ففائدة الترتيب النزول من الأعم إلى الأخص إلى أخص منه وهما طريقتان معروفتان في الكلام النزول من الأعم إلى الأخص وعكسها وهو الترقي من الأخص إلى ما هو أعم منه إلى ما هو أعم ونظيرها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ فذكر أربعة أشياء أخصها الركوع ثم السجود أعم منه ثم العبادة أعم من السجود ثم فعل الخير العام المتضمن لذلك كله والذي يزيد هذا وضوحا الكلام على ما ذكره بعد هذه الآية من قوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ فإنه ذكر أخص هذه الثلاثة وهو الطواف الذي لا يشرع إلا بالبيت خاصة ثم انتقل منه إلى الاعتكاف وهو القيام المذكور في الحج وهو أعم من الطواف لأنه يكون في كل مسجد ويختص بالمساجد لا يتعداها ثم ذكر الصلاة التي تعم سائر بقاع الأرض سوى ما منع منه مانع أو استثني شرعا وإن شئت قلت ذكر الطواف الذي هو أقرب العبادات بالبيت ثم الاعتكاف الذي يكون في سائر المساجد ثم الصلاة التي تكون في البلد كله بل في كل بقعة فهذا تمام الكلام على ما ذكره من الأمثلة وله ﵀ مزيد السبق وفضل التقدم:.
وابن اللبون إذا ما لز في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
الواو والألف في يفعلون وتفعلان أصل للواو والألف في الزيدون والزيدان فإنما جعلنا ما هو من الأفعال أصلا لما هو في الأسماء لأنها إذا كانت في الأفعال كانت أسماء وعلامة جمع وإذا كانت في الأسماء كانت علامة محضة لا أسماء وما يكون اسما وعلامة في حال هو الأصل لما يكون حرفا في موضع آخر إذا كان اللفظ واحدا نحو كاف الضمير وكاف المخاطبة في ذلك وهذا أولى بنا من أن نجعل الحرف أصلا والاسم فرعا له يدلك على هذا أنهم لم يجمعوا بالواو والنون من الأسماء إلا ما كان فيه معنى الفعل كالمسلمون والصالحون دون رجلون وخيلون فإن قيل فالأعلام ليس فيها معنى الفعل وقد جمعوها كذلك قيل الأسماء الأعلام لا تجمع هذا الجمع إلا وفيها الألف واللام فلا يقال جاءني زيدون وعمرون
1 / 81