهو بالمعنى وقال فيه أيضا: الطاعون شهادة، لكن لم يذكر الذى ويموت تحت الهدم. أخرجه أحمد والبزار والطبرانى بأسانيد بعضها حسن ، وفى بعضها: أن عبادة بن الصافت رواه عن عبدالله بن رواحة .
وأخرج أحمد من حديث راشد بن خبيش نحوه .
وأخرجه الطبرانى من حديت ربيع الأنصارى ، نحو حديث مالك . وفيه : الذى يموت تحت الهدم .
وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه . . نحوه أخرجه النسائى وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: إن / من يتردق من رؤوس الجبال ، ويأكله السباع ويغرق في البحار لشهداء عند الله .
أخرجه الطبرانى وعن أم خرام رضى الله عنها ، عن النبي قال: والمائد فر البحر الذي يصيبة القئ ، له أجر شهيده . أخرجه أبو داود .
وعن سعيد بن زيد رضى الله عنه رفعه : ومن قتل دون ماله فهو شهيد. أخرجه الترمدى ، وقال فى الذين والأهل مثل ذلك . وأخرجه البخارى بلفظ :، من قتل دون ماله مظلوما فله الجنةه . وللنسائي من حديث سويد بن مقرن . من قتل دون مظلمته فهو شهيد .
وعن أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه رفعه ، ومن وقضه بعيره أو فرسه ، أو لدغته هامة ، أو مات على فراشه فى سبيل الله ، فهق شهيد . أخرجه الطبرانى .
ولابن حبان من حديث أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعا : من مات مرابطا مات شهيدا .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله المرعوب على فراشه فى سبيل الله شهيد . . وقال ذلك في المبطون واللديغ والغريق والشزيق والذى يفترسه السبع والخار عن دابته أخرجه الطبرانى
وعن ابن عباس رضى الله عنهما رفعه ، [موت] غربة شهادة . أخرجه ابن ماجة بسند واه . وأخرجه الطبرانى فى أثناء حديث ، من طريق عبدالملك بن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن جده قال : [والغريب شهادةة . و وعبد الملك } متروك قأل المنذرى . وجاء فى أن موت الغريب / شهادة عدة أحاديث ، لا يبلغ شىء منها ذرجة الحسن . كذا قال وأخرج الخطيب في ترجمة قداود بن على من تاريخ بغداد ، عن ابن عباس رفعه : ومن عشق فكتم وعف مات شهيداه . وفي سنده مقال وعن معقل بن يسار رضى الله عنه قال : قال رسول الله : من قال حين يصبح : أعود بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وقرأ الثلاث آيات من أخر سورة الخشر وثل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسى . فإن مات فى ذلك اليوم مات شهيدا . ومن قألها حين يمسى ، كان بتلك المنزلةة . أخرجه الترمذى وقال، غريب ، والله أعلم
فهذه الخصال، ورد فى كل منها أن صاحبها شهيد ، زبمعنى أنه يعطى أجر الشهيد . وغالبها ميتات فيها شدة تفضل الله بها على الأمة المحمدية ، بأن جعلها تمخيصا لذنوبهم ، وزيادة في أجورهم ، ومراتبها مع ذلك متفاوتة فيما يظهر ، ختى فى الأشخاص ، والله أعلم
[الفصل الثاني] ذكر الدليل على أن الشهادة تحصل بالنية وإن لم يقع للمؤمن شىء من الخصال المذكورة عن أنس رضى الله عنه ، عن النبي قال : ومن طلب الشهادة صادقا أعطيها ولم لم يصبهاة . أخرجه مسلم . وللحاكم من حديث أنس : من سأل القتل فى سبيل الله صادقا ، ثم مات ، أعطاه الله أجر شهيد، وهو تفسير الأول . وللنسائى من حديث معاذ مثله .
وأخرج أحمد ، والحاكم أيضا ء من حدث سهل بن حنيف رضى « الله عنه ، عن النبي قال : ومن سال [الله]4 الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه .
وعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة ، أن أبا محمد أخبره - وكان من
أصحاب ابن مسعود - [أنه حذته - يعنى ابن مسعود -] ، عن رسول الله قال : فإن أكثر شهداء أمتى لاصحاب الفرش ، ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته. أخرجه أحمد في منند ابن مسعود من مسنده ، وسنده . جيد وعن فضالة بن ا عبيد ، أن رجلين خرجا فى غزاة فأصين أحدهما في القتال ، ومات الأخر فجلس فضالة عند قبر الذى مات ، فقيل له فى ذلك . فقال: ما أبالى من أبى قبريهما بعثت . ثم تلا والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا الآية أخرجه ابن المبارك في وكتاب الجهاده [له] وعن محمد بن زياد الألهاني قأل: ذير عند أبى عنبة الخولانى الشهداء فقال : حدئنا أصحاب محمد أنه قال: إن شهداء الله في الأزض أمناء الله على خلقه ، قتلوا أو ماتوا . أخرجه أحمد وعن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود ، عن أبيه رضى الله عنه
قال : قال رسول الله : فإن لله عبادا يضن1 بهم عن القثل ، ويطيل أعمارهم ، ويحسن أرزاقهم ، ويحبيهم فى عافية، ويقض أرواحهم في عافية ، ويبعثهم فى عافية ، ويعطيهم منازل الشهداءه . أخرجه الطبرانى ، وأبو نعيم في الطب. وفى سنده وحفض بن سليمان وهو ضعيف .
وفى الباب: عن سعيد بن زيد ، وأبى هريرة وابن عمر، وابن عباس ، وابن مسعود ، رضى الله عنهم / ، سردها أبو نعيم بأسانيد ضعيقة .
والحاصل من هذه الأحاديث أن الشهداء أقسام ، شهيد فى الدنيا والأخرة وهو من قل في حرب الكفار لإعلاء كلمة الله .
وشهيد فى الدنيا فقط ، وهو من قثل في حرب الكفار ، وقام به مانع كفساد نية مثل ، والفرار من الزحف .
وشهيد في (4) الأخرة فقط ، وهو من عدا ذلك ، والله أعلم
[الفصل الثالث ذكر معنى الشهيد قال ابن الأنبارى : سمى بذلك لأن الله تعالى وملائكته يشهدون له بالجنة . وقال النضر بن شميل : لأنه حى، فكأن روحه شاهدة ، أى حاضرة وقيل: لأنه شهد عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة .
وقيل: لأنه لا يشهد عند موته إلا ملائكة الرحمة وقيل: لأن الملائكة تشهد له بحسن الخائمة وقيل: لأن الأنبياء تشهد له بحسن الاتباع لهم وقيل: لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه .
وقيل: لأنه تشهد له هذه الأمة بالجنة .
لأنه يشهد يوم القيامة بإبلاع الرسل وقيل: لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره .
الأخرة وقيل: لأنه يشاهد الدارين دار الدنيا ودار الآخرة وقيل: لأنه مشهود له بالأمان من النار .
وقيل : لأن عليه علامة شاهدة بأنه [ قد] نجى وبعض هذه التعريفات يختص بشهيد المعركة ، وبعضها يشمله وغيره ، وبعضها مدخول لأشتراك غير الشهيد مع الشهيد فيها خصائص الشهيد الأخروية .
روى الترمذى من حديث المقدام بن معد يكرب ، عن النبي قال : اللشهيد عند الله ست خصال م : يغقر له فى أول دفعة ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجاز من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر .
ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقاربهه قأل الترمذى . حسن صحيح غريب .
وثبت بنص القرأان أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .
وفى الصحيح، أن أرواح الشهداء وفي جوف طير خضر تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوى إلى قناديل تحت العرش
ومن خصائص الشهيد : أنه يتمنى الرجوع إلى الدنيا لكثرة ما يرى من الكرامة وفضل الشهادة . ببت ذلك في الصحيح ومن خصائصه : أنه يقطع له بالجنة ، وقد مضى البحث قبله فيما يتعلق بالتبعايت
[الفصل الرابع] ذكر جواب من استشكل الدعاء بالشهادة مع أنه يستلزم تمكين الكافر منه ، والقاعدة أن تمنى معصية الله لا يجوز وقتل المؤمن معصية ومحصل الجواب: أن المطلوب قصدا إنما هو نيل الدرجة الرفيعة ، وأما فعل الكافر فإنه من ضرورة الوجود . وعلى ذلك يحمل تمنى من تمنى الشهادة من كبار الصحابة وغيرهم ، وكذا من تمنى الموت بالطاعون ، كمعاذ بن جبل رضى الله عنه وغيره .
وقد تمنى عمر الشهادة فلما قتله وأبو لؤلؤةه استبشر لكون الذي قتله كان كافرا .
وأرفع من ذلك قوله لوددت أنى أقتل فى سبيل الله ، ثم أحيا فأقتل . : وهو فى والصحيح .
: [الفصل الخامس] ذكر الدليل على أن بعضا الشهداء أفضل من بعض عن عتبة بن عبد السلمي رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
والقتل ثلاثة ، رجل جاهد بنفسة وماله في سبيل الله ، حتى إذا لق العدو قائلهم حتى . يقتل ، فذلك الشهيد المفتخر فى خيمة الله عز وجل تحت عرشه ، : لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة . ورجل مؤمن قرف على نفسه رمن الذنوب والخطابا ، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، حتى إذا لقى العدو قائل حتى يقتل ، فانمحت خطاباه ، إن السيف محاء للخطايا ، وأدخل من أى أبواب الجنة شاءء فإن لها ثمانية أبواب، وبعضها أفضل من بعض . ورجل منافق جاهد بنفسه وماله ، حتى إذا لققل العدو قائل حتى يقتل ، فهو فى النار، إن السيف لا يمحو النفاق أخرجه أحمد ورجاله ثقات ، وصححه ابن حبان من هذا الوجه .
وفي سنده أبو المثنى الأملوكي -. بضم الهمزة وسكون البميم وضم اللام ، وبعد الواو السائنة كاف - اسمه ضمضم ، حمصى . ذكره زابن
حبان في الثقات من التابعين . وقد صرح بسماعه من عتبة بن عبد .
ووقع لنا حديثه بعلو في مسند الدارمى . ولحديثه شاهد من حديث أنس ، أخرجه البزار وعن محمد بن مسلم بن عائذ عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه رضي الله عنه ، أن رجلا جاء ورسول الله يصلى ، فقال حين انتهى إلى الصف : اللهم أتنى أفضل ما تؤنى عبادك الصالحين . فلما قضى صلاته ، قال: من المتكلم أنفا قال : أنا يا رسول الله . قال : إذا يعقر جوادك وتستشهذ فى سبيل الله . أخرجه البزار ورجاله ثقات .
وعن نعيم بن همار، أن رجلا سال م رسول الله : أى الشهداء أفضل قال: الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك الذى يطلعون في العرف العلا من الجنة ويضحك إليهم ربك . وإذا ضحك ربك إلى عبد فلا حساب عليه. أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبرانى وصححه الحائم . وله شاهد من حديث أبى سعيد عند الطبرانى في الأوسط وثبت فى صحيح مسلم من حديث أبى سعيد الخذرى ، فى قصة الذى يقتله الدجال ، قال النبي فيه أنه : وأعظم الناس شهادة عند رب العالمين .
[ الفصل السادس] ذكر الدليل على أن شهيد الطاعون ملتحق بشهيد المعركة بخلاف من أذكر من الشهداء ، فإنهم وإن شاركوا من مات بالطاعون ، في عدم مشاركة شهيد المعركة في كثير من المزايا كأحكام الدنيا من تكفينهم بدمائهم ، وترك غسلهم ، والصلاة عليهم ، ومن كونهم لا تبلى أجسادهم فى القبور ، وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، لكنهم يشاركون شهيد المعرة فى تواب الشهادة ، وفى بعض الصفات الأخروية قال أحمد : ثنا الحكم بن نافع قال : تنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، بمن شريح بن عبيد ، أنه سمع عنبة بن عبد السلمى يحدث عن النبي قال : يأتى الشهداء والمتوفون بالطاعون ، فيقول أصحاب الطاعون .
نحن شهداء . فيقال انظروا ، فإن كانت جراحاتهم كجراج الشهداء تسيل ذما وريحهم كزيح المسك ، فهم شهداء . فيجدونهم كذلك ، هذا حديث حسن ، زواته / موثقون . وإسماعيل بن عياش وإن
كان فيه مقال، لكن الجمهور على أن روايته عن الشاميين قوية ، وهذا منها وممن صرح بذلك يحتى بن معين والبخارى ودحيم . وقال يعقوب القسوى : تكلم فيه قوم وهو ثقة ، أعلم الناس بحديث الشام .
قال : وأكثر ما تكلم فيه أنه يغرب عن تقات الحجان انتهى .
ولحديثه شاهد عن المرباض بن سارية ، قال أبو عبدالرحمن النسائى ، أخبرنى عمروبن عثمان قال: ثنا بقية بن الوليد قال : ثنا بجير بن سعد ، عن خالد بن معدان، عن ابن أبى بلال ، عن العرباض بن سارية رضى الله عنه ، أن رسول الله قال: يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا جل جلاله ، في الموتى يتوفون فى الطاعون . فيقول الشهداء : إخواننا قتلوا كما قتلنا ويقول المتوفون على فرشهم : إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا: فيقول الله عز وجل : انظروا إلى جراحهم ، فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم منهم ، فإذا جراحهم أشبهت جراحهم .
وهذا حديث حسن صحيح ، أخرجه أحمد عن حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه ، كلاهما عن وبقيةه ، وهو صدوق ليس فيه قادح إلا تدليسه ، وقد صرح بالتحديث في هذه الطريق فأمن تدليسه . وابن أبى بلاله المذكور في الإسناد، شامى ثقة ، اسمه وعبد الله
وأخرجه الكلاباذى في معانى والأخبار ، من طريق إسماعيل بن عياش ، عن بجير بن سعد وهى متابعة جيدة د وبقيةه . وقال فى المتن : فيقضى الله / بينهم ، فيقول : انظروا إلى جراح المطعنين، فإن أشبهت جراح الشهداء ، :فهم منهم . فنظروا إلى جراح المطعنين، فإذا هي قد أشبهت جراع الشهداء فيلحقون بهم .
وهذا المتن لا أعلم رواه عن النبي غير هذين الصحابيين وقد أخرج أحمد بالسند المبدا بذكره ، إلى شريح بن عبيد قال : يان غنية يقول ، عرباض خير من . وعرباض يقول ، عنبة خير منى سبقتى إلى النبي .
وقأل الكلاباذى في ومعانى الأخبارا . يستفادذ من حديث العرباض أن الطاعون يسمى طعنا، وأن الميت بالطاعون يسمى مطعونا .
[الفصل السابع] ذكر ما يشترط لتحصيل الشهادة بالطاعون قال الإمام أحمد ، حدثنا عبدالصمد - هو ابن عبدالوارث - قال : ثنا داود - هو ابن أبى الفرات - قال : ثنا عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة رضى الله عنها ، أنها قالت: سالت رسول الله عن الطاعون ، فأخبرنى أنه: كان عذابا يبعثه الله على من يشاء ، وجعله رحمة للمؤمنين .
فليس من رجل يقع الطاعون ، فيمكث في بيته صابرا محتسبا يعلم أنه لا يضيبه إلا ما كتب الله له ، إلا كان له مثل أجر الشهيد .
أخرجه البخارى والنسائى من حديث داود بن أبى القرات وقال البخارى في روايته في - الطب -: ففيمكث في بلدهه . وقال: يعلم أنه لن يصيبه . وقال في روايته في - القدر- : ما من عبد يكون فى بلده - أى الطاعون : ، يكون فيه ، ويمكث فيه فلا يخرج من البلد صابرا محتسباه . وقال في روايته في - ذكر بنى إسرائيل -: فليس من أحد يقع الطاعون ، فيمكث فى بلده صابرا محتسبا ر ، والباقي كالأول
فمقتضى هذا الحديث بمنطوقه ومقهومة : أن أجر الشهيد إنما يكتب لمن لم يخرج من البلد الذى يقع به الطاعون . وأن يكون فى حال إقامته قاصدا بذلك ثواب الله ، راجيا صدق موعوده . وأن يكون عارفا أنه إن وفع لبه فهو بتقدير الله ، وإن صرف عنه فهو بتقدير الله .
وأن يكون غير متضجر به أن لو وقع به، فإذا وقع به فأولى أن لا يتضجر. وأن يعتمد على ربه في خالتى صحته وعافيته . فمن اتصف بهذه الصفات - مثلا- فمات بغير الطاعون ، فإن ظاهر الحديث أنه يحصل له أجر الشهيد .
وقد قلنان إن ذرجات الشهداء متفاوتة ، ويكون كمن جرج من بيته على نية الجهاد فى سبيل الله بشرطه ، فمات بسبب أخر غير القتل ، كما تقدم صريحا . ويؤيده الرواية السابقة في حديث أبى هريرة عند مسلم ، بلفظ ومن مات في الطاعون فهو إشهيد. ولم يقل: بالطاعون، ، فإن ظاهرها شاهد لما قلناه . وإن كان يحتمل أن تكون فى للسببية كالباء ، فإنه قال في نفس الحديث: ومن مات فى البطن فهو شهيد. ومجلوم أن المراد به المبطون نفسه . ويحتمل أيضا أن تكون فى للظرفية على بابها ، لكن جرى على الغالب، فإن الموت فى زمن الطاعون إنما يكون بالطاعون غالبا . لكن يحتمل أيضا أن تكون في استعملت في الحديث للسببية والظرفية معا ويتفرع من هذا أن من اتصف بالصفات المذكورة ، وذهب الطاعون ولم يمت ببه ولا فى زمنه ، هل يكون شهيدا أو لا؟ ،
ظاهر الحديث بعم ، وفضل الله واسع ، ونية المؤمن أبلغ من عمله . وقد تقدم قريبا حديث ابن مسعود: فإن أكثر شهداء أمتي لإصحاب الفرش. وتقدم حديث جابر بن غييك ، وفيه قوله .
إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته.
قال الشيخ تفى الدين السبكى : يؤخذ منه معنى حديث، نية المؤمن أبلغ من عملهه ، لأن النة تمتد إلى ما لا نهاية له، والعمل محصور ، وقدر النية بحسب ما تتعلق به ، طال أو قصر ، انتهى ولا يعكر على هذا أنه يلزم منه أن من اتصف بالصفات المذكورة ، ثم مات مطعونا ، أن يكون له أجر شهيدين . لأنا ننفصل عن ذلك بما قدمناه ، أن ذرجات الشهداء متفاونة ، فأرفعها درجة من اتصف بالصفات ثم طعن فمات به. ودونه من أتصف بها تم طعن ثم لم يمت . وقريب منه من أتصف بها ثم مات بغير الطاعون . ودون الجميع من اتصف بها تم لم يطعن ولم يمت .
ويحتمل التعدد إذا تغايرت الأسباب المرتب عليها الشهادة ، كما لو مات غرببا بالطاعون ، مع الصبر والاحتساب . وكما لوطعنت النفساء ثم ماتت في نفاسها . وكذا من قال أو فعل شيئا مما تقدم أنه يصير به شهيدا .
ويتفرع على هذا الاحتمال: تعدد القراربط لمن صلى على عدد من الجنائز . ونحوه ما نقل بعضهم عن جماعة من الصحابة
رضى الله عنهم ، أن من اقتنى كلابا ، نقض من أجره بعددهم . بل تعدد قراريط الجنازة وتعدد الشهادة / أولى ، لدخول التضعيف في أصل الثواب ، بخلاف الوزر: ويمكن أن يقال: ذرجة الشهادة شىء وأجر الشهادة شىء ، فالشهادة تختص بمن أتصف بألصفات المذكورة ، ثم طعن فمات به ثم رأيت هذا بعينه في كلام الشيخ أبى محمد بن أبى جمرة في شرح القطعة التي اختصرها من البخارى ، فى كلامه على هذا الحديث ، حين ذكر الفرق بين الروايتين، حيث جاء في االحديث الماضى والمطعون شهيده ، وقال في هذا: وله مثل أجر شهيد ، ومن عدا ذلك يحصل له أجر الشهيد ، وإن لم تحصل له درجة الشهادة .
ومما يستفاد من مقهوم حديث عائشة رضى الله عنها : أن من لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدا ، ولو مات بالطاعون ، فضلا عن أن يموت بغيرة، والله المستعان .
ومما يستفاد [من خديث عائشة رضى الله عنها : أن الصابر في الطاعون ، المتصف بالصفات المذكورة ، يأمن فتانى القبر، لأنه نظير المرابط فى سبيل الله .
وقد صح ذلك في المرابط ، كما أخرج مسلم من حديث سلمان ، قال ، سمعت رسول الله يقول : ورباط يوم وليلة خير من
صيام شهر وقيامه . وإن مات فيه جرى عليه عمله الذى كان يعمل، وأمن الفتان.
وعن فضالة بن عبيد ، أن رسول الله قال : وكل ميت يختم له على عمله إلا المرابط فىي سبيل الله ، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ، ويؤمن فتنة القبرة . رواه أبو داود والترمذي وصححه، وابن حبان والحاكم وفى الباب عن جماعة من / الصحابة، منهم ، أبو هريرة وأبو الدرداء ، وعبد الله بن عمر ، رضى الله عنهم ، وغيرهم وأخرج أبو يعلى من حديث أبى أيوب رفعه : ومن قاتل فصبر حتى يقتل أو يغلب ، وقى فتنة القبر .
[الفصل الثامن] ذكر الجوات عن إشكال [وقع] فى كون الطاعون شهادة أو رحمة روى مالك في الموطا ، وصححه الشيخان من طريقه ، عن نعيم المجير عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
وعلى أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال . .
وأخرج البخارى من رواية شعبة عن قتادة ، عن أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله. والمدينة يأتيها الدجال ، فيجد الملائكة ، فلا يدخلها الدجال ولا الطاعون ، إن شاء الله تعالى. أخرجه في كتاب الفتن، وفى كتاب التوحيد ، من رواية يزيد بن هارون ، عنه .
وقال خلف في والأطراف ، تفرد [به] يزيد . وأخرجه أبو عوانة في صحيحة من طريق يزيد، وهو من زياداته على مسلم . وأخرجه الترمذى من طريق يزيد أيضا
ووجه الإشكال : أنه إذا كأن شهادة ورحمة فكيف قرن بالدجال وكيف مدحت المدينة الشريفة بأنه لا يدخلها .
والجواب عن ذلكن أن كونه شهادة ورحمة ليس المراد بوصفه بذلك ذاته ، وإنما المراد أن ذلك يترتب عليه وينشا عنه وأنه سببه . وإذا تقرر ذلك ، واستحضر ما تقدم من أنه وطعن الجن ، ظهر مدح المدينة بأنه لا يدخلها ، إشارة إلى أن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من دخول المدينة الشريفة ، ومن اتفق دخوله إليها [منهم ]، لا يتمكن من أحاد أهلها بالطعن ، حماية من الله تعالى لهم منهم ، فإن قيل: طعن الجن لا يختص بوقوعه من كفارهم في مؤمنى الإنس، بل يقع من مؤمنى الجن في كفار الإنس ، كما تقدم تقريره، فإذا سلم منع الجن الكفار من المدينة لم يمنع من أمن منهم ، فالجواب: أن دخول كفار الإنس إلى المدينة غير مباح، فإذا لم يسكن المدينة إلا من يظهر الإسلام ، جرت عليهم أحكام المسلمين ، وصار من لم يكن خالص الإسلام تبعا للخالص ، فحصل الأمن من وصول الجن إليهم بذلك ، فلذلك لا يدخلها الطاعون أصلا وهذا الجواب أحسن من جواب الفرطبى في والمفهم ، حيث قال: المعنى ، لا يدخلها من الطاعون مثل الذى في غيرها كطاعون
عمواس والجارف وهؤ جواب صالح على تقرير التنزل أن لو وقع شىء من ذلك بها .
وقال غيره سبب الرحمة لم ينحصر فى الطاعون ، وقد قال : وغير أن أعافيتك أوسع لى ، فإن ذلك من خصائص المدينة الشريفة ، ولوازم دعاء النبي لها بالصحة . هذا حاصل ما أجاب به الشيخ ولى الدين ، والقاضى تاج الدين وذكر المنبجى أجوبة أخرى ى منهاء أن هذه معجزة، لأن الأطباء ، من أولهم إلى أخرهم ، عجزوا أن يدفعوا الطاعون عن بلد من البلاد، بل عن قرية من القرى. وقد امتنع الطاعون من المدينة بدعائه وبخبره ، هذه المذة المتطاولة قلت . وليس هذا بجواب عن الإشكال .
ومنها : ما تقدم من أنها حرست من الشياطين كما تقدم . ومنها أنه عوضهم عن الطابون بالحمى ، لأن الطاعون أتى بعد مدة ،
والحمى تتكرر فى كل مدة فتعادلا . ومنها أن ذلك كان مخصوصا بزمنه . ومنها أنها صغيرة ، قلو وقع بها الطاعون لفنى أهلها قلت . ويظهر لى جواب أخص من هذه الأجوبة ، بعد استحضار الحديث الماضى في الباب الأول ، عن أبى عسيب ، أن رسول الله قال : آثانى جبريل بالحمى والطاعون ، فأمسكت الحمى بالمدينة ، وأرسلت الطاعون إلى الشام .0ه الحديث . وهو أن الحكمة في ذلك أنه لما دخل المدينة كان في قلة من أصحابه ، عددا ومددا من زاد وغيره ، وكانت المدينة وبيئة ، كما سبق فى حديث عائشة فناسب الحال الدعاء بتصحيح المدينة ، لتصح أجساد المقيمين بها، ليقووا على جهاد الكفار . وخير فى أمرين ، يحصل لمن أصابه كل منهما عظيم الثواب، وهما الحمى والطاعون ، فإختار حيثذ الحمى بالمدينة ، لأن أمرها أخف من أمر الطاعون ، لسرعة الموت به غالبا.
فلما أذن له فى القتال ، كات قضية استمرار الحمى ضعف الأجساد التى تحتاج إلى القوة في الجهاد قدعا حيئذ بنقل الحمى إلى الجحفة فأجيب دعاؤه ، وصارت المدينة أضح بلاد الله تعالى .
فإذا شاء الله موت أحد منهم ، حصل له الشهادة التى كانت من الطاعون ، بالقتل فى سبيل الله الذى هو أعلى ذرجة . ومن فاته ذلك منهم ، مات بالحمى التى هى حظ المؤمن من النار، وكل يوم/ منها .
يكفر سنة واستمر ذلك بالمدينة بعده ، تمييزا لها عن غيرها من البلاد، تحقية لإجابة دعائه .
نعم ، شاركتهاز في ذلك مكة المشرفة فلم يدخلها الطاعون فيما مضى من الزمان ، كما جزم به ابن قتيبة في [المعارف] ، ونقله جماعة من العلماء [عنه ] وأقروه ، إلى زمن الشيخ محبى الدين رحمه الله ، ذكر ذلك في كتاب الأذكار وغيره.
لكن قد قيل :: إنه دخلها إبعد ذلك ] في الطاعون العام الذى وقع في سنة تنع وأربعين وسبع مائة، وبعد ذلك . فإن ثبت ذلك ، فلعله لما انتهك من حرمتها بسكني الكفار فيها، وخصوصا فى زماننا هذا ثم وقفن، والله المستعان .
[الفصل التاسع ] ذكر الجوابت عن إشكال أخر وقع في كون الطاعون شهادة ورحمة قال ابن ماجة : حدثنا محمود بن خالد الدمشقى قأل: ثنا سليمان بن عبدالرحمن أبو أيوب ، عن ابن أبى مالك ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبى رباح ، عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله فقال: يا معشر المهاجرين ، خمس إذا ابتليتم بهن ، وأعود بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت فى أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا البكيال والميزان ، إلا اخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم . ولم يمنعوا زكاة أموالهم ، إلا منعوا القظر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا . ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله ، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم ، فأخذوا بعض ما فى أيديهم وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل اللها ، إلا جعل الله بأشهم بينهم :
وأخرجه البيهقى من هذا الوجه ، وقال فى أوله : كنا عند رسول الله فقال : :اوكيف أنتم إذا وقعت فيكم خمس وقال في الأولى : يعمل بها فيهم علانيةه وقال في الرابعة : وما حكم أمراؤهم بغير ما أنزل الله ، إلا سلط الله عليهم عدوا، فاستقذوا بعض ما فى أيديهم. وقال في الخامسة وما عطلوا كتأاب الله وسنة ننيه إلا جعل الله بأسهم بينهم .
وابن أبى مالك المذكور في سنده ، هو خالد بن يبزيد بن عبدالرحمن . وأبو مالك كنية جد أبيه أو جده عبدالرحمن ز وكان فقيها ، وقد وثقه أحمد بن صالح المصرى وأحمد بن عبدالله بن صالح العجلى وأبو زرعة الدمشقى ، وضعفه يحتى بن معين وأحمد بن حنيل والنسائي والدارقطنى . وقال ابن حبان، هو من فقهاء الشام ، كأن صدوقا في الرواية ولكنه كان يخطىء كثيرا وذكر له ابن عدى أحاديث غير هذا تم قال : وله غير ما ذكرت ، ولم أر من حديثه إلا ما يحتمل ، انتهى وللحديث شاهند أخرجه مالك في الموطأ ، من رواية ابن عباس رضى الله عنهما قال : إما ظهر الغلول في قوم ، إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب . ولا فشا الزنا فى قوم قط ، إلاكثر فيهم المؤت . ولا تقص قوم المكيال والميزان ، إلا قطع عنهم الرزق . ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم . ولا نقض قوم العهد، إلا رسلط عليهم العدو ،
وأخرجه الطبرانى من وجه أخر عن ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا إلى النبي ، وفى سنده أيضا مقال ولبعضه شاهد من حديث عمروبن العاص ، أخرجه الطبرانى من رواية محمد بن راشد ، أن رجلا حذثه ، أنه سمع عمروبن العاص يقول : أنه سمع رسول الله يقول : وما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالفناء ، وما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة ، وما من قوم يظهر فيهم الرشا، إلا أخذوا بالرعب . وفى سنده مع المبهم وعبدالله بن لهيعة .
وله شاهد أحسن من هذا، أخرجه الحاكم في - كتاب الجهاد- من المستدرك ، من طريق بشير بن المهاجر ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله. وما نقض قوم العهد قط ، إلا كان القتل بينهم . ولا ظهرت الفاحشة في قوم قط ، إلا سلط الله عليهم الموت . ولا منع قوم الزكاة ، إلا حبسن الله عنهم القطرة ، وقال: صحيح على شرط مسلم ، انتهى وقرأته على فاطمة بنت المنجى ، عن أبى الربيع بن قدامة قال: أنبا الحافط ضياء الدين المقدسى قال: أنبا زاهربن أبى طاهر وعبيد الله بن محمد اللفتواني قالا : أنبا الحسين بن عبدالملك قال :
أنبا عبدالرحمن بن ا أحمد بن الحسن الرازى قال: أنبا جعفر بن عبد الله بن فناكى بقال: أنبا أبو بكر محمد بن هارون قال: ثنا محمد بن إسحاق - هو الصغانى - ، ح وقرات عاليا على إبراهيم بن محمد بن صديق بالمسجد الحرام ، أن أحمد بن أبى طالب أخبرهم ، عن أنجب بن أبى السعادات قال : أنبا أبو الفتح بن البطلى إجازة قال : أنبا أبو الفضل بن خيرون قال : أنبا أبو على بن شادان قال: أنبا عبدالله بن إسحاق قأل: تنا الحسن بن سلام قالا ، ثنا عبيد الله بن موسى قال : تنا بشير بن المهاجر به- وأخرجه أبو يعلى من هذا الوجه . ووبشيره أخرج له مسلم ، وبقية رجاله رجال الصحيح، وهو أصح طرق هذا الحديث .
وله علة غير قادحة، أخرجه البيهقى في والكبرى، من طريق عبدالله بن المبارك ، عن حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة ، عن ابن عباس رضى الله عنهما . ويحتمل أن يكونا محفوظين - وإلا فهذه الطريق أرجح - لاحتمال أن يكون بشير بن المهاجر سلك الجادة .
وأخرج الحائم أيضا من وجه أخر عن ابن عباس رضى الله عنهما ، عن رسول الله قال : إذا ظهر ولد الزنا والربا في قرينة ، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله تعالى .
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، عن ميمونة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله يقول : ولا تزال أمتى بخير ما لم يفش فيهم ولد الزناء فإذا فشا فيهم ولد الزنا، فيوشك أن يعمهم الله بعقاب.
وفى سنده محمد بن إسحاق ، وحديثه حسن ولا سيما فى المتابعات .
ووقع فى الترغيب والترهيبة للمنذرى ، أنه وقع عند أحمد بلفظ : إذا فشا فيهم الزناء فى الموضعين ، وعند أبى يعلى : إذا فشا فيهم ولد الزنا في الموضعين، وليس كما قال . بل هو عند أحمد أيضا بلفظ ، ولد الزنام وهما بمعنى ، فإن ولد الزنا مسبب ، والله أعلم .
وتقرير الإشكال من هذه الأحاديث : أن سياقها يقتضى أن الله تعالى أوقع الطاعون عقوبة لمرتكب المعصية ، فكيف يكون له شهادة ورحمة والجواب أنه لا منافاة بينهما فإن من رحمة الله تعالى بهذه الأمة المحمدية ، أنه عجل لهم عقوياتهم في الدنيا ففى حديث أبى موسى / رضى الله عنه قال : قال رسول الله لة : وأمتى أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الأخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل القتل . أخرجه أبو داود بسند حسن .
وأخرجه الطبرانى من رواية سليمان بن داود الخولاني قال سمعت عمر بن عبدالعزيز يقول لأبى بردة - حدئنا بحديث ليس بينك وبين أبيك فيه أحد : قال: سمعت أبى يقول : سمعت رسول الله يقول : فإن أمتى أمة مقدسة مباركة مرحومة ، لا عذاب عليها يوم القيامة ، إنما عذابهم بينهم في الدنياء . ورجاله ثقات.
وأخرج أبو يعلى من رواية حميد بن هلال ، عن أبى بردة من رجل من المهاجرين قالن قال رسول الله : وعقوبة هذه الأمة بالسيف . ورجاله تقات.
وأخرج أبو يعلى أيضا بسند صحيح، من رواية أبى مألك الأشجعى ، عن أبى حازم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: إن هذه الأمة أمة مرحومة ، لا عذاب عليها إلا ما عذيت به أنفسها قلت :. وكيف تعذب أنفسها قال : أما كان يوم النهر عذاب أماكان يوم الجمل عذاب أبما كان يوم صفين عذاب .
قلت . وهذا معتى حديث أبى موسى . إعذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل، ، فهو شاهد قوى له ، ومثله لا يقال بالرأى ، وهو محمول على معظم الأمة المحمدية ، لثيوت أحاديث الشفاعة ، أن قوما يعدبون ثم يخرجون من النار ويدخلون الجنة .
لكن الغرض أن كون الطاعون من انتقام الله تعالى ، بسبب هتك حرماته ، لا ينافى أن يكون شهادة ورحمة فى حق جميع من طعن ، لا
سيما وأكثرهم [ لم ] يباشر الفاحشة المذكورة . لكن لعله إنما عمهم العقاب، ، لتقاعدهم ] عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتخاذلهم عن نصيحة بعضهم بعضا، أو تدن ذوى العفة منهم بأنواع المعاصى ، غير الفاحشة حتى صارت كلمتهم لا تسمع وموعظتهم لا تقبل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم وإما أن يكون لزيادة حسنات من لم يباشر الفاحشة ولم يقصر فيما يجب عليه من الأمر والنهي ، كما ثبت فى الحديث الأخر عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله : فإن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمله . فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها . صححه ابن حبان . وله شاهد عند أبى داود ، من طريق محمد بن خالد عن أبيه ، عن جده .
فهذا جاء فيمن يكون له الطاعون شهادة ورحمة ، بخلاف غير هؤلاء ، فلا يكون لهم ذلك إلا مجرد عقوبة . ومن ثم تجد الكثير ممن اتصف بالصفة المذكورة ، يشتد قلقه ويكثر تضجره وتكرهه ، ويتحيل بوجوه من الخيل، في دفعه بأنواع من الأشياء التى يقال : إنها تدفعه ، كالرفى والخوائم والبخورات والعود التى تعلق في الرؤوس وتكتب على الأبواب، [و] التلبس بأنواع من الطيرة التي نهى الشارع عنها ، والحمية عن كثير من المأكولات وغيرها ، وإحالة الأمر على الهواء والماء ، من غير نظر إلى سببه الحقيقى ومادته الصحيحة والتجنب لحضور الجنائز التى ترقق القلب ، وتستجلب الدمع وتؤثر الخشية ،
وتورث الخشوع اإلى غير ذلك مما يحرم صاحبه تواب الصبر والاحتساب الذى رتبت الشهادة على حصوله .
وأكثرهم يموت بغير الطاعون في زمن الطاعون / ، فتفوتة درجة الشهادة ، ويخرج من الحياة الدنيا راغما لكن من ختم له بالوفاة على الإسلام ، فقد حصلت له النجاة من الخلود في النار . ويتأيد الخبر .
المقتضى ، لأن أعظم أنباب الطاعون فشو الزنا لما تقدم فى أخر الباب الأول : من قصة بلعم ، والله تعالى أعلم ونجد كثيرا من أهل الخير بخلاف الصفة المذكورة ، وهم مراتب منهم من نجده مستبشرا كما وفع للسلف ، مثل معاذ رضى الله عنه وغيره.
ومنهم من نجده مسلما مفوضأارراضيا، وإن كان لا يحب أن يموت ، كما هو مركوز في الطباع ومنهم من يكون كذلك ، لكن يكون أسرف على نفسه ، فهبو خائف من أن يهجم عليه الموت قبل أن يتخلص من التبعات .
فنسال الله العفو والعافية بمنه وثرمه .
وقد ظهر لى من كون الفاحشة سبب الظاعون - إن تبت الخبر جواب عن وصف الجن بأخوة الإنس ، وحمل الأخوة على أخوة
الدين وهو أن يقال: حد الزانى البكر الجلد والزانى المحصن إزهاق النفس بصيغة مخصوصة فلا يبعد أن يسلط مؤمن الجن ، بإقامة الحد على الزاني بهذا الطعن ، فتزهق روح من أحصن ويعذب من لم يحصن مثلا . أو يطرقون الإنس على هينة المحاربة ، بسبب ما وقع منهم من إظهار الفاحشة بالفعل وترك الإنكار ، فإذا وقع الحرب وقع القتل عموما ثم يبعث المقتولون على نياتهم ، كما تبت فى قصة الجيش الذى يخسف بهم ، كما أخرجه مسلم وأبو داود من حديث أم سلمة .
ولأحمد بسند صحيح عنها رضى الله عنها ، عن النبي: وإذا ظهرت المعاصى فى أمتى، عمهم الله بعذاب من عنده . فقلت . يا رسول الله ، أما فيهم صالحون ] قال : وبلى ، يصيبهم ما أصابب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان .
ولمسلم من حديث عائشة رضى الله عنها : ثم يبعثهم الله على نياتهم. وأخرجه أحمد بنحوا من سياق ما أخرج عن أم سلمة .
وللطبرانى في والأوسط} من حديث أم حبيبة رضى الله عنها نحوه وفيه : آثم يبعث كل أمرىء على نيته ففى هذا أوضح البان أن تسمية الطاعون عذابا ورحمة ، لا تنافى بينهما لحمل كل من الوصفين على اعتبار الأخر ولا مانع أن يأذن الله تعالى لمؤمنى الجن في عقوبة من شاء من الإنس بذلك ، وإن كان فيهم غير المذنب . كما يقع الإذن لبعض
الملائكة فى خسف بلد من البلاد بمن فيها، أو بإغراق سفينة عظيمة ، أو بإيقاع زلزلة عظيمة تخرب منازل كثيرة ، ويموت فى الهدم خلق كثير ثم تكون منازلهم في . الأخزة شتى . ولا ينسب لمن تعاطى ذلك من الملائكة ولا مؤمنى الجن معصية ، فيضح وصف الجن على هذا بالأخوة ، أخوة الإيمان ، وحيث ورد بلفظ الأعداءه ، فعلى منا تقدم ، والله أعلم ثم وجدت أصل فهذا الجواب منقولا في إجزءه المنبجي المذكور ، ولفظة يجتمل أن يكون تسليط مؤمنى الجن على فساق الإنس كالزناة المحصنين منهم وما أشبههم ، ممن صار ذمه هذذرا، إذ لا يجوز لمؤمن الجن أن يقتل مؤمن الإنس عمدا بغير حق، انتهى كلامه . وقد تقدم فى الباب الثانى من كلام ابن القيم شيء من هذا والله أعلم .
الفصل العاشر ذكر كشف مشكل ما فى هذا الباب ل الثالث قوله : وكالحزة بضم المهملة وتشديد الزاى : هى القطعة من اللحم قطعت طولا والمراق، تقدم تفسيره قوله : الخار بمعجمة وراء مشددة : أى الساقط .
والمجنوب : هو الذى به علة ذات الجنب ، وقد ذكر تفسيره .
قوله : عتيك بمهملة ومثناة أخره كاف ، بوزن عظيم قوله : قضيت جهازك بكسر الجيم وبعد الألف زاى . أى حاجة السفر أى فرغت منها وأكملت الآلات فعاقك المرض قوله : بجمع بضم الجيم وسكون الميم - وعن الكسائى ، يكسر الجيم - : أى تموت وفى بطنها ولدها ، وهو بمعنى المجموع ، كالذخر بمعنى المدخور . والمعنى أنها ماثت ومعها شىء مجموع
فيها، غير منفصل [عنها] وقيل: هى التى تموت يكرا وقد ذكر تأيد الوجه الأول في الأصل قوله ، [أبو العميس] بمهملة مصغر ، وأخره مهملة . .واسمه اعتبة بن عبد الله ، قوله : والسل [بكسر المهملة] وتشديد اللام : مرض معروف.
قوله : إيسررهه بضم المهملة ويكسرها أيضائ جمع سرة بالضم -. وبقتح أول ما يقع من السرة .
قوله : أم حرام ، بلفظ : إحرام ، ضد: خلال، قوله : المائده فسر فى الأصل قوله : عند أبى جنبة بكسر المهملة وفتح النون بعدها موحدة واالخولاني بفتح المعجمة وسكون الواو قوله : يضن بهم بفتح التحتانية والضاد المعجمة . والضن :
بالمعجمة الساقطة - معناه : البحل . والمراد به هنا أنه سبحانه وتعالى لا يريد بهم ذلك .
قوله : وقرفه بفتح القاف والراء بعدها فاء : أى اكتسب .
قوله : أأبى مسلم بن عائده بمهملة تم تحتانية مهموزة تم دال معجمة .
قوله : وهمارة بوزن عمار قوله : وإن يلقواه بضم أوله وسكون اللام وفتح / القاف وسكون الواو: ولا يلفتون بكسر الفاء يطلعون بتشديد الطاء : قوله : شريح بمعجمة وأخره : مهملة مصغر.
وضمضم بمعجمتن ، بوزن جعفر وإسماعيل بن عياش بتحتانية ومعجمة ودحيم بمهملة ، مصغر ووالفسوى بفاء ومهملة .
قوله : العرباض بكسر المهملة وسكون الراء بعدها موحدة وأخره معجمة .
وسارية بمهملة وبعد الألف راء تم تحتانية خفيفة .
قوله : بحير لفتح الموحدة وكسر المهملة ثم تحتانية ساكنة .
قوله : وابن أبى القراته بلفظ النهر المشهور وعبد الله بن بريدة بموحدة وراء .
ويحيى بن يعمره بتحتانية ، وزن جعفر قوله : والقتان بفاء ثم مثناة تقيلة : أى الملك الذى يسأل الميت في قبره . وقد فسره الحديث الذى بعده ، [ويؤمن فتنة القبر .
قوله : نعيم بنون ، مصغر والمجمر بضم الميم وسكون الجيم وتسر الميم ، قوله : وعمواسه بفتح المهملة والميم - وقد تسكن - وتخفيف الواو وأخره مهملة . ر اسم موضع بالشام : وقيل: قيل لذلك الطاعون عمواس ، لأنه عم وواسى . وفرات بخط ابن عساكر في بعظر رويات قضة عمر فى طاعون إعام مواس. فإن كان محفوظا فلعا اسم الموضع مواس، وأضيف العام إليه ، ثم أدغم ، ثم لكيرة الاستعمال خفف . وكان طاعون عمواس سنة سبع عشر ، وقيل سنة ثمانى عشرة . والأول أصح ، فإن عام ثمانية عشر كان عام
الرمادة ، وهى المجاعة التى كانت في الحجاز . ومات فيه خمسة وعشرون ألف ، وقيل: تلاثون ألفا.
قوله : الجارف بجيم وأخره فاء: سمى الطاعون بذلك لأنه جرف الناس ، كما يجرف السيل الأرض ، فيأخذ معظم ما فيها / وفى سنة وقوع هذا الطاعون اختلاف كثر ذكره النووى في أوائل شرح مسلم ، أرجحه أنه فى العشر السابع ، إما سنة أربع أو سبع أو تسع وستين ، وكان بالبصرة ، ووقع بها أيضا طاعون يسمى والجارف سنة سبع وثمانين. وطاعون يقال له : وطاعون غرابا ، دون الجارف، وعدة طواعين كانت بها .
وكان بالكوفة الطاعون الذى فر منه المغيرة بن شعبة ، فرجع فمات ، وهو سنة خمسين . وقبله فى حياة أبى موسى الأشعرى . وقبله فى حياة ابن مسعود ، رضى الله عنهم . كل ذلك بالكوفة وكان بمصر سنة ثمانين وكان بالشام بعد طاعون عمواس عدة طواعين ، بعضها توالى ، حتى كان خلفاء بنى أمية يسكنون - إذا قرب أوانه - البوادى . ولذلك أقام هشام - منهم - بالرصافة . ويقال: إن بعض أمراء دمشق لنبى العباس ، خطب فقال : أحمدوا الله الذي أذهب عنكم الطاعون منذ ولينا عليكم . فأجابه رجل جرىء من الشاميين فقال: ما كان الله ليجمعكم علينا والطاعون . وفى المثل : ولا يكون الطاعون والحجاج .
ولم يقع فى الدنيا طاعون أعظم من الكائن في القرن الثامن .
فكان بالديار المصرية والشامية سنة تسع وأربعين، وابتدا قبل ذلك وفى غيرهما سنة تمان وأربعين، في ذى القعدة منها، إلى أن ارتفع في صفر سنة خمسين . ولم يبق إقليم من الأقاليم السبعة حتى دخله في هذه المدة وذكر الصقدى فى ورسالةه له ، أنه وقف فى [مراة الزمانه على نظيره فى ثمان - وتسبع - وأربعين وأربع مائة. وليس كما قال ، إنما هو نظيره في الفناء لأرفى خصوص الموت بالطاعون . فإن سبب الذى ذكره صاحب والمرأةه الغلاء والفحط ، فكان الموت بالجوع . ثم كان بالديار المصرية والشامية وغيرهما عدة طواعين ، ليس في العظم مثله ، والله يفعل ما يشاء ويختار قوله : وويتخيروا مما أنزل الله : هكذا وفع فى وابن ماجه، ولست على تلج من ضبطها . ولعله إشارة إلى أن الحائم إذا لم يجد نصا لا يحكم بهواه ، بل يتأمل النصوص ، فأخذ بما يدل عليه ، ولا يخرج عنها إلى اما يخالفها أو هو إشارة إلى ردع من يأخذ بالمتشابه ويترك المحكم ، ونحو ذلك ، والعلم عند الله تعالى قوله : وإلا فشا فيهم الدم : لعل معناه القتل ، لأن كثرة الذم تنشا عنه ويمكن أن يؤخذ منه إرادة الطاعون ، لأن الدم يثور به .
قوله : بالسنة بفتح المهملة والنون : أى القحط .
قوله : الرشا بضم الراء وبالمعجمة قوله : واللفتوانىه بفتح اللام وسكون الفاء وضم التاء المثناة قوله : قناكى بفتح الفاء وتخفيف النون وبعد الألف كاف ثم تحتانية
الباب الرابع حكم [الخروج من] البلد الذى يقع بها الطاعون والدخول إليها
[الفصل الأول] ذكر الزجر عن الخروج من البلد الذى يقع فيها الطاعون .
فرارا منه قال الله سبحانه وتعالى : ألم تر إلى الذين خرجو من ديرهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحيهم الآية قال عبدالرزاق فىي اتفسيرهه ، وأخرجه الطبرى من طريق أخرى كلاهما عن معمر ، عن الحسن قال: فروا من الطاعون ، فقال لهم الله : موثوا ، تم أحياهم ليكملوا بقية أجالهم . لفظ الطبرى . ولفظ عبدالرزاق في والتفيرة : عن معمر عن الحسن وقتادة قالا ، فروا من الطاعون . . فذكر مثله قال معمر وقال الكلبي : كانوا ثمانية ألاف . قال : وقال قتادة . عن عكرمة : فروا من القتال .
وأخرج ابن أبى حائم من طريق سعيد بن بشير ، عن قتادة قال : وقع الطاعون ، فخرج منهم الثلث وبقى الثلثان . تم أصابهم فخرج الثلثان وبقى الثلك ، ثم أصابهم فخرجوا كلهم ، فأماتهم الله عقوبة وأخرج الطبرى [من طريق ] أشعت ، عن الحسن قال: خرجوا ، فروا من الطاعون ، فأماتهم الله قبل أجالهم ، ثم أحياهم إلى أجالهم . ومن طريق محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه قال: كان جزقيل بن بورى يقال له: ابن العجوز، وهو الذي دعا للقوم الذين خرجوا نم ديرهم وهم ألوف حذر الموت الآية قال ابن إسحاق : فبلغنى أنهم خرجوا من بعض الأوباء من الطاغون ، أو من سقم كان يصيب الناس ، حذرا من الموت . . فذكر القصة وقال عبد بن . حميد فى وتفسيرهه . أخبرنا روح بن عبادة عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قأل : مقتهم الله على فرارهم من الموت ، فأماتهم الله عقوبة ، ثم بعثهم إلى بقية أجالهم ليتوفوها ، ولو كانت أجال القوم حانت ما بعثوا بعد موتهم وقد أخرج ابن أبى حائم هذه القصة مطولة ، من طريق أسباط ، عن السدى ، عن أبى مالك فى هذه الأية قال : كانت قرية يقال لها داوردان قرببا من رواسط ، فوقع فيهم، الطاعون . فأقامت طائفة منهم
وهربت طائفة . فأجلوا عن القرية ، ووقع الموت فيمن أقام منهم وأسرع فيهم / ، وسلم الأخرون . حتى إذا ارتفع الطاعون عنهم رجعوا إليهم فقال الذين أقاموا : إخواننا كانوا أحزم منا فلوكنا صنعنا كما صنفوا ، كنا سلمنا ولكن بقينا حتى يقع الطاعون ، لنصنعن مثل صنيعهم فلما أن كان من قابل، وقع الطاعون ، فخرجوا جميعا الذين كانوا أجلوا والذين كانوا أقاموا وهم بضعة وثلاثون ألفا فساروا حتى أتوا واديا افيح، فنزلوا فيه ، وهو بين جبلين . فبعث [الله ] إليهم ملكين ، ملكا بأعلى الوادي وملكا بأسفله فنادوهم أن موتوا، فماتوا فمكثوا ما شاء الله ، تم مر بهم نبى من الأنبياء يدعى هزقيل ، فرأى تلك العظام ، فوقف متعجبا لكثرة ما يرى منها فأوحى الله إليه أن ناد: أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تجتمعى فاجتمعت العظام من أقضى الوادى وأدناه ، فالتزق بعضها ببعض ، كل عظم من جسد التزق بجسده ، فضاروا أجسادا من عظام ، ليس ثم لحم ولا دم : ثم أوحى الله إليه : ناد: أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تكتسى لحما يعني فاكتست لحما ، تم أوحى الله إليه : ناد: أيتها الأجساد، إن الله يأمرك أن تقومى . فبعثوا أحياء ثم رجعوا إلى
بلادهم ، فكانوا لا يلبسون توبا إلا كان عليهم كفاء وشماء يعرفهم أهل ذلك الزمان . فأقاموا حتى أتت عليهم أجالهم بعد ذلك.
هذا إسناد حسن مرسل ، وأأبو مالكه اسمه غزوان - بالغين المعجمة المفتوحق والزاى السائنة - تابعى موثق. والراوى عنه اسمه إسماعيل بن عبدالرحمن، السذى ، وهو تأبعى صغير، من رجال مسلم .
وأخرجه الطبرى من رواية السدى نحوم، بطوله ، ولم / يذكر أبا مالك . وقال فيه : فلما رأهم وقف عليهم ، فجعل يتفكر فيهم ويلقت شدقه وأصابعه . فأوحى الله إليه : يا هزقيل ، تريد أن أريك كيف أحبيهم] قال: نعم . وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم ] وعندهما جميعا في أخره ، عن أسباط ، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد : كان كلامهم حين بعثوا [أن ] قالوا سبحانك ربنا ويحمدك ، لا إله إلا أنت. زاد الطبرى . فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا مونى بحنة الموت على وجوههم .
وأخرجه الطبرى . وابن [أبى ] حائم ، من طريق هلال بن يسناف بطوله ، ولكن لم يسم النبى الملكور ، ولا العدد. وفى حديثة : فقال الذين خرجوان لوزأقمنا كما أقام هؤلاء لهلكنا كما هلكوا وقال المقيمون : لو ظعنا كما ظعن هؤلاء لنجونا كما نجوا وفيه أن النبى لما مر بهم قال: يا رب لو شثت أحييت هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك . فقال : [أو أحب إليك أن أفعل] قال : نعم قال: قل : كذا وكدا فتكلم به ، فظر إلى العظام ، إن العظم ليخرج من عند العظم الذى ليس منه إلى العظم الذى هو منه . تم أمر بأمرن ،
فإذا العظام تكتسى لحما ثم أمر بأمر فإذا هم قعود يسبحون ويكبرون . ثم قيل لهم : قاتلوا في سبيل الله .
وأخرجه عبد بن حميد وابن أبى حائم أيضا من طريق النضر أبى عمر الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما نحو رواية السدى عن أبى مالك . ووالنضره ضعيف ، ولكن إذا ضمت زوايته إلى زواية أبى مالك قويت.
وله طريق أخرى عن ابن عباس بسند صحيح، لكنها مختصرة . قال الفريابى فى اتفسيرهه . حدئنا سفيان - هو الثورى - وأخرجه الطبرى من طريق أبى أحمد الزبيرى ووثيع عن سفيان، عن ميسرة النهدى ، عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى . ألم تر إلى الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف حذر الموت ، قال: كانوا أربعة ألاف، خرجوا فرارا من الطاعون . قالوا: نأتى أرضا ليس فيها موت . حتى
إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال لهم الله : مونوا فمر عليهم نبى من الأنبياء ، فدعا ربه أن يحييهم ، فأحياهم وهكذا أخرجه إسحاق بن راهويه في أمسندهه، وابن المندر من : طريقه عن وثيع . وفى رواية أبى أحمد: أن يحيبهم حتى يعبدوه ، فأحياهم وقد أخرج عبد بن حميد والطبرى ، من طريق وهب بن منبة: أنهم كانوا أربعة ألاف ، وسمى النبى المذكور وحزقيل . وكذا أخرجه الطبرى من طريق حكام بن عنيسة ، عن حجاج بن أرطاةن أنهم كأنوا أربعة ألاف . ومن زطريق عظاء الخراساي قال: كانوا أربعة ألاف أو أكثر ومن وجه أخر عن حكام بن عنبسة عن أشعت بن أسلم البصرى قال: بينما عمر يصلى ، ويهوديان خلفه ، إذ قال أحدهما لصاحبه : أهو هذام فلما انفتل سألهما فقالا: إنا نجدك في كتاب الله قرنا من حديد ، تعطى ما أعطى حزقيل الذى أحيا المونى بإذن الله.
فقال عمر: ما نجد في كتاب الله إحزقيل ، ولا أحيا المونى بإذن الله إلا عيسى . فقالا: زأما تجد في كتاب الله : ورسلا لم نقصصهم عليلكت قالد بلى . فالان فهو منهم . وأما إحياء المغتى فسنحدثك : إن بنى إسرائيل وقع فيهم الوباء ، فخرج منهم بوم حتى
إذا كانوا على رأس ميل، أمائهم الله ، فينوا عليهم حائطا . حتى إذا بليت عظامهم ، بعث الله حزقيل ، فقام عليهم ، فقال ما شاء الله ، .
فبعثهم الله له ، فأنزل الله فى ذلك قوله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف.
فهذه الرويات يشد بعضها بعضا وشذت رواات أخرى .
إحداها: في السبب ، فأخرج الطبرى من طريق جوبير، عن الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : يعنى بالألوف كثرة العدد، أمروا أن يقاتلوا فىي سبيل الله ، ففروا من الجهاد، فأماتهم الله ، ثم أحياهم وأمرهم أن يعاودوا الجهاد وهذه طريق واهية ، فإن وجوببراة متروك ، ووالضحاك عن أبن عباس منقطع وقد رواه سنيد ، تم الطبرى من طريقه ، من وجه أخر عن الضحاك نحو هذا وإسنيده هذا فيه مقال والطرق الماضية ، من أن فرارهم كان بسبب الطاعون ، أقوى مخرجا وأحسن طرقا ثانيها : في المدة التى بين إمائتهم وإحيائهم ، فنقل القرطبى أن المدة كانت سبعة أيام ، وقيل: تمانية، وقيل : شهر ، وقيل: أثثر من شهر . وظاهر الأخبار الماضية أن المدة كانت فوق ذلك ، بحيث بليت أجسادهم ، وتمزقت أوصالهم ، وصاروا عظاما
وقد أخرج الطبرى وابن المنذر، من طريق عمرو بن دينار بسند صحيخ إليه ، قال فى قوله تعالى : ألم تر إلى اذين خرجوا من ديرهم الآية، قال : وقع الطاعون في قريتهم ، فخرج ناش وبقى ناس ، فهلك الذين بقوا في القرية وبقى أخرون . ثم وقع الطاعون ، فخرج ناس أكثر ممن خرج أولا وبقى ناس ، فهلك الذين بقبوا .
فلما كانت الثالثن خرجوا بأجمعهم إلا قليلا ، فأماتهم الله ، ثم أحياهم . فرجفوا إلى بلادهم ، وقد توالدت م دريتهم ممن تركوا بها ، فصار يقول بعضهما لبعض : من أنتم .
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج ، عن ابن عباس رضى الله عنهما قالن : لما وقع الطاعون وخرجوا انتظرهم أهاليهم فلم يرجعوا ، فرتبوا ، فوجدوهم مونى ، فعجزوا عن ذفنهم ، فحظروا عليهم جدارا . ثم بعثهم الله بعد زمان، لا يفقد رجل منهم غقالا مما كان معه فما فوقه . فدخلوا بلذهم ، فجعل الرجل منهم يأتى مسكنه، فيجد فيه ابنه أو ابن ابنه أو أسفل من ذلك ، فيقول : هذا مسكن فيقول الأخرن ليس بمسكنك ، ولكنه مسكن ومسكن أبانى . فيقول : من أنت فيقؤل : أنا فلان ابن فلان، حتى يلقاه . وهذا منقطع وعن ابن جريج قال : وقال أخرون . فروا من الطاعون ، فحظروا
عليهم جظارا ، وقد أروخت أجسادهم وأنتنوا : فإنها لتوجد اليوم تلك الريح من ذلك السبط من اليهود.
فالحاصل : أن فى ذلك دلالة على طول المدة التى بين الإماتة والإحياء فالله أعلم .
ثالثها : في عدتهم ، فمعظم الروايات السابقة أنهم كانوا أربعة ألاف ، ولا تخالفها رواية عطاء الخراسانى . ثلاثة ألاف وأثثر ، لما لا يخفى وتقدمت رواية فيها: ستة ألاف . وعن مقائل والكلبى : كأنوا ثمانية ألاف . وأخرج الطبرى من طريق أبى صالح ، عن أم هانىء .
تسعة ألاف . وعن أبى روق : كانوا عشرة ألاف . حكاه التعليى عنه وقيل : كانوا تلائين [الفا] ، حكاء التعليى عن أبى مالك . وقيل بضعة وثلاثين ألفا، قاله السدى ، وحكاه الشعلى أيضا عن ابن جربج وقيل : أربعين ألفا: وقيل : سبعين ألفا: وقيل: ثمانين ألفا وقيل تسعين ألفا ، وقيل : ست مائة ألف . حكاها التعليى ثم القرطبى قال الطبرى . وأولى الأقوال بالصواب ، فى قوله تعالى وهم ألوف ، قول من قال في عددهم : أزيد من عشرة ألاف، بخلاف قول من قال: دون ذلك . لأن والألوف » جمع كثرة ، لا يقال للعشرة فما دونها ، وإنما يقال ألاف، انتهى . وتبعه جماعة من المفسرين على ذلك .
وأجاب جماعة من المحققين : أنه لا يمتنع إطلاق لفظ جمع
الكثرة على ذلك ، مثل ذلك في قوله تعالى . ثلثة قروء. ولما كان المقام يقتضى التكثير عبر بذلك ، لأن قرينة السياق ترشد إلى المراد مع أن أصح الطرق الواردة في ذلك قول ابن عباس رضى الله عنهما أربعة ألاف، وقول السدى : كانوا بضعة وثلاثين الفا وسائر الأقوال - غير هذين - فيها مقال: والجمع بين القولين المذكورين ممكن، بأن يحمل العدد الإقل على ] رؤسائهم ، وأشرافهم ، والعدد الأثثر بأنضمام الاتباع إليهم ، والله سبحانه وتعالى أعلم رابعها : اتفقت الرويات كلها ، قويها وضعيفها ، على أن المراد بالألوفة العدد، إلا ما أخرجه الطبرى ، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم قال فى قوله تعالى . وهم الوف : إليست الفرقة ، بل قلوبهم مؤتلفة إنما خرجوا فراز . فاقتضى تلافه أنه جمع إلف ، مثل: جلوس وجالس ، وشهود وشاهد . قال الطبرى ، قول الجماغة أولى بالصواب . وقال الزمخشرى . هو من بدع التفاسير .
وقال ابن عطية : القصض في ذلك كلها لينة الأسانيد ، والحاصل منها، وقوع الفرار من الموت ، من قوم أماتهم الله تعالى ثم أحياهم، ليظهر أنه لا يفيد خوف ل الخائف . ولا اغترار المغتر ، انتهى: وقال القاضى أبو بكر ابن العربى : هذا القول ضعيف ، الأن ورود الموت عليهم وهم فى كشرة عظيمة يفيد مزيد اعتبار بحالهم ، لإن
موت جمع عظيم دفعة واحدة لم تجر العادة به ، يفيد وقوعه الاعتبار العظيم . وأما وقوع الموت على قوم بينهم اتتلاف ومحبة فهوكوروده على قوم بينهم اختلاف ، لأن وجه الاعتبار لا يختلف .
وأجاب الفخر الرازى بأنه : يمكن أن يكون المراد أن كل واحد منهم كان إلفا لحياته ، محبا لهذه الدنيا فيرجع خاصله إلى ما قاله الله تعالى : ولتدنهم أحرص الناس على حيوة ، وأنهم ، مع غاية حبهم للحياة، وإلفهم لها ، أماتهم الله تعالى، ليعلم أن الحرص على الحياة لا يعصم من الممات ، انتهى وتعقبه القاضى تاج الدين السبكى ، في والجزءه الذي جمعه في الطاعون ، بأن إيراد القاضى أبى بكر باق على حاله ، وليس فيما ذكره الإمام الفخر جواب عنه ، لأنه لا يقع الاعتبار العظيم الخارق للعادة يكون كل واحد منهم إلفا لحياته محبا لها ، لأن ذلك موجود فى كل ميت، منهم ومن غيرهم ، بخلاف موت الطائفة العظيمة دفعة واحدة ، انتهى ويظهر لى فى جواب إيراد القاضى وتوجيه قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم توجيه أخرة وهو أن المراد أنهم كان رأيهم اجتمع على الفرار المذكور ، لأنه يجوز فى نفس الأمر أن يكون بعضهم كان لا يرى الفرار، وإنما خرج مع من خرج بغير اختياره مثلا، أو لتردده في كون ذلك صوابا أو خطا فأفاد الوصف بأنهم كانوا تواردوا على هذا المعتقد، فلذلك عوقبوا جميعهم بذلك ، فيفيد الاعتبار بحالهم ، وأنه لا ينبغى المسارعة إلى تقليد الرؤساء في مثل ذلك ، مع أن القائل
المذكور لم ينف العدد، تم إن اللفظ محتمل للمعنيين ، فما المانع من حمله عليهما عند من يجيز ذلك .
خامسها : قال والإمام أبو بكر الرازى في أحكام القران : ذلت الأية على أن الله تغالى كره فرارهم من الطاعون ، وهو نظير قوله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وونرس وقوله تعالى: أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وقوله تعالى: قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملقيكم
[الفصل الثاني] ذكر قصة عمر رضى الله عنه في رجوعه من طريق الشام لما بلغه أن الطاعون بها، والبيان الواضح أن ذلك ليس من الفرار من الطاعون ، ولا مخالفا لما دلت عليه الأخبار الواردة في ذلك ذكر سيف في والفتوح عن مشايخه ، أن الطاعون وقع بالشام فى المحرم وصفر ، ومات فيه الناس ، ثم ارتفع فكتبوا إلى عمر بذلك . فخرج ، حتى إذا كان قربا من الشام، بلغه أنه أشد ما كان، فقال الصحابة رضى الله عنهم : قال رسول الله : وإذا كأن بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا عليكم . فرجع عمر حتى ارتفع الطاعون منها وأخرج الطحاوى في ومعانى الآتاره بسند صحيح، عن أنس،
أن عمر أتى الشام ، فاستقبله أبو طلحة وأبو عبيدة بن الجراح ، فقالا : يا أمير المؤمنين، إن معك وجوه أصحاب رسول الله وخيارهم ، وإنا تركنا من بعدنا مثل حريق النار- يعنى الطاعون - فارجع العام ، فرجع . فلما كان العام المقبل ، جاء فدخل . .
وقد وفعت / لنا قضة عمر رضى الله عنه المذكورة مسندة مطولة . . أخرج مالك والبخارى ومسلم من طريق مالك وغيره عن أبن شهاب ، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبدالله بن عباس رضى الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه خرج إلى الشام ، حتى إذا كأن بسرع لقيه أمراء الأجنادة أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه ، فأخبروه أن الوباء قدز وقع بالشام قال ابن عباس : فقال لى عمر بن الخطاب : ادع لى المهاجرين الأولين . قدعوتهم ، فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ، فاختلفوا فقال بعضهم ، قد خرجت لأمر ، ولا ترى أن ترجع عنه . وقال بعضهم ] معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال عمر ارتفعوا عنى . تم قال: ادع لي الأنصار قدعوتهم ، فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم . فقال: ارتفعوا عنى . ثم قال : ادع لى من كان ها هنا من مشيخة قريش ، من مهاجرة الفتح : قدعوتهم ، فلم يختلف
عليه رجلان . فقالوا : نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء .
فنادي عمر رضى الله عنه في الناس : [إنى ] مصبح على ظهر فاصبحوا عليه فقال أبو عبيدة . وهو إذ ذاك أمير الشام - : أفرارا من قدر الله فقال عمر: لو غيرك قالها با أبا عبيدة - وكان عمر رضى عنه يكره خلافه - نعم ، نفر من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كان لك إبل كثيرة فهبطت واديا له عذوتان ، إحداهما خصبة والاخرى جدبة ، ألست إن رعيت الجصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله .
قال : فجاء عبدالرحمن بن عوف رضى الله عنه - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال : إن عندى من هذا لعلما سمعت رسول الله يقول : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منهه . فقال: فحمد الله عمر تم أنصرف .
زاد ابن خزيمة فى رواية له من طريق مالك : ثم أنصرف بالناس : وأخرجه مسلم من رواية معمر عن ابن شهاب قال : . . نحو رواية مالك . قال : وزاد في رواية معمر وقال له أيضا أرأيت لو أنه رعى الجدبة وترك الخصبة ، أكنت معجزه قال : نعم . قال: فسر إذأ : قال : فسار حتى أنى المدينة ، فقال : هذا المحل - أو هذا المنزل- إن
شاء الله . وأخرجه من رواية يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : :. نحو رواية مالك ومعمر، إلا أنه قال: وعبدالله بن الحارث ، ولم يقل: عبدالله بن عبدالله بن الحارث، ، وقول مالك ومن تابعه أصح ، انتهى كلام مسلم وقد ساق ابن بحزيمة رواية يونس ، وأولها : أن عبدالله بن عبانن رضى الله عنهما حدثه ، أنه كان مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين خرج إلى الشام فرجع بألناس من سرع ، لقيه أمراؤه على الأجناد، ولقيه أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه وأصحابه ، وقد وقغ الوجع بالشام فقال ز اجمع إلى ] . . . فذكر القصة . وفيها، [وقال بعضهم إنما هو قدر الله. وفيها : إفأمرهم ، فخرجوا عنه . وقال ف الحديث : إنى مصح على ظهر فاصبحوا عليه ، فإنى ماض لما أرى / ، فانظروا ما أمركم به ، فامضوا له قال: فأصح على ظهر ، فركب عمر ، ثم قال للناس : إنى راجع - . وقال فيه بعدز قوله ، بقدر الله : ثم خلا يأبى عبيدة فتراجعا ساعة ، فجاء عبدالرحمن .
وقال في أخره وفحمد الله عمر ، فرجع فأمر الناس أن يرجعوا .، و عبد الله بن عبد الله بن الخارث بن نوفل المذكور في [هذا الحديث ، ونوفل » - جد أبيه - هو ابن عم النبي، وهو توفل بن الحارث بن عبدالمطلب . و إعبدالله بن عبدالله] اسمه اسم أبيه،
ويكنى أبا يحبى ، تابعى ويقه النسانى وابن سعد والعجلى وأخرون ، ومات سنة تسع وتسعين من الهجرة وأبوه يكنى أبا محمد ، ولقبه ببه - بموحدتين مفتوحتين الثأنية تقيلة -، ولد فى عهد النبي وحنكه فعذ في الصحابة لذلك ، وهو من حيث الرواية تابعى ثقة إعند الجميع ]، ومات سنة أربع وتمانين من الهجرة والمحفوظ في حديث الباب أنه عن ولده كما قال مالك ومن تابعه ، لا عنه كما قال يونس وقد حكى ابن عبدالبر أن بعض الرواة عن مألك قال: إعبدالله بن عبدالله بن الحارث ، عن أبيه : قال: وقوله : عن أبيه زيادة .
قلت . وأخرجه الدارقطنى في والموطات وفى والغرائب ، من طريق إبراهيم بن عمربن أبى الوزير عن مالك ، وقال وقد خالف الجميع هشام بن سعد فقال : عن ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن ، أن عمر حين أراد الرجوع من سرع استشار الناس فقالت طائفة، منهم أبو عبيدة بن الجراح : أمن الموت نفرى، إنما نحن بقدر، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا فقال عمر يا أبا عبيدة لو كنت بواد إحدى عذوتيه مخصبة والاخرى مجدبة ، أيهما كنت
ترعى قال: المخصية . قال: فإن، إن تقدمنا فبقدر الله ، وإن تأخرنا فبقدر الله ، وفى قدر الله نحن . أخرجه الطحاوى، وهشام بن سعد صدوق في حفظه شىء ، فإن كان حفظه اجتمل أن يكون لابن شهاب فيه شيخ أخر وقد أخرجه ابن خزيمة من وجه أخر عن هشام بن سعد ، عن ابن شهاب، عن أبى سلمة بن عبدالرحمن بن عوف ، عن أبيه رضى الله عنه ، أن عمر رضى الله عنه [حين ] خرج إلى الشام ، سمع بالطاعون فتكركر عنه ، فقال له عبدالرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله يقول : .وإذا سمعتم به قد وقع بأرض فلا تدخلو عليه ، وإذا وفع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فرارا منهه ، فرجع عمر عن حديث عبدالرحمن وقد شذ هشام بن سعد فيه ، .والمحفزظ أن أول هذا من رواية ابن شهاب ، عن سالم بن عبدالله ، [عن عبد الله ] بن عامر ، عن عبدالرحمن بن عوف وعمر . وأخره من قول سالم تنبيه ، مراجعة أبى عبلدة لعمر رضى الله عنه فى إرادته الرجوع .
معارضة في الظاهر لخديث أنس المذكور أولا ، وأن أبا عبيدة وأبا
طلحة أشاراعلى عمر بالرجوع . ويمكن الجمع بأن يكون أبو عبيدة أشار أولا بالرجوع ، ثم غلب عليه مقام التوثل ، لما رأى الكثير من المهاجرين والأنصار جنحوا إليه ، فرجع عن رأى الرجوع فناظر عمر فى ذلك . فلما أقام عليه الحجة تبعه . ثم جاء عبد الرحمن بن عوف بالنص ، فرجعوا أجمعين إليه.
طريق أخرى لخبر عبدالرحمن بن عوف أخرج مالك ، والشيخان أيضا من طريقه م ، عن ابن شهاب، عن عبدالله بن عامر بن ربيعة : أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام ، فلما جاء سرغا بلغه أن الوباء قد وقع بالشام ، فأخبره عبدالرحمن بن عوف ، أن رسول الله قال : فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منهه ، فرجع عمر من سرغ وعن ابن شهاب، عن سالم : أن عمر إنما أنصرف بالناس عن حديث عبدالرحمن بن عوف .
وأخرجه الدارقطنى فى والغرائب ، من رواية جويرية بن .
أسماء عن مالك ، وزاد في أخره - عن رسول الله أنه نهى أن يقدم عليه إذا سمع به ، وأن يخرج عنه إذا وقع بأرض هو بها .
وقد ظن بعض الناس أن هذه الرواية تخالف الرواية الأولى وليس كذلك ، بل ذلت هذه الرواية على أن عمر كان رجح عنده
الرجوع لما قال للناس : إنى مصبح ، لكن لم يجزم بذلك فلما أخبره عبدالرحمن بن زعوف بما وافق اجتهاده، حمد الله على ذلك ، فمعن قول سالم ، أنه لولا أن عبدالرحمن بن عوف أخبره عن النبي بالحديث ، لاستمر مبرددا فى الرجوع وعدمه فلذلك نسب سبب رجوعه إلى حديث عبدالرحمن بن عوف، لأنه العمدة في ذلك ، وإن كان الاجتهاد قد سبق على وفقه . وهدا مما ينبغى أن يضاف إلى موافقات عمر رضى الله عنه .
وقد تقدم في ألباب الأول لحديث عبدالرحمن بن عوف طريق أخرى .
وأخرج الكلاباذى في ومعانى الأخبارا ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن سالم بن عبدالله بن عمر- أراء عن أبيه عن عبدالرحمن بن عوف قال سمعت رسول الله يقول : وإذا سمعتم الوباء ببلد فلا تقدموا عليه ، وإذا [وقع وأنتم ] فيه فلا تخرجوا فرارا منه لا يخرجكم إلا ذلك ] : تنبيه ، أورد الغزالى في الإحياء قضة عمر رضى الله عنه إيرادا مستغربا ، فيه مخالفة زللطرق التى تقدم ذكرها ، فإنه قال: روى عن عمرز والصحابة ، أنهم لما قضدوا الشام ، وانتهوا إلى
الجابية ، وبلغهم الخبر أن بها مونا ذريعا ووباء عظيما فافترق الناس فرقتين، فقال بعضهم لا ندخل الوباء فنلقى بأيدينا إلى التهلكة.
وقالت الطائفة الأخرى . بل ندخل ونتوثل ، ولا نهربب من قدر الله ، ولا نفر من الموت فنكون مثل من قال الله تعالى : { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحيهم تم ارتفعوا إلى عمر ، فسالوه عن رأيه في ذلك . فقال: ترجع ولا تدخل ، فقال له المخالفون في رأيه : أنفر من قدر الله فقال عمرد نعم ، نقر من قدر الله إلى قدر الله . ثم ضرب لهم مثلا فقال : أرأيتم لو كان لأحدكم غنم نزل بها وادي]2 له عدوتان.
فذكره . قال : ثم طلب عبدالرحمن بن عوف ليساله عن رأيه ، وكان غائبا فلما أصبحوا جاء عبدالرحمن بن عوف ، فساله عن ذلك ، فقال ، عندى فيه شىء سمعته من رسول الله ، فقال عمر الله أكبر فقال عبدالرحمن : سمعت رسول الله يقول : . . فذكر الحديث.
قال: ففرح عمر بذلك ، أن وافق رأيه الخبر، ورجع بالناس من الجابية ، انتهى وهذا السياق لهذه القصة ، لم أره فى شىء من كتب الحديث ولا الفتوح ، مع مزيد التنقيب والبحث: فإن كان مروبا على هذه الصورة ، فهو شاد لمخالفته الطرق الصحيحة فيما خالف من ذلك، وإنما أوردته لأنبه عليه للفائدة . والله أعلم
ذكر الأخبار الموافقة لحديث عبدالرحمن بن عوف في ذلك جاء من حديث أسامة بن زيد - وهو أشهرها ، ، ومن حديث سعد بن أبى وقاص، وخزيمة بن تأبت ، وزيد بن تابت ، وجد عكزمة ين خالد وشرحبيل بن حسنة ، وأم أيمن ، رضى الله عنهم .
قال الترمذى : بحدئنا قتببة بن سعيد قال : تنا حماد بن زيد (ح): وقال ابن : خزيفة . ثنا عبد الجبار بن العلاء قال : ثنا سفيان - قو ابن عبينة -. كلاهما عن عمرو- هو ابن دينار- عن عامر بن سعد بن أبى وقاص قال : جاء رجل إلى سعد يساله عن الطاعون ، وعنده أسامة هو ابن زيد بن حارئة - فقال أسامة رضى الله عنه : أنا أخبرك سمعت رسول الله يقول : فإن هذا الطاعون عذاب أرسل على من كان قبلكم أو على طائفة من بنى إسرائيل -، يجىء أحيانا ويذهب أخرى . فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، وإذا سمعتا بأرض قد دخلها فلا تدخلوا عليهه ، لفظ ابن خزيمة .
وأخرجه مسلم من زوايتى حماد وابن عيينة ، ولم يسق لفظه وأخرجه أيضا من زواية ابن جريج ، عن عمرو بن ديناز، وقال في روايته: فلا تدخلوا عليه ، وإذا دخلها عليكم فلا تخرجوا منها فرارأ .
وأخرجه ابن جزيمة من طريق فحمد بن ثأبت ، عن عمروبن دينار عن عامر بن سعد ، عن أسامة أن رسول الله ذكر عنده
الطاعون فقال : إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها ، وإذا كان بها وأنتم بها فلا تفروا منه ، فإنه رجز سلط على طائفة من بنى إسرائيل .
وأخرج مالك في والموطأة والشيخان والنائى من طريقه ، ومسلم أيضا من طريق سفيان الشوري ومغيرة بن عبدالرحمن ، كلهم عن محمد بن المكدر زاد مالك وسالم أبى النضر مولى عمر بن عبيد الله . كلاهما عن عامربن سعد ، أنه سمع أباه يسال أسامة بن زيد : ماذا سمعت من رسول الله للة فى الطاعون فقال أسامة رضى الله عنه : قال رسول الله لة : والطاعون رجس أرسل على طائفة من بنى إسرائيل - أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه . قال أبو النضر ولا يخرجكم إلا فرارا منه ، لفظ مالك .
وفى رواية النسائىي من طريق ابن القاسم عنه : ولا يخرجكم .
إلا الفرار منه . وفى رواية مغيرة بن عبدالرحمن : والطاعون ، إنه الرجز، أبلى الله به ناسا من عبادهه، وقال في أخره : [ولا تفروا منه . وفى رواية سفيان التورى مثل رواية عمروبن دينار الماضية ، لكن لم يقل : يذهب أحيانا ويجىء أحيان ، وقال: رجز سلط .
وأخرج البخارى في ترك الخيل من وصحيحهه ، من طريق شعيب ، عن الزهرى ، عن عامر بن سعد ، أنه سمع أسامة بن زيل يحدث سعدا . فلكز الحديث . وفيه : من سمع به بأرض فلا يقدمن عليه ، ومن كان ابأرض وقع بها فلا يخرج فرارا منه .
وأخرجه مسلم من طريق يونس ، عن الزهرى قأل: أخبرفى عامر بن سعد ، به . ولم يقل . يحدث سعدا . فذكر الحديث . وهكذا رواه عامة أصحاب الزهرى عنه . وخالفهم معبد الرجمن بن إسحاق ، فقال : عن الزهرى ، اعن عامر بن سعد ، عن زيد بن ثابت . : مقتصرا على قوله : وإذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منهاه . ومعبدالرحمن ] سىء الحفظ، والمحفوظ قول الجماعة .
وأخرجه مسلم زأيضاء من طريق شعبة عن حبيب بن أبى ثابت قال : كنا بالمدينة ، فبلغنا أن الطاعون قد وقع بالكوفة ، فقال لى عطاء بن يسار وغيره ن: إن رسول الله قال : إذا كنت بأرض فوقع بها فلا تخرج منها، وإذا بلغك أنه بأرض فلا تدخلها . فقلت -: عن من قالوا عن عامر بن سعد يجدث به : فأنيته ، فقالوا غائب . فلقيب أخاه إبراهيم بن سعد ، فسالته ، فقال: شهدت أسامة بن زيد يحدث قال: سمعت رسول الله. . فذكر [نحو] حديث أبى النضر ، ولم يذكر الفرار وأخرجه مسلمز من طريق الأعمش ، عن حبيب بن أبى ثابت، عن إبراهيم بن سجدن عن سعد وأسامة . ومن طريق الشيبانى ، عن حبيب ، عن إبراهيم ، عن أبيه وجده
وروايتاه فى امستخرجة أبى نعيم ، من هذا الوجه ، ولفظه إن هذا الوجع - يعنى الطاعون - رجز أنزل على من كان قبلكم ، فإذا أخذ بأرض ولستم بها فلا تدخلوها حتى يقلع وإذا أخذ بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منهاء . وتقدمت الإشارة إليه في الباب الأول.
وأخرجه مسلم أيضا وأحمد ، من طريق سفيان التورى ، عن حبيب ، عن إبراهيم عن سعد وأسامة وخزيمة بن ثابت . قال مسلم ، بمعنى حديث شعبة وقد تقدم بعضه في الباب الأول ، مع بعض الطرق المذكورة ، وبينت أنه يحتمل أن يكون سعد كان نسى الحديث ثم تذكره لما حدثه به أسامة . وساقه أحمد ، وقال فيه : . . فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه ، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تدخلوها .
وقد رواه يحيى بن سعد بن أبى وقاض ، عن أبيه . قال أحمد ثنا محمد بن جعفر قال: تنا شعبة عن قتادة ، عن عكرمة عن ابن سعد ، عن سعد رضى الله عنه ، عن النبي، أنه قال في الطاعون ، إذا وقع بأرض فلا تدخلوها وإذا كنتم بها فلا تفروا منه . قال شعبة : وحدثنى هشام أبو بكر - يعنى الدستوائي - أنه عكرمة بن خالد وأخرجه ابن خزيمة من حديث شعبة وقال في أخره : وحدثنى هشام الدستوائى أنه عكرمة بن خالد.
قلت : إنما قال شعبة هذا لأن قتادة معروف بالرواية عن
عكرمة مولى ابن عباس ، وكأنه لما حلت به شعبة لم ينسب عكرمة ، ولما حدث به هشام نسبه . واعتنى شعبة بتبيين نسب عكرمة ، ولم يعتن بتبيين اسم ابن سعد. وقد بين هشام الذشتوائي أيضا أبه ويحيى، أخرجه ابن خزيمة من طزيق معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن عكرمة بن خالد قال : حدثنى يحتى بن سعدم ، عن أبية ن وكذا أخرجه أحمد ، وابن خزيمة أيضاء، من رواية سليم بن حيان، عن عكرمة بن خالد به ، ولفظه: ذكر الطاعون عند رسول الله فقال : ذرجز أصيب به من كان قبلكم . فإذا كان بأرض فلا تدخلوها ، وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا عنها .
وله طربق أجرى عن سعد بن أبى وقاص ، أخرجها مسلم وأحمد ، من رواية سعيد بن المسيب ، عن سعد بن مالك ، بلفظ ، إذا كان الطاعون بأرض فلا تهبطوا عليه ، وإذا كان بأرض وأنتم بها ر فلا تفروا منه .
وقد رواه حماد بن سلمة ، عن عكرمة بن خالد فخالف شعية في سنده . أخرجه أحمد والطبرانى والطحاوى ، من طرق عن حماد، عن عكرمة بن خالد عن أبيه - أو عن عمه ، عن جده ، أن .
رسول الله قال في غزوة تبوك : أإذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم بغيرها فلا تقدموا عليها .
فإن كان حفاد بن : سلمة حفظه احتمل أن يكون لعكرمة بن
خالد فيه طريقان. ويقوى ذلك الزيادة في هذه الرواية ، وهى تعبين المكان والزمان الذى قيل فيه ذلك .
ويشبه - والله أعلم - أن يكون السبب في ذلك ، أن الشام كانت في قديم الزمان - ولم تزل - معروفة بكثرة الطواعين ، فلما قدم النبي تبوك ، غازيا الشام ، لعله بلغه أن الطاعون في الجهة التي كان يقصدها فكان ذلك من أسباب رجوعه من غير قتال، والله أعلم وفى الباب حديث أخر: قال سيف في والفتوحه : أخبرنا داود بن أبى هند والعلاء بن زياد قالا: لما مات معاذ بن جبل رضى الله عنه ، تكلم عمروبن عبسة( ، فقال شرحبيل بن حسنة انظروا ما أقول، فإن رسول الله قال : وإذا وقع - يعنى الطاعون - بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فإن الموت في أعقابكم ، وإذا كان بأرض فلا تدخلوها، فإنه يحرق القلوب . هذا منقطع ذكر حديث أم أيمن في ذلك ، قال عبد بن حميد: تنا عمروبن سعيد قال تنا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن أم أيمن رضى الله عنها ، أنها سمعت رسول الله يوصى بعض أهله فقال: ووإن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت. فيه انقطاع بين مكحول وأم أيمن .
ويدخل في هذا الباب حديث عائشة رضى الله عنها ، عن النبي قال : وما من عبد يكون : أى الطاعون : في بلدة يكون فيها، فيمكت فلا يخرج من البلدة صابرا محتسبا ، إلا كان له مثل أجر شهيد. أخرجه البخارى هكذا في كتاب القدر، وقد قدمت طرقه
والفاظه فى الباب الثالث . وهو شاهد لأحد شقى الحديث، من جهة الترغيب في الإقامة ، فإنه بمعنى النهى عن الخروج، والله سبحانه وتعالى أعلم .
ذكر اختلاف الصجاية فى البلد الذى يقع به الظاعون .
قال سيف بن عمر فى وكتاب الفتوحا له ، عن مشايخه : كان فى طاعون عمواس موثان لم ير الناس مثله ، حتى ظمع العدو في المسلمين ، وطال مكثه ، حتى تكلم م الناس في ذلك واختلفوا فأمر معاذ بالصبر عليه حتى ينجلى ، وأمر عمروبن عبسة بالتنحي عنه حتى ينجلى . فقال الذين يريدون التنحى أيها الناس ، هذا رجز هذا الطوفان الذى بعثه الله على بنى إسرائيل . فرد عليه معاذ بن جبل والذين يرون الصبر ، فقالوا: لم تجعلون دعوة نبيكم ورحمة ربكم عذابا.
ذكر سباق الأخبار الواردة في ذلك عن الصحابة رضى الله عنهم .
قال أحمد جدنى أبو سعيد مولى بنى هاشم قال : ثنا
تابت بن يزيد قال : تنا عاصم - هو ابن سليمان -، عن أبى منيب أن عمروبن العاص قال في الطاعون ، في أخر خطبة خطب الناس إن هذا رجز مثل السيل من تنكبه أخطاه ، ومثل النار من تنكبه أخطاها ، ومن أقام أحرقته فاذته . فقال شرحبيل بن حسنة : إن هذا رحمة ربكم ودعوة نبيكم وقبض الصالحين قبلكم . رجاله تقات، وأخرجه الطبرانى من طريق جربر ، عن عاصم .
وأبو منيب - بضم أوله وكسر النون بعدها تحتانية ساكنة ثم موحدة -: دمشقى يعرف بوالأحدبه ، مشهور بكنيته ، نزل البصرة ، ووثقه العجلى . وقد أثبت البخارى سماعه من معاد، وذكره ابن حبان في والثقات .
وفى الرواة أيضاء أبو مييتب الجرشى - بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة - ، وهو شامى أيضا روى عن سعيد بن المسيب وغيره، روى عنه حسان بن عطية وغيره . فرق بينه وبين الذي قبله البخارى وابن أبى حائم عن أبيه ، وابن صاعد وأخرون . وقال أبو أحمد الحاكم في والكنى : ما أراهما إلا واحدام ، وتبعه ابن عساكر ثم المزى، والله أعلم .
طريق أخرى لهذه القصة : قال أحمد : ثنا عفان قال: تنا شعبة قال: أخبرنى يزيد بن خمير فال: سمعت شرحبيل بن شفعة ، يحدث عن عمروبن العاص ، أن الطاعون وقع، فقال عمروبن العاض : إنه رجس فتفرقوا
عنه فقال شرخييل بن حسنة رضى الله عنه : إنى قد صحبت رسول الله وعمرو أضل من جمل أهله .- وربما قال شعبقة من بغير أهله -، وأنه قال : إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم ، فاجتمعوا لنه ولا تفرقوا عنه فبلغ ذلك عمروبن العاص رضى الله عنه فقال : ضدق.
: وأخرجه أيضا عن محمد بن جعفر ، عن شعبق به : لكن قالز عن شرحبيل بن [شفعة قال: إوقع الطاعون . وقال فيه : فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة . وقال: بعير أهله ، و لم يشك .
وأخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه ، ومن رواية ابن أببى عذى وأبى داود الطبالسى قالا: ثنا شعبة به . وقال فيه : وقع الطاعون بالشام . وقال فيه : : وإفإنه رجس - أو رجز - . وقال فيه : إبل هو رحمة ربكم .
وأخرجه الطخاوى من رواية أبى الوليد الطيالسى ، عن شعبة ، [ به ] . وقال فيه . : إلقد صحبت رسول الله يلة ، فسمعته يقول : وإنها رحمة ربكم . . . والباقي مثله .
طريق ثالثة أخرج أحمد وابن خزيمة من طريق همام بن يختى ، عن قتادة . زاد ابن خزيمة ، ومطر الوراق . وأخرجه ابن خزيمة أيضا من طريق هشام الدستوانى ، عن قتادة . كلهم عن شهر بن حوشب ،
عن عبدالرحمن بن غنم قال: لما وقع الطاعون بالشام ، خطب عمرو بن العاص الناس فقال : إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا عنه في هذه الشعاب وفي هذه الأودية . فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة قال: فغضب فجاء وهو يجر توبه متعلق نعله بيده ، فقال : صحبت رسول الله وعمرو أضل من حمار أهله ، هذه دعوة نبيكم ورحمة ربكم ووفاة الصالحين قبلكم لفظ أحمد ، وهو سند حسن ، لكن شهر فيه مقال.
وقد أخرجه عبدالرزاق في أمصنفهة ، عن معمر، عن قتادة، عن معاد بن جبل ، منقطعا وفى رواية ابن خزيمة : ففروا منها بدل : فتفرقوا . وعنده : إفجاء يجر توبه، ونعلاه في يده ، فقال: كذب عمرق . وزاد في أخره : إفبلغ ذلك معادا فقال : اللهم اجعل نصيب أل معاذ الأوفر .
طريق أخرى لحديث معاذ بن جبل رضى الله عنه في ذلك ، قال أحمد : ثنا أبو أحمد الزبيرى قال : تنا مسرة بن معبد ، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: قال معاذ بن جبل : سمعت رسول الله يقول : وستهاجرون [إلى] الشام ، فتفتح، ويكون فيكم داء كالدقل وتالخزة تأخذ مراق الرجل ، يستشهد الله به
أنفسهم ، ويزكى به، أعمالهم ، اللهم إن كنت تعلم أن معاذين جبل سمعه من رسول الله قلة ، فأعطه هو وأهل » بيته الحظ الأوفر منه .
فأصابهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحد فطعن في أصبعه السبابة ، فكان يقول : ما يسرنى أن لى بها حمر النعم وهذا أيضا منقطع، فإن إإسماعيل بن عبيد الله هو ابن أبى المهاجر ، لم يدركا معادا. وقد أخرج الطبرانى من روايته، رعن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ حدثا غير هذاء والله أعلم : .
طريق أخرى لمغاذ رضى الله عنه ، أوردها البيهق في والدلائل ، من طريق عبدالله بن وهب، عن [ابن] لهيعق عن عبد الله بن حيان ، أنه سمع سليمان بن موسى ، يذكر أن الطاعون وقع بالناس ، يوم جسر مويسة ، فقام عمروبن العاص فقال : :يبا أيها الناس ، إن هذا الوجع رجسن فتنحوا عنه فقام شرحبيل فقال: يا أيها الناس ، إنى قد سمعت قيول صاحبكم ، وإنى والله لقد أسلمت وصليت وإن عمرا لاضل إمن بعير أهله ، وإنما هو بلاء أنزله الله تعالى ، فاصبروا فقام معاذ بن جببل فقال : يا أيها الناس ، إنى قد سمعت قول صاحبيكم هذين ، وإن هذا الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم ، وإنى قد سمعت رسول الله
يقول : وإنكم ستقدمون الشام ، فتنزلون أرضا يقال لها : جسر موبسة فيخرج فيكم خرجان ( لها ذناب تذناب الدمل ، يستشهد الله أنفسكم ودراريكم ، ويزكى به أعمالكم ، اللهم إن كنت تعلم أنى سمعت هذا من رسول الله ، فارزق معادا وأل معاذ الحظ الأوفر. . الحديث.
طريق أخرى لمعاذ بن جبل في ذلك رضى الله عنه .
قال أحمد : ثنا إسماعيل - هو ابن علية - ، عن أيوب، عن أبى قلابة ، أن الطاعون وقع بالشام ، فقال عمروبن العاص : إن هذا الرجز قد وقع ، ففروا منه فى الشعاب والاودية . فبلغ ذلك معادا ، فلم يصدقه بالذى قال ، فقال : بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم ، اللهم أعط معاذا وأهله نصيبهم من رحمتك . قال أبو قلابة : فعرفت الشهادة وعرفت الرحمة ولم أدر ما ودعوة نبيكم ه حتى أنبئت أن رسول الله بينما هو ذات ليلة يصلى ، إذ قال في دعائه : فحمى إذا أو طاعون ، فحمى إذا أو طاعونه ثلات مرات . فلما أضح ، قال له إنسان من أهله : يا رسول الله ، قد سمعتك الليلة تدعو بدعاء . قال: ووسمعته قال: نعم . قال: فإنى سالت ربى أن لا يهلك أمتى بسنة
فأعطانيها ، وسالته أن لا يلبسهم شيعا ويديق بعضهم بأس بعض فأبى على ،: أو قال: فمنفت - فقلت - حمى إذا أو طاعون ، حمى إذااأو طاعون - ثلاث مرات . رجاله تقات ، إلا أنه منقطع بين أبى قلابة ومعاذ ، وقد أخرج الكلاباذى في ومعانى الأخباره ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن رجل ، عن أبى قلابة عبدالله بن زيد الجرمى ، أنه كان يقول : بلغنى من قول أبى عبيدة وقول معاذ أن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ر فكنت أقول : كيف دعا به رسول الله لأمته حتى حدثنى بعض من لا أنهم ، عن رسول الله، أنه سمعه يقول ، وجاءه جبريل فقال ز إن فناء أمتك بطعن أو طاعون . قال: فجعل رسول الله [يقول ]: [ اللهم فبالطاعون - مرتين -1 . قال نر فعرفت أنها الدعوة التى قال أبو عبيدة ومعاذ.
قلت: الطريق الأولى التى ساقها أحمد أصح رجالا من هذه ، لجهالة الواسطة بين [ابن ] إسحاق وأبى قلابة.
وقد تكلم الكلاباذى على رواية ابن إسحاق فقال: أخبر النبي أن فناء أمته يكون بأحد السنبين ، فعلم أن أحدهما - وهو الظعن - يكون إما من أعداء الدين الكفار، وإما من أعداء الدنيا كقطاع الطريق . وفى غليه كل منهما قهر للدين وأهله ، وهلاك الدنيا فرأى أن [فى ] الطاعون [سلامة الدين ، وإن فنى أهل الدين ، فاختار أن يكون فناء أمته مع سلامة الدين وأهله قال : ويجوز أن يكون إنما أراد بذلك تحصيل الشهادة لأمته،
قلت : أما تفسير الدعوة فلم يسم أبو قلابة من أخبره [به ] ، وأصح منه مخرجا ورجالا ما تقدم من حديث أبى موسى ، ومن حديث أخيه أبى بردة بن قيس ، أن النبي قال : [اللهم اجعل فناء أمتى بالطعن والطاعون. وقد تقدم جزم الزمخشرى ، بأن هذا هو المراد بقول معاذن دعوة نبيكم . ولا معارضة بين الخبرين ، إلا [أن ] في رواية أبى قلابة زيادة السبب. والمشكل إنما هو فى / رواية ابن إسحاق ، لأن ظاهرها اختيار أحد شيتين وقد تقدم فى الباب الثانى عدة أحاديث ، فيما يتعلق بالأية المذكورة، ذكرتها استطرادا في الكلام على حديث أبى موسى وأبى بردة . ويؤيد حديث أبى قلابة ، رواية أحمد في السبب ، ما تقدم هناك من حديث أبى مالك الأشجعى ، عن أبيه .
وللدعاء المذكور شاهد من حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، أخرجه أبو يعلى من طريق القاسم ، عن أبى أمامة ، عنه ، قأل: كنت مع النبي في الغار فقال: واللهم طعنا وطاعواه فقلت : يا رسول الله ، إنى قد أعلم أنك قد سالت منايا أمتك ، وهدا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون؟ قال: دزب كالدمل ، إن طالت بك حياة ستراه . سنده ضعيف . فإن كان تابتا استقيد منه وقت الدعاء بذلك .
تنبيه وقع تقسير أرحمة ربكم و دعوة نبيكم ، ولم يقع تفسير أموت الصالحين قبلكم ، وذلك لأنه لم يقع في زواية أبى قلابة ، في رزايته عند أحمد ، لكنها وفعت عن معاذ وأبى عبيدة عند الكلاباذى . وكدا وقع : في رواية غيره كما تقدم في الطرق الأخرى وقد تكلم عليه الكلاباذى فقال: يجوز أن يكون المراد بالصالحين بنى اإسرائيل، لأنهم قبل هذه الأمة، وقد وقع فيهم الطاعون : فساق القصة التي أوردتها في أول هذا البأب، من طريق محمد بن إسحاق ، عن سالم أبى النضر ، فى شأن بلعم ، ثم قال : وكان ذلك من الله تطهيرم لبنتى إسرائيل وكفارة لما كان منهم من السكوت عن زمرى وما فعله هو ومن فعل غيره ، كما قتل بعضهم بعضا كفارة لمن كبان منهم عبد العجل ، لما تأبوا إلى الله تعالى واستسلموا له . فهم صالحون لأنهم تأثبون ، فيجوز أن يكوبوا المراد، والله أعلم طريق أخرى عن معاذ رضى الله عنه : أخرج الطبرانى في « الكبيرة ، : من طريق كثير بن مرة عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: قال رسول الله وتنزلون منزلا يقال له : الجابية - أأو الجويبية -، يصيكم فيه داء مثل غدة الجمل
يستشهد الله به أنفسكم ودراريكم ، ويزكى به أعمالكمه . وفى سنده الحسن بن يحيى الخشنى - بمعجمة مضمومة ثم معجمة مفتوحة ثم نون فيه ضعف .
طريق أخرى عن معاذ رضى الله عنه ، قال أبو نصر التمار في اكتاب الزهدة له : حدثنا حماد بن مسعدة قال: ثنا أبو محصن ، عن حصين ، عن سالم بن أبى الجعد قال :. وقع الطاعون بخمض ، فقالوا : هذا هو الطوفان. فبلغ ذلك معادا ، فقال: اجتمعوا إلى دار معاذ فقال: إنه ليس بالطوفان الذى عذب به قوم توح ، بل [هو] شهادة ومينتة حسنة . الحديث . زوائه ثقات ، إلا أنه منقطع طريق أخرى عن معاذ رضى الله عنه : قال ابن سعد في والطبقاته : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أنبا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد عن عبدالله بن رافع قال: لما أصيب أبوعبيدة بن الجراح فى طاعون عمواس ، استخلف معاد بن جبل ، واشتد الوجع فقال الناس لمعاد ادع الله يرفع عنا هذا الرجز قال : إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص بها الله من يشاء منكم / ، اللهم أت أل معاذ نصيبهم الأوفر من هذه الرحمة فطعن أخرجه الطبرانى من طريق عبيد الله بن موسى . وأخرجه ابن وهب في جامعه عن سليمان بن بلال ، عن موسى بن عبيدة ، نحوو وموسى بن عبيدةه هوالذيرى، وهو ضعيف، والله أعلم .
طريق أخرى لهذا الحديث مطولة ، أخرجها البزار من طريق عبدالحميد بن بهرام ، عن شهربن حوشب ، عن عبدالزحمن بن عثم ، عن حديث الحارث بن عميرة، أنه قدم مع معاذ من اليمن، فمكت معه في داره وفى منزله ، فأصابهم الطاعون ، فطعن مغاد وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك ، رضى الله عنهم ، فى يوم واحد. وكان عمروبن العاصن ، حين خبر بالطاعون ، فرق فرقا شديدا، وقال: يا أبها الناس تفرقوا في هذه الشعاب ، فقد نزل يكم أمر لا أراه إلا رجزا أو طاعو فقال له شرحبيل بن حسبة . كذبت ، قد صحبنا رسول الله قله وأنت أضل من حمار أهلك فقال عمرو صدقت .
وقال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص : كذبت ، ليس بالطاعون ولا الرجز ولكنها رحيمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصحالين قبلكم ، اللهم فأت أل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة . قال: فما أمسى حتى طعن ابنه عبد الرجمن وأحب الناس إليه الذى كأن يكنى به.
فرجع معاذ من المسجد ، فوجده مكروبا ، فقال : يا عبدالرحمن ، كيف أنت؟ فاستجاب له ، فقال عبدالرحمن : يا أبة { الحق من رنك فلا تكونن من الممترين . فقال معاذ رضى الله عنه : وأنا ستجدنى إن شاء الله من الصابرين . فمات من ليلته ، ودفن من الغد.
فجعل معاذ بن جبل يرسل الحارث بن عميرة إلى أبى عبيدة ، يسأله : كيف أنت 2 فأراه أبو عبيدة طعنة بكفة ، فبكى الجارث بن
عميرة إلى: أبى عبيدة وفرق منها حين رأها، فأقسم أبو عبيدة بالله ، ما يحب أن له مكانها حمر النعم . فرجع الحارث إلى معاذ ، فوجده مغشيا عليه ، فيكي الحارث واستبكى ثم إن معادا آفاق فقال: يا ابن الحميرية ، لم تبكى على أعوذ بالله منك . فقال الحارث : والله ما عليك أبكى . قال معاد فعلى م تبكى ؟ قال : أبكى . على ما فاتتى منك العصرين الغدو والرواح - أى من العلم - فقال معاذ رضى الله عنه : أجلسنى . فأجلسه في حجرة فقال : اسمع منى ، فإنى أوصيك بوصية ، إن الذى تبكى على من غدوك ورواحك، فإن العلم مكانه بين لوحى المصحف ، فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدى عند ثلاثة ، عويمر أبى الدرداء ، وعند سلمان الفارسى ، وعند أبن أم عبد - يعنى عبدالله بن مسعود - ، وأحذر زلة العالم وجدال المنافق . ثم إن معاذا رضى الله عنه اشتد به نزع الموت ، فنزع أشد العالم نزغة فكان كلما أفاق من غمرة فح طرفه فقال : اخنقنى خنقك، فوعزتك إنك لتعلم أنى أحبك .
هذا إسناد حسن . وأخرجه الطبرانى من هذا الوجه مختصرا ، وأخرجه أبو بكر بن أبى شيبة في مصنفها ، والطبرانى من طريقه ، عن أبى معاوية قال : تنا داود بن أبى هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الحارث بن عميرة الزبيدى قأل : وقع الطاعون بالشام ، فقام معاذ رضى الله عنه فخطبهم بحمض ، فقال : إن هذا الطاعون رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم . وسقط من السند عبدالرحمن بن عنما ، ولا يتصل إلا به.
طريق أخرى فيها بعض المخالفة لسياق [ التي قبلها .
قال أحمد : ثنا يعقوب - هو ابن إبراهيم بن سعد - قال : ثنا أبى ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنى أبان بن صالح ، عن شهربن حوشب الأشعرى ، عن رابة - رجل من قومه كان خلف غلى أمه بعد أبيه ، وكان قد شهد طاعون عمواس - قال : لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطبا فقال : أيبها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم ، وإن أبا عبيدة يسأال الله أن يقسم لابى عبيدة حظه منه فطعن ، قمات .
واستخلف معاذ بن جبل على الناس ، فقام خطيبا بعده ، وقال مثل: ما قال ، لكن قال : أن يقسم لأل معاذ حظهم . فطعن رابنه عبدالرحمن فمات . ثم قام ، فلإعا لنفسه ، فطعن في راحته ، فكان يقول : :ما أحب أن لى بها شيئا من الدنيا فلما مات، قام عمروبن العاص خطيبا ، فقال : أبها الناس ، ز إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال . فقال أبو واثلة الهذلى رضى الله عنه ، والله لقد صحبت رسول الله وأنت شر من حمارى هذا فقال: والله ما أرد عليك ما تقول ، ووالله ما نقيم عليه . قال : تم خرج وخرج الناس فتفرقوا ، فارتفع الطاعون . قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، من رأى عمرو بن العاص ، فوالله ما كرهه .
وأخرجه ابن عساكر فى آتاريخ دمشق ، فى ترجمة وأبى واثلة ، وقال: لأأعرف أبا واثلة إلا في هذه القصة . قلت : ووشهره فيه مقال وقد يكون فى الواسطة بينه وبين معاذ في هذا الحديث، وشيخه غير
مسمى / ، وقد خالف فى تسمية الذى رد على عمروبن العاص ، وخالف أيضا في خروج عمرو بن العاص بالناس ، وفى الرواية المقدمة الصحيحة أنه صدق شرحبيل بن حسنة ، وأن معادبن جبل قال كما قال شرحبيل ، وكذا أبو عبيدة . فإن كانت الرواية محفوظة ، احتمل أن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين، مرة فى أول الأمر فرد عليه شرحبيل بن حسنة وغيره ، ومرة فى أخر الأمر فرد عليه أبو واثلة .
وقد جاء أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، كتب إلى أبى عبيدة بأمره بالانتقال بالناس ، من الأرض التى كانوا بها إلى أرض أخرى وأن أبا عبيدة أطاعه في ذلك ، فطعن قبل أن يرحل ، ورحل الناس بعد أن مات . فلعل عمروبن العاص هو الذى رحل بهم ، فروى ابن إسحاق عن شعبة ، عن المختار بن عبد الله البجلى ، عن طارق بن شهاب قال : أتينا أبا موسى وهو فى داره بالكوفة ، لنتحدث عنده فلما جلسنا قال: لا تخفوا ، فقد مات إنسان بالدار بهذا السقم ، فلا عليكم أن تنزهوا عن هذه القرية ، فتخرجوا في فسيح بلادكم ونزهها ، حتى يرتفع هذا البلاء ، فإنى ساخبركم بما يكره مما يتقى من ذلك، أنه لو خرج لم يضبه ، فإذا لم يظن ذلك المرء المسلم ، فلا عليه أن يخرج ويتنزه عنه إنى كنت مع أبى عبيدة بن الجراح بالشام عام طاعون عمواس ، فلما اشتعل الوجع ،
ويلغ ذلك عمر كتب إلى أبى عبيدة يستخرجه منه : أن سلام عليك ، أما بعد، فإنه عرضت لى إليك حاجة ، إذا نظرت فى كتابى : هذا ، أن لا تضعه من يدك ختى تقبل إلى . قال: فعرف أبو عبيدة أنه إنما / أراد أن يستخرجه من الوباء ، فقال : يغفر الله لأمير المؤمنين . ثم كتب إليه، يا أمير المؤمنين، إنى قد عرفت جاجتك إلى، وإنى فى جند من المسلمين ، لا أجد بنفسى رغبة عنهم ، ولست أريد فراقهم حتى يقضى الله فى وفيهنم أمره وقضاءه ، فحللنى من عزيمتك بأ أمر المؤمنين ، ودعنى وجندى فلما قرا عمر الكتاب بكى ، فقال الناس . بأ أمير المؤقنين، أمات أبو عبيدة؟ قال: لا ، ويأن قد . قال : ثم كتب إليه: سبلام عليك ، أما بعد، فإنك أنزلت الناس أرضا غميقة ، فارفعهم إلى أرض نزهة فلما أتاه كتابه ، دعانى فقال: يا أبا موسى، إن كتاب أمير المؤمنين قد جاءنى بما ترى فاخرج . فازتذ للناس منزلا حتى انتقل : بهم . فرجعت إلى منزلى ، فإذا صاحبتى قد أصيبت . فرجعت إليه ، فقلت له ز قد كان في أهلى حدث . فأمر ببعير ، فرحل له فلما وضع رجله في العرزة طعن ، فقال: والله لقد أصبت . ثم سار حتى نزل بالجابية، ورفع الوباء عن الناس أخرجه ابن عساكر فى ترجمة أبى موسى الأشعرى ، من تأريخه . وهذا جديث فى إسناده من لا يعرف لكن جاء من
وجه أخر عن أبى موسى ، لا بأس به ، أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده ، والطحاوى في ومعانى الآتارة ، جميعا من طريق شعبة .
وأخرجه البيهفى ، من طريق أبوب بن عائد كلاهما عن قيس بن مسلم قال : سمعت طارق بن شهاب قال : كنا نتحدث إلى أبى موسق الأشعرى فقال لنا ذات يوم : لا عليكم أن تحفوا منى ، إن هذا الطاعون قد وقع فى أهلى، فمن شاء منكم أن / يتنزه عنه فليتنزه، وأحذروا اثنتين : أن يقول قائل : خرج خارج فسلم وجلس جالس فأصيب، لوكنت خرجت لسلمت كما سلم فلان . أو يقول قائل : لو كنت جلست أصبت كما أصيب فلان. وإنى ساحدتكم بما ينبغى للناس في الطاعون .
إنى كنت مع أبى عبيدة وإن الطاعون وقع بالشام ، وإن عمر كتب إليه : إذا أتاك كتابى هذا فإنى أعزم عليك ، إن أتاك مصبحا أن لا تمسى حتى ترتب، وإن أتاك ممسيا أن لا تصبح حتى تركب إلى فقد عرضت لى إليك حاجة ، لا غنى لى عنك فيها فلما قرا أبو عبيدة الكتاب قال : إن أمير المؤمنين يستبقى من ليس بباق . فكتب إليه أبو عبيدة :، إنى فى جند من المسلمين ، لن أرغب بنفسى عنهم ، وقد عرفت حاجة أمير المؤمنين، فحللنى من عزمتك . فلما جاء عمر الكتاب بكى ، فقيل له : توفى أبو عبيدةة قال: لا ، وكان قذ - أى قرب - . وكتب إليه عمر إن الأرذن أرض غمقة وإن الجابية أرض
نزهة فإنهض بالمسلمين إلى الجابية فقال لى أبو عبيدة انطلق فبوىء للمسلمين منزلهم فقلت : لا استطيع فذهب ليركب ، فقال لى : رحل الناس . رقال : فأخذه أخذ فطعنه ، فمات ، وانكشف الطاعون . لفظ الطحاوى وفى رواية الهيئم : إلا يقولن قأئل ، إن هو جلس فعوفي الخارج : لوكنت خرجت لعوفيت كما عوفى فلان. ولا يقول الخارج ، إن هو عوفى وأصيبا الذى جلس : لوكنت جلست أصبت كما أصيب فلان] . وقال بعد قوله : فإنهض بالمسلمين إلى الجابية: فقال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب : أما هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين ونطيعه .
فأمرنى أن أبوتىء الناس ل منازلهم . فطعنت أمراتى ، فجتت إلى أبى عبيدة فقلت ن قدكان في أهلى بعض العرض . فأنطلق هويبوىء الناس منازلهم . لفظ شعبة وهذا إسناد صحيح إلى أبى موسى وفى رواية أيوب بن عائد ، عن فقيس ، عن طارق: أتانا كتان عمر لما وقع الوباء بالشام ، فكتب عمر إلى أبى عبيدة : إنه قد عرضت لى إليك حاجة الحديث بمعناه . وهذا الذى قاله أبو موسى، موافق لما يفسر الأية ، أن الله تعالى مقت الذين قالوا ذلك ، أى لو أقمنا لمتنا، أو لو خزجنا لبقينا
وحاصل القصة .
أن أبا موسى حمل النهى عن الخروج من البلد الذى يقع فيه الطاعون ، على قصد الفرار منه ، من غير أن يضيفه إلى معنىي أخر غير الفرار، كما إذا كان الخارج عنها ممن لم يكن من أهلها ، فاستوخمها ، فخرج عنها إلى بلد أخر بوافق ما ألفه من بلذته التي نشا بها وإلى ذلك يشير قول عمر فى كتابه لابى عبيدة : وإنك أنزلت الناس أرضا غميقة ، وهى بغين معجمة مفتوحة وميم مكسورة وبعد التحتانية السائنة قاف، أى قريبة من المياه والنذور والغمق : فساد الربح وخمومها من كثرة الأنداء ، فيحدث منه الوباء فإذن عمر فى الخروج من تلك الأرض ، يلتحق بالتداوى ، وليس هو لمحض الفرار من الموت ، وعلى ذلك يحمل كتابه إلى أبى عبيدة بأمره بالرحيل إليه .
أوكان عمر يرى النهي عن الخروج أولا ، محمول على ما إذا تمحض للفرار ، أما إذا كان لحاجة أخرى فلا يدخل تحت النهي ويكون عرضت له فى نفس الأمر حاجة عند أبى عبيدة ، ورجا مع ذلك أن يسلم أبو عبيدة من ذلك المرض في ضمنها وقهم أبو عبيدة أن هذا الثاني هو مراده بالآصالة فلم يوافقه على ذلك ، فعدل لم عمر إلى أمر يعم جميع من كان مع أبى عبيدة لما اعتذر له أبو عبيدة أنه لا يرى أن يخص نفسه بأمر دونهم .
وقد اختلف العلماء افى النهي عن الخروج من البلد الذى يقع به الطاعون : هل هو على ظاهره من التحريم ، أو هو للتنزيه ، على قولين، قال ابن عبدالبر: الطاعون موت شامل ، لا يحل لأحد أن يفر من أرض نزل فيها، إذا كان من ساكنيها ، ولا أن يقدم عليه إذا كان ] خارجا عن الأرض التى نزل بها وقال، تأج الدين السبكى في والجزءه الذى جمعه في الطاعون : مذهبنا- وهو الذى عليه الأكثر-: أنه للتحريم . قال : وقال بعض العلماء : هو للتنزيه ، روى ذلك عن أبى موسى الأشعرى ومسروق والأسود بن هلال : قال: واتفقوا على جواز الخروج لشغل عرض غير الفرار زقال : وليس مخل النزاع فيمن خرج فارا من قضاء الله تعالى ، فذلك لا سبيل إلى القول بأنه غير محرم ، بل الظاهر أن محل النزاع فيما إذا خرج للتداوى .
قلت . وهذا ليس بظاهر لأن الخروج إلى التداوى ليس حراما في مذهب الشافعى رحمه الله تعالى وجماعة ، وهو قد صحح أن الخروج حرام ، فكيفف يجعل مخله ما إذا خرج للتداوى ، والخروج للتداوى ليس بحرام؟ بل العبارة الصحيحة أن يقول : مخل النزاع فيما إذا خرج فارا من المرض الواقع ، مع اعتقاده أنه لو قدره الله عليه لآصابه ، وأن فراره منه لا ينجيه من قدر الله تعالى ، لكن يخرج مؤملا أن ينجو هذا الذى ينبغى أن يكون محل النزاع فمن منع احتج
بالنهي الوارد في ذلك ، ومن أجاز حمل النهي على السريه كما تقدم .
وقد ترجم ابن خزيمة في وصحيحه بأن : الفرار من الطاعون من الكبائر ، وأن الله يعاقب من وقع منه ذلك ، ما لم يعف عنه .
واستدل بحديث عائشة فى ذلك ، فأشار إلى أن الخلاف في نفس الفرار وهو الذي تقتضيه الأخبار التى تقدم ذكرها ، عن عمرو وغيره، والله أعلم .
وأما ما نسبه إلى أبى موسى الأشعرى ، فقد ببنت مذهبه في ذلك . وقد أخرج ابن أبى الدنيا عنه بسند صحيح ما يقتضى منع الفرار منه ، فروى من طريق مسعر ، عن زيادبن علافة عن كردوس ، عن المغيرة بن شعبة : أن الطاعون لما وقع ، قال المغيرة بن شعبة إن هذا العذاب قد وقع ، فاخرجوا عنه قال : فذكرته لأبى موسى ، فقال : لكن العبد الصالح [أبو بكر ] - يعني الصديق - قال : اللهم طعنا وطاعونا في مرضائك . وهدا يجمع بينه وبين ما تقدم ، بأنه ثكأن يمنع من الخروج إذا كان فرارأ محضا، لا إذا كأن على وجه من وجوا التداوى وقد فاته ذكر المغيرة بن شعبة الذى قدمناه ، وكذا ذكر عمروبن العاص ، وعمرو بن عبسة والجماعة الذين خالفوا معادا وشرحبيل بن حسنة وغيرهما في الصبر والإقامة ، كما تقدم قرب] .
وقد نقل أبو الحسن المدائنى ، أنه قل ما فر أحد من الطاعون فسلم قال القاضى تاج الدين السبكى . وهذا الذى حكاه مجرب، وليس ببعيد أن يجعل الله الفرار منه سببا لقصر العمرة وقد جاء في
الكتاب العزيز ، ما يؤخذ منه أن الفرار من الجهاد سبب في قصر العمرة قال الله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمنعون إلا قليلا وحكى أن والده استنبط ذلك من الأية - قالن ويختمل أن يراد أن بقاءهم ، وإن تطال بعد الفراب فتمتعهم فى الدنيا قليل بالنسبة إلى الدار الأخرة وقال ابن عبدالبرت لم ييلغنى أن أحدا من أهل العلم فز من الطاعون ، إلا ما ذكزه المدائتى . أن على بن زيد بن جدعان ، هرب من الطاعون إلى السنيالة - يعنىي من البصرة ، فكان يجمع كل جمعة ويرجع فكان إذا جمع صاحوا به: فر من الطاعون . فطعن ، فمات بالسيالة . قلت. والسنيالة مكان خارج البصرة .
وهذا الجصر الذى ذكره ابن عبدالبر عجيب، فقد نقل عياض فى شرح مسلم ، عن مسروق والأسود بن هلال ، أنهما أجازاه ، لكن يحتمل - إن تبت عنهما - أن يكونا أفتيا بجوازه ، لكن لم يفعلاه ، وذكر المدائنى أيضاء أن الطاعون وقع بمصر، فخزج عبد العزيز بن مروان- وهو أميرها ، فنزل قرية من قرى الصعيد ، فقدم عليه بها رسول من أخيه عبدالملك ، فقال له - ما اسمك
قال : طالب بن مدرك . فقال عبدالعزيز أقه ، ما أرانى راجعا إلى الفسطاط ذكر حجة من قال: النهى عن الخروج من البلد الذى وقع به الطاعون لقصد الفرار منه حرام قد تقدمت الأحاديث بالنهى عن الخروج مطلقة ، وفى بعض طرقها التقيد بالفرار، فيحمل مطلقها على مقيدها، وظاهر النهي التحريم ، ويقويه ما أخرجه أحمد قال: ثنا يحبى بن إسحاق قأل: أخبرتى جعقر بن كيسان قال: حدتنى معادة قالت: سمعت عائشة رضى الله عنها تقول : قال رسول لم الله . فناء أمتى بالطعن أو الطاعون قالت : فقلت : يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال: وغدة كغذة الإبل، المقيم فيها كالشهيد والفاز منها كالفار من الزخف .
وأخرجه أيضا عن يزيد بن هارون ، عن جعفر، ولفظه: دخلت على عائشة فقالت : قال رسول الله. ولا تفنى أمتى إلا بالطعن والطاعون. الحديث . وأخرجه أيضا عن عفان، عن جعفر عن معادة نحو ]. وأخرجه عن يحيى بن إسحاق عن جعفر المذكور ، عن عمرة بنب فيس قالتن سمعت عائشة تقول : الفار من الطاعون كالفار من الزحف . كذا أورده مختصرا ، فإن كان محفوظا فقد حمله جعفر عن معادة وعمرة معا
وقد أخرجه ابن خزيفة من طريق أمية بن خالد عن جعفربن كيسان، بالإسنادين معا قال : عن عمرة العدوية أنها دخلت مع أمها على عائشة فسالتها : ما سمعت من رسول الله يقول في الفرار من الطاعون قالت: سمعته يقول : : فذكر مثل رواية يجتى بن إسحاق سواء : تم شاقه من طريق أمية بن خالد قال : ثنا جعفربن كيسان قال: سمعت معادة تحدث عن عائشة قالت قال رسول الله : تفنى أمتى بالطاعون . قالوا : وما الطاعون قال: غدة كغدة الإبل ، مختصر وأخرجه أيضا من طريق [أبى ] عامر العقدى قال: تنا أبو معروف قال : حدئنا عمرة بنت قيس قالت: سالت عائشة عن الفرار من الطاعون ، فقالت : قال رسول الله . والفرار من الطاعون كالفرار من الزحف . وقال: [أبو معروفه هذا هو جعقر بن كيسان فيما أحسب .
قلت . وأخرجة الطبرانى في والأوسط، ، من طريق حوثرة بن أشرس قال : تناجعفز بن كيسان أبومعروف - بصرى ب، عن عمرة بنت أزطاة - عدوية بصرية عن عائشة . فذكر مثل سنياق بزيد بن هارون سواء ، وقال: لم يروه عن عمرة إلا جعفر والذى يظهر أن جعفر بن كيسان سمعه من معادة ومن عمرة وهى بنت قيس بن أرطأة نسبت فى رواية حوبره إلى أجذها فإن سياقه عنهما مختلف ، والله أعلم .
وله طريق أخزى عن عائشة أخرجها أبو يعلى ، من طريق
معتمر بن سليمان قال: سمعت ليا - هو ابن أبى سليم - يحدث عن صاحب له ، عن عطاء قال: قالت عائشة رضى الله عنها : وذكر الطاعون ، فذكرت أن النبي قال : {وخز يصيب أمتى من أعدائهم من الجن ، غدة كغدة الإبل ، من أقام عليه كان مرابطا ومن أصيب به كان شهيدا ومن فر منه كان كالفاز من الزحفه . وهذا الطريق ضعيف ، لضعف ليث وجهالة فشيخه .
وقد أخرجه البزار من طريق خقص بن سليمان ، عن ليث، عن عطاء عن عائئة ، مختصرا، بإسفاط المجهول بين ليت وعطاء، ولفظه : قلت : يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون] قال : ويشبه الدمل، يخرج في الأباط والفراق ، وفيه تزكية أعمالهم ، وهو لكل مسلم شهادةه . قال البزار: لا نعلمه روى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد.
قلت . وهدا إسناد ضعيف فيه تلات علل : ضعف وحفص وشيخه، وإسفاط الواسطة المجهول بين ليت وعطاء . وقد أدخل بعضهم فيه بين عطاء وعائشة واسطة أيضاء أخرجه الطبرانى فى والأوسطه ، وأبو أحمد بن عدى في «الكامل ، وابن أبى الدنيا في كتاب الطواعين ، وأبو عمر بن عبدالبر في والتمهيدة ، مطولا، بطرق إلى على بن مسهر قال : أخبرنا يوسف بن ميمون ، عن عطاء عن ابن عمر عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله .
الطاعون شهادة لأمتى ، ووخز أعدائكم من الجن ، يخرج فى أباط الرجال ومراقها ، الفاز منه كالفاز من الزحف ، والصابر فيه كالمجاهد فى سبيل الله قال الطبرانى- لا يروى عن ابن عمر عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به يوسف بن ميمون . وكذا قال الدارقطنى فى الأفراد، إن يوسف بن ميمون اتفرد به . ومرادهم أنه تفرد بإدخال ابن عمر بين عطاء وعائشة ، وأما نفس المتن فثابت عن عائشة وغيرها ، من الأوجة التى تقدم ذكرها .
وللمقصود هنا شاهد من حديث جابره قال أحمد : ثنا أبو عبدالرحمن - هو عبد الله بن يزيد المقرىء - قال : ثنا سعيد بن أبى أيوب قال: حدثنى عمروبن جابر الحضرمى قال: سمعت جابربن عبد الله رضى الله عنها يقول : قال رسول الله : الفاز من الطاعون كالفار من الزحف ، والصابر فيه كالصابر في الزحف .
قراته عاليا على إبراهيم بن محمد المؤذن بمكة ، أن أحمد بن أبى طالب أخبرفم قال : أنبا أبو المنجى قال : أنبا أبو الوقت قال : أنبا أبو الحسن بن داود قال : أنبام أبو محمد بن أعين قال : أنبا إبزاهيم بن خزيم قال : أنبا عبد بن حميد قال : تنا عبدالله بن يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن عمروبن جابر الحضرمى ، عن جابربن عبدالله ، أن رسول الله قال . . :فذكر مثله .
وأخرجه ابن خزيمة وأحمد أيضاء من طرق عن أبى زرعة
عمروبن جابر الحضرمى المصرى ، وحديثه صالح فى الشواهد ، وإن كان بعضهم قد ضعفه .
ذكر مواعظ وقعت لمن فر من الطاعون فاتعظ بها وأقام : روى سيف في والفتوح ، عن عبدالله بن سعيد ، عن أبى سعيد قال : أصاب أهل البصرة موت ذريع فأمر رجل من بتى تميم غلاما له ، أن يحمل ابنا له صغيرا ليس له ولد غيره على حمار ثم يسوق به إلى مكان ذكره ، حتى يلحقه فخرج الغلام بالولد في أخر الليل ، ثم اتبعه مولاه . فلما أشرف على المكان ، سمع الغلام - وقد رفع عقيرته - وهو يقول : لن تعجزالله على حمار، ولا على ذى ميعة مطار قد يصبح الله أمام السارى . قال: فلما انتهى إلى الغلام قال : ما كنت تقول ] قال : لم أقل شيا فعرف أنه قد اسمع فأمره أن يزجع ، فرجع ونقلها ابن أبى الدنيا عن الأصمعى ، قال: خرج رجل . . فذكر نحوم ، وزاد: أو يأتى الحتف على مقدار وفى أشرح الموطأ للتلمسانى ، من طريق أبى التياح: قلت لمطرف بن عبد الله بن الشخير ما تقول في الفرار من الطاعون قال: هو قدر الله ، تخافونه وليس منه مقر وقال أبو بكر الرازى في الأحكام : إذا كانت الأجال مقدرة محصورة ، لا تقديم فيهام ولا تأخير عما قدزة الله تعالى، فالفرار من
{ون04 الطاعون عدول عن مقتضى ذلك . وتذلك العمل بالطيرة والزجر والنجوم ، كل ذلك فرار من قدر الله الذى لا مخيص لأحد عنه .
وذكر أبو نعيم في والحلية1 ، عن شريح أنه كتب إلى أخ زله ، قد فر من الطاعون : أما بعد ، فإنك 1 والمكان الذى أنت فيه ، بعين من لا يعجزه ولا يقوته من هرب، والمكان الذى خليته لا يعجل لأمرى ء جمامه ، ولا يظلمه أيامه ، وإنك وإياهم لعلى بساط واحد: وإن المنتجع من ذىي قدرة لقريب .
وسيأتى في الباب الخامس كلام من أنكر من الصحابة على من فر من الطاعون ، وبالغ في ذلك .
ذكز ما اعتل به من أجاز الفرار والجواب عن شبهته، احتجوا بأمور: الأول : قأل الطحاوى بعد أن أورد حديث: إلا يورد ممرض على مصح ، من طريق الزهرى ، عن أبى سلمة عن أبى هريبرة رضى الله عنه مرفوعا ، قال: فذهب قوم إلى هذا ، وقالوا : إنما كره ذلك مخافة الإعداء ، وأمروا باجتناب ذى الداء والفرار منه ،
واحجتوا برجوع عمر من سرع بسبب الطاعون . ثم ساق الحديث في ذلك . فقالواء قد أمرنا في هذه الآثار أن لا تقدم على الطاعون ، وذلك للخوف منه ، خشية أن يعدى من دخل عليه .
ثم رد عليهم : بأن الأمر بترك القدوم عليه ، لو كان للخوف منه ، لجاز لأهل الموضع الذى وقع فيه أيضا الخروج منه ، للعلة المذكورة .
فلما منع أهل الموضع الذى وقع فيه الطاعون ل من الخروج منه ، تبت أن المعنى الذى من أجله منعوا من القدوم عليه غير المعنى الذى ذكروا . وهو عندنا - والله أعلم - على أن لا يقدم عليه رجل ، فيصيبه بتقدير الله عليه ، فيقول : لولا أنى قدمت هذه الأرض لما أصابنى . ولعله لو أقام في الموضع الذى كان فيه لآصابه ، فأمر أن لا يقدم عليه ، حسما للمادة وكذلك أمر أن لا يخرج من الأرض التى نزل بها ، لئلا يسلم فيقول : لو أقمت فى تلك الأرض لأصابنى ما أصاب أهلها ولعله لو كان أقام بها ما أضابه من ذلك شىء ، فأمر بترك القدوم على الطاعون ، للمعنى الذي وصفناه .
قلت . وهذا الذى ذكره الطحاوى بين في كلام أبى موسى كما تقدم لكن المانع عمم النهىي لمن اعتقد ذلك ولمن لم يعتقد حسما للمادة والمجيز نظر إلى المعنى الذى منع الخروج من أجله ، فخص المنع به . والأول أسعد بالعمل بالحديث.
والذى يظهر لى أن صنيع عمر رضى الله عنه ، برجوعه من أن يدخل البلد الذى وقع فيه الطاعون ، ليس من القرار فىي شىء ، وإنما هو بمنزلة من قصد دخول دار فرأى بها حريقا تعدر طفيه ، فعدل عن دخولها لئلا يضيبه ، فهو من باب اجتناب المهالك ، وهو مأمور به .
هذا الذى يظهر أنه جنح إليه عمر ومن وافقه ، قبل أن يبلغهم الحديث المرفوع ، فلما بلغهم جاء مطابقا لما اختاروه . فلاجل ذلك قال من قال: إنما رجع عمر لأجل حديث عبدالرحمن ، لا لأجل ما اقتضاه نظره . والحق أنه هم أن يرجع فلما بلغه الخبر استمر عزمه ، كما تقدم تقريره.
وأما الذين خالفوا رأى عمر فى / ذلك قبل أن يبلغهم الخبر فسلكوا سبيل التوثل ز المحض ، مع قطع النظر عن الأسباب ، وهو مقام شريف يناسب مرتبة خيار الصحابة ، ولهذا كان الكثير من المهاجرين والأنصار على هذا الرأى ، ولم يجنح إليه أحد من مشايخ قريش وإنما وافقهم عمر- وإن كان من كبار المهاجرين - لأنه غلب عليه النظر في مصالح المسلمين ، وذلك لا يتم إلا بالنظر فى الأسباب، والعمل بالراجح منها، مع اعتقاد أن الأمور كلها بقدير الله . وقد وزد فى ذلك حديث: واعقلها وتوكل ، أخرجه الترمدى وغيره ثم ساق الطحاوى من طريق زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال عمر رضى الله عنه : اللهم إن الناس تحلونى ثلاث خصال ، وأنا أبرا : إليك منهن ] زعموا أنى فررت من الطاعون ، وأنا أبرا إلينك من ذلك . . وذكر الطلاء والمكس ، وسنده صحيح . : قال : فدل على أن زجوعه كان لغير الفزار، وكذا كتابه إلى أبى عبيدة فيما أمره به من خروجه هو ومن معه من الجند ، إنما هو بمعنى التداوى بالانتقال من
أرض وخمة إلى أرض صحيحة ثم ساق قضة الغرنن ، وقال: كان خروجهم عن المدينة للعلاج لا للفرار، وهو واضح من قصتهم ، انتهى ملخصا وكذلك يحمل ما ورد عن عمر أنه ندم على رجوعه من سرغ ، وهو فيما أخرجه ابن أبى شيبة في امصنفهه قال: تنا محمد بن بشر. وقال إسحاق في ومسنده : أنبا أبو عامر العقدى . قالا : أنبا هشام بن سعد قال : حدثنى عرفة بن رويم ، عن القاسم ، عن عبد الله بن عمر قال : جتت عمر حين قدم الشام ، فوجدته قائلا في خبائه ، فانتظرته فى فء الخباء] ، فسمعته يقول حين تضور من نومة ، اللهم اغقر لى رجوعى من سرع وسنده حسن .
وقد قال الزركشى في والجزءة الذي جمعه في الطاعون ، تبعا لتاج الدين السبكى ، نقلا عن القرطبى في المفهم : لا يصح ندم عمر على رجوعه ، وكيف يندم على فعل ما) أمر به النبي ، ويرجع عنه ويستغفر منه] .
قلت : أقر التاج هذا ، وأما الزركشى فرته ، وقال: هذا إسناد
صحيح . قلت : وإنى لاتعجب من القرطبن ، كيف يرد الأخبار القوية بمثل هذا مع إمكان الجمع .
تم قال الزركشى : يحتمل أن يكون ندمه مخافة أن يكون فارا من القدر، ورأى أن النهي عن [القدوم عليه رخصة فقد حكى البغوى في أشرح السنةة ، عن قوم : أن النهي عن ] الفزار من الطاعون على التحريم ، والنهى عن القدوم عليه على التنزيه ، فيكون القدوم عليه رخصة لمن غلب عليه التوكل ، والأنصراف عنه رخصة لمن أنصرف ، انتهى وليس في كلام عمر رضى الله عنه ما يحصر الأمر فيمازذكره ، بل يحتمل أن يكون ندمه واستغفاره ، لأنه خرج لأمر مهم من أمور المسلمين ، فوصل إلى قريب البلد الذى كانت حاجته فيه ، ثم رجع من ثم إلى المدينة ، للحديث الذي سمعه فى النهي عن القدوم عليه .
وكان يمكنه أن لا يفعل وأحدا من الأمرين ، وهو أن لا يقدم على البلد الذى فيه الطاعون امتثالا للحديث، ولا يرجع إلى المدينة من غير قضاء الحاجة التى خرج لها . بل كان يمكنه أمر تالت، وهو أن يقيم بالقرب من البلذ المذكورة، إلى أن يرتفع الطاعون ، فيدخل إلى قضاء ماربه ، ولا سيما والواقع أن الطاعزن وقع ارتفاعه بعد رجوعه بزمن يسير كما تقدم ، وهو قدر مسافة الطريق في كتابه إلى أبى عبيدة وجواب أبى عبيدة ، ثم كتابه إليه ثانيا يأمره بأن يتحول بالجند ، فامتثل أمره ، وشرع في التجول ، وارتفع الطاعون .
فلعله رأى أنه لو انتظر إلى أن يرتفع كان أولى من رجوعه ، لما كان فى رجوعه بالعسكر الذى كان صحبته من المشقة عليه وعليهم .
والخبر لم يرد بالأمر بالرجوع ، وإنما ورد بالنهى عن القدوم أو الإقدام ، على ما جاء في لفظ الخبر ، من أنه ولا تقذموا و لا تقدموا - ثلاثا أو رباعيا فاحتمل أن ندمه إنما كان [على ] ذلك وقد قال القاضى عياض ، لما ذكر اختلاف الصحابة من المهاجرين والأنصار فى الرجوع : حجة كل من الطائفتين بينة ، لأنها مبنية على أصلين من أصول الشريعة .
الأول : التوكل والتسليم للقضاء والقدر والثاني : الحيطة والحذر بترك الإلقاء إلى التهلكة وهما فرعان متشعبان من أصل قاعدة والقدرا . وقد قيل : إن رجوع عمر إنما كان للحديث ، لأنه لم يكن ليرجع إلى رأى دون رأى بغير حجة [مرجحة] وقد قذمته قبيل هذا نعم ، قد ورد عن غير عمر التصريح بالعمل بمحض التوكل ، فأخرج ابن خزيمة بسند صحيح إلى هشام بن عروة عن أبيه ، أن الزبير بن العوام رضى الله عنه خرج غازيا نحو مصر فكتب إليه أمراء مصر أن الأرض قد وقع بها الطاعون ، فلا تدخلها فقال الزبير: إنما
خرجت للطعن والطاعون . فدخلها ، فلقى طغنا في جبهته ، فأقرق.
وسنده صحيح على شرط البخارى .
وقوله : وفأفرقه: أبى أفاق من مرضه ذكره أبو موسى المديني في ذيل الغربين له . وقال / أبو مجلز التابعى المشهور: لما وقع الطاعون بالبصرة وارتفع ، عذوا من أفرق منه ، فكانت جملتهم كذا قال أبو موسى : [أى] برىة من الطاعون . قال: ويقال: إن ذلك إنما يقال لمن برىء من علة لا تصيب الإنسان غالبا إلا مرة واحدة ، كالجدرى، والله أعلم قلت : أثر أبى فجلز المذكور ، أخرجه ابن أبى الدنيا في وكتاب المرض والكفارات ، من طريق عمران بن خذير قال : كان أبو مجلز يقول ن لا يحذث المبريض إلا بما يعجبه ، فإنه كأن يأتينى وأنا مطعون ، فيقول : عغذوا النوم في الحى كذا وكذا ممن أقرق . وعدوك فيهم . قال: فأفرح بذلك . سنده صحيح تنبيه ، قد يعارض هذا الأثر عن الزبير ، ما أخرجه البيهقن بسند حسن أيضاء عن هشام بن عروة، عن أبيه قال : أقبلت إلى الزبير [يوما وأنا غلام ، وعنده رجل أبرض ، فأردت أن أمسه ، فأشار إلى الزبي] .
فأمرنى أن أنصرف ، كراهة أن أمسه .
قلت . ولا معارضة بينهما على ما تقدم ، بل إقدام الزبير من قوة إيمانه وشدة يقينه ، ومنع ابنه الصغير من مس الأبرض ، خشية أن يقذر الله عليه أن يصيبه ذلك ، فيظن لعدم توسعه في العلم أنه من المس ، فيعتقد العدوى المنهى عن اعتقادها . وسيأاتى بسط ذلك في الأمر الثالث .
الأمر الثاني قال تاج الدين السبكى : احتجوا أيضا بالقياس على الفرار من الأسد والعدو الذى لا يقدر على دفعه، فإن الكفار وقطاع الطرق إذا قصدوا من لا طاقة له بهم ، جاز التنحى من بين أيديهم . ونقل فيه أبو الحسن الكيا الهراسى - من الشافعية - الاتفاق فقال : لا تعلم خلافا في الجوان ، وإن كانت الأجال لا تزيد ولا تنقص والجواب: أن القياس على الفرار من الأسد والعدو ضعيف فإن السلامة منهما نادرة والهلاك معهما كالمتيقن، فصار كإلقاء الإنسان نفسه فى النار: بخلاف الفرار من البلد الذى يقع به الطاعون ، فإن السلامة منه كثيرة وإن لم تكن غالبة.
قلت : وعلى تقدير تسليم القياس المذكور ، فهو قياس مع وجود الفارق ، فإن مسالة الوقوف للأسد إلى أن يفترسه ، داخلة فى النهي عن الإلقاء إلى الهلاك، ومسالة الفرار جاء النهي الصريح عنها ، فكيف يستويان .
الأمر الثالث .
القياس على الخروج من الأرض المستوخمة كقصة العرنيين والجواب: أن ذلك من بابب التداوى ، وترك ما لا يوافق المريض من الأغذية ، إذ لا فرق بين الأغدية والأهوية في تأثير المرض ، فكان الخروج من الأرض التى لا توافق مزاج المريض من باب التداوى قال القاضى تاج الدين : وعندى في هذا الجواب نظر قلت.
كأن وجهه أن لقائل أن يقول : إن الطاعون أيضا ينشا من فساد الأهوية ، فالخروج من البلد، التى يقع بها ينبغى أن يكون جائزا مطلقا أكما جاز للعرنيين ، وهذا لا ريتمشى على ما تقدم تحقيقه أن الطاعون من طعن الجن والحق أن خروج العربيين لم يكن لقصد الفرار أصلا، وإنما كان لمحض التدادى ، كما تقدم عن الطحاوى . وكان خروجهم من ضرورة الواقع لأن الإبل ما كان يتهيا إقامتها فى البلد ، وإنما كانت فى مراعيها، ودواؤهم كان بأبوالها وألبانها واستنشاق تلك الروائح، فكان الخروج عن البلد ضمنا لأمر محقق الوجود، بخلاف الخروج من البلد الذى يقع فيه الطاعون إلى بلد أخرء فإنه خروج إليه بالقصد لأمر مظنون، إذ لا يؤمن وقع الطاعون في البلد الأخر ويؤيد الفرق أيضاء أن من جملة أصول التداوى الرجوع إلى المألوف والعادة ، وكان القوم أهل بادية وريف ، كما وقع صريحا في بعض طرق خبرهم ، ولم يوافق بلد الحضر أمزجتهم ، فأرشدهم الشارع إلى التداوى بما الفوة من الكون فى البدو
ومن هنا يؤخذ توجيه أمر عمر أبا عبيدة ، بالانتقال بجنده، إلى مكان أخر أوفق لأمزجتهم من المكان الذى كان نزل به أولا . ويدخل في هذا ما أخرجه أبو داود والحاكم ، من حديث فروة بن مسبك قال : قلت : يا رسول الله ، إن أرضا عندنا يقال لها أرض ابين ، وهى أرض ريقنا وميرتنا، ، وهى وبينة - أو قال : وباؤها شديد - قال: دعها عنك، فإن من القرف التلفت قال ابن قتببة : القرف ،: مداناة الوباء . وقال الخطابى : ليس هذا من باب العدوى، وإنما هو من باب التداوى، فإن استصلاح الأهوية من أعود الأشياء على البدن بالصحة ، وفسادها من أضرها وأسرعها إلى سقمه عند الأطباء ، فكل ذلك بإذن الله تعالى ومشيتته سبحانه وتعالى الأمر الرايع : قال الزركشى : احتجوا أيضا بالقياس على الفرار من المجذوم يعنى ما أخرجه البخارى من طريق سعيد بن مينا قال: سمعت أبا هريرة رضى الله عنه يقول : قال رسول الله لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا ضقر ، وفر من المجذوم كما تقر من الأسد .
وفي صحيح مسلم من طريق عمروبن الشريد الثففى ، عن
أبيه قال : كان في وقد تقيف رجل مجذوم ، فأرسل إلنه النبي : وأنا قد بأيعناك فارجع : وفى سنن أبى داود ، من حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، : عن النبي قال : . ولا تديموا النظر إلى المجذمين . وصححه أبن خزيمة والجواب عن هذا من وجهين أحدهما قالة ابن الصلاح ، تبعا لغيرهة جامعا بين ما ظأهره التعارض من حديث أبى هريرة ، وهو حديثه : ولا يورد ممرض على مصح ، وحديثه : أفر من المجدوم فرارك من الأسده ، مع حديث إلا عدوى.
قال : وجه الجمع بينهما : أن هذه الأمراض لا تعدى بطبعها ، ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه ، ثم قد يتخلف ذلك عن لم سببه ، كما فى سائر الإسباب . ففى حديث : إلا عذوىى نفى ما كان يعتقده أهل الجاهلية ، من أن ذلك يعدى بطبعه ، ولهذا قال : وفمن أعدى الأول؟ . وفى
الثاني أعلم بأن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك سببا لذلك ، وحذر من الضرر الذى يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله سبحانه وتعالى ، انتهى كلامه .
وأقره مشايخنا [فى ] مختصرائهم ، لكن قأل البلقينى منهم ، العبارة الصحيحة أن يقول بدل قوله : جعل : قد يجعل ، انتهى .
وهو احتراز حسن لئلا يتخيل أن ذلك [يقع] دائما أو غالبا، والواقع أنه قد : يتخلف .
تم الأصل فيه قول الشافعى رحمه الله ، قأل البيهقي في المعرفة ، في كتاب النكاح ، عند ذكر العبوب : أخبرنا أبو سعيد الصيرفى قال : أنبا أبو العباس الاصم قال : أنبا الربيع بن سليمان قال: قأل الشافعي : الجدام والبرض - فيما يزعم أهل العلم بألطب والتجارب - يعدى الزوج كثيرا ، وهو داء مانع للجماع لا تكاد نفس أحد أن تطيب بمجامعة من هو بها ، ولا نفس أمراة أن يجامعها من هو به . وأما الولد فبين - والله أعلم - أنه إذا ولده أجذم أو أبرض ، أوجذماء أو برصاء ، قل ما يسلم ، وإن سلم أدرك نسله ، ونسال الله العافية بمنه وكرمه قال البيهقى : قد تبت عن النبي أنه قال: ولا عدوى]، ولكنه أراد به على الوجه الذى كانوا يعتقدونه في الجاهلية ، من إضافة الفعل
إلى غير الله تعالى ، وقد يجعل - بمشيئته - مخالطة الصحيخ منبه شىء من هذه العيؤبب، سببا لجدوت ذلك . ولهدا قال النبى .
إلا يورد ممرض على مصح ، وقال في الطاعون : فمن سمع [به] بأرض فلا يقدمن عليه ، وغير ذلك مما فى معناه ، وكل ذلك يتقدير الله تعالى ، التهى كلامه .
والذى يظهر لى أن الشافعى ما روى حديث نفى العدوى الذى سياتى بيانه ، ولهذا اعتمد في ذلك على قول الأطباء وأهل التجربة ، من غير أن يعرج على تأويل الحديث.
ر وقد أورد ابن خزيمة في كتاب التوكل حديث : ولا عدوى من حديث أبى هزيرة وابن عمر، وأخرجه أيضا من حديث سعد بن أبى وقاص . وحديث : :ولا يورد ممرض على مصحة ، من حديث أبى هريرة [و] ترجم على الأول: والتوكل على الله في نفى العدوى ، وعلى الثاني : ذكر خبر غلط فى معناه بعض العلماء فأثبت العدوى التي نفاها النبي : ثم ترجم : والدليل على أن النبى لم يببت العدوى بهذا القول .
ثم ساق حديث أبى سلمة عن أبى هريرة ، عن النبي قال: إلا عدوى ولا هامة ولا صفره . فقال أعرابى : فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيخالطها البعير الأجرب ، فيجربها؟ فقال
النبي : وفمن أعدى الأول. وقد أخرجه البخاري ومسلم ، من هذا الوجه ، [و] من طريق أبى زرعة [عن ] أبى هريرة قال : جاء أعرابى إلى النبي فقال : يا رسول الله ، النقية تكون ببشفر البعير ، فتشمل الإبل كلها جربا قال: فقال رسول الله : وفمن أعدى الأول ، وحديث ابن مسعود ، أن رسول الله قال : ولا يعدى شىء شيئاه ، فقال أعرابى . يا رسول الله ، إنها تكون النقبة من الجربب بيشقر البعير أو فى / ذنبه ، فتكون فى الإبل العظيمة فتجرب كلها فقال رسول الله : ولا عدوى ولا هامة ولا صفر ، خلق الله كل نفس وكتب حياتها ورزقها ومصيبتهاء ثم ترجم ز وذكر خبر روى عن النبي ، في الأمر بالفرار من المجدوم ، أنا خائف أن يخطر ببال بعض الناس أنه إثبات العدوى ، وليس كذلك هو عندى بحمد الله .
ثم أخرج حديث أبى هريرة من طريق سعيد بن مينا عنه .
وأخرجه أيضا من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله : لا عدوى، وإذا رأيت المجدوم ، ففر منه كما تقر من الأسد . ثم ساق حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، أن رسول الله قال : ولا تديموا النظر إلى المجذمين] ، وحديث عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، كان في وقد تقيف رجل مجدوم . الحديث . وحديث جابر ، أن
النبى أخذ بيدر مجدوم فوضعها معه في القصعة ثم قال بسم الله ، يقة بالله ، وتوثلا عليها . وفى لفظ : بينا النبي يأكل ، إذ جاء مجدوم ، فقال: وأدن وثل بقة بالله وتوكلا عليه .
قال ابن خزيمة : النبي برافته ورحمته بأمته ، أمرهم بالفرار ن المجدوم ، كما نهى أن يورد الممرض على المصح، شفقة عليهم ، وخشية أنا يضيب بعض من يقرب من المجدوم الجذام ، والصحيح من الماشية الداء الذى بالمرضى منها، فيسبق إلى قلب بغض المسلمين ، أن من أصابه الجذام ، أعداه جدام صاحبه الأول، وكذا الماشية إذالر أصابها الجرب ، فيسبق إلى قلبه أن المرض الذى بالماشية الأولى أعداها، فيثبت العدوى التي نفاها النبي، وقال بعد نفيها : إنه إلا يعدى شىء شيئاه . فأمر باجتتاب ذلك ، ليسلم المسلمون من التصديق بإثبات العدوى . وقد أعلم النبي ، أن الطيرة شىء يجده الناس في صدورهم ، ثم أعلم أن التوثل يذهبها فكذلك الجدام والجرب ، لا يسلم من ضع توثله ، إذا أصاب بعض من قرب منه المجدوم الجذام ، أن يصدق بالعدوى والطبرة لضعف توثكله ، لان النبي أثبت العدوى بأمتره بالفرار من
المجدوم ، وبعثه إلى المجدوم ليرجع . ويؤيد هذا الجمع أثله مع المجذوم ثقة بالله وتوكلا عليه .
قال : وأما النهي عن إدامة النظر إلى المجدوم ، فعلى ما تقدم .
ويحتمل أيضا أن يكون معناه أن المجذوم يغتم ويكره أن يديم الصحيح النظر إليه ، لأنه قل من يكون به من العقلاء أفة إلا وهو يحب أن يسترها انتهي ملخصا وهو فى غاية التحقق والإتقان، وهو أولى عندى من الجمع الذى ذكره البيهقى ، وتبعه ابن الصلاح فمن بعده ، لأنه ينفى العدوى أصلا ، ورأسا ، كما صرحت به الأخبار الصحيحة . ويحمل ما ورد في ضدها على إرادة حسم المادة بخلاف ما جمعوا به ، فإنه يثبت العدوى في الجملة .
وقد قال [مالك ] رحمه الله - لما سئل عن الحديث في النظر إلى المجذومين -: ما سمعت فيه كراهية ، وما أرى ما جاء من النهي عن ذلك ، إلا مخافة أن يقع في نفس المؤمن شىء ، يعنى : فيقع في اعتقاد العدوى .
وأما ما أخرجه البيهفى ، من « طريق أبى إسحاق الهاشمى ، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله قال : ولا عدوى ، ولا يحل الممرض على المصح ، ويحل المصح حيث شاءء . قيل : ما بال ذلك
يا رسول الله قال : إنه أذى ، فهو ضعيف ، لأنه من زواية ابن لهيغة ، عن بكير ، عنه . و[أبو إسحاق الهاشمى ] مجهول وقد رواه عبدالملك بن محمد الرقاشى ، عن بشربن عمر .
الزهرانى ، عن مالك، عن بكير فقال: عن أبى عطية عن أبى هريرة . قال البيهقى ، إن كان الرقاشى حفظه فهو غريب.
قلت . قد أخرجه الدارقطنى في وغرائب مالك ، من رزانة الرقاشى . ومن [رواية] محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ومن رواية على بن مسلم ، كلهم عن بشر بن عمر . ثم قال : خالفهم أبو هشام الرفاعى فقال : عن بشرين عمر عن مالك بهذا الإسناد، .عن أبى برزة الأسلمى ، بدل وأبى هريرةه ، وهو وهم من أبى هشام3 . . ورواه أبو قرة في السنن عن مالك قال: ذكر بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبى عوسجة ، بمن أبى هريرة . والحديث في والموطاه عن مالك، أنه بلغه عن بكير بن عبدالله بن الأشج ، عن أبى عطية الأشجعى ، عن أبى هريرة قلت : فترجخ أن الواسطة بين أبى هريرة وبكير هو أبو عطية الأشجعى، وهو مجهول . وأن بين مالك وبكير فيه واسطة ولعله ابن لهيعة، فلم تثبت رهذه الزيادة . وعلى تقدير أن تكون محفوظة ، فالضمير فى قوله فإنهه للمرض ، والمرض - بلا شنك - أدىى، ولا يكون الضمير للمورود ، لثلا يلزم منه إثبات العدوى التي نفيت فى صدر الحديث ، ويزجع الأمر إلى التأويل الماضى ، والله أعلم .
وقد سلك الطحاوى في كتاب معانى الآتارة سبيل ابن خزيمة
في هذا الجمع ، فأورد حديث ، ولا يورد ممرض على مصح ، ثم قال : معناه أن المصح قد يصيبه ذلك المرض ، فيقول الذى أورده : لو أنى ما أوردته عليه ، لم يصبه من هذا المرض شىء . والواقع أنه لو لم يورده لأصابه بتقدير الله عليه ، فنهى عن إيراده لهذه العلة التى لا يؤمن على الناس غالبا من وقوعها في قلوبهم.
ثم ساق حديث ، لا عدوى، من رواية سعد بن أبى وقاص وابن مسعود وابن عمر وأبى هريرة وجابر وأنس رضى الله عنهم . ثم ساق من حديث على بن أبى طالب رضى الله عنه ، عن النبي قال: لا يعدى سقيم صحيحا . ومن حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال : قال رسول الله لا عدوى ولا طيرة ولا هامة . فقال رجل أطرح الشاة الجرباء في الغنم فتجربهن : فقال النبى : وفالأولى من جربها . وحديث أبى أمامة رضى الله عنه ، عن النبي قال: ولا عدوىى، وقال: فمن أعدى الأول . وحديث ابن مسعود رضى الله عنه - كما تقدم من عند ابن خزيمة ، وتذا حديث أبى هريرة رضى الله عنه ، من طرق في جميعها : وفمن أعدى الأول .
ثم ساق حديث جابر رضى الله عنه ، فى الأكل مع المجدوم ، كما تقدم . وحديث أبى ذر رضى الله عنه ، عن النبي قال: كل مع صاحب البلاء تواضعا لربك وإيمانا به ثم قأل: فقد نفى النبي العدوى ، وقال: فمن أعدى الأول ، أى لو كان إنما أصاب الثأنى بإعداء الأول ، لما كان
أصاب الأول شىء ، لأنه لم يكن له ما يعديه . ولكنه لمائان ما أصاب الأول بقدر الله تعالنى ، كان ما أصاب الثاني كذلك .
ثم قال : فيحمل قوله قلة لا عدوى على نفى العدوى أن تكون أبدا ، وقوله : ولا يورد ممرض على مصحة على الخوف منه أن يورده عليه ، فيصيبه بقدر الله ما أصاب الأول ، فيقع فى النفس أن الأول هو أعداء ، فكره إيراد الممرض على المصح ، خشية ذلك ، والله أعلم وقد تبع الطحاوى في هذا الجمع أبو بكر الرازى ، في كتابه أحكام القرأن ، فأورد كلامه ملخصا كعادته .
وقد جمع البيهقى بين حدتى إمجدوم ثقيف والذى وضع يده في الصحفة ، بأن أحدهما فيمن يقدر على الصبر فى المكاره ، ويترك الاختيار فى موارد القضاء، والحديث الأخر فيمن يخاف على نفسه العجز عن احتمال المكروه والصبر عليه ، فيحترز بما هو جائز بى الشرع من أنواع الإاحترازات .
وأجاب الفرطبى في والمفهم « عن الإشكال فقال : إنما نهى عن إيراد الممرض على المصح ، مخافة الوقوع فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد ذلك ، أو مخافة تشويش النفوس وتأثير الأوهام . وهذا كنحو قوله : وفزوا من المجذومه ، لأنا وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدى ، فإنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهة لذلك ، حتى لو أكرم الإنسان ،
نفسه على القرب منه ، وعلى مجالسته ، تألمت نفسه ، وربما تأدت بذلك . وإذا كان ذلك ظهر أن الأولى للمرء أن لا يتعرض الإنسان إلى ما يحتاج فيه إلى مجاهدة فيجانب طرق الأوهام ، ويباعد أسباب الألام ، مع علمه بأنه لا ينجى حذر عن قدر والله أعلم ثم وجدت سلف الجميع في ذلك ، وهو أبو عبيد القاسم / بن سلام ، فذكر ما معناه أن النهي في أن لا يورد الممرض على المصح ، ليس لإثبات العدوى، بل لأن الصحاح لو مرضت بتقدير الله ، فربما وقع فى نفس صاحبها أن ذلك من العدوى . فيفتتن ويتشكك في ذلك ، فأمر بإجتنابه . قال أبو عبيد : وكان بعض الناس يحمله على أنه مخافة على الصحيحة من ذات العاهة قال: وهذا شر ما حمل عليه الحديث، لأنه رخصة فى التطير المنهى عنه ، ولكن وجهه عندى ما قذمته ، انتهى
[الفصل الثالث] ذكر بيان الحكمة فى النهي عن الخروج من البلد الذى وقع فيها الطاعون فرارا منه ذهب بعض أهل العلم ، إلى أن ذلك أمر تعبدى لا يعقل معناه، والسبب عندهم في ذلك ، أن الفرار من :المهالك مأمور به ، وقد صح النهىي عن الخزوج من البلد الذى وقع فيه الطاعون ، فكان ذلك لسر فيه لا تعلم حقئقته ، فالأولى فيه التسليم وامتثال ما أمر به الشارع .
وذهب كثير من العلماء إلى التعليل ، وأبرزوا في ذلك جكما منها : أن الطاعون : فى الغالب ب يكون عاما فى البلد الذى يقع به ، فإذا وقع والشخص بها، فالظاهر مداخلة سببه له ، فلا يفيده الفرار منه . بل إن كان أجله حضر فهو ميت، سواء أقام أم رحل ، وكذا بالعكس وإلى هذا صار من رجح أحد الوجهين ، فى أن تصرفات الضحيح في البلد الذى يقع فيه الطاعون ، كتصرفات المريض مرض الموت ، كما سياتى بنانه فى [الباب] الخامس . فلما ثانت المفسدة قد تعينت ولا انفكاك جنها حسنت الإقامة، لما فى الخروج من العبث الذى لا يليق بالعقلاء ،
وأيضا لو توارد الناس على الخروج ، لبفى من وقع به عاجزا عن الخروج ، فضاعت [مصالح ] المرضى ، لفقد من يتعهدهم ، والموتى لفقد من يجهزهم . ولما فى خروج الأقوياء على السفر من كسر قلوب من لا قوة له على ذلك . وقد قيل في الحكمة فى شدة الوعيد على الفرار من الزحف :، لما فيه من تخويف الباقين وإزعاجهم ، وخذلان من كان مستمرا فى القتال وقد جمع الغزالى في الإحياء بين الأمرين ، فقال : الهواء لا يضر من حيث ملاقاته ظاهر البدن ، بل من حيث دوام الاستنشاق ، فيصل إلى الرتة والقلب فيؤثر فيهما، ولا يظهر على الظاهر إلا بعد التأثير في الباطن . فالخارج من البلد الذى يقع به ، لا يخلص غاليا من الأمر الذى استحكم من قبل ، ولكنه يتوهم الخلاص ، فيصير من الأوهام القادحة في التوثل . ثم أنضاف إلى ذلك ، أنه لو رخص للاصحاء في الخروج ، لما بفى من يتعهد المرضى ، وتضيع مصالحهم .
ومنها : ما تقدم من أن الخارج يقول : لو لم أخرج لمت ، ويقول المقيم لو خرجت كما خرج فلان لسلمت فيقع فى اللو المنهى عنها وإلى هذا مال ابن عبدالبر فقال: النهى عن الخروج للإيمان بالقدر والنهي عن القدوم لدفع ملأمة النفس . ونقل عن أبن مسعود رضى الله عنه أنه قال: الطاعون فتنة للمقيم وللخارج عنه .
فذكر نحو ما تقدم ، ز مع ما فى الخروج من الفراز من حكم قذره الله تعالى ، وأمر بالصبر عليه ، وجعل فى الموت [به] أجر شهيد . بل للمقيم صابرا محتسبا مثل أجر شهيد ، ولو لم يمت بالطاعون ، كما تقدم تقريره ففى الفرار من مثل هذا خسارة كبيرة من الأجنر، مع الجهل بأن الموت الذى فر منه : هل يسلم منه أولا]كما قال تعالى قل ين ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمنعون إلا قليلا.
وقال ابن العربى في شرح الترمذى : حكمة النهي عن القرار لثلا يموت فينسب ذلك إلى الطاعون ، وإنما هو أجل حضر. والإسباب لا يضاف إليها كل ما وجد عندها ، وإنما يضاف إليها ما أضافة الشرع وقيل: إنما منع منه لأن سبب المرض قد تحكم . وقيل: لئلا يترك المرضى بغير قيم عليهم .
قال : وأما حكمة منع القدوم عليه ، فالذى عندى أن الله تعالى أمر أن لا يتعرض أبحد للختف وإن كانلم لا نجاة من قدر الله ، إلا أنه من باب الخذر الذى شرعه الله . وفيه الصيانة عن الشرك، لئلا يقول القائل : لو لم أدخل لم أمرض ، ولو لم يدخل فلان لم يمت.
قال : وقيل: إن حكمة منع الدخول ، لثكلا يتعلق بهم من الوهم أكثر مما يتعلق بالخارج ، والله أعلم .
ثم وجدت للشيخ تفى الذين بن دقيق العيد في هذا فصلا
حسناء نقله الزركشى في وجزتهه المذكور ، فقال: الذى يترجح عندى ، في الجمع بين النهي عن الفرار من البلد الذى وقع به الطاعون ، والنهىي عن القدوم عليه - والله أعلم ، أن الإقدام عليه يعرض النفس للبلاء وما لعلها لا تصبر عليه ، وربما كان به ضربب من الدعوى لمقام الصبر والتوثل ، فمنع ذلك لاغترار النفس ودعواها ما لا تثبت عليه عند التحقيق . وأما الفرار، فقد يكون داخلا فىي باب التوغل فى الأسباب، متصورا بصورة [من ] يحاول النجاة مما قدر عليه ، فيقع التكلف في القدوم كما يقع التكلف في الفرار، فأمر بترك التكلف فيهما وقد لمح الصحابى ما ذكرته في أحد الشقين، فقال: وأفرارا من قدر الله، وإلى ما قررته يشير قوله ولا تتمنوا لقاء العدق وإذا لقيتموهم فاصبرواه . فأمرهم بترك التمنى ، لما فيه من التعرض للبلاء وخوف الاغترار بالنفس ، إذ لا يؤمن غدرها عند الوقوع . ثم أمرهم بالصبر عند الوقوع تسليما لأمر الله تعالى ورأيت فيما شرحه الشيخ أبو محمد بن أبى جمرة من البخارى ، ما ملخصه ، قوله : ففلا تقدموا عليه ، فيه منع معارضة متضمن الحكمة بالقدر، وهو من مادة قوله تعالى . ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . وقد قال عيسى عليه الصلاة والسلام : المولى يجرب عبده ، وليس للعبد أن يجرب مولاه . وقوله : ففلا تخرجوا فرار منه ، فيه إشارة إلى الوقوف مع المقدور والرضا به . وأيضا فالبلاء إذا نزل إنما يقصد به أهل البقعق لا البقعة نفسها ، فمن أراد الله تعالى
إنزال البلاء به، قهو واقع به لا محالة ، فأينما توجه يدركه . فأرشده الشارع إلى عدم النصب بالفرار الذى لا يغنى عنه شيئا والله أعلم . ومنها ما زعم بعض أهل الطب ، أن البلد الذى يقع الوباء فيه ، تتكيف أرواح أهله بكيفية هواء تلك الأمائن ، وتألفها أمزجتهم ، وتصير لهم بمنزلة الأهوية الصحيحة لغيرهم . فإذا انتقلوا إلى الأماكن الصحيحة الهواء لم زتوافقهم ، بل إذا استنشقوا الهواء الصحيح، استصحب معه إلى القلب ما يجده من الأبخرة الرديئة التي حصل تكيف بدنه بها ، فتصل إلى القلب، فيقع ذلك المرض الذى فر منه به ، فمنع من الفرار منه من هذه الحيثية ، انتهى وهذا والمذكور أولا مبنى على أن الوباء والطاعون متحدان، وعلى أن سبب الطاعون فساد الهواء ، وقد قذمت فى أخر الباب الأول ما يخالف ذلك . والمعتمد في الحكمة في ذلك ، ما تقدم نقله عن ابن خنزيمة والطحاوى وابن عبدالبر، والله سبحانه وتعالى أعلم [بالصواب ]
[الفصل الرابع] ذكر كشف مشكل ما فى [ هذا] الباب الرابع قوله : حزقيل بكسر الحاء المهملة وسكون الزاى وكسر القاف بعدها تحتانية ثم لام . وأبوه وبورىى : بضم الموحدة وفتح الراء .
قوله : والسدى : بضم السين وتشديد الدال المهملتين ثم ياء النسب .
قوله : واديا أفيح- بالفاء السائنة ثم التحتانية ، بوزن أهيل أى واسع قوله : هزقيل : هو الماضى ، لكن الهاء بدل الحاء المهملة لقرب المخرج قوله : سحنة .: بكسر السين لور المهملة ويكون الحاء المهملة ثم نون، أى علامة .
قوله : يساف : بفتح التحتانية ثم مهملة خفيفة وأخره فاء .
قوله : النضر : بالضاد المعجمة .
والخزاز . بمعجمات .
قوله : ميسرة . بفتح الميم وسكون التحتانية بعدها مهملة.
والنهد : بفتح النون وسكون الهاء : قوله : حكام بفتح المهملة وتشديد الكاف و عنبسة ر بفتح المهملة وسكون النون بعدها موحدة ثم مهملة قوله : قرنا . زيفتح القاف وسكون الراء [أى ] جصن . وأما بكسر القاف ، فمعناد النظير قوله : جوبير بجيم وموحدة تم راء ، مصغر قوله : سنيد بمهملة تم تون، مصغر قوله : فحظروا . بحاء مهملة وظاء معجمة ، والخطائر . جمع حظيرة ، وهو كالحوش عليه حائط بغير باب.
قوله ، أروحته . بحاء مهملة وانتنت : بنون ومثناة ، من النتن قوله : موتان- بضم الميم وسكون الواو، أى الموت الكثير .
ويقال بفتح أوله وثانيه أيضا
قوله : غميقة ، [بيانه ] مذكور في الأصل قوله : منيب ، ضبط في الأصل قوله : وتنكبة . بنون وكاف ثم موحدة ، أى عدل عنه .
قوله : مسرة بن معبد: بفتح الميم والمهملة وتشديد الراء .
قوله : وجسر مويسة1 : مكان بالشام ، قريب الجابية.
قوله : خرجان . بخاء معجمة . وراء ساكنة ثم جيم ، هو الخراج - بضم أوله وتخفيف الراء - كالدمل قوله : ذرب كالدمل : بذال معجمة وراء مفتوحتين وأخره موحدة ، هو ما لا يقبل العلاج قوله ، الجابة بجيم ثم موحدة ، اسم مكان معروف بالشام . والجوببية، تصغيرها . وأأوه شك من الراوى والحسن بن يحبى الخشنى : بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين ثم نون.
قوله : أبو واثلة . بمثلثة قوله : لا تحفوا : بحاء مهملة سائنة ثم فاء، أى لا تطلبوا .
قوله : أن تنزهوا : أى تبعدوا قوله . فحللنى . بحاء مهملة فعل أمر من الجل - بكسر أوله : قوله : وكأن بهمزة مفتوحة بعدها نون سنائنة ، كلمة تقال لتقريب الشىء ، والمعنى : كأنك به وقد وقع قوله : فارتد بسكون / الراء وفتح المثناة فعل أمر من الارتياد، وهو الاختياز قوله :. . والغرز يفتح المعجمة وسكون الراء بعدها زاى ى، هو ركب الكور قوله : سرغ ، هو مكان فسر فى الأصل ، وهو بفتح المهملة والراء - وقد تسكن ب ثم غين معجمة وقد ذكر البكرى [فى والمعجم أنها مدينة افتتحها أبو عبيدة هى واليرموك والجابية متصلة وقال ابن وضاح : بينها وبين المدينة ثلات عشرة مرجلة . .
قوله ، عدوتان : بعين مهملة مكسورة - وتضم أيضادة أى جانبان .
قوله : اكنت معجزة : بالتشديد ، من العجزة أى تنسبه إلى العجز والمعنى أن الناس رعيتى فيجب على الاحتياط لها ، فإن تركته نسبت إلى العجز كما ينسب راعى الإبل إذا رعاها فى المكان
الجذب ، مع قدرته على رعيها في المكان الخصب، والله أعلم قوله : فتكركر ، أى رجع قوله : فلا تقدموا : بفتح أوله ، من القدوم ، وهو الأشهر ويروى بضم أوله من الإقدام.
قوله : قال أبو النضر: لا يخرجكم إلا فرارا منهه: في هذا التركيب إشكال ، ولهذا عزاه مالك لأبى النضر وقد وجهوه بأن التقدير: لا يخرجكم شىء إلا الخروج فرارا منه .
قوله : حوثرة . بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مثلئة.
وأشرس : بشين معجمة تم سين مهملة بوزن أحمر قوله : قائلا ، من القيلولة .
قوله : فى جبابه: بخاء معجمة تم موحدة ، أى خيمته ووالفئ: الظل قوله : تضور : بضاد معجمة ، أى قلق .
قوله : أقرق: فسر فى الأصل قوله . مجلز : بكسر الميم وسكون الجيم بعدها زاى .
قوله : العرنيين - نسبه إلى عرينة - بعين مهملة وراء ونون مصغر . وحدفت ياء التصغير في النسب .
قوله ، وقروة1- بفتح الفاء [ابن ] مسيك - بمهملة وكاف، مصغر
قوله : أبين -: بموحدة ، وزن أحمر قوله : [وميرتنا] بكسر الميم ، قؤله: والقرف: فسر فى الأصل .
قوله : والشريد : بفتح المعجمة قوله : لا عدوىى- بفتح العين المهملة ، مقصور ، كانت العرب تعتقد أن المرض يعدى وينتقل إلى الصحيح، فأنكر النبي اعتقادهمم ، وأبطل العدوى فقال : ولا يعدى شىء شيئا .
قوله : ولا طيرة . بكسر الطاء المهملة وفتح التحتانية ، مأخودة مما كانوا يعتادونه في الطير البارح والسائح ، من التشائم ، والتيامن .
وكان الواحد منهم ، إذا خرج فرأى الطير ذاهبا من جهة اليمين، تيمن به واعتقد نجح حاجتة، وبالعكس . ثم توسعوا في ذلك ، حتى كانوا يهيجونه على الطبران لذلك ، فأبطل ذلك الإسلام : قوله : ممرض على مصح : الممرض - بضم أوله - الذى له إبل مرضى ، والمصح الذى له إبل صحاح قوله : والنقبة بضم النون وسكون القاف بعدها موحدة ، أول شىء يظهر من الجرب ، وجمعها نقب - بضم أوله وسكون تانيه ه قيل لها ذلك لأنها تنقب الجلد .
الباب الخامس فيما يشرع فعله في الطاعون بعد وقوعه
[الفصل الأول] تقدم في الأبواب الماضية الأمر بمنع الخروج من البلد الذى وقع به، فرارا من الطاعون ، والترغيب في الإقامة صابرا محتسبا عالما يأنه لا يضيبه إلا ما كتب الله تعالى . وهذا يتعلق بما إذا وقع فى البلد عموما أما إذا وقع بالمرء خصوصا فساذدكره بعد الفراع مما يتعلق بوقوعه عموما [و] مما ينبغى لكل أحد المبادرة إليه ، رذ المظالم والتخلص من التبعات، والتوبة من العود إلى شىء من معصية الله والندم على ما مضى من ذلك، والوصية من غير أن يقع فيها خيف أو جنف . وهذا مطلوب في كل وقت ، ويتاكد عند وقوع الأمراض عموماء ولمن وقع به خصوصا ويقى الكلام في ثلات مسائل أحدها ، هل يشرع الدعاء برفعه أولا وعلى الأول : هل يشرع الاجتماع لذلك ، أو يدعو تثل أحدا على انفراده بما يناسب حاله وعلى الأول : هل يختص الاجتماع للدعاء بذلك بالقنوت ، كما فى النوازل
فى بعض المذاهب، أو يشرع الخروج إلى الصحراء والاجتماع بها بعد الصوم ، كما فى ى الاستسقاء .
والجواب: أن الدعاء برفعه عن المسلمين الدين وفع ذلك ببلدهم ، مشروع اجتماعا وانفرادا في القنوت ، خاصة عند الشافعية ، بناء على أنه من جملة النوازل . وقد قال الشافعىي بمشروعية القنوت فى النازلة ، ومثلها الرافعى وغيره بالوباء والقخط . وفسر جماعة الطاعون بأنه الوباء كما تقدم البحث فيه في الباب الأول ، فانتج ذلك أنه يشرع القنوت برفع الطاعون .
قأل الشافعي زحمه الله في الأم : إن قنت عند نازلة لم أثرهه ، وإن قنت فى غير نازلة كرهته . وقد توقف بعض المتأخرين من الشائعية في ذلك ، وقالوا الطاعون أخص من الوباء ، وقد وقع فى زمن خيار الصحابة ، ثم فى زمن خيار التابعين ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه قنت برفعه .
وهذا الذى قاله هذا المنأخر فيه نظر، لأنه يستلزم الطعن في أصل مشروعية القنزت في النازلة لا في خصوص القنوت في الطاعون . والقنوت فى النازلة نص عليه الشافعىي رضى الله عنه صاحب المذهب، فيلزم من كان على مذهبه أن يقول به ، إلا إن ثأن هذا المتأخر اختار ذلك رأبا له خارجا عن المذهب ، فيستقيم كلامة فإن نفس الدليل الذى استدل به على المنع في الطاعون ، استدل به صاحب والفروع ] من الخنابلة ، على منع القنوت فى النازلة ، فقال
لا يقنت لرفع الوياء في الأظهر ، لأنه لم يثبت القنوت فى طاعون عمواس ، ولا فى غيره .
نعم ، غير الشافعية ليس القنوت فى النازلة عندهم مشروع] أصلا ، وأما مطلق الدعاء فالراجح مشروعيته ، بل يستحب لأهل الأرض السالمة الدعاء لأهل الأرض التى يقع بها الوباء كما يستحب لأهل الأرض الخصبة الدعاء لأهل الأرض الجذبة .
وقد نازع في ذلك بعض / الحنابلة فقرات في والجزءه الذى جمعه المنبجى ، أنه يكره الدعاء برفعه ، لأن معادا امتنع من ذلك واعتل بكونه شهادة ورحمة ودعوة نبينا لأمته . قال: فلوكان مشروعا لما أحوجهم أن يسالوه ، بل كان يفعله من تلقاء نفسه ، بل لوكان مباحا لبادر بفعله عند سوال الرعية له ما ظنوا أنه مصلحة لهم . فلولا أنه غير مباح، لبادر إلى إجابتهم . ولا يرد على ذلك ورود الدعاء برفع الحمى ، لأن الموت بها لا يقع غالبا، بخلاف الطاعون ، لأن الموت غالب به ، فيتضمن الدعاء برفع الموت ، والموت حتم مقضى لا يتقدم ولا يأخر من انقضى أجله طرفة عين ، انتهى وهذا الذى قاله ضعيف ، فإن الاحتجاج في ترك الدعاء بالقدر، يستلزم ترك الدعاء في جميع الأمور وترك الأسباب كلها وقد حكاه عياض عن بعض المتصوفة وبالغ في إنكاره . والأحاديث فىي مشروعية الدعاء للمريض بالعافية والشفاء ، [و] كذلك الأحاديث في الاستعادة
من الجنون والجذام أوسىء الأسقام ، والاستعادة من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء، والأدزاء أثثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر وكذا يستلزم التمسك بالقدر ترك التداوى في الأسقام ، مع ثبوبه والإذن فيه في الأحاديث الضحيحة، ولا شك أن التداوى بالأدعية أنجح من التداوى بالعقاقير. والطاعون ليس هو الموت ، وإنما هغ مرض من الأمراض ، فيدعى برفعه ونستعاد منه كما فى سائر الأمراض ، وإن كانت تكفر الذنوب ، والموت ببعضها شهادة ، وقد ثبت -كما تقدم - أنه من وخز الجان، وقد أبمرنا بالاستعادة منهم .
وأيضا فإنه لا يجوز الدعاء به على أحد من المسلمين ، لأن فيه عموم بلاء ، فيمتنع ولو كان في ضمنه الشهادة ، كما لا يجوز الدعاء عليهم بالغرق والهدم ونحو ذلك ، بل في الطاعون من عموم الضرز أكثر مما في الغرق . وكذا لا يجوز الدعاء على أحد من المسلمين بشى ء من الأمراض ، ولو كان يحصل لمن وقعت له الأجور الكثيرة .
فرع لا يباح الدعاع على أحد من المسلمين بالموت بغير موجب له ، وفى كلام الكرابيسي في وأدب القضاءه ما يشعر بكراهته دون تحريمه ، فإنه قال : لو دعا على غيره بالموت لم يجب عليه التعزيز
ولعله لحظ أن الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فلم ير للدعاء بتعجيله تأثيرا وقد جمع الشيخ ولى الدين البلوى جزا في الدعاء برفع الوباء ، سماه : وخل الحبا . ، وحصر شبهة من منع الدعاء بذلك في خمسة أشياء، أحدها أن الطاعون رحمة فكيف يطلب رفعه .
ثأنيها : أن الصابر له مثل أجر شهيد فطلب رفعه تبرم بهذا الثواب الجزيل ثالثها : أن الإيمان بالقدر يقتضى أن لا يضيب أحدا إلا ما كتب له ، فطلب ما قدر رفعه تحصيل الخاصل ، وطلب ما قدر وقوعه مستخيل رابعها : ثبوت النهي عن الفرار منه ، وفى طلب رفعه نوع فرار.
خامسها : أن النتى للة دعا به لأمته، ففى طلب رفعه معارضة له .
وأجاب عن ذلك بجوابين، إجمالى وتقصيلى الأول: أن الدعاء برفع الوباء إذا ثبتت شرعيته ، لم يقبل منعه إلا بنهى صريح راجح على الإثبات . قال : وثبوت الشرعية حصل بأدلة ، منهاء الدعاء للمريض بالعافية . ومنها : الاستعادة ومنها: التداوى . . وساق
الأحاديث في ذلك ] :ومنها ما أخرجه ابن السنى ، من حديث [عائشة رضى الله عنها ، أن النبى كان إذا أشرف على أرض يبريد دخولها ، قال: اللهم إنى أسالك من خير هذه الأرض وخير ما جمعت فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما جمعت فيها اللهم ارزقنا جناها ، وأعدنا من وباها ، وحببنا إلى أهلها ، وحبب صالحى أهلها إليناء . قلت : فى سنده / عيسى بن ميمون ، يرويه عن القاسم عن عائشة، واعيسى ضعيف .
الثانى .
رد الإيرادات واحدة واحدة: أما كون الطاعون رحمة ، فإنه لا ينافى طلب رفعه ، لأن الرحمة شىء وأثرها أو سببها شىء . والآثار والأسباب تتفاوت مراتبها، فرب أمر منها يطلب من الله ما هو أعلى منه .
وأما كونه شهادة فهى خاصلة لمن أقام صابرا محتسبا راضيا بوقوعه ، أن لو وقع به، سواء أدعا برفعه أم لا . والطلب من الله والالتجاء إليه مرغوب فيه مندوب إليه ، وغاية الطاعون أن يكون كملاقاة العدو، . وقد ثبت سؤال العافية منه ، تم الصبر إذا وقع اللقاء فوزانه أن لا يتمنى الطاعون ، ويسأل الله العافية منه ، فإن قدر نزوله به صبر واحتسب .
قلت . ويقوى ذلك بما قدمناه ، أنه من طعن أعدائنا من الجن ، ويكفى فى امتثال الأمر بالصبر عند وقوعه عدم الفزار منه، بالخروج
من البلد التى يقع فيها إلى بلدة أخرى طلبا للنجاة منه ، وعدم التضجر منه والتبرم . وليس ذلك مباينا لسؤال العبد ربه العافية ، ولا يعارض ذلك الإيمان بالقدر، لاحتمال أن يكون الله تعالى جعل الدعاء سببا لسلامة الداعى من الطاعون ، فيجتمع له أجر الشهيد بأالصبر ، والعافية بالدعاء ، وكل ذلك من فضل الله ورحمته .
وقد( ثبتت الاستعادة في أمور كثيرة ، جاء أن صاحبها شهيد ، فقد أخرج أبو داود والنسائى ، وصححه الحائم ، من حديث أبى البشر ، أن رسول الله فلة ثأن يدعود [اللهم إنى أعود بك من الهدم ، وأعود بك من التردى ، وأعود بك من العرق والخرق وأعوذ بك أن أموت لذيعا . .ه الحديث وأما كونه مقدورا فحق وصدق ، ولا يستلزم منع الدعاء ، بل منع الدعاء من / جنس ترك الأعمال الصالحة ، اتكالا على ما قدر، فيستلزم ترك جميع الأسباب المرتب عليها السعادة ، ويضاد مدح الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشى . وقد جاء من حديث أنس رضى الله عنه مرفوعا لا تعجزوا في الدعاء ، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد .
صححه ابن حبان والحاكم. ومن حديث سلمان رضى الله عنه
رفعه : لا يرد القضاء إلا الدعاء . . . أخرجة الترمذى ، وصجحه أبن حبان من حدث ثوبان . وعن عائشة رضى الله عنها مرفوعا- . لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان» . صححه الحاكم .
فرد البلاء بالدعاء مثل دفع السهم بالترس ، وليس من شرط الإيمان بالقدر أن لا يحمل السهم ولا يتفى بالترس وأما أن فيه نزعا من القرار فممنوع ، فإن معنى النهي عن الفرار أن لا يغالب القدر بالخول والقوة والخيلة ، فيشارك الذين { ظنوا انهم ما نعتهم حصونهم من الله . والدعاء بخلاف ذلك ، فإنه اعتراف
من الداعى بالعجز عن الحول والخيلة مع ما فيه من الخضوع والتذلل ، فلا ينافى التسليم لأمر الله والتفويض لقضائه وأما دعاء النبى به لامته، فجوابه أن فى الدعاء برفعه معاضدة له، أن يرفع الهرج عن أمته . ولا يمنع من ذلك قوله .
اللهم فبالطاعون ، لأنه ليس فيه طلب ذلك ، بل معناه أن لا يجعل عليهم سبيلا لكافر ، وأن الأفة السماوية كافية في الفناء، مع دوام العز فليس الطاعون مقصودا لذاته ، لا بقصد أول ولا يقصد تان، بل المقصود دوام العز ورد الذين كفروا بغيظهم وتطهير المؤمنين من دماء إخوانهم انتهى ملخصا وجميع ما ذكره من الأجوبة مقبول إلا هذال الأخير فهو متعقب بما ثبت من الطلب الصريح ، كما تقدم بيانه في الباب الثالث.
والسبب في ذلك أنه اعتمد على حديث ذكره ابن الأثير فى وجامع الأصول ، عن أنس رضى الله عنه ، أن النبي سئل عن الطاعون فقال : ورحمة ربكم ودعوة نبيكم . . حين سال ربه أن يرفع الهرج عن أمته، فمنع فقال: اللهم فناء بالطاعون والموت. وفى رواية : طعنا وطاعونا. وهذا الحديث لم يثبت ، والأحاديث المصرحة بقوله : واللهم اجعل فناء أمتى قتلا فى سبيلك بالطعن والطاعون ، صحيحة ، وكأنه لم يقف عليها .
وأنا أتبرع عنه بالجواب
وخاصله أن دعاءه لأمته بذلك ، لا يستلزم منع الدعاء برفع الطاعون إذا وقع، فينزل طلب الوقوع على أن يقع ذلك لمن انقض أجله ، بأن يموت بع، لتحصل له ذرجة الشهادة بأحد الأمرين ، وينزل طلب الرفع على أن لا يقع ذلك عاما ، فيموت الجمع الكشير في الزمن اليسير ، فيقع بسبب ذلك من خراب غالب البلد ، وتعطيل كثير من المعايش وشمائة عدو الدين ، ما لا يتوقف العالم عن الدعاء برفعه .
فكونه نازلة إنما جاء من إصابته للجم الغفير في الزمن اليسير بخلاف ما لو وقع الموت به لواحد بعد واحد . وكونه رحمة ، ومن يموت به يكون شهيدا ، لا يدفع كونه نازلة ، كما أن العدو إذا نزلوا بلد المسلمين، فإنذ لا يتوقف [عن الدعاء للمسلمين بالسلامة والنصر على أعدائهم ، وإن كان من يموت بأيدى العدو حيئذ يكون شهيدا لا محالة.
وإلى هذا الجواب نحا تاج الدين السبكى ، ثم قال: هذا من حيث الدعاء برفعه مطلقا عن أهل البلد، وأما دعاء الشخص لم الخاص لنفسه بأن لا يقع، فلا يظهر لى فيه محذورة فإنه يسال أن لا ينزل به عاهة ويعينهاء فكأبه قال : لا تسلط على فلانا الظالم . وقد دعا النبى لأنس بطول العمر، والخبر بذلك تابت في الصحيح، وهو صريح فى جواز الدعاء بطول العمر ويؤخذ من قوله تعالى : وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متعا حسنا إلى أجل مسمى إلى غير ذلك .
فرع إذا جاز الدعاء بطول العمر، فينبغى أن يتقيد بمن كان في بقائه منفعة للمسلمين ، بل يندب ، فإن كان نفعه قاصرا على نفسه فهو دون الأول . ومن عداهما قد يصل إلى الكراهة والتحريم إن اتصف بضدهما وإن لم يتصف فقد قال بعضهم ، لا ينبغى لأحد أن يحب ما يحب إبليس ، فإنه يحب طول البقاء . والحق أن الضابط الرجوع إلى المتعلق، والله أعلم .
قال العلماء: الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولكن فائدة الدعاء تتصور فى أنه قد يجوز أن الله قذر أن زيدا عمره تلائون ، فإن دعا فأربعون ، فيقع أحد الأمرين . وعلى هذا ينزل جميع أنواع الدعاء ، وإلا لم يكن له فائدة لأن الأشياء كلها بتقدير الله تعالى جلت قدرته .
قال تاج الدين السبكى. وأما دعاء معاذي فلم يكن بأن لا يرفع الله الوباء عن المسلمين، بل كان طلب ذلك لنفسه لينال درجة الشهادة .
قلت :، أو ليموت على خلوص من عمله وجهاده قبل حدوث الفتن ، كما تمنى ذلك غير واحد من الصحابة ، وصرحوا بالتعليل بذلك . فمن ذلك ما أخرجه أحمد ، من طريق عثمان بن عمير، عن زاذان أبى عمر ، عن عليم - هو الكندى - قال : كنا جلوسا على سطح ، ومعنا رجل من أصحاب النبى، والناس يخرجون فى الطاعون ، فقال الغفارى . وهو عبس -: يا طأعون خذنى - ثلاثا يقولها - فقال له عليم : لم تقول هذا ألم يقلم رسول الله .
ولا يتمنين أحدكم الموت، فإنه عند انقطاع عمله ، ولا يرد فيستعتب فقال : إنى سمعت رسول الله يقول : {بادروا بألموت ستناء إمرة السفهاء ، ويشرة الشرط ، وبيع الحكم . الحديث وأخرجه الطبرانى في الأوسط ، وابن شاهين في والصحابةل، من طريق موسى الجهنى ، عن زاذان ز كنت مع رجل من أصحاب النبي ، يقال زله : عابس ، أو ابن عابس ، على سطح : فرأى الناس يتحملون ، فقال: ما للناس؟ قيل: يفرون من الطاعون .
فذكره ، لكن قال : رفقال له رجل كانت له صحبة . وقال فيه إمرة الصبيان ، وكثرة الشرط، والأثرة في الحكم الحديث. ولهبدا الحديث شاهد من حديث الحكم بن عمرو الغغارى . أخرجه الطبرانى ، بنحو سياق حديث عبس وفى هذا الحديث فوائد ، منها: وقوع الفرار من الطاعون وإنكار بعض الصحابة عليهم ، وجواز تمنى الموت خشية الوقوع في الفتنة، وحمل الضر المذكزر في الحديث على [الضر] الدنيوى ، لا على الدينى ، والله أعلم .
وقد أخرج أحمد ، من حديث عوف بن مألك ، أنه قال: يا طاعون خذنى . فقالوا له : أليس قد سمعت رسول الله يقول : ما عمر المسلم كان خيرا له1 قال: بلى ، ولكنى أخاف ستا: إمارة السفهاء . . الحديث. وهو شاهد لا بأس به للحديث الذى قبله .
فصل وأما الامتناع من الدعاء أصلا ورأسا فقد حصل الجواب عنه. وخاصله أنه غير محظور، إذ ليس فيه محدور ، وقد قال ، . ولكن عافيتك أوسع لى فالمعتمد أنه يختلف بإختلاف الأشخاص ، فمن قوى يقينه وغلب توكله ، فمقامه أفضل المقامات ، فيفوض ويسلم ، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطثه وما أخطاه لم يكن ليصيبه ، وأنه إن عوفى شكر، وإن لم يعاف صبر بل ربما ارتقى /عن ذلك ذرجة فطلب الشهادة كما وقع ذلك لغير واحد من الصحابة والسلف الصالح وعلى ذلك حمل أبو بكر الرازى عمل أبى عبيدة حيث أبي الخروج من الشام ، وكذا معاذ بن جبل سال الحظ الأوفر منه ، وكذا عمر حيث قال: اللهم ارزقنى شهادة فى سبيلك .
ومن لم يصل إلى هذه المرتبة فيسلم ويفوض ويفعل ما تبت
في صحيح مسلم عن أنس رضى الله عنه ، أن النبى أمر الصحابى الذى اشتد مرضه أن يدعو [اللهم أحينى ما كانت الخياة خيرا لى ، وتوفنى ما كانت الوفاة خيرا لى .
فإن امرة خشى على نفسه فتنة فى دينه ، فرجح جانب البلاء على جانب العافية ، ليسلم له دينه ، فهو مثاب على نيته ، كما وقع لعابس وعوف . ومن كان بخلاف ذلك ، فطلب من ربه أن يعافيه من سقم حل به، فهو جائز بشرط أن يستحض أنه لا راد لما قضى الله ، وأن دعاءه بذلك لاحتمال أن يكون الله تعالى قذره سببا لعافيته ، لا لأن الذى قذره الله يندفع بالخيلة . ولا فرق فى هذا بين من يصاب بالحمى أو بالطاعون أو بغيرهما الأسقام .، ويرشد إلى التفصيل الذى ذكرته ، حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير رجساب ، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتؤون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» . أخرجاه في الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما مع الأخاديث الواردة بالإذن في الرقى والتداؤى وغير ذلك فليس الدغاء برفع البلاء ممنوعا ولا مصادما للمقدون من حيث هو هو أصلا وأما الاجتماع له ، كما في الاستسقاء ، فيدعة حلئت في الطاعون الكبير سنة تسع وأربعين وسبع منائة بدمشق . فقرات فى
جزء المنبجى ، بعد إنكاره على من جمع الناس في موضع فصاروا يدعون ويصرخون صراخا عاليا ، وذلك في سنة أربع وستين وسبع مائة ، لما وقع الطاعون / بدمشق . فذكر أن ذلك حدث سنة تسع وأربعين. وخرج الناس إلى الصحراء ومعظم أثابر البلد ، فدعوا واستغائوا ، فعظم الطاعون بعد ذلك وكثر ، وكان قبل دعائهم أخف .
قلت . ووقع هذا فى زماننا حين وقع أول الطاعون بالقاهرة ، في السابع والعشرين من شهر ربيع الأخر سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة . فكان عدد من يموت بها دون الأربعين . فخرجوا إلى الصحراء ، في الرابع من جمادى الأولى ، بعد أن تودى فيهم بصيام ثلاثة أيام ، كما في الاستسفاء ، واجتمعوا ودعوا وأقاموا ساعة ثم رجعوا فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت فى كل يوم بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد.
ووقع الاستفتاء عن ذلك ، فأفتى بعض الناس بمشروعية ذلك ، واستند فيه إلى العمومات الواردة في الدعاء . واستند أخر إلى أنه وقع فيى زمن الملك المؤيد وأجدى ذلك ، وحضره جمع من العلماء فما أنكرو .
وأفتى جماعة من العلماء بأن ترك ذلك أولى ، لما يخشى من الفتنة به، إثبائا ونفيا، لأنه إن أجدى لم يأمن خطر الدعوى ، وإن لم يجد لم يأمن سوء الظن بالعلماء والصلحاء والدعاء .
ونحوت هذا النحوفي جوابى ، وأضفت إلى ذلك : أنه لو كان مشروعا ، ما خفى على السلف ثم على فقهاء الأمصار وأثباعهم ، فى الأعصار الماضية . فلم يبلغنا في ذلك خبر ولا أثر عن المحدثين ، ولا فرع مسطور عن أحد من الفقهاء ، والفاظ الدعاء وصفات الداعى ، لها خواص وأسرار ، يختص بها كل حادث بما يليق به. والمغتمد في ذلك الاتباع ولا مدخل للقياس في ذلك ، ومثال ذلك أن ما ورد فى التخويف بالكسوفين، له هيئة تغاير ما ورد فى التخويف بالجذب ، وما ورد فى النازلة كالفحط والوباء - على رأى من رأى / القنوت في ذلك - يغاير ما ورد فى الكسوف والاستسقاء فالذى يأتى بهذا لهدا، وبهدا لهدا، يلتحق بمن أحدث في أمر الدين ما ليس منه ، فيرد عليه . وقد نص الشافعى رحمه الله ، على أنه لا قنوت في الاستسقاء ، وهو يؤيد ما ذكرته ، والله أعلم وهذا من الأبباب الحاملة لى على تبييض هذا الكتاب ، بعد ان كنت جمعت منه أكثر الأحاديث وبعض الكلام عليها ، في سنة تسع عشرة وثمان ماثة ، ووكنت امتنعث من الخروج في هذه المرة الأخيرة ، ولا خضرت صحبة الملك المؤيد في تلك المرة ، مع اختصاصى . به ، لهذا المعنى الذى أشرت إليه . وقد وقع ما تخيلته من الأمرين معا في المرة الأولى ، وفى المرة الثانية ، وقبل ما قيل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
وأمر بعض من ينسب إلى الصلاح السلطان الأشرف ، مستندا
إلى منام رأه فيما قيل ، أن يأمر الخطباء والمؤدنين والمدرسين والقصاص ، أن يختموا أدعيتهم بالدعاء بهذه الأية : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
وسئلت عن ذلك فأجبت بأن الأولى أن يكون بدلها : رينا ظلمنا أنقسا . الأية ومستدى في ذلك أن هذه الأية وقع الإجداء بقولها لأدم، فتأب الله تعالى عليه ورحمه . والاخرى حكاها الله تعالى عن الكفار وعقبها بالرد عليهم . فالأية التى ذكرتها أولى فى هذا المقام ، من هذا الوجه ومن عدة أوجه .
ثم وجدت في كتاب ابن أبى الدنياء أن عمر بن عبد العزيز كتب - لما وقعت الزلازل في زمانه - إلى الأمصار: أن يجتمعوا للصلاة فى وقت بعينه ، ومن عنده شىء فليتصدق ، فإن الله تعالى يقول : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، وقولوا كما قال آدم ربنا ظلمنا أنفسنا. الآية فهذا الذى بلغنا عن السلف ، ولم يبلغنا قط فى زمن من الأزمنة ، في عهد الصحابة والتابعين ، أنهم اجتمعوالم لذلك اجتماعهم للاستسقاء إلا في سنة تسع وأربعين، فاجتمعوا ودعوا ورجعوا ، فازداد الأمر شدة ، ولم يحصل من قام في ذلك على المقصود فاتفق أن الذى وقع بعد خمس وثمانين سنة نظيره ثقة بكفة
تكملة ، تقدمت قصة عمر بن عبد العزيز ، في أمره بالتصدق والدباء بقوله تعالى : ربنا ظلمنا أنفسنا الآية، وهذا أرفع ما وقفت عليه في ذلك . وهو وإن كان ورد فى الزلزلة فلا يمتنع أن يقعل مثله في الطاعون ، والجامع وقوع التخويف بهما .
وقد ذكر عن الشيخ تفى الدين السبكى ، أنه كتب فىي الطاعون العام سنة تسع وأربعين إلى ولده أبى حامد ، أن رجلا صالحا رأى النبي فى المنام، بجامع بنى أمية، والناس حوله يسألونه رفع الوباء ، فقال لهم : فقولوا : يا ودود، يا ودود، با ذا العرشن المجيد ، يا مبدىء يا معيد ، يا فعال لما يريد ، أسالك بنور وجهك الذى ملأ أركان عرشك ، ويقدرتك التى قدرت بها على خلقك ، وبرحمتك التى وسعت كل شىء ، أارفع عنا هذا الوباء ، انتهى . وقد جاء هذا الدعاء في قصة التاجر واللص ، وذلك مما يبعد وقوع المنام الملكور ، مع احتهال صحته - ومن ذلك ما أذكره الشيخ شهاب الدين ين أبى حجلة ، في جزء جمعه فى الصلاة على النبي ، وذكر فيه أشياء في الطاعون ، قال: شاع بالقاهرة - يعنى في سنة أربع وستين وسبع مائة - أن بعض الصالحين ، حين كثر الطاعون في المحلة ذكر أنه رأى النبي فى .
المنام ، وشكا إليه الحال ، فأمره أن يدعو بهذا الدعاء ، اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون وعظيم البلاء في النفسن والمال والأهل
والولد : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أثبر مما نخاف ونحذر الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر ، عدد ذوبنا حتى تغفر ، الله أثبر ، الله أكبر ، الله أكبر وصلى الله على سيدنا محمد وأله وسلم م . الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر اللهم كما شفعت نبينا فينا فأمهلنا ، وعمر بنا منازلنا، ولا تهلكنا بذنوبنا ، يا أرحم الراحمين قلت ، ويبعد صحة صدر هذا الدعاء، لأنه مصادم لما ثبت عنه أنه دعا بذلك لأمته ، فكيف يتصور أن يأمرهم أن يستعيدوا مما دعا لهم به ، فالله أعلم وذكر الأديب شهاب الدين بن أبى حجلة في وجزءه له جمعه في الطاعون ، أن بعض الصالحين ذكر له أن من أعظم الأشياء الدافعة للطاعون وغيره من البلايا العظام كثرة الصلاة على النبي ، وأنه ذكر ذلك للشيخ شمس الدين [ابن ] خطيب يبرود، فاستصوبه ، واستدل له بحديث أبى بن كعب رضى الله عنه ، أن رجلا قال للنبى . أجعل لك نصف صلاتي؟ . . الحديث، وفى أخره أجعل لك صلاتى كلهاء قال : وإذن تكفى همك ويغفر ذنبك. اخرجه الحاكم وصححة، وسنده قوى، والله أعلم
فرع لم أقف فى شىء من كتب الفقهاء على ما يدعو به في القنوت تى النوازل ، والذى يظهر أنهم وكلوا ذلك إلى فهم السامع ، وأنه يدعو في كل نازلة بما يناسبها .
وذكر الزركشىا أن بعض السلف كان يدعو عقيب صلائه :، اللهم إنا نعوذ بك من عظيم البلاء ، في النفس والأهل والمال والولد .
فذكر ما تقدم عن ابن أبى حجلة وذكر أشياء اقتصرت منها على هذا القدر وثم فروع أخرى فى كونه هل يتوقف على إذن الإمام أو لا؟
ونحو ذلك ، لم أر الإطالة بها
[الفصل الثاني] المسالة الثانية قال تاج الدين : اختلف أصحابنا إذا ظهر الطاعون في بلد ، هل هو مخوف أو لاء على وجهين ، وهما جاريان فيما إذا فشا الموت فى البلد . وأصحهما عند صاحب [التهذيب ] أنه مخوف . وحكاه الإمام عن / النص ، وهو الذي صححه الرافعى والنووى ، وجزم الماوردى في والخاوى بمقابله .
قلت . وهو اختيار أكثر العراقيين، وعبارة البندنيجى منهم ، بعد أن حكى قول الشافعىي رحمه الله : الطاعون مخوف حتى يذهب، أى
أن الإنسان إذا ضربه الطاعون فهو مخوف حتى يذهب، انتهى . وكلام الشافعى محتمل للوجهين ، فليس نصا في أحدهما والخلاف في هذا نظير الخلاف فيمن اعترضه الأسد ، أو وقع الحريق في دار هو فيها، فإنه بعد أخذ الأسد أو وصول النار إلى شىء من جسده مخوف ، وقبل ذلك على الخلاف .
وفائدة الخلاف تظهر فى التصرف في تلك الحالة فمن خصه يمن نزل به أنقد تصرفاته من رأس المال ، ومن جعله مخوفا إذا ظهر خصها بالثلت ، ولو لم ينزل به ، إلى أن يرتفع . فإن مات المذكور استمر اختصاصها بالثلك ، وإن لم يمت تبين أنه لم يكن مخوفا في حقهي كسائر الأمراض المخوفة .
وقد جزم الفورانى بما صححة صاحب والتهذيبه ، ويحتمل أن يكون الإمام وقف على نص للشافعى أصرح من الذى ذكره في الأم ، فإن لفظ الإمام في النهاية : نص الشافعى رحمه الله غلى أن الرجل إذا كان في قطر وقع فيه الطاعون وعم طريانه ، فأمر المقيم في ذلك القطر مخوف ، وإن لم يطعن بعد ونقل الروياني الخلاف، وصحح ما جزم به الماوردى واستدل القاضى الحسين لأنه مخوف بنهى النتى عن الخروج من البلد الذى وقع فيه قالن ووجه الدلالة منه ، أنه إذا وقع ببلد يصيب جميع أهله كذا قال وليست هذه الدلالة ظاهرة ، ولو
كان كذلك لاستمر الحكم فيمن خرج من البلد المذكور ، غير فار من الطاعون ، بل لأمر أخركما تقدم تقريره ، فلم يحسب تصرفه / إلا من الثلث ، ولا أحسب أحدا يقول بذلك .
وحاول الزركشى تنزيل الوجهين على حالين، فالقول بأنه مخوف عند ظهوره في الحالة التى يقع فيها فاشيا جداء بحيث يقيم الأيام اليسيرة ، فيذهب أكثر أهل البلد، حتى يجيف المونى فى بيوتهم ، وتغلق عليهم أبوابها لعدم من يتفرع لذفنهم ، كما حكى عن طاعون الجارف . والقول بأنه غير مخوف إلا فى حق من نزل به ، حيث يقع ويفشو لكن يقع الموت فيه بالتدريج ، ويمتد زمانه ، كما وقع كثيرا في الأزمان المتأخرة وهو تقصيل حسن .
ويلتحق بذلك ما إذا فشا فشوا ظاهرا فى طائفة من أهل البلد دون طائفة، كما لو فشا فى الرقيق والأطفال دون الرجال والاكابر ، فكان فيهم نادرا ، فإنه يقوى القول بأنه في هذه الحالة غير مخوف ، والله أعلم وحكى المنبجى عن مذهب أحمد روايتين، وقال: نض فى رواية إسحاق بن منصور ، وقد سئل عن الطاعون وركوب البحر وحضور القتل ، فقال : لا يجوز إلا من الثلك . فكان فشو الطاعون مثل ركوب البحر، ومن نزل به الطاعون مثل من انكسرت به المركب مثلا.
والرواية الثانية عن أحمد : يجوز من رأس المال يعنى حتى ينزل به .
زواها صالح بن أحمد عن أبيه .
قال : ووجه الأولى أن الموت فيه متوقع ، فصاركما لو حضر بين الصفين ، فلا يأمن أن يصاب بما أصيب به غيره ، لأنه يرى الموت يتخطف جيرانه ، بل وزبعض من فى منزله ، فسلامته [منه ] ليست غالبة ووجه الثانية أن عطية الأصحاء ناقدة من رأس المال وهذا صحيح البدن ، ودعوى الأطباء أن الطاعون ناشىء عن فساد الهواء ، فيعم كل من استنشقه ، مردودة كما تقدم ، ووجود السبب العام لا يساوى وجود السبب الخاص ، فإن صاحب السبب الخاص قد أصيب ، وصاحب السبب العام لم يصب بعد ، فكيف يتساوى من يتوقغ المرض الذى يتوقع منه الموت ومن يتوقع الموت انتهى ثم قال المنبجي ، لم أر للمالكية والحنفية في ذلك كلاما قلت. والمسالة منقولة في كتب المالكية ، وعندهم فيها روايتان ، المرجح منهما عندهم أن حكمه حكم الصحيح. وأما الحنفية ، فلم ينصوا على خصوص المسألة ولكن . قواعدهم تقتضى أن يكون الحكم كما هو المصحح عند المالكية . هكذا قال لى جماعة من علمائهم . وتحصل من ذلك أن المرجح عند متأخرى الشافعية مرجوح عند أكثر العلماء من غيرهم ، والله أعلم .
ويتفرع على كونه في حكم المرض المخوف ، ما ذكر من الخلاف فيمن نزل به المرض المخوف ، إذا طلق أمراته طلاقا بائنا هل ترثه إذا مات وهى فى العدة كما هو القول القديم أو لا؟ . . وغير ذلك من الفروع وأما استحباب [أن يكون ميله إلى الرجاء أكثر من الخوف ، أو يساوى بينهما فظاهز في الحالة المذكورة إذا قلنا: مخوف
وأما المبادرة إلى رد المظالم والتبعات، والتوبة من الذنوب والمخالفات ، والاستغفار من الدخول فيما لا يعنيه فلا شك في استحبابه ، بل وجوبه على الحالين ، بل هو مشروع في كل حال إلا أنه يتاكد في حق المريض ، ولوكان مرضه غير مخوف ، [و] عند وقوع المويت العام أكد، للخلاف فى كونه مخوفا، ويزداد تاكده في المخوف، وهو فى حق من نزل به الطاعون ، والله أعلم .
[الفصل لثالث] المسالة الثالثة تستبط من أخد الأوجه فى النهي عن الدخول إلى بلد الطاعون ، وهو منع التعرض إلى البلاء .
ومن الأدلة الدالة على مشروعية الدواء ، التحرز في أيام الوباء عن أمور أوصى بها حذاقم الأطباء « مثل إخراج الرطوبات الفضلية، وتقليل الغداء ، وترك الرياضة ، والمكث في الحمام ، وملازمة السكون والدعة ، وأن لا يكثر من استنشاق الهواء الذى عفن وصرح الرتيس أبو على بن سينا بأن أول شىء يبدا به في علاج الطاعون الشرط إن أمكن، فيسيل ما فيه ، ولا يترك حتى يجمد فتزداد سميتة ، فإن احتيج إلى مضه بالمحجمة فليفقعل بلطف .
وقال أيضاء يعالج الطاعون بما يقبض وببرد ، [و] بإسفنجة مغموسة في خل وماء ، أو ذفن ورد أو ذهن تفاح أو ذهن أس ، ويعالج بالاستفراع بالقصد بما يحتمله الوقت ، أو يؤخر بما يخرح
الخلط ، ثم يقبل على القلب بالحفظ والتقوية بالمبردات والمعطرات ، ويجعل على القلب من أدوية أصحاب الخفقان الحار قلت : وقد أغفل الأطباء في عصرنا وما قبله هذا التدبير ، فوقع التفريط الشديد من تواطتهم على عدم التعرض لصاحب الطاعون بإخراج الدم ، حتى شاع ذلك فيهم وذاع ، بحيث صار عامتهم يعتقد تحريم ذلك . وهذا النقل عن رتيسهم يخالف ما اعتمدوه، والعقل يوافقه ، كما تقدم أن الطعن يثير الذم الكائن ، فيهيج فى البدن ، فيصل إلى مكان منه ، ثم يصل أثر ضرره إلى القلب فيقتل . ولذلك قال ابن .
سينا ، لما ذكر العلاج بالشرط والفصد : إنه واجب: وذكر جمع من الأطباء فيما يحذره الصحيح في زمن الطاعون ، مخالطة من أصابه الطاعون .
قال القاضى تاج الدين : قد رأينا العامة تمتنع من ذلك، حتى تركوا عيادة المطعون . والذى نقوله فى ذلك ،: إن شهد طبيبان عارفان مسلمان عدلان أن ذلك سبب في أذى المخالط ، فالامتناع من مخالطته جائز، أو/ أبلغ من ذلك
قلت : لا تقبل شهادة من يشهد بذلك ، لأن الحس يكذبه ، فهذه الطواعين قد تكرر وجودها في الديار المصرية والشامية ، وقل أن يخلو بيت منها، ويوجد من أصيب به من يقوم عليه من أهله وخاصته ، ومخالطتهم له أشد من مخالطة الأجانب قطعا والكثير منهم بل الأكثر سالم من ذلك . فمن شهد بأن ذلك سبب في أذى المخالط 1) فهبو مكابر وقد تقدم من الكلام فى إبطال العدوى ما يغنى عن إعادته : وتاج الدين يرحمه الله جرى على إثبات العدوى بطريق العبادة ، وأن الذى ورد في نفي العدوى إنما المراد به أنها لا تعدى بطبعها .
وقد قال الفرظبى في المفهمة : العدوى من أوهام جهال العرب ، لأنهم كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل في الأضحاء أمرضهم ، ففى النبى ذلك وأبطله، وأزاخ شبهتهم بكلمة وأحدةة وهو قوله : فمن أعدى الأول؟ ومعناه : من أين جاء الجرب أمن بعير أخر أجربه ، فيلزم التسلسل إلى ما لا نهاية له ، وهو محال أو من سبب غير البعيرة فالذى فعل الجرب الأول هو فعل الجرب الثاني ، وهو الله الخالق لكل شىء ، والقادر على كل شىء .
قال: وهذه الشهبة التى وقعت لهؤلاء [هى التى ] وقعت
للطبائعيين أولا فقالوا بتأثير الأشياء بعضها في بعض ، وسموا المؤثر طبيعة . وللمعتزلة ثانيا في أفعال الحبوانات ، وقالوا : إن قدرتهم مؤثرة فيها بالإيجاد، وأنهم الخالقون لأفعالهم ، مستقلون باختراعها . واستند الطائفتان إلى المشاهدة الحسبة ، وربما نسبوا منكر ذلك إلى إنكار البديهة ، وهو غلط . وسببه التباس إدراك الحس بإدراك العقل، فإن الذى شاهدوه إنما هو تآأثير] شىء عند شىء أخر، وهو حظ الحس أما تأثيره فيه ، فلا يدرك حسا بل عقلا، والله أعلم .
قلت . فالمحصل من المذاهب فى العدوى أربعة ، الأول : أن المرض يعدى بطبعه صرفا وهذا قول الكفار الثاني : أن المرض يعدى بأمر خلقه الله فيه وأودعه فيه ، لا ينفك عنه أصلا، إلا إن وقع لصاحبه معجزة أوكرامة فيختلف . وهذا مذهب إسلامى ، لكنه مرجوح الثالث : أن المرض يعدى ، لكن لا بطبعه ، بل بعادة أجراها الله تعالى فيه غالبا كما أجرى العادة بإحراق النار. وقد يتخلف ذلك بإرادة الله تعالى ، لكن التخلف نادر فى العادة، الرابع : أن المرض لا يعدى بطبعه أصلا، بل من اثفق له وقوع ذلك المرض ، فهو بخلق الله سبحانه وتعالى ذلك فيه ابتداء . ولهذا ترى الكشير ممن يصيبه المرض الذى يقال إنه يعدى ، يخالطه الصحيح كثيرا ولا يضيبه شىء ، وترى الكثير ممن لم يخالط صاحب ذلك المرض أصلا، يصيبه ذلك المرض ، وكل ذلك بتقدير الله تعالى
والمذهبان الأخيران مشهوران، والذى يترجح في باب العدوى هو الأخير عملا بعموم قوله. ولا يعدى شىء شيا ، وقوله ردا على من أثبت العدوى : وفمن أعدى الأول13 ، كما تقدم تقريره، والله سبحانه وتعالى أعلم .
[الفصل الرابع] ذكر الآداب المتعلقة بمن أصابه الطاعون أو غيره من الأسقام الأدب الأول : سؤال الله تعالى العافية والاستعادة من السقم: قال الله سبحانه وتعالى . ادعوا ربكم تضرعا وخفية وقال النبى للعباس رضى الله عنه : ويا عباس أكثر من الدعاء بالعافية .
أخرجه الحاكم / من حديث ابن عباس وصححه
وعن ابن عمر رضى الله عنهما عن النتي ظلة قال : وما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية . أخرجه الترمذى واستغربه ، وصححه الحاكم فوهم ، فإن فى سنده ضعفا وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله . ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من : اللهم إنى أسألك المعافاة في الدنيا والأخرة . أخرجه ابن : ماجة ، ورواته تقات مخرج لهم في {الصحيحين، إلا أنه امن رواية العلاء بن زياد البصرى عن أبى هريرة ، وفى سماعه من أبى هريرة عندى نظر وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه عن النتي قال: إن الناس لم يعطوا بعد اليقين خيرا من العافية1 . أخرجه الترمذى والنسائى من طرق بعضها صحيح .
وعن عثمان بن ر أبى العاص ، أنه شكا إلى النبى وجعا يجده في جسده ، فقال: إضع يدك على الذى يألم من جسدك وقل يسم الله ثلاثا ، وقفل بسع مرات ، أعود بالله وقدرته من شر مبا أجد وأحاذر. رواه مسلم ومالك ، وعنده ، [أعود بعزة الله وقدرته من شر ما أجد. وكذا أخرجه أبو داؤد والترمدى ، وفيه : امسح بيمينك. وعند
الترمذى نحوه من حديث أنس ، وزاد أنه يرفع يده فى كل مرة .
وعن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قالت : خرج على خراج في عنقى ، فتخوفت منه ، فأخبرت عائشة فقلت : سلى لى رسول الله يلله . فسالته ، فقال : فضعى يدك عليه تم قولى ثلاث مرات . باسم الله ، اللهم أذهب عنى شر ما أجد وفحشه ، بدعوة نبيك الطيب المبارك المكين عندك، باسم الله : قالت . فقلتها فذهب: أخرجه الطبرانى فى الدعاء وعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول : من اشتكى منكم شيئا، أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله فى السماء ، تقدس أسمك ، أمرك في السماء والأرض ، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض ، واغفر لنا حوبنا، وخطايانا أنت ربب الطيبين ، أنزل رحمة من رحمتك ، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبراه . أخرجه أبو داود وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : كان رسول الله يعلمنا
من الأوجاع كلها ومن الحمى . وباسم الله الكبير ، أعود بالله الجظيم، من شر كل عرق نعار ، ومن شر حر النارة . أخرجه الطبرانى والترمذى وابن ماجه . . . وأنى شىء من هذا فى أخر العيادة ، الأدب الكاني - الصبر على قضاء الله تعالى والرضى بما يقدره وبيان ذلك باختصار عن صهيب رضى الله عنه قال : قال رسول الله. غجبا لأمز المؤمن، إن أمره له كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر ، وكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، وكان خيرا له. رواه مسلم وعن سخبرة ارضى الله عنه [قال : قال رسول الله : ومن أعطى فشكر ، وابتلى فصبر ، وظلم فاستغفر، وظلم فغفره . قالوا: يا رسول الله ، ما له قال : أولئك لهم الأمن وهم مهتدون . أخرجه أبو نعيم في كتاب المعرفة بسند لين وعن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله قال: من يرد الله به خيرا يصب منi . أخرجه البخارى وعن محمود بن لبيد : رضى الله عنه ، أن رسول الله قال : وإذا
أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن صبر فله الصبر ، ومن جزع فله الجزع . أخرجه أحمد ، وزواته تقات . وأخرجه الترمدى وحسنة ، وابن ماجة من حديث أنس أتم منه ، ولفظه : إن / عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضى فله الرضا ومن سجط فله السخط .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله . وإن الرجل لتكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياهاء . أخرجه ابن حبان في صحيحة . وأخرجه أحمد وأبو داود ، من طريق محمد بن خالد، عن أبيه ، عن جده رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله. . فذكر نحوم ، وقال ابتلاه الله في جسده أو ماله أو ولده ثم صبره على ذلك ، حتى يبلغه المنزلة التى سبقت له
وعن أبى سعيد وأبى هريرة رضى الله عنهما قالاء قال رسول الله. ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ، ولا أذى ولاز غم حتى الشوئة يشائها إلاكفر الله بها من خطاياه. أخرجاه في مالصحيحين، واللفظ للبخارى وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : قال رسول الله. من أصيب بمصيبة بماله أو فى نفسه ، فكتمها ولم يشكها إلى الناس ، كان حفا على الله أن يغفر له. أخرجه الطبرانى بسند لا بأس به .
وعن أبى هريرزة رضى الله عنه قال : قال رسول الله. وقال الله عز وجل : إذا ابتليت عبدى المؤمن ، فلم يشكني إلى عواده، أطلقته من إسارى ، تم أبدلته لحما خيرا من لحمه ، ودما خيرا من ذمه ، ثم يستانف العمل. أجرجه الحاكم وصححه . وأصله في الموطا
من مرسل عطاء بن يسار بمعناه . وقال بدل قوله : وفلم يشكنى إلى عوادهه . إحمد الله وأثنى عليه . وفيه : وإن توفيته أن أدخله الجنة .
وعن عائشة رضى الله عنها ، أن النبي قال : إذا اشتكى المؤمن أخلصه الله من الذنوب ، كما يخلص الكير خبث الحديدا .
أخرجه الطبرانى ، وصححه ابن حبان .
الأدب الثالت : في الترغيب في حسن الظن بالله سبحانه وتعالى وهو يتاكد في حق من وقع في الأمراض المخوفة وطريق من وقع له ذلك أن يستحضر أنه حقير فى مخلوقات الله تعالى ، وأن رحمة الله تسع أمثال أمثال أمثاله ، وأن الله تعالى غنى عن تعذيبه ، ويعترف بدنوبه وتقصيره ، ويعتقد أنه لا ينفعه في الصفح والعفو عنها
عمله ولا شفاعة غيره، إن لم يأذن الله تعالى في ذلك ، ويستحضر آيات الرجاء وأحاديثها .
قال معتمر بن سليمان : قأل لى أبى عند موته، بحدثنى بالرخص ، لعلى القق الله وأنا حسن الظن به.
ويتوجه بكليته إلى سؤال ربه أن يختم له بالحسنى ، ويميته على التوحيد .
ومن أحسن منا ورد فى حسن الظن ، ما ثبت فى صحيح البخارى ، عن شداد بن أوس رضى الله عنه ، عن النبي قال: اسيد الاستغفار [أن تقول ] : اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت ، خلقني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعود بك من شرما صنعت ، أبوة لك بذنيى وأبوة بنعمتك على ، فاغفر لى فإنه لا يغفز الذنوب إلا أنت : من قالها حين يصبح ، فمات من يومه ، دخل الجنة ومن قالها حين يمسى ، فمات من ليلته ، دخل الجنة .
وأخرج الترمذى من حديث أبى سعيد رضى الله عنه بسند حسن ، مرفوعأز مرا قال: لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، لا إله إلا الله ولا قوة إلا بالله . من قالها في مرضه ثم مات ، لم تطعمه النار .
الأدب الرابع :: فى العيادة وفضلها ، عن أبى هريرة / رضى الله عنه قال : قال رسول الله ومن
عاد مريضا ، ناداه مناد من السماء : طبت وطاب ممشاك ، وثبوات من الجنة منزلاه . أخرجه الترمذدى وحسنة ، وابن حبان وصححه وعن توبان رضى الله عنه ، عن رسول الله قال : إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم ، لم يزل فى خرفة الجنة حتى يرجع . قيل: يا رسول الله ، ما خرفة الجنة؟ قال : جناها . أخرجه مسلم .
وعن على رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول : وما من مسلم يعود مسلما غدوة ، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسى . وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنةة . رواه الترمذى وحسنة ، وقال: وقد روى موقوفا. وكذا أخرجه أحمد وأبو داود موقوفا ومرفوعا] .
وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال : قال رسول الله .
من عاد مريضا، لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس ، فإذا جلس اغتمس فيها . أخرجه مالك بلأغا ، وأحمد والبزار، وصجحة أبن حبان .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي قال : من جعاد مريضا لم يحضر أجله ، فقال عنده سبع مرات : أسأل الله العظيم زب العرش العظيم أن زيشفيك ، إلا عافاه الله من ذلك المرض . أخرجه أصحاب السنن وصححة ابن حبان
وعن أبى سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول الله : وإذا دخلتم على المريض ، فنقسوا له فى أجله ، فإن ذلك لا يرد شيا ، وهو يطيب نفس المريض] . أخرجه الترمذى وابن ماجه بسند لين ويدخل فيه حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، أن النبى عاد أعرابا ، وثان إذا دخل على من يعوده قال : ولا بأس ، طهور إن شاء الله تعالى، الحديث في والصحيح وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله إذا عاد مريضاء مسح وجهه وصدره بيده وقال: أذهب الباس ، رب الناس ، وأشف أنت الشافى ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما .
أخرجه البخارى ومسلم والنسائي وابن ماجه . وفى رواية: امسح الباس ، رب الناس ، بيدك الشفاء ، لا كاشف له إلا أنت.
وعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما ، أن رسول الله قال : وإذا جاء رجل يعود مريضا فليقل : اللهم أشف عبدك بنكا لك عدوا ، أو يمشى لك إلى ضلاةه . أخرجه أبو داود .
وعن بعض أزواج النبى قالت: دخل على رسول الله وقد خرج في أصبعى بشرة فقال: وعندك ذريرةا فوضعها عليها وقال: أقولى : اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير صغر ما بي ، .
فطفئت وعن عائشة رضى الله عنها ، أن النبي ، ثان إذا اشتكم الإنسان الشىء ، أو كانت فرحة ، أو جرح ، قال بأصبعه هكذا بالأرض ، [ وقال ] بسم الله ، تربة أرضنا بريقة بعضنا يشقق سقيمنا بإذن ربنا . أخرجه البخاري ومسلم وعن أبى سعيد الخذرى رضى الله عنه ، [أن جبريل أنى النبي فقال: يأ محمد أشتكيته قإل : نعم . قال: بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ، من شر ثكل نفس أو عين حاسد الله يشفيك . أخرجه الترمذى وقال: حسن صحيح، والنسائى ، وهو عندا مسلم أيضا وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال : قال رسول الله، تمام عيادة المريض ، أن يضع أحدكم يده على جبهته ، أو على يده ، فيساله : كيف هوا ز أخرجه [الترمذى ] بسند لين .
وعن الاصبغ بن ثباتة قال: دخلت مع على بن أبى طالب على الحسن بن على ، رضى الله عنهما، نعوده ، فقال له على - كيف أصبحت يا ابن رسول الله قال: أصبحت بحمد الله بارتا قال : كذاك إن شاء الله تعالى . أخرجه الطبرانى في الدعاء .
وفى وصحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن عليا رضى الله عنه خرج من عند رسول الله ، فقال له الناس : يا أبا الحسن ، كيف أصح رسول الله قال: أصح بحمد الله بارئا.
[الفصل الخامس] ذكر كشف مشكل ما فى هذا الباب الخامس من الغريب وغيره قوله: الأذواء : جمع داء .
قوله : خل الحبا : بضم المهملة وتخفيف الموحدة ، جمع حبوة .: بضم أوله وسكون تانيه ، توب يلف به على الظهر والركبتين يستريح به الجالس ، وكأنه أراد أنه نهض في جمعه وحل حبوبه ،ا أو أشار أنه ينبغى النهوض فى الدعاء .
قوله . جناها بفتح الجيم وتخفيف النون ، أى طيب تمرها، وأراد به الخير قوله : قيعتلجان - بالجيم ، أى يتصارعان ، وكأنه من المعالجة .
قوله : عثمان بن عمير- بالتصغير وزادان : أوله زاى معجمة
وعليم : بمهملة ولام ، مصغر قوله : فيستعتب : بكسر المشناة قبل الموحدة التى فى أخره .
قوله : والشرط» : بضم الموحدة وفتح الراء : قوله : عابس بموحدة بعد الألف، تم سين مهملة .
قوله : والاثرة في الحكم بفتح الهمزة والمثلثة .
قوله : إمرة الصبيان : بكسر الهمزة .
قوله : سخبرة . بفتح المهملة بعدها معجمة سائكنة ثم موحدة مفتوحة ثم راء ثم هاء، هو الازدى قوله : عظم.: بضم العين المهملة وسكون الظهاء المعجمة .
قوله : إسارى . بكسر الهمزة بعدها مهملة خفيفة .
قوله ، خبث الحديده : بفتح الخاء المعجمة والموحدة بعدها مثلئة، هو وسخه .
والكير : بكسر الكاف بعدها تحتانية سائنة ، معروف.
قوله : أبوء- بموحدة مضمومة ومدة ، أى أعترف .
قوله : خرقة الجنة .: بضم الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها فاء فسرها في الحديث أنه جناها . وهو بفتح الجيم وتخفيف النون - ، وهو ما يجنى ، أى يقطف من الثمار وإنما قيل له : خرفة ، لأنه يقع
غالبا في الحجاز في الخريف ، ويقال للروض . خريف ، لذلك قوله : فنفسوا [له] - بفاء ومهملة ، من التنفيس ، أى وسعوا له فى أجله :: قوله : لا يغادر . بغين معجمة أى لا يترك .
قوله : وينكاه ن بفتح أوله وسكون النون وبالهمز، أى يطعن .
يقال: نكأت القرحة، أى طعنتتها فاستخرجت ما فيها، وصوب بعضهم أنه بضم أوله وكسر الكاف بغير همز من النكاية ، وهو موجه واستبعد الأول ، لأن الذى ينكأ القرحة ، لاستخراج ما فيها، يكون محسنا لمن يفعل بهزذلك ، والسياق يقتضى أنه يسىء إليه ، لكونه سماه عدوا وليس المرادزذلك ، وإنما المراد أصل الطعن فيها ، فعليه وقع التشبيه ، لا إلى ما يؤول إليه الأمر أو يراد به في الأصل . وقد ثبت فى الروايات المعتمدة بفتح أوله والهمز فلا يلتفت لمن أنكرن ذلك ، مع توجبهه .
قوله : وذريرةه - بفتح المعجمة، نوع من الطيب معروف قوله قطفئت .- بالهمز، أى خمدت .
قوله : الاصبغ .: بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح الموحدة ثم معجمة ، بوزن أحمر ونباتة : بضم النون بعدها موحدة خفيفة .
خاتمة في الإشارة إلى الطواعين الواقعة في الإسلام وقد ذكر المدائتى تم ابن أبى الدنيا وابن قتببة منها يسيرا، وتوسع بعض المتأخرين ممن أدركناه ، فسرد نحوا من أربعين فصلا، لكن الكثير منها في مطلق ما وقع فيه الفناء الكثير، بمثل الجوع الناشىء عن الفحط ، أو بسبب الحمى بالنافض ، أو بسبب الموت بالنزلات .
وقد اقتصرت من ذلك على خصوص ما وقفت عليه من الموت بالطاعون ، فأقول : قال أبو الحسن المدائنى ، كانت الطواعين العظام المشهورة فى الإسلام خمسة ، طاعون شيرويه . بالمدائن فى عهد رسول الله .
ثم طاعون عمواس : فى زمن عمر رضى الله عنه ، كان بالشام ، مات فيه خمسة وعشرون ألفا- ثم طاعون الجارف : سنة تسع وستين.
ر لملة ثم طاعون الفتيات . سنة سبع وثمانين وقد تقدمت الإشارة إلى طاعون عمواس ، وإلى الطاعون الذي وقع فى زمن أبى موسى الأشعرى بالكوفة وإلى الطاعون الذى : فر المغيرة بن شعبة بسببه ، حيث كان أمير الكوفة ، وقدر الله أنه مات فيه ، وذلك في سنة خفسين وكان بمصر سنة ست وستين طأعون ، تم فى سنة وفاة عبد العزيز بن مروانا سنة خمس وتمانين، وقيل: سبة اثنتين ، وقيل: سنة أربع وقيل: سنة ست .
قال المدائنى ، وقع الطاعون بمصر ، ففر عبدالعزيز بن مروان وكان أميرها يومئد : إلى قرية له ، فأقام بها ، فقدم عليه بها رسول من قبل أخيه عبدالفملك ، وهو خليفة . فقال له عبد العزيز: ما اسمك قال : طالب بن مدرك فقال عبدالعزيز . أوه ، ما أرانى راجعا إلى الفسطاط فمات فني تلك القرية ثم الطاعون الذى مات فيه زياد ثم طاعون الجارف ، واختلف في سنتهل ، فقيل: سنة تسع
وستين ، وقيل: سنة اثنتين وسبعين ، وقيل: سنة سبعين ، وقيل غير ذلك .
وفى سنة سبع وتمانين [كان ] طاعون الفتيات ، لكثرة من مات به من النساء الشواب .
ثم طاعون الأشراف . وقع والحجاج بواسط ، حتى قبل فيه : لا يكون الطاعون والحجاج .
ثم طاعون عدى بن أرطاة سنة مائة.
ثم فى سنة سبع وماتة . ثم فى سنة خمس عشرة ومائة ، كلاهما بالشام ثم كان طاعون غراب ، سنة سبع وعشرين ومانة .
ثم طاعون سلم بن قتبة ، سنة إحدى وثلاثين ومانة . قال المدائتى ، كان بالبصرة فى شهر رجب ، واشتد في رمضان، ثم خف فى شوال ، وبلغ في كل يوم ألف جنانة.
وهذا كله فى الدولة الأموية ، بل نقل بعض المؤرخين ، أن الطواعين في زمن بنى أمية كانت لا تنقطع بالشام حتى كان خلفاء بنى أمية إذا جاء [زمن ] الطاعون ، يخرجون إلى الصحراء، ومن ثم اتخذ هشام بن عبد الملك الرصافة منزلا ، وثانت بلدا قديمة للروم
ثم خف ذلك في الدولة العباسية ، فيقال: إن بعض أمرائهم بالشام ، خطب فقال: أحمدو الله الذى رفع عنكم الطاعون مند ولينا عليكم . فقام بعض من له جراة فقال: الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون .
وكن فى الدولة العباسية ، في سنة أربع وثلاتين ، طأعون بالرى ثم فى سنة ست وأربعين ببغداد.
ثم فى سنة إحدى وعشرين ومانتين بالبصرة . ذكره ف المنتظم ، وقال: [مات فيه خلق كثير، حتى كان لشخص سبعنة أولاد، فماتوا في يوم واحد .
ثم فى سنة تنع وأربعين وماتتين طاعون بالعراق.
ثم فى سنة إجدى وثلات مائة.
ثم فى سنة أربع وعشرين طاعون أصبهان ثم فى سنة ست وأربعين وثلاث مائة، كثر الموت بالقجاءة فيه ، حتى إن القاضى لبس تيابه ، ليخرج للحكم ، فطعن ، فمات وهو يلبس فردة خفه .
ثم فى سنة ببت وأربع مائة، كان الطاعون بالبصرة ثم كأن فى سنة ثلات وعشرين وأربع مانة طاعون عظيم
ببلاد الهند [والعجم]. وكثر فى غزنة وخراسان وجرجان والرى وأصبهان ونواحى الجبل إلى حلوان ، وامتد إلى الموصل . حتى يقال: إنه خرج من أضبهان وحدها أربعون ألف جنازة . ثم امتد إلى بغداد.
ثم وقع بشيراز في سنة خمس وعشرين ، حتى كانت الدور تسد أبوابها على أهلها وهم موتى ى لقلة من يدفنهم ثم امتد، إلى واسط والأهواز والبصرة ، ثم إلى بغداد، حتى كان يموت بها في كل يوم عدد كثير ، فيقال: إنه مات بها فى أيام يسيرة سبعون ألفا ثم فى سنة تسع وثلاثين وأربع مثة، كان بالموصل والجزيرة وبغداد وصلى بالموصل على أربع مانة نفس دفعة واحدة ، وبلغت الموتى تلات مائة ألف إنسان .
ثم وقع الطاعون فى سنة اثنتين وخمسين وأربع ماتة بالحجاز واليمن ، حتى خربت قرى كشيرة فلم تعمر بعد ، وصار من دخلها هلك من ساعته .
ثم كان الطاعون في سنة خمس وخمسين وأربع منة بمصر ، فمات بها فى عشرة أشهرة في كل يوم ألف نفس ونقل سبط ابن الجوزى في والمرأةة ، [في حوادث ] سنة تسع وأربعين وأربع مائة، أنه ورد فى جمادى الأخرة كتاب من
بخارى ، أنه وقع عندهم فناء لم يعهد مثله ، ولا شمع به . حتى إنه خرج من الإقليم فى يوم واحد ثمانية عشر ألف إنسان . وحصر من مات فيه ، فكان ألفن ألف وست مائة ألف وخمسين ألف شخص .
ثم وفع إلى أذربيجان ، ثم الأهواز ، ثم واسط ، ثم البصرة . حتى كانوا يحفرون الزيية، ويلقون فيها العشرين والثلاثين جميعا ووقع بسمرقئد وبلخ ، فكان يموت فى كل يوم ستة ألاف أو أكثر واشتغل الناس ليلا ونهارأ بالتغسيل والتكفين والدفن ، وكان منهم من ينشق قلبه عن دم المهجة ، فيخرج من فمه قطرة فيخر ميتا وربما خرجت من فيه دودة لا يدرى ما هى فيموت . وأغلقت من البلد أكثر من ألفى دار لم يبق بها أحد، وتاب الناس ، وتصدقوا ، ولزموا المساجد والقراءة، وأراقوا الخمور ، وكسروا الآلات . واتفق أن دارا بها خمر فمات أهلها فى ليلة واحدة ، وأن رجلا أدخل امراة حراما فماتا جميعا ودخل . جماعة دارا، فوجدوا رجلا فى النزع فأشار لهم إلى خزانة ، فيها خابية خمر فأراقوها فعوفى من ساعته ، وكان مؤدب الأطفال عنده تسع مائة طفل ، فلم يبق منهم أحد.
ومات من عاشر شوال إلى سلح ذى القعدة، بسمرققد خاصة ، مائتا ألف وستة وتلائون ألفا. وكان ابتداء هذا الطاعون من تركستان ، ثم إلى كاشغر وفرغانة ، ثم دخل سمرقند. ولم يدخل بلخ ولا أما وراء
النهر : حتى إن جماعة توجهوا من بخارى إلى بلخ ، فنزلوا في رباط ، فاصح الجميع مونى دون أهل بلخ: قال : وكان عامة الموت في النساء والأطفال والشباب والعواتق والصبيان أكثر من الكهول ، ثم فى الكهول أثثر من الشيوخ. وكان في العوام أكثر من الجند فالحاصل أنه لم يمت فيه من العساكر والشيوخ والعجائز إلا اليسير وكان ابتدا أولا بالشام ومصر ، ثم ببغداد في سنة تمان أربعين ، فوصل إلى أن كان يموت فى مصر فيه كل يوم عشرة ألاف.
ثم كان بمصر فى سنة خمس وأربعين م وأربع مائة وامتد إلى سنة ست . ابتدا في فصل الربيع ، ودام إلى أن دخل الخريف ذكر ابن بطلان في رسالته ، قال : ودفن السلطان من الأموات تمانين ألفا.
ثم كان في سنة خمس وخمسين وأربع مانة بمصر بلغ كل يوم الفا ثم كان بدمشق فى سنة تسع وستين وأربع ماتة طاعون ، وكان أهلها نحو خمس مائة ألف شخص ، فلم يبق منهم سوى ثلاثة ألاف وخمس مائة . وكان من جملتهم مائتان وأربعون خبازا ، فيقى منهم اثنان .
ثم فى سنة ثمان وسنبعين وأربع مائة، وقع الطاعون بالعراق ، ثم عم الدنيا حتى كان أهل الذرب يموتون ، فيسد الدرب عليهم . حكاه سبط ابن الجوزى فى المراة .
ووقع فى سنة خمس وسبعين وخمس ماتة فناء عظيم ببغداد ثم كان بمصر سنة سبع وتسعين الفناء العظيم ، لكنه كان بغير الطاعون ثم كان بمصر سنة ثلاث وثلاثين وست مائة طاعون كبير ، مات [فيه ] خلق كثير من أهلها.
ثم كان الطاعون العام ، في سنة تسع وأربعين وسبع مائة، وسياتى في كلام ابن الوردي والصفدى ذابن أبى حجلة وغيرهم بيانة ولم يعهد نظيره فيما مضى ، فإنه طبق شرق الأرض وغربها ، ودخل حتى دخل مكة المشرفة [كما سياتى ] ثم وقع فى سنة أزبع وستين بالقاهرة ودمشق، ولكنه كان أخف من الذي قبله .
ثم فى سنة إجدى وسبعين بدمشق ثم فى سنة إحدى وتمانين بالقاهرة .
ثم فى سنة إجدى وتسعين
ثم فى سنة ثلاث عشرة وثمان مائة.
ثم فى سنة تسع عشرة وثمان مائة ثم فى سنة إحدى وعشرين ، ثم فى التي تليها .
ثم فى سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة، وهو أوسع هذه الطواعين كلها وأقطعه . ولم يقع بالقاهرة ومصر بعد الطاعون العام الذى كان في سنة تسع وأربعين، نظير هذا . وخالف الطواعين الماضية فى أمور كثيرة .
منها: أنه وقع في الشتاء وارتفع في الربيع ل ، وكانت الطواعين الماضية تقع في فصل الربيع ، بعد انقضاء الشتاء ، وترتفع في أول الصيف .
ومنها أن غالب من كان يموت بالطاعون يغيب عقله ، وهدا غالب من يموت به ، يموت وهو يعقل ، فيتحسر على نفسه ، ويوقن بالموت ، ولا يستطيع لنفسه نفعا، ولا يستطيع أحد من أحبائه عنه دفعا .
ومنها : أنه كثر النقل عن كثير منهم ، أنه يخبر بمشاهدة خيرات تترى ، ورؤيت له منامات حسنة ، تشتمل على أنواع من البشرى فلله الحمد على ذلك .
وكان ابتداؤه بالديار المصرية في الجانب الأسفل من الأرض ، ثم دخل مصر ، ويدا بطرف القاهرة من ناحية الساحل ، ثم كان دخوله
القاهرة في أواخر شهر ربيع الأخر، واشتذ الخطب من نصف جمادى الأولى ، إلى نصف جمادى الأخرة ثم تناقض من أول نصف جمادى الأخرة إلى أخر رجب . فلما دخل شعبان ثان قليلا جدا، إلى أن ارتفع جملة بعد ذلك ، حتى صار لا يدخل ديوان الموتى ، سوى الأحاد، كما جرت الغادة في غير زمن الطاعون .
ثم وقع سنة إحدي وأربعين بالديار المصرية طاعون ، ابتدا في رمضان، فما أنسلخ حتى بلغ المائة ، ثم زاد على الألف في المحرم سنة ثمان، ثم زاد في صفر وشرع في النقض في اليوم السادس منه، إلى . .
فصل في بعض ما قبل في وصف الطاعون وأكثر ما وقع فى ذلك ، فى الذى كان في سنة تسع وأربعين وأجله وافخله ما قال لنا شيخنا أبو اليسر أحمد بن عبد الله بن الصائغ : أخبرنام الشيخ زين الدين عمر بن مظفراين الوردى ، إجازة مشافهة إن لم يكن سماعا قأل: هذه مقامة سميتهاء النبا عن الوبا، وهى .
الله لى عدة ، في كل شدة حسبى الله وحده ، أليس الله بكاف عبده . اللهم صل على سيدنا محمد وسلم ، ونجنا بجاهه من طغيان الطاعون وسلم . طاعون روع وأمات ، وابتدا خبره من الظلمات . با له من زائر من سنة خمس عشرة داثئر: ما صين عنه الصين ، ولا منع
منه جصن حصين . سل هندا فى الهند، وأسند عن السند وقبض بكفه وشبك على بلاد أزبك .
وكم قصم من ظهر ، فيما وراء النهر : ثم ارتفع ونجم، وهجم على العجم وأوسع الخطا إلى أرض الخطا وقرم القرم ، ورمى الرؤم بجمر مضطرم ، وجر الجرائر، إلى فبرص والجزائر: ثم قهر خلقا بالقاهرة ، وتنبهت عينه بمصر فإذا هم بالساهرة .
وسكن حركة الإسكندرية ، فعمل شغل الفقراء الحريرية . وأخذ من دار الطراز طراز الدار وصنع بضناعها ما جرت به الأقدار إسكدرية ذا . الوبا . سبع يمذ إليك ضبعة صبرا لقسفيه التى تركت من السبعين سبعه ثم تيمم الصعيد الطيب ، وأبرق على برقة منه صيب . ثم غزا غزة وهز عسفلان هزه . وعك، إلى عكا واستشهد بالقدس وزكى فلجق من الهاربين للاقصى بقلب كالصخرة ، ولولا فتح باب الرحمة لقامت القيامة فى كرة .
ثم طوى المراخل ، ونزل الساحل . فصاد صيدا ، وبغت :بيروت كيدا ثم سذد الرشق ، إلى مدينة دمشق . :فتربع وتمذد وقتك في
كل يوم بالفبى أو أزيد. وأقل الكرة وقثل خلفا بثرة فالله تعالي يجرى دمشق على سنيها ، ويطفىء[ لقحات ناره عن تقحات جنبها، أصلح اللة دمشفا وحماها عن مسبه نفسها خست إلى أن تقتل الناس بحبه ثم أمز المزق وبزز إلى برزه . ورقب تركيب مزجر بعلبك وأنشد في قارة : قفا نبك . وغسل الغسولة ، ويلغ من كسوف شمس شمسين سوله وطرح على الجبة برشة، وأزبد على الزبدانى نعشه .
ورمى حمص بخلل ، وصرفها مع علمه أن فيها ثلاث عللى ثم طلق الكنة فى حماة فبردت أطراف عاصيها من حماه يا أيها الطاعون إن حماة من خير البلاد ومن أعز حصونها
لا كنت حين شممتها اقسممتها ولثمت فاها أخذأ بقرونها ثم دخل معرة النعمان ، فقال لها : أنت منى فى أمان. حماة تكفى في تعديبك فلا حاجة لي بك ، رأى المغرة عينا زإنها حور لكن حاجبها بالجور مقرون ماذا الذي يصنع الطاعون في بلد فى كل يوم له بالظلم طاعون ثم سرى إلى سرمين والقوعة وشغي على السنة والشيعة وسن للسنة أسنته بشزعا وشيع في بلاد الشيعة مصرعا ثم انطى أنطاكية بعض نصيب ، ورحل عنها حياءة من نسيانه ذكرى حبيب .
ثم قال: لشيزر ولحارم : لا تخافا من ، فانتما من قبل ومن بعد في غنى عن . فالأمكنة الردية ، تصح فى الأزمنة الوية . وأخذ من أهل الباب ، أهل الألباب . وباشر تل باشير وثلل ذلول ، وقصد الوهاد والتلاع ، وقلع إخلقا من القلاع.
ثم طلب حلب ، ولكنه ما علب . فهو- ولله الحمد - أخفت وطاة ولم أقل : { كزرع أخرج شطئه .
إن الوبا قد غلبا
وقذ بذا فى خلبا قالوا له على الوزى كاف ورا قلت ، ويام ومن الأقدار أنه يتتبع أهل الدار فمتى بصق واحذ منهم دما تخفق كل منهم عذما ثم يسكن الباصق الأجداث، بعد ليلتين أو ثلاث .
سالت بارىة النسم فى دفع طاعون صدم فمن أحس بلع دم فقد أحس 1 بالعدم اللهم إنه فاعل بأمرك فارفع عنا الفاعل ، وحاصل عند من شئت فاصرف عنا الخاصل : فمن لذفع هذا الهول ، غيرك با ذا الحول الله أكبر من وباء قد سبا ويصول في العقلاء تالمجنون سنت أبنتة لكل مدينة فعجبت للمكروه في المسنون كم دخل إلى مكان ، فخلف ألا يخرج إلا بالسكان : ففتش عليهم بيراج ، وهذا الذى جلب لأهل خلب الانزعاج . استرسل بعنانه وانساب ، وسمى طاعون الأنساب . وهو أعظم طاعون وفع فى الإسلام ، وعندى أنه الموت الذى أنذر به نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام . فلو رأيت الأعيان وهم يطالعون من كتب الطب الغوامض ، ويكثرون في العلاج من أئل النواشف والحوامض. قد تنغص
عيشهم الهنى ، بملاظخة مسلم الطينة الطين الأرمني . وقد لاطف كل منهم بزاجه وعدل ، وبخبروا بيوتهم بالعنبر والكافور والسعد والصندل . وتختموا بالياقوت ، وجعلوا البقل والخل والطحينة من جملة الأدم والقوت . وأقلوا من الأمراق والفائهة ، وقربوا إليهم الاترج وما شابهه .
حلب والله : يكفى شرها أرض مشقة أصبحت حية سوء تقتل الناس ببزقة فلو شاهدت كثرة النعوش وحملة المونى ، وسمعت بكل قطر من حلب نجبا وصوبا: لوليت منهم فرارأ وأبيت فيهم قرارا . ولقد كثرت فيها أرزاق الجنائزية فلا رزقوا ، وعاشوا بهذا الموسم وعرقوا فلا عاشوا ولا عرفوا فهم يلهون ويلعبون ، ويتقاعدون على الزبون ، اسودت الشهباء فى عينعى من وهم وغش كادوا بنو نعشن [بها] أن يلحقوا ببنات نعش
فستغفر الله من هوى النفوس فهذا بعض عقابه ، ونعود برضاه من سخطه ويمعاقاته من عقابه قألوا : فساد الهوا يردى فقلت يردى هوى الفساد كم سيات وثم خطايا نادى علينا بها المنادى ومما أغضب الإسلام ، وأوجب الألام : أن أهل سيس الملاعين ، مسرورون لبلائنا بالطواعين : حتى كأنهم في أمان، أو عليه أن لا يقربهم ضمان . أوكأنهم إذأظفروا ، رينا لا يعلا فتنه للذين كفروا .
سكان سيس يسرهم ما سانا وثذا العوائذ من عدو الدين اللة ينفده إليهم عاجلا ليمزق الطاغون بالطاعون هذا وهو للمسلمين شهادة وأجر وعلى الكافرين رجز وزجر إذا صبر المسلم على مصيبته فالصبر عبادة، وقد ثبت عن نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام أن والمطعون شهيده ، فهذا الثبوت حكم بالشهادة . وهذه الحفية ، تعجب الحنفية .
فإن قال قائل: هو يعدى ويبيد ، قل : بل الله يبدىء ويعيد فإن جادل الكاذب في دعوى العدوى وتأول ، قلت : قد قأل الصادق
المصدوق . فمن أعدى الأول. ولو سلمنا فتكه بأهل الدار فهو بإرادة الفاعل المختار أعوذ بالله ربى من شر طاعون النسب . إباروذه المستعلى قد طار فى الأقطارل ، فتاش . ذقا شانه ، ساعى لصارخ ما رنى ، ولا فدى بذخيرة . دولابه الطيارع يدخل إلى الدار يخطف ، ما يخرج إلا بأهلها: معى كتاب القاضى بكل من في الدار ومن فوائده تقصير الأمال ، وتحسين الأعمال واليقظة من الغفلة والتزود للرخلة ، فهذا يوصى . بأولاده وهذا يودع إخوانه وهذا يهيىء أشغاله وهذا يجهز أكفائة وهذا يصالح أعداءه وهدا يلاطف جيرانة وهذا : يوسع إنقاقه وهذا يحالل من خانة وهذا يحبس أملاكه وهذا يحرر علمانة وهذا يغير أخلافه وهذا يعير مبزائه فإن إكان هذا الؤيا قد سبا وقد كأن يرسل طوفانة فلا عاصم اليوم من أمره سوى رحمة الله سبحانئه وما منعنا الفراز منه إلا التمسك بالحديث، فقم بنا نستغيث، إلى الله تعالى فى رفعه فهو خير مغيث : اللهم إنا ندعوك بأفضل ما دعاك به الداعون ، أن ترفع عنا الوباء والطاعون . لا نلتجىء في رفعه
إلا إليك، ولا نعول فى العافية منهما إلا عليك . نعود بك يا رب الفلق من الضرب بهذه العصا ، ونسالك رحمتك التى وسعت كل شىء فهى أوسع من ذنوبنا ولوكانت عدد الرمل والحصى . ونتشفع إليك، بأكرم الشفعاء لديك . محمد نبى الرحمة ، أن تكشف عنا هذه الغمة . وأن تجيرنا من الوبال والتنكيل ، وأن تعصمنا فأنت حسبنا ونعم الوكيل. أخرها وهو أجود ما قيل فى ذلك وأوسعه عبارة، والطفه إشارة .
وفرات في كتاب الشيخ شهاب الذين أحمد بن يحيى بن أبى حجلة ، في وصف الطاعون الكبير: عم البلاد، وأباد العباد. وقطع كل ذدربم ، وساوى بين أهل الشرق والغرب . فكثرت به الأوجاع وانتقل بمصر من الاصع إلى الذراع ثم تيمم بها الصعيد ، وترك الناس كالزرع ما بين قائم وحصيد . واتفقت فيه عجائب وغرائب منها : أن الطاعون الذى وقع في سنة تسع وأربعين وأربع مانة عم الأرض ، فساواه هذا فى ذلك ، ولم يتفق ذلك في غيرهما ومنها : أن مكة لم يدخلها الطاعون قط ، إلا هذه المرة فمات
بها خلق كثير من أهلها والمجاورين بالطاعون ، وثواثر النقل بذلك .
ومنها أنه مات فيه الطيور والوحوش والغزلان والكلاب والقطاط ، بالخراج تخت الإبط ، وبغيز ذلك من أنواع الطاعون . قال: ولم يسلم منه في هذا العام من مذن الأرض كلها غير مدينة النبى ومنها : أن من مات فيه - على سبيل التقريب - نصف الموجودين من العالم الخيوانى . وبلغ الموت بالقاهرة في كل يوم عشرين ألفاء وقيل: خمسة وعشرين ألفاء وقيل: سبعة وعشرين ألفا قلت : ذكر ابن كشير في وتاريخهه ، أن من الناس في أمر القاهرة المقلل والمكثرة فالمقلل يقول : أحد عشر ألفا والمكثر يقول : ثلاثون الفا، انتهى قال ابن أبى حجلة: ذكر لى مجد الدين الأسعردى ، تاجر الخواص السلطانية ، أنه وكل بأبوات القاهرة ، من حفظ لنه عدة الأموات، فى شهرى شعبان ورمضان ، قبلغوا تنبع مائة ألف نفس وزيادة . قال: وهذا خارج عمن لم يضبط ، وخلت حكور كثيرة حول القاهرة فلم تسكن بعد ذلك . قال: والتلخيص، أن جميع الطواعين الماضية بالنسبة إلى هذا قطرة من بخر، أو نقطة من دائرة .
قال : وأما دمشق فإننى كنت بها ، فشاهدت حالها الحائل ، وحائطها المائل . ورأيت بها موت الأحبة بألحبة ، ثم نفث الدم
والكبة . فاناخ بها الرحال ، وهبت شماله ذات اليمين وذات الشمال وفى شهر ربيع الأول ، اجتمع الناس على قراءة البخارى ، وقرأوا سورة نوح بمحراب الصحابة ثلاثة ألاف وثلات مائة وثلاثا وستين مرة اتباعا لرؤيا رأها رجل . ودعوا برفع الطاعون ، فازداد ثم شرع الخطيب في القنوت في الصلوات والدعاء ، وحصل للناس الخصوع والخشوع والتضرع والتوجع والتوبة والإنابة . ثم إن نائب السلطنة أمر بإبطال ضمان النعوش وجمع ما يتعلق بالأموات، ونودى بذلك في الطرقات ، وصنع الناس نعوشا وقفوها ، واتسعوا بها فى تشييع الموى ثم تودى في البلد بصوم ثلاثة أيام ، ففعلوا . ثم وقفوا بالجامع كما يفعلون فى شهر رمضان ، ثم خرجوا يوم الجمعة سابع عشر الشهر، إلى مسجد القدم، فتضرعوا إلى الله تعالى في رفع الطاعون . وخرج الناس من كل فج عميق ، حتى أهل الذمة والأطفال ، وانتشروا في الطرقات ، وأكثروا التضرع والبكاء ، ولم يزدد الأمر إلا شيدة ولا الموت إلا كثرة فلما كان فى تانى شهر رجب ، بعد الظهر ، هبت ريح شديدة ، آثارت غبارا أصفر تم أحمر تم أسود ، حتى أظلمت الأرض ، وبقى الناس نخو ثلاث ساعات ، يجارون إلى الله تعالى ويستغفرونه ، حتى انكشف . وزجوا أن يكون ذلك ختام ما هم فيه ، فلم ينقص عدد
الأموات ، بل استمر الطاعون بدمشق إلى سلخ السنة . وبلغ عدد من يموت ، داخل السور خاصة في كل يوم ألت نفس . وصلى الخطيب بالجامع على خمسة وستين نفسا دفعة واحدة ، فكان ذلك أمرا مهولا ، وحصل بسبب ذلك في الجامع ضجة عظيمة قلت . وحكى إلى من أقق به ، أنه شاهد فى جامع عمرو بن العاص نحو ذلك .
وقرات في تذكرة القاض صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدى : أول ما يدا الطاعون الكائن في سنة تسع وأربعين من الشام بغزة تم تعدى إلى ابيروت ، ثم إلى الشام كلها . وكان يقتل بالرائحة، وبقدر الحبة تظهر فى المغابن ، كالإبط ونحوة ، وببشرة خلف الأذن، وبقدر الخيارة في الورك . وبعضهم يبصق ذما فيخر مينا وكتب فى رسالة : وإنما عاقته العوائق ، وشغله ما شغل جميع الخلائق . وهو أمر هذا الوبا ، وما بلغكم عنه من النبا فإنه قد عم البلاد، وغم النفوس وأذاب الاكباد. وقدم مصر فى أول هذه السنة ، ففقد أهلها القرار والسنة . وتقدم بعساكر المنايا ، وهم بكبائر الرزايا ، وألقى الرعب في قلوب البرايا ، وأبقى في صدورهم البلايا . وشهر لكل أحد نصابه، :ونزل بباب كل بيت منه عصابة فالناس بين كل ميت ومائت ، ومتوقع القوات وفاتت . وأصبح كل جبار وهو منه خائف ، ويظن أن الموت على بابه واقف .
إن دخل بيتا كان أخر أهله خروجا ، وإن عدل إلى فناء ألبج نار
الفناء فيه تأجيج]: فقصم عند ذلك الآمال ، وكثرت لديه الأعمال.
وعظم التضرع إلى الله والصياح ، وعمل الناس بقوله، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح.
غير أن له خلائق محمودة وغرائب ليست فى سواه موجودة . لا يفرق بين الشخص وأقاربه ، ولا يؤرق جفن المفجوع على ذاهبه . بل إن أخدم واحدا أنسه بجميع أهله ، وجمع شملهم فى الردى بإهدام ذلك النسب من أصله . لا تطول معه الأمراض ، ولا تكثر على الجسد الأعراض .
وقد طالت مدته على الأمة وقويت عليهم الشدة والغمة واشترك في مصابه الخلائق والبلدان ، وعمت الأشجان والأحزان. وهذا أمر لم يسمع بمثله فى الوجود ، ولم يقع نظيره في الحدود . وأى طأعون دخل الأرضين من كل جانب [ ووصل إلى المشارق والمغارب؟ بل طاعون عمواس ، كالقطرة منه فى القياس . وطاعون الأشراف ، خاص ببعض الأصناف . وطاعون الفتيات ، لغير الأبكار لم يوات . فاللة اللة في التضرع بارتفاع هذه النازلة ، وانقطاع هذه النقمة برحمة متواصلة وفرات في كتاب القاضى تاج الدين السبكى ، سنة ( 764) - لما غم الطاعون على النفوس وعم ، وهم بالردى فأودع القلوب الهم ، طاف البلاد فما ترك طارفة ولا تليدة ، وطاف في الربع العامر فأذن بالخراب ، وما تلك الصفة بحميدة ، وغزا الإقليم المصرى منه ما شيب النواصى ، وثغلهم بأنفسهم عن القيام بالطاعات بل وبالمعاضى ودخل منه الشام رعب يروع ولا يراعى فبطلت عنده الشهوات وذهبت
لديه الدواعى . . إلى غير ذلك من تخريب الممالك وتضيق المسالك ، وتوسيع أبواب المهالك .
فيا له من جمام شمرت حروبه عن ساقها وما توقفت ولا تروت ، وصاحب صوارم شربت من ذم البرايا حتى تروت . لقد صرح فى هذه المعركة غضبه وما أضمر ولا ورى] ، ولقد روى فيها سهمه كبد قوسه الجرى . وما ذاك إلا لمقدور إلهى لا يدفع وأمر سماوى لا تفيد فيه زالمعالجة ولا تنفعى لقد قطع نياط القلوب، وشاهدنا منه العجب والأرواح تذوب . إن طلغت خبة لابن أدمى هبطت به إلى الرمس ، وإنا بصق دما قال : يا حسرتا على ما فرطت بالأمس ولقد رخصت الأنفس فيه حتى بيعت بحبة ، وقال من ساومها سيقضى صاحبها نحبه فمات من لا عمره مات ، وصرت لا تسمع إلا كان وفات . إذا أخذ واحدا تداركه بجمع شمله وأخذ على إثره جميع أهله . وإذا نزل يامرىء أفصله من يومه ، ولا يطيل بتعلله المرض على قومة . والله المستعان في جميع الأحوال ، وعليه فيما نخافه ونحذره الاتكال .
وفرات بخط شيخنا ناصر الدين ابن الفرات فى وتاريخه ، أنه صلى الجمعة سنة تسع وأربعين وسبع مائة، فى سطح الجامع
الحاتمى ، فشاهد الجنائز مصفوفة ثلاثة صفوف ، من أول الأروقة إلى باب الخزائن ، لكن الصف الثالث ينقص قليلا: قأل : وكثر الموت حتى خلت الطرقات . قال : ولقد مشيت ليلة بين القصرين ، بين المغرب والعشاء ، من الحريريين إلى سوق الدجاج بقرب الجامع الأقمر فما رأيت من السروج في الحوانيت إلا اليسير : قال : وعدمت البضائع لقلة الجالب ، وييعث الرمانة الواحدة بنصف دينار، وبلغ طحن الإردب القمح تقديرا فلورى . قال : وشرح ذلك يطول ، وهذا عنوانه .
قلت : إنما عظم الخطب لامتداده فإنه ابتدا من أول السنة ، فلم يزل يتكاثر إلى شهر رجب ، فعظم فى شعبان ثم فى رمضان، ثم تناقص فى شوال ، وارتفع في ذى [ القعدة إلى هنا ينتهى القول بنا فيما قصدناه ، من نقل ما اتصل بنا ، من نبا الطواعين الواقعة في الإسلام ، والله المسؤول أن يختم لنا بالحسنى ، ويرفعنا إلى المقام الاسنى قرات على عبدالله بن عمر بن على ى عن أحمد بن كشتغذى سماعا أن النجيب الحرانى أخبرهم قال : أنبا أبو الفرج ابن الجوزى
سماعا قال: أنبا أبو منصور القزاز قال : أنبا أبو بكر أحمد لمن على قال : أنبا أبو على عبدالرحمن بن محمد بن فضالة قال : أنبا أبو بكر محمد بن عبد الله بن شادان قال: سمعت أبا جعفر التسترى يقول ، حضرنا أبا زرعة ز يعنى عبيد الله بن عبدالكريم الرازي الحافظ - وكان في السوق - يعنى بفتح السين ، أى سوف روحه إلى الموت - وعنده أبو حائم ، ومحمد بن مسلم ، والمنذر بن شادان ، وجماعة من العلماء فذكروا حديث التلقين ، وهو قوله لقنوا موتاكم : لاإله إلا الله فاستحيوا من أبى زرعة رحمه الله ، وهابوا أن يلقنوه ، فقالوا : تعالوا نذكر الحديث.
فقال محمد بن مسلم ، حدئنا الضحاك بن مخلد ، عنر عبدالحميد بن جعفز عن صالح ، وسكت وقال أبو حاتم . كنا بندار قال : ثنا أبو عاصم ، عن عبدالحميد ، عن صالح ، ولم يجاوز وسكت الباقون .
فقال أبو زرعة ، كنا بندار قأل: تنا أبو عاصم قال : :ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن صالح بن أبى غريب ، عن كثيير بن مرة الحضرمى ، عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال : قال رسول الله .
من كان أخركلامه ،: لا إله إلا الله دخل الجنةا ، وتوفى رواها الحائم عن أبى بكرم بن شادان المذكور ، وفيه مقال وأبو جعفر التسترى هو محمد بن على ، وراق أبى زرعة .
وقد ذكر أبق محمد بن أبى حائم هذه القصة فى ترجمة أبى
زرعة مختصرة فقال: سمعت أبى يقول : مات أبو زرعة مطعونا مبطونا، يعرق الجبين منه فى التزع فقلت لمحمد بن مسلم: ما تحفظ في تلقين الموتى «لا إله إلا الله2ه فقال: يروى عن معاذ فرفع أبو زرعة رأسه - وهو فى النزع فقال: روى عبدالحميد بن جعفر .
فذكره ، وزاد: قصار البيت ضجة من البكاء ، ممن حضر وقد وقع لى هذا الحدث عالا، من وجه أخر عن أبى عاصم كتب إلينا أبو العباس أحمد بن أبى بكر المقدسى ، أن يحيى بن محمد بن سعد أخبرهم عن زهرة بت محمد بن حاضر قالت : أخبرنا يحيى بن تابت بن بندار قال : أخبرنا أبى قال: أنبا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان ، والحسين بن على بن قتادة . قالا- أنبا أبو بكر بن مالك قال : تنا أبو مسلم الكجى قال : تنا أبو عاصم ، عن عبدالحميد قال : حدثنى صالح بن أبى غريب . . فذكر مثله .
أخرجه أبو داود ، عن مالك بن عبدالواحد عن أبى عاصم ، فوقع لنا بدلا عالا.
أخر كتاب بذل الماعون في فضل الطاعون قال المؤلف رحمه الله ورضى عنه وتغمده برضوانه وأسكنه أعلى جنانه كان الفراغ منه في جمادى الأخرة سنة ثلات وثلاثين وثمان مائة ، سوى ما ألحق بعد ذلك إلى أن ختم فى شوال منها . ثم الحق فيه يسيرا بعد ذلك، والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وأله وسلم تسليما كثيرا .
صفحه نامشخص