ولهذا الشاعر المقيم «بالسكرية» فضل الإشادة بكاتب هذه السطور؛ فقد دعاني إلى حساب الآنسة حياة، وهو يعلم كيف عجزت عن حساب الآنسة منيرة، وإني بهذا العجز لمختال فخور.
يرى سيدي الشاعر أن الآنسة حياة جهلت الحب فلامت المحبين، ولو قال غير ذلك لأصاب شاكلة الصواب؛ لأن المرأة كالسياسي سواء بسواء يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، والله أعلم بما يكتمون، فإذا قال السياسي: «لا»، فاعلم أنه يريد «نعم»، وإذا قال: «نعم»، فاعلم أنه يريد «لا»، وإذا قالت المرأة: «لا أحب»، فاعلم أنها «تحب»، وإذا زعمت أنها «كارهة»، فاعلم أنها «راضية». فإن كنت في ريب من ذلك يا صديقي الأديب فإني أذكرك بقولك من قصيدة نشرتها لك في جريدة الأفكار سنة 1919:
عهد السياسة كاذب
لله درك يا سجاح
وقد قال «تاسو» الشاعر الإيطالي المعروف: إن المرأة تفر، وتود أن تلحق وهي فارة، وتأبى وتود في إبائها أن تسرق، وتناضل وترغب أن يظفر بها في النضال! فقول الآنسة حياة: «لست ممن تغلب الحب على قلوبهم» معناه أن الحب صيرها باكية العين، دامية الفؤاد! وقولها: «الحب عدو لدود للإنسان، فيجب أن يبعد عن القلوب» معناه: الحب مادة الحياة، فيجب أن تزود به القلوب، وقولها : «تباعدوا عن الحب » معناه: أقبلوا على الحب بسمعكم، وبصركم، وقلبكم، أيها الشباب!
هذا يا صديقي ما تريده الآنسة حياة فهمي، فهي حين تقول: «لعن الله الحب» إنما تريد «حيا الله الحب».
ولا يفوتني قبل ختام هذه الكلمة أن أوجه للآنسة حياة هذا السؤال: إنك تأمريننا بأن لا نحب «سمعا وطاعة!» ولو أني سمعت هذه النصحية قبل خمسة عشر عاما لنجوت من الحب، ولاسترحت الآن من تسطير مدامع العشاق، ولكني يا مولاتي - لسوء الحظ - قد أحببت، وقد ضربت بمحبتي الأمثال، وأريد أن أسلم من الحب على يدك الطاهرة، جعل الله في يمناك الشفاء، من كل داء، فهل لك أن تصفي لي طريق الخلاص من هذا الضلال القديم، ومن أسماء الحب الضلال؟
أنا في انتظار الجواب!
ملحوظة:
أرجو أن تحترس الآنسة حياة، وهي تكتب أنواع العقاقير من أن تنهاني عن التطلع إلى العيون، والخدود، والثغور والنحور والنهود؛ فإنه لا سبيل إلى مثل هذا المتاب! وإنما أريد أن أسلو وأنا أعبث بأفنان الجمال، كما يرد الشارب الكأس وهي تتوهج بين أنامل الساقي الجميل!
صفحه نامشخص