55

بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

ناشر

دار الكتاب العربي

شماره نسخه

الأولى

محل انتشار

بيروت

ژانرها

حدیث
لي ولو لم يخف الله لم يعصه ومثال الثالث: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ ومثال الرابع لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم فهذه صورة وردوها على النفي والإثبات وأما حكم ذلك فأمران أحدهما: نفي الأول لنفي الثاني: لأن الأول ملزوم والثاني لازم والملزوم عدم عند عدم لازمه والثاني تحقق الثاني لتحقق الأول لأن تحقق الملزوم يستلزم تحقق لازمه فإذا عرفت هذا فليس في طبيعة لو ولا وضعها ما يؤذن بنفي واحد من الجزأين ولا إثباته وإنما طبعها وحقيقتها الدلالة على التلازم المذكور لكن إنما يؤتى بها للتلازم المتضمن نفي اللازم أو الملزوم أو تحققها ومن هنا نشأت الشبهة فلم يؤت بها لمجرد التلازم مع قطع النظر عن ثبوت الجزأين أو نفيهما فإذا دخلت على جزأين متلازمين قد انتفى اللازم منهما استفيد نفي الملزوم من قضية اللزوم لا من نفس الحرف وبيان ذلك أن قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾، لم يستفد نفي الفساد من حرف لو بل الحرف دخل على أمرين قد علم انتفاء أحدهما حسا فلازمت بينه وبين من يريد نفيه من تعدد الآلهة وقضية الملازمة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه فإذا كان اللازم منتف قطعا وحسا انتفى ملزومه لانتفائه لا من حيث الحرف فهنا أمران أحدهما الملازمة التي فهمت من الحرف والثاني انتفاء اللازم المعلوم بالحس فعلى هذا الوجه ينبغي أن يفهم انتفاء اللازم والملزوم ب لو فمن هنا قالوا إن دخلت على مثبتين صارا منتفيين بمعنى أن الثاني منهما قد علم انتفاؤه من خارج فينتفي الأول لانتفائه وإذا دخلت على منفيين أثبتتهما لذلك أيضا لأنها تدخل على ملزوم محقق الثبوت من خارج فيتحقق ثبوت ملزومه كما في قوله: " لو لم تذنبوا" فهذا الملزوم وهو صدور الذنب متحقق في الخارج من البشر فتحقق لازمه وهو بقاء النوع الإنساني وعدم الذهاب به لأن الملازمة وقعت بين عدم الذنب وعدم البقاء لكن عدم الذنب منتف قطعا فانتفى لازمه وهو عدم الذهاب

1 / 56