ومن العرب من يقسم السنة نصفين، شتاء وصيفا. ويبدأ بالشتاء فيجعله أول القسمين، لأنه ذكر، ويثني بالصيف، لأنه أنثى. وإنما يجعل الشتاء (1) ذكرا لما فيه من الأمطار (2) التي بها يخرج النبات وتحمل الأشجار (3). ثم يقسم الشتاء على ثلاثة، والصيف على ثلاثة. فتكون السنة كلها ستة أزمنة، ثلاثة للشتاء وثلاثة للصيف. ويسمى كل زمن باسم الغيث الواقع فيه، فأول أزمنة الشتاء الثلاثة الوسمي، ثم الشتاء، ثم الربيع، وكلها شتاء. وأول أزمنة الصيف الثلاثة الصيف، مشدد الياء، ثم الحميم، ثم الخريف، وكلها صيف.
وهذا المذهب هو الذي ذكره مالك بن أنس (4)(رحمه الله) في كتاب النجوم المروي عنه. ورواه غير واحد من الرواة عن العرب. إلا أن بعضهم يقول في أزمنة الشتاء: الوسمي، ثم الشتوي، ثم الدفئي، ولا يذكر الربيع.
فأما أوقات هذه الأزمنة الستة فإنها محدودة عندهم فيما ذكر مالك، (رحمه الله)، بسقوط المنازل وطلوعها. فلكل زمن منها أربع منازل وثلثان. ومدة ذلك ستون يوما وثلثا يوم. وهم يعتدون في أزمنة الشتاء بالسقوط، وفي أزمنة الصيف بالطلوع. فصار حسابهم لأجل ذلك بالمنازل الشامية خاصة ساقطة وطالعة.
صفحه ۹۵