كان زقلط ثائرا لما أصاب ابنه، وكان حمودة لا يزال يعرج من إصابة ساقه، على حين تملك الخوف الجميع، فقالوا: إن بيوتهم لم تعد صالحة للمبيت، وإن السكان تجمهروا في الحارة.
وجاء جبل حاملا جرابه الخالي، فحيا الجميع، ووقف أمام الناظر والهانم في أدب وثقة.
ولم يستطع الناظر أن ينظر إليه، أما الهانم فقالت له: قيل لنا يا جبل إنك تستطيع استخراج الثعابين من بيوتنا؟
فقال جبل بهدوء: تعلمت ذلك فيما تعلمت يا صاحبة الفضل. - دعوتك؛ لتطهر البيت من الثعابين.
فنظر جبل إلى الأفندي متسائلا: هل يأذن لي حضرة الناظر؟
فغمغم الناظر وهو يداري حنقه وقهره: نعم.
وهنا تقدم الليثي بإيحاء خفي من زقلط وسأله: وبيوتنا وبيوت الآخرين؟
فقال جبل: إن خبرتي تحت أمر الجميع.
وارتفعت أصوات بالشكر، فأجال جبل عينيه الكبيرتين في الوجوه مليا ثم قال: ولعلي في غير حاجة إلى تذكيركم بأن لكل شيء ثمنه كما تجري المعاملات في حارتنا!
فتطلع إليه الفتوات في دهشة فقال: علام تدهشون؟ إنكم تحمون الأحياء نظير الإتاوات، وحضرة الناظر يدير الوقف نظير التصرف في ريعه!
صفحه نامشخص