بعد أن قال هذا هز اللجام ورحل، شاعرا أن الموقف قد انتهى. وتبعه الجنود دون تحية فلوري. حين وصل فلوري إلى بوابته نظر إلى الوراء ورأى أن المهر الكستنائي كان قد أمسك وأعيد وضع سرجه، وكان فيرال يلتقط الأوتاد على صهوته.
أربكته الوقعة إرباكا شديدا لدرجة أنه ظل حتى هذه اللحظة غير قادر على تجميع أفكاره. ما الذي قد يجعلها تتصرف هكذا؟ لقد رأته ملقى على الأرض ينزف ويتألم، ومرت به كما لو كان كلبا نافقا. كيف حدث ذلك؟ هل حدث؟ كان شيئا لا يصدق. هل من الممكن أن تكون غاضبة منه؟ هل من الممكن أن يكون قد ضايقها بأي طريقة؟ كان كل الخدم منتظرين لدى سور المجمع؛ إذ كانوا قد خرجوا لمشاهدة التقاط الأوتاد، وشاهد كل واحد منهم مذلته المريرة. ركض كو سلا جزءا من الطريق هابطا التل لملاقاته، بوجه قلق. «هل أصيب سيدي؟ هل أحمل سيدي إلى المنزل؟»
قال سيده: «لا. اذهب وأت لي ببعض الويسكي وقميص نظيف.»
حين عادا إلى المنزل أجلس كو سلا فلوري على الفراش ونزع قميصه الممزق الذي جعله الدم يلتصق بجسده. طرقع كو سلا بلسانه وقال: «هذه الجروح مليئة بالتراب. لا يجوز أن تلعب هذه الألعاب الصبيانية ممتطيا أمهار غريبة يا سيدي. ليس في سنك. هذا خطير جدا.»
قال فلوري: «لقد انزلق السرج.»
استأنف كو سلا كلامه قائلا: «تلك الألعاب تناسب ضباط الشرطة الشباب. أما أنت فلم تعد شابا يا سيدي. في الوقوع ضرر لمن في سنك. لا بد أن تحرص على نفسك أكثر.»
قال فلوري غاضبا: «هل تراني رجلا عجوزا؟» وكانت كتفه تؤلمه ألما بغيضا.
قال كو سلا بتهذيب لكن بحزم: «إنك في الخامسة والثلاثين يا سيدي.»
كان الأمر برمته مخزيا. أحضرت ما بو وما يي، اللتان كانتا في هدنة مؤقتة، قدرا به غثاء بشع مجهول زعمتا أنه مفيد للجروح. طلب فلوري سرا من كو سلا أن يلقيه من النافذة ويستبدل به مرهم البوريك. لاحقا، وهو جالس في مغطس حمام فاتر وكو سلا يزيل التراب من خدوشه بالإسفنجة، راح يتفكر عاجزا فيما حدث، باستياء متزايد، وقد صفا ذهنه أكثر. لقد ضايقها بشدة، كان هذا واضحا. لكنه لم يرها حتى منذ ليلة أمس، فكيف يمكن أن يكون قد ضايقها ؟ ولم يكن هناك أي إجابة معقولة.
شرح لكو سلا عدة مرات أن وقوعه كان بسبب انزلاق السرج. لكن من الجلي أن كو سلا، على تعاطفه، لم يصدقه. أدرك فلوري أن الوقعة ستظل تعزى إلى ضعف مهاراته الفروسية، حتى ينتهي أجله. لكنه من ناحية أخرى، كان من أسبوعين قد ظفر بصيت غير مستحق بأن جعل جاموسة غير مؤذية تولي الهرب. إن القدر عادل، إلى حد ما.
صفحه نامشخص