وسأل فؤاد: أتعرف أين يقيم قوية؟
فقال الرجل: حيث يبلغ به السير، فهو يضرب في الأرض منذ عاد من منفاه.
فقال فؤاد: لو ساعدتني على اقتفاء أثره كانت مروءة منك.
فرضي الرجل واستأذن أصحابه وسار مع فؤاد يخوضان زحام المولد، ومضى الرجل في حديثه فقال في عطف: الله يلطف به!
فسأله فؤاد: أتعرف متى عاد من منفاه؟
فأجاب الرجل: منذ سنتين، ولكنه لم يكن هكذا، لم يكن نحيلا أغبر كما رأيته الآن.
فقال فؤاد في لهفة: وهل ماتت تعويضة حقا؟
فأجاب الرجل: هكذا قال قوية، فإنه بعد عودته سأل أهل القرية عنها فلم يستطع أحد أن يدله عليها، فسار إلى مريوط لعله يجدها هناك، ثم عاد كما رأيته يخلط ويغني ويبكي، وأصابته «جذبة» فلبس ثيابه المرقعة ووضع السبحة حول عنقه، فلا يراه أحد إلا في الموالد أو عند مقابر الأولياء.
وصمت فؤاد حزينا كأنه أصيب بكارثة في حميم، ومضى الرجل في حديثه قائلا: وهو يذهب إلى النجيلة أحيانا فيأتي إلى جانب الكوم حيث كان يضرب خيمته، ويقضي هناك ليالي في العراء ينشد أناشيده الحزينة كما سمعته الآن.
فقال فؤاد في صوت خافت: أما كنتم تتحدثون عن ميسور؟
صفحه نامشخص