فالتفت إليه أدهم برأسه الذي وخط المشيب فوديه وقال: كل وأنت ساكت، السكوت غاية ما نرجو عندك من خير.
وقالت أميمة وهي تطحن ما في فيها: آن لنا أن نخلل الليمون والزيتون والفلفل الأخضر ، كنت يا قدري تبتهج في أيام التخليل وتشترك في حشو الليمون.
فقال قدري بمرارة: كنا نبتهج ونحن صغار حتى بلا سبب.
فسأله أدهم وهو يعيد الكوز إلى موضعه: وماذا يشقيك اليوم يا أبا زيد الهلالي؟
فضحك قدري ولم يجب. أما همام فقال: يوم السوق قريب، ينبغي أن نفرز الأغنام.
فهزت الأم رأسها بالإيجاب، على حين وجه الأب خطابه إلى قدري قائلا: يا قدري لا تكن فظا، لا أقابل شخصا يعرفك إلا شكاك إلي، أخشى أن تعيد سيرة عمك في هذه الحياة. - أو سيرة جدي!
فاتقدت عينا أدهم استياء وقال: لا تذكر جدك بسوء، هل سمعتني أفعل ذلك؟ ثم إنه لم يسئ إليك.
فقال قدري باستنكار: أساء إلينا ما دام أساء إليك. - اسكت، نقطنا بسكوتك. - بسببه كتبت علينا هذه الحياة، وهي أيضا مصير بنت عمنا.
فقال أدهم في عبوس: ما لنا وما لها، أبوها علة الكارثة.
فهتف قدري: أعني أنه ما كان يصح أن تنشأ نساء من دمنا في الخلاء والعراء! ثم خبرني أي رجل ستتزوج هذه الفتاة؟ - ليكن الشيطان نفسه، لا شأن لنا بها، لا شك في أنها مفترسة مثل أبيها.
صفحه نامشخص