بدائع البدائه
بدائع البدائه
فلما أصبحنا سمع من كان غائبًا من أصحابنا في ليلتنا ما جرى، فصنع الرشيد أبو عبد الله محمد بن متانو رحمه الله تعالى، وأنشدنيه:
أحبب بفانوسٍ غدا صاعدًا ... وضوءه دانٍ من العين
يقضى بصوم وبفطر معا ... فقد حوى وصف الهلالين
وصنع الفقيه أبو محمد القلعي:
وكوكبٍ من ضرام الزند مطلعه ... تسري النجوم ولا يسري إذا رقبا
يراقب الصبح خوفًا أن يفاجئه ... فإن بدا طالعًا في أفقه غربا
كأنه عاشق وافى على شرفٍ ... يرعى الحبيب فإن لاح الرقيب خبا
ثم صنعت بعد حين:
ألست ترى شخص المنار وعوده ... عليه لفانوس السحور لهيب
كحامل منظوم الأنابيب أسمرٍ ... عليه سنان بالدماء خضيب
ترى بين زهر الزهر منه شقيقةً ... لها العود غصن والمنار كثيب
وتبدو كخد أحمرٍ والدجى لمى ... بدا فيه ثغر للنجوم شنيب
كأن لزنجي الدجى من لهيبه ... ومن خفقه قلبًا عراه وجيب
تراه يراعي الصبح ليلًا، فإن دنا ... طلوع صباحٍ حان منه غروب
فهل كان يرعاها لعشقٍ ففر إذ ... درى أن رومي الصباح قريب!
وقلت في اختصار هذا المعنى:
انظر إلى المنار وال ... فانوس فيسه يرفع
كحاملٍ رمحًا، سنا ... نه خضيب يلمع
وقلت أيضًا:
ألست ترى حسن المنار وضوءه ... يرفع من جنح الدجنة أستارا
تراه إذا جن الظلام مراقبًا ... له مضرمًا في قلب فانوسه نارا
كصب بخودٍ من بني الزنج سامها ... وصالًا وقد أبدى لترغب دينارا
وقلت فيه:
وليلة صومٍ قد سهرت بجنحها ... على أنها من طولها تعدل الدهرا
حكى الليل فيها سقف ساج مسمرا ... من الشهب قد أضحت مساميره تبرا
وقام المنار المشرق اللون حاملًا ... لفانوسه، والليل قد أظهر الزهرا
1 / 148