آغاز پاییز: داستانی از یک بانوی شیک
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
ژانرها
ثم قالت جهرا: «من المؤسف أنني كنت دائما بعيدة جدا.» «لكنني كنت أفكر فيك يا عزيزتي ... كنت أفكر فيك. نادرا ما كانت تمر ليلة لا أقول فيها لنفسي قبل أن أنام: «إن سابين المسكينة تواجه العالم بمفردها، وتدير ظهرها لنا جميعا، نحن من نحبها».» تنهدت بشدة ثم قالت: «دائما ما كنت أفكر فيك يا عزيزتي. لقد صليت ودعوت لك في الليالي الطويلة التي لم يغمض لي فيها جفن أبدا.»
تحدثت سابين بطريقة شبه آلية، واكتشفت تدريجيا أنها على الرغم من كل شيء لم تعد تخشى العمة كاسي. فهي لم تعد الفتاة الصغيرة الخجولة الخائفة البسيطة؛ بل إنها بدأت تشعر بنزعة تحد، ورغبة في القتال، ملأتها بشعور خفي بالدفء. ظلت تقول لنفسها: «إنها حقا لم تتغير على الإطلاق. فهي لا تزال تريد التقرب مني والتحكم في وفي حياتي. إنها مثل أخطبوط يمد أذرعه ليحكم سيطرته على كل فرد بالأسرة، ويرتب كل الأمور.» هكذا رأت العمة كاسي الآن، بعد عدة سنوات، من منظور جديد. وبدا لها أن شيئا غريبا، ومريبا، وخبيثا إلى حد ما كان يكمن وراء كل هذه التنهدات والدموع والتعاطف المتساهل. ربما كانت (سابين) هي الوحيدة التي كانت قد تمكنت، من بين جميع أفراد الأسرة، من الفرار من هذه الأذرع الخبيثة المتسللة ... كانت قد هربت.
في هذه الأثناء، كانت العمة كاسي قد انتقلت من الوصف الحي التفصيلي لوفاة السيد سترازرس إلى التحدث عن قائمة المصائب التي حدثت بالحي وواجهتها الأسرة، الوفيات، والعهود التي نقضت، والكوارث المالية، وظهور «أوهارا البغيض» في الأفق. ووبخت سابين على بيعها أرضها لمثل هذا الدخيل. ومع استمرارها في الحديث، أصبحت شيئا فشيئا أقل إنسانية وأكثر فأكثر أشبه بقوة خارقة مجهولة من قوى الطبيعة. أخذت سابين تراقبها بعينيها الخضراوين الثاقبتين، ووجدتها مرعبة بعض الشيء. كانت قد ازدادت حدة وقسوة مع تقدمها في العمر.
ناقشت أيضا حالات الطلاق التي وقعت في بوسطن وأخيرا، وهي تميل إلى الأمام وتلمس يد سابين بيدها النحيلة المتوترة، قالت بانكسار: «لقد شعرت بك في محنتك يا سابين. لم أكتب لك قط لأن هذا كان سيصبح مؤلما للغاية. أرى الآن أنني تهربت من واجبي. لكنني كنت أشعر بك ... حاولت أن أضع نفسي مكانك. حاولت أن أتخيل خيانة السيد سترازرس العزيز لي ... لكنني، بالطبع، لم أستطع. كان قديسا.» أخرجت المخاط من أنفها وكررت كلامها بحماس، وكأنها تحدث نفسها: «قديسا!» (قالت سابين في نفسها: «نعم، كان قديسا ... لو كان للقديسين وجود.») رأت أن العمة كاسي كانت تهاجمها الآن من زاوية مختلفة. كانت تحاول أن تشفق عليها. ومن خلال إبداء الكثير من الشفقة نحوها ستحاول المرأة العجوز تحطيم خطوط دفاعها والسيطرة عليها.
بدت في عيني سابين الخضراوين نظرة قاسية وغريبة. وسألتها قائلة: «هل سبق لك أن التقيت بزوجي؟»
قالت العمة كاسي: «لا، لكنني سمعت الكثير عنه. وقيل لي عن مدى معاناتك.»
نظرت سابين إليها وقد ارتسم على وجهها تعبير غريب وساخر. وقالت: «إذن، ما قيل لك كان منافيا للحقيقة. إنه رجل رائع. لم أعان على الإطلاق. أؤكد لك أنني كنت أفضل لو شاركتني فيه خمسون امرأة أخرى على أن أحظى وحدي بأي من الرجال الموجودين هنا.»
كان تصريحها هذا ينطوي على فجور بين وهو ما جعل العمة كاسي تلتزم الصمت وتتراجع تماما. حدقت فقط ولم تجد ما تقوله ردا على مثل هذا الكلام. من الواضح أنها طيلة حياتها لم تكن قد سمعت أبدا أي شخص يقول شيئا بهذا القدر من الصراحة والوضوح، متجردا تماما من كل مظاهر اللباقة.
واصلت سابين حديثها ببرود، وأكملت هجومها حتى النهاية. إذ قالت: «لقد طلقت منه في النهاية، ليس لأنه لم يكن مخلصا لي، بل لأن امرأة أخرى أرادت الزواج منه ... امرأة أحترمها وأحبها ... امرأة لا تزال صديقة لي. عليك أن تفهمي أنني أحببته حبا جما ... بكل ذرة في جسدي. لكن ثمة أمور تحدث ليس للمرء عليها سلطان. لم أكن المرأة الوحيدة ... لقد كان شيطانا، لكنه شيطان جذاب للغاية.»
صدمت المرأة العجوز قليلا، لكنها لم تهزم بأي حال من الأحوال. رأت سابين في عينيها نظرة تقول بوضوح: «إذن هذا ما فعله العالم بعزيزتي سابين الصغيرة البريئة المسكينة!» وأخيرا قالت وهي تتنهد: «يا له من عالم غريب ومحير. لا أعرف ماذا سيحدث أكثر من ذلك فيه.»
صفحه نامشخص