آغاز پاییز: داستانی از یک بانوی شیک
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
ژانرها
ظهرت على العمة كاسي علامات الانهيار مرة أخرى. وأردفت تقول: «كما ترى، أنت تلومني دوما على كل شيء. كنت أفكر في العائلة طوال هذه السنوات. ما كان بوسعنا أن نترك هوراس يجول طليقا في بوسطن.» ثم توقفت فجأة عن الحديث بإيماءة مفاجئة ومرهفة من يدها تنم عن الاشمئزاز، كما لو أنها تنفض يديها من الموضوع برمته. «كان يمكنني أن أدير الأمر بنفسي على نحو أفضل. ما كان ينبغي له أبدا أن يعود إلى أرض الوطن ... ليثير المتاعب مرة أخرى.»
ظلت أوليفيا ملتزمة الصمت بينما جاء الرد على العمة كاسي من جانب الرجل المسن. إذ قال: «أراد أن يدفن هنا ... كتب لي رسالة يطلب فيها ذلك، عندما كان يحتضر.» «لم يكن له الحق في هذا الطلب. لقد خسر جميع الحقوق بسبب سلوكه. أقولها مرة أخرى وسأظل أقولها. ما كان ينبغي له أن يعود إلى هنا ... بعدما نسيه الناس ولم يعودوا يذكرون إن كان حيا أم ميتا.»
كانت قد تملكت أوليفيا حالة من الهدوء المخيف ... كانت تتطلع من النافذة عبر الأهوار البعيدة إلى الأفق البعيد، وعندما التفتت تحدثت بهدوء مريع. قالت: «يمكنك أن تفعلي بجثة هوراس بينتلاند ما تشائين. هذا الأمر يخصك أكثر مني؛ لأنني لم أقابله مطلقا في حياتي. ولكن ابني هو من مات ... ابني، الذي ينتمي إلي أكثر من أي منكم. يمكنكم دفن هوراس بينتلاند معه في اليوم نفسه ... بمراسم القداس نفسها، بل وفي القبر نفسه. أمور كهذه لا تهم كثيرا بعد الموت. لا يمكنك الاستمرار إلى الأبد في التظاهر ... الموت أقوى كثيرا من ذلك. إنه أقوى من أي منا نحن المخلوقات الضعيفة؛ لأنه الحقيقة الوحيدة التي لا يمكننا تجنبها. فلا علاقة له بالتحيزات والكبرياء والجدارة بالاحترام. بعد مائة عام - أو حتى عام، أو شهر - ماذا ستكون أهمية ما فعلناه بجثة هوراس بينتلاند؟»
نهضت واقفة، والهدوء المخيف لا يزال يحيط بها، وقالت: «سأترك لكما أنتما الاثنان أمر هوراس بينتلاند. فدماؤه لا تسري في عروقي. أيا كان ما ستفعلانه، لن أعترض عليه ... كل ما في الأمر أنني لن أتعامل بحقارة مع الموت.»
خرجت من الغرفة، تاركة العمة كاسي مستنزفة ومبهورة ومرتبكة. كانت العجوز قد فازت في معركتها بشأن دفن هوراس بينتلاند، ومع ذلك تجرعت هزيمة نكراء. لا بد أنها رأت أنها قد خسرت حقا كل شيء؛ لأن أوليفيا تعاملت مع الأمور الجذرية وأصابت كبد الحقيقة، في حضور جون بينتلاند، الذي كان هو نفسه على شفير الموت. (تجرأت أوليفيا أن تقول بفخر، كما لو أنها كانت في الواقع تحتقر اسم عائلة بينتلاند: «دماؤه لا تسري في عروقي.»)
بيد أنها كانت هزيمة أدركت أوليفيا أنها لن تعترف بها قط: وتلك كانت إحدى الخصال التي جعلت التعامل مع العمة كاسي مستحيلا. من المحتمل أنها، حتى بينما كانت جالسة تمسح عينيها، كانت تنتقي أسلحة جديدة لصراع كان قد خرج أخيرا إلى العلن لأنه صار من المستحيل الآن خوض المعركة عبر حليف ضعيف ومتقلب مثل آنسون.
كانت العمة كاسي بطبعها امرأة تتظاهر بأنها شهيدة ومضحية. كان الاستشهاد السلاح الأنثوي العظيم على أيامها في الحقبة الفيكتورية وكانت هي متمرسة فيه؛ إذ كانت قد تعلمت جميع تفاصيله الدقيقة خلال السنوات التي استلقت فيها متدثرة بالشال على أريكة تخضع السيد سترازرس مكتمل الرجولة.
وأدركت أوليفيا أثناء مغادرتها للغرفة أنها ستضطر إلى التعامل في المستقبل مع عمة مسكينة ومريضة يساء معاملتها، بذلت كل طاقتها للأعمال الصالحة ولم تجن في المقابل سوى القسوة والفظاظة من جانب امرأة دخيلة، ومتطفلة، ونوعا ما مستهترة شقت طريقها بالمكر والخداع إلى قلب عائلة بينتلاند. بضرب من الفنون تتقن أسراره، ستجعل العمة كاسي الأمر يبدو بهذه الطريقة.
2
لم تهدأ حرارة الجو. بل ظلت السخونة عالقة في الجو على هيئة سحابة منتشرة فوق ربوع الريف بأكمله، تحيط بالموكب الأسود الذي كان يتحرك عبر الطرق الترابية المؤدية إلى الطريق السريع ومنه عبر مجموعات أكواخ الجص القبيحة التي يسكنها عمال المصانع، في طريقه مرورا بالمصلى الكنسي المهجور الذي كان بينتلاند المصون من الإثم قد ألقى فيه ذات مرة خطبة عصماء شديدة اللهجة وانطلق منه القس جوسيا ميلفورد بجماعته إلى المحمية الغربية لمستعمرة كونيتيكت ... أحاطت السحابة بالموكب الأسود البطيء حتى وصل إلى أبواب الكنيسة الحجرية الباردة المغطاة بأوراق اللبلاب (المبنية على أرض مرتفعة في محاكاة لإحدى الكنائس الإنجليزية الريفية) حيث عبد آل بينتلاند آلهة متواضعة كانت محل انتقاد واحتقار قاهر الساحرات. وفي الطريق، تحت أشجار الدردار في شارع هاي ستريت، وقفت نساء بولنديات وأطفال يحدقون ويرشمون إشارة الصليب عند رؤية الموكب الضخم.
صفحه نامشخص