آغاز پاییز: داستانی از یک بانوی شیک
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
ژانرها
لم ألمس قطرة من أي شيء منذ آخر مرة رأيتك فيها. هل يرضيك ذلك؟
أرسل إليك هذا الخطاب داخل كتاب مع هانا الزنجية. وستنتظر لتأخذ ردك.»
شيئا فشيئا، بينما كانت تواصل القراءة عبر متاهات الخطابات العاطفية المتهورة، أخذ الصوتان القادمان من الفناء بالأسفل، اللذان كان أحدهما الآن عاليا وغاضبا بعض الشيء، والآخر لا يزال رنانا، وحادا وغير مبال، يبتعدان أكثر فأكثر حتى لم تعد بعد قليل تسمعهما على الإطلاق، ومحل الصوت استولى انطباع آخر على حواسها؛ توهج مادي غريب استولى تدريجيا على كامل جسدها. بدا وكأن في وسط هذه الخطابات البنية الباهتة تتأجج نيران مستعرة لم تخمد بالكامل أبدا ولن تطفأ مطلقا إلا بعد أن تحرق الخطابات ذاتها وتصير رمادا.
كلمة تلو أخرى، وسطرا تلو آخر، وصفحة تلو أخرى، كانت الأسطورة المأساوية العاطفية تعيد تشكيل نفسها من جديد، وقرب النهاية استطاعت أن ترى الأطراف الرئيسيين الثلاثة فيها متجسدين في الحياة الواقعية، كما لو أنهم لم يموتوا قط، وإنما واصلوا العيش في جنبات هذا المنزل العتيق، ربما في ذات هذه الغرفة التي كانت تجلس فيها ... الغرفة التي لا بد وأنها كانت غرفة سافينا بينتلاند.
رأت الزوج، جاريد بينتلاند الذي لا توجد له صورة شخصية لأنه ما كان لينفق المال أبدا على مثل هذه الرفاهيات؛ إذ لا بد وأنه كان في الحياة الواقعية، رجلا ماكرا وداهية وورعا وبخيلا إلا حين حوله ولعه الغريب الكئيب بزوجته إلى شخص غير متزن. وكانت سافينا بينتلاند موجودة هناك أيضا، كما كانت تبدو من الصورة الشخصية التي رسمها آنجر - امرأة سمراء ممتلئة القوام وطائشة ذات عينين مغريتين خبيثتين - امرأة ربما يسهل أن تكون جالبة الخراب على رجل مثل جاريد بينتلاند. وبطريقة ما استطاعت أن تستحضر صورة واضحة ونابضة بالحياة لكاتب هذه الخطابات المستعرة - عشيق وغد وسيم، أسمر مثل ابنة عمه سافينا، استسلم لمعاقرة الخمر ولعب القمار. ولكن الأهم من ذلك كله أنها كانت واعية لذلك الغرام الصريح المتأجج والمتبجح الذي لم يكن له جذور مطلقا في هذه التربة الصخرية لنيو إنجلاند فيما وراء نوافذ منزل عائلة بينتلاند. رجل كان يمجد صراحة الجسد والرغبات الحسية! فاسق! مغو! ومع ذلك كان رجلا قادرا على تأجيج هذه النيران العظيمة التي كانت تتقافز من الصفحات الصفراء وتدفئ أواصرها. حينئذ خطر ببالها لأول مرة أنه كان ثمة شيء بطولي وسام وجميل في غرام عنيف كهذا. وللحظة تملكها الشعور بأن قراءة هذه الخطابات هو شكل من أشكال انتهاك الخصوصية.
كشفت الخطابات، أيضا، كيف كان جاريد بينتلاند ينظر إلى زوجته الجميلة باعتبارها قطعة رائعة من الممتلكات، استثمار كان يمنحه إشباعا حسيا وأيضا يضفي بهاء على منزله وعلى مائدة العشاء. (ما كانت سابين تطلق عليه «حس الملكية لدى الطبقة الوسطى الدنيا.») لا بد أنه أحبها وكرهها في آن واحد، بنفس الطريقة التي أحب بها هيجينز الفرس الحمراء الجميلة وكرهها. لا بد أنه كان فخورا بها ورغم ذلك كرهها لأنها كانت تتمتع بقدرة تامة على أن تجعله يظهر بمظهر غبي. كانت القصة برمتها تمضي على خلفية العائلة ... عائلة بينتلاند. كانت توجد إشارات مستمرة إلى أبناء العمومة والأعمام والأخوال والعمات والخالات وشكوكهم وتداخلاتهم.
قالت أوليفيا في نفسها: «لا بد أن هذا قد بدأ حتى في تلك الأيام.»
وعرفت من الخطابات أن الغرام كان قد بدأ في روما عندما جلست سافينا بينتلاند ليرسم آنجر صورتها الشخصية. وكان توبي كاين معها هناك وبعد ذلك ذهبت معه إلى مسكنه: وعندما عادا إلى المنزل في دورهام (الذي كان جديدا حينها وكان أكبر منزل ريفي في نيو إنجلاند كلها) كانا يلتقيان في الكوخ الريفي - منزل «بروك كوتيدج» - الذي كان لا يزال على مرمى البصر من نافذة أوليفيا - منزل «بروك كوتيدج» الذي كان جد سابين قد اشتراه بعد حادثة الغرق ثم تحول إلى أنقاض وجدد مرة أخرى بلمسة أوهارا الزاهية والمبتذلة واللامعة. كانت قصة معقدة ومتداخلة للغاية تعود جذورها إلى الماضي وبدا أنها أثرت فيهم جميعا في دورهام.
حدثت أوليفيا نفسها قائلة: «الحياة في عائلة بينتلاند تضرب بجذورها في أعماق الماضي. لا توجد فروع جديدة ولا براعم شابة قوية.»
وصلت أخيرا إلى آخر الخطابات، الذي كانت قد طمرت وسطه السطور الكاشفة للحقيقة المروعة: •••
صفحه نامشخص