فأجاب فؤاد: ليته لم يخطر لي، إذن لكنت مثلك راضيا.
فقال سعيد: ولم لا نأخذ الحياة كما نجدها؟
فقال فؤاد: حبذا لو استطعت، ألم تسأل نفسك عن غاية هذه الحياة؟
فضحك سعيد هادئا وقال: وهل يقدمنا ذلك التساؤل خطوة نحو الرضى؟ أعرفت أنت غايتها؟
فقال فؤاد وهو يهز رأسه: خيل إلي حينا أنني وجدت جوابا على سؤالي، ولكن ...
فقال سعيد عاطفا: ألا يكفينا أن نحياها كما تتهيأ لنا؟ إننا نطل عليها من حيث نكون وهي تبدو لنا كما نصورها لأنفسنا.
فقال فؤاد: أليس هذا خداعا لعقولنا؟
فضحك سعيد ضحكة هادئة وقال: وأين الحقيقة التي نخادع أنفسنا عنها؟ كنت أنظر الآن إلى منظر الشمس إذ تميل نحو الماء وتصبغ السحب بألوانها الخلابة، وأقنع من كل ذلك بما يقع عليه بصري، ولو تعمقت المنظر لأعرف ما وراءه من الحقيقة لما أصبت من ذلك إلا أن أفسد على نفسي متعتها.
وكان الشاطئ قد أخذ يخلو من جموعه فأجال فؤاد بصره فيه ثم قال: لقد خلا هذا الشاطئ ممن كانوا فيه منذ ساعة، وكاد رمله يصير صحراء بعد ذهابهم، ألم تكن كل تلك الرؤى وهما؟
فقال سعيد: ولكن الذين كانوا هنا قد أخذوا من الحياة ما جادت عليهم به، ولم يقفوا ليسألوا أنفسهم عن غايتها.
صفحه نامشخص