الجزء الأول
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
صفحه نامشخص
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
صفحه نامشخص
الفصل العشرون
الجزء الثاني
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
صفحه نامشخص
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
صفحه نامشخص
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الجزء الثالث
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
صفحه نامشخص
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
صفحه نامشخص
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الجزء الأول
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
صفحه نامشخص
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
صفحه نامشخص
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الجزء الثاني
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
صفحه نامشخص
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
صفحه نامشخص
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الجزء الثالث
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
صفحه نامشخص
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
صفحه نامشخص
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الأيام
الأيام
تأليف
طه حسين
صفحه نامشخص
الجزء الأول
الفصل الأول
لا يذكر لهذا اليوم اسما، ولا يستطيع أن يضعه حيث وضعه الله من الشهر والسنة، بل لا يستطيع أن يذكر من هذا اليوم وقتا بعينه، وإنما يقرب ذلك تقريبا.
وأكبر ظنه أن هذا الوقت كان يقع من ذلك اليوم في فجره أو في عشائه، ويرجح ذلك لأنه يذكر أن وجهه تلقى في ذلك الوقت هواء فيه شيء من البرد الخفيف الذي لم تذهب به حرارة الشمس، ويرجح ذلك لأنه على جهله حقيقة النور والظلمة، يكاد يذكر أنه تلقى حين خرج من البيت نورا هادئا خفيفا لطيفا كأن الظلمة تغشى
1
بعض حواشيه، ثم يرجح ذلك لأنه يكاد يذكر أنه حين تلقى هذا الهواء وهذا الضياء لم يؤنس
2
من حوله حركة يقظة قوية، وإنما آنس حركة مستيقظة من نوم أو مقبلة عليه، وإذا كان قد بقى له من هذا الوقت ذكرى واضحة بينة لا سبيل إلى الشك فيها، فإنما هي ذكرى هذا السياج
3
الذي كان يقوم أمامه من القصب،
صفحه نامشخص
4
والذي لم يكن بينه وبين باب الدار إلا خطوات قصار. هو يذكر هذا السياج كأنه رآه أمس، يذكر أن قصب هذا السياج كان أطول من قامته، فكان من العسير عليه أن يتخطاه إلى ما وراءه، ويذكر أن قصب هذا السياج كان مقتربا كأنما كان متلاصقا، فلم يكن يستطيع أن ينسل
5
في ثناياه، ويذكر أن قصب هذا السياج كان يمتد من شماله إلى حيث لا يعلم له نهاية، وكان يمتد عن يمينه إلى آخر الدنيا من هذه الناحية، وكان آخر الدنيا من هذه الناحية قريبا؛ فقد كانت تنتهي إلى قناة عرفها حين تقدمت به السن، وكان لها في حياته - أو قل في خياله - تأثير عظيم.
يذكر هذا كله، ويذكر أنه كان يحسد الأرانب التي كانت تخرج من الدار كما يخرج منها، وتتخطى السياج وثبا من فوقه، أو انسيابا
6
بين قصبه، إلى حيث تقرض
7
ما كان وراءه من نبت أخضر ، يذكر منه الكرنب خاصة.
ثم يذكر أنه كان يحب الخروج من الدار إذا غربت الشمس وتعشى الناس، فيعتمد على قصب هذا السياج مفكرا مغرقا في التفكير، حتى يرده إلى ما حوله صوت الشاعر قد جلس على مسافة من شماله، والتف حوله الناس وأخذ ينشدهم في نغمة عذبة غريبة أخبار أبي زيد وخليفة دياب، وهم سكوت إلا حين يستخفهم
صفحه نامشخص
8
الطرب أو تستفزهم الشهوة، فيستعيدون ويتمارون
9
ويختصمون، ويسكت الشاعر حتى يفرغوا من لغطهم
10
بعد وقت قصير أو طويل، ثم يستأنف إنشاده العذب بنغمته التي لا تكاد تتغير.
ثم يذكر أنه لا يخرج ليلة إلى موقفه من السياج إلا وفي نفسه حسرة لاذعة؛
11
لأنه كان يقدر أن سيقطع عليه استماعه لنشيد الشاعر حين تدعوه أخته إلى الدخول فيأبى، فتخرج فتشده من ثوبه فيمتنع عليها، فتحمله بين ذراعيها كأنه الثمامة،
12
صفحه نامشخص
وتعدو
13
به إلى حيث تنيمه على الأرض وتضع رأسه على فخذ أمه، ثم تعمد
14
هذه إلى عينيه المظلمتين فتفتحهما واحدة بعد الأخرى، وتقطر فيهما سائلا يؤذيه ولا يجدي عليه خيرا،
15
وهو يألم ولكنه لا يشكو ولا يبكي؛ لأنه كان يكره أن يكون كأخته الصغيرة بكاء شكاء.
16
ثم ينقل إلى زاوية في حجرة صغيرة فتنيمه أخته على حصيرة قد بسط عليها لحاف، وتلقي عليه لحافا آخر، وتذره وإن في نفسه لحسرات، وإنه ليمد سمعه مدا يكاد يخترق به الحائط لعله يستطيع أن يصله بهذه النغمات الحلوة التي يرددها الشاعر في الهواء الطلق تحت السماء. ثم يأخذه النوم، فما يحس إلا وقد استيقظ والناس نيام، ومن حوله إخوته وأخواته يغطون
17
صفحه نامشخص
فيسرفون في الغطيط، فيلقي اللحاف عن وجهه في خفية وتردد؛ لأنه كان يكره أن ينام مكشوف الوجه، وكان واثقا أنه إن كشف وجهه أثناء الليل أو أخرج أحد أطرافه من اللحاف، فلا بد من أن يعبث به عفريت من العفاريت الكثيرة التي كانت تعمر أقطار البيت
18
وتملأ أرجاءه ونواحيه، والتي كانت تهبط تحت الأرض ما أضاءت الشمس واضطرب الناس. فإذا أوت الشمس إلى كهفها، والناس إلى مضاجعهم، وأطفئت السرج، وهدأت الأصوات، صعدت هذه العفاريت من تحت الأرض وملأت الفضاء حركة واضطرابا وتهامسا وصياحا.
وكان كثيرا ما يستيقظ فيسمع تجاوب الديكة وتصايح الدجاج، ويجتهد في أن يميز بين هذه الأصوات المختلفة، فأما بعضها فكانت أصوات ديكة حقا، وأما بعضها الآخر فكانت أصوات عفاريت تتشكل بأشكال الديكة وتقلدها عبثا وكيدا، ولم يكن يحفل بهذه الأصوات ولا يهابها؛ لأنها كانت تصل إليه من بعيد، إنما كان يخاف الخوف كله أصواتا أخرى لم يكن يتبينها إلا بمشقة وجهد، كانت تنبعث من زوايا الحجرة نحيفة ضئيلة، يمثل بعضها أزيز المرجل
19
يغلي على النار، ويمثل بعضها الآخر حركة متاع خفيف ينقل من مكان إلى مكان، ويمثل بعضها خشبا ينقصم أو عودا ينحطم.
20
وكان يخاف أشد الخوف أشخاصا يتمثلها قد وقفت على باب الحجرة فسدته سدا وأخذت تأتي بحركات مختلفة أشبه شيء بحركات المتصوفة في حلقات الذكر. وكان يعتقد أن ليس له حصن من كل هذه الأشباح المخوفة والأصوات المنكرة؛ إلا أن يلتف في لحافه من الرأس إلى القدم، دون أن يدع بينه وبين الهواء منفذا أو ثغرة، وكان واثقا أنه إن ترك ثغرة في لحافه فلا بد من أن تمتد منها يد عفريت إلى جسمه فتناله بالغمز والعبث.
لذلك كان يقضي ليله خائفا مضطربا إلا حين يغلبه النوم، وما كان يغلبه النوم إلا قليلا. كان يستيقظ مبكرا، أو قل: كان يستيقظ في السحر، ويقضي شطرا طويلا من الليل في هذه الأهوال والأوجال
21
صفحه نامشخص
والخوف من العفاريت؛ حتى إذا وصلت إلى سمعه أصوات النساء يعدن إلى بيوتهن وقد ملأن جرارهن من القناة وهن يتغنين: «الله يا ليل الله ...» عرف أن قد بزغ الفجر، وأن قد هبطت العفاريت إلى مستقرها من الأرض السفلى، فاستحال هو عفريتا، وأخذ يتحدث إلى نفسه بصوت عال، ويتغنى بما حفظ من نشيد الشاعر، ويغمز من حوله من إخوته وأخواته، حتى يوقظهم واحدا واحدا. فإذا تم له ذلك، فهناك الصياح والغناء، وهناك الضجيج والعجيج،
22
وهناك الضوضاء التي لم يكن يضع لها حدا إلا نهوض الشيخ من سريره، ودعاؤه بالإبريق ليتوضأ.
حينئذ تخفت
23
الأصوات وتهدأ الحركة، حتى يتوضأ الشيخ ويصلي ويقرأ ورده ويشرب قهوته ويمضي إلى عمله، فإذا أغلق الباب من دونه نهضت الجماعة كلها من الفراش، وانسابت
24
في البيت صائحة لاعبة، حتى تختلط بما في البيت من طير وماشية.
الفصل الثاني
كان مطمئنا إلى أن الدنيا تنتهي عن يمينه بهذه القناة التي لم يكن بينه وبينها إلا خطوات معدودة ... ولم لا وهو لم يكن يرى عرض هذه القناة، ولم يكن يقدر أن هذا العرض ضئيل بحيث يستطيع الشاب النشيط أن يثب من إحدى الحافتين فيبلغ الأخرى؟! ولم يكن يقدر أن حياة الناس والحيوان والنبات تتصل من وراء هذه القناة على نحو ما هي من دونها، ولم يكن يقدر أن الرجل يستطيع أن يعبر هذه القناة ممتلئة دون أن يبلغ الماء إبطيه، ولم يكن يقدر أن الماء ينقطع من حين إلى حين عن هذه القناة، فإذا هي حفرة مستطيلة يعبث فيها الصبيان، ويبحثون في أرضها الرخوة عما تخلف من صغار السمك فمات لانقطاع الماء عنه.
صفحه نامشخص
لم يكن يقدر هذا كله، وإنما كان يعلم يقينا لا يخالطه الظن، أن هذه القناة عالم آخر مستقل عن العالم الذي كان يعيش فيه، تعمره كائنات غريبة مختلفة لا تكاد تحصى؛ منها: التماسيح التي تزدرد
1
الناس ازدرادا، ومنها المسحورون الذين يعيشون تحت الماء بياض النهار وسواد الليل، حتى إذا أشرقت الشمس أو غربت طفوا يتنسمون الهواء،
2
وهم حين يطفون خطر على الأطفال وفتنة للرجال والنساء. ومنها: هذه الأسماك الطوال العراض التي لا تكاد تظفر بطفل حتى تزدرده ازدرادا، والتي قد يتاح
3
لبعض الأطفال أن يظفروا في بطونها بخاتم الملك؛ ذلك الخاتم الذي لا يكاد الإنسان يديره في إصبعه حتى يسعى إليه دون لمح البصر خادمان من الجن يقضيان له ما يشاء، ذلك الخاتم الذي كان يتختمه سليمان فيسخر له الجن والريح وما شاء من قوى الطبيعة. وما كان أحب إليه أن يهبط في هذه القناة لعل سمكة من هذه الأسماك تزدرده فيظفر في بطنها بهذا الخاتم؛ فقد كانت حاجته إليه شديدة ... ألم يكن يطمع على أقل تقدير في أن يحمله أحد هذين الخادمين إلى ما وراء هذه القناة ليرى بعض ما هناك من الأعاجيب! ولكنه كان يخشى كثيرا من الأهوال قبل أن يصل إلى هذه السمكة المباركة.
على أنه لم يكن يستطيع أن يبلو
4
من شاطئ هذه القناة مسافة بعيدة؛ فقد كان هذا الشاطئ محفوفا عن يمينه وعن شماله بالخطر، فأما عن يمينه فقد كان هناك العدويون، وهم قوم من الصعيد يقيمون في دار لهم كبيرة يقوم على بابها دائما كلبان عظيمان لا ينقطع نباحهما، ولا تنقطع أحاديث الناس عنهما، ولا ينجو المار منهما إلا بعد عناء ومشقة، وأما عن شماله فقد كانت هناك خيام يقيم فيها «سعيد الأعرابي» الذي كان الناس يتحدثون بشره ومكره وحرصه على سفك الدماء، وامرأته «كوابس» التي كانت قد اتخذت في أنفها حلقة من الذهب كبيرة، والتي كانت تختلف
صفحه نامشخص