ما يزال المسلم الحق يرى نفسه خليفة الله في الأرض، مكلفا أن يقيم العدل بين الناس، موكلا بنصرة الخير ومحاربة الشر، أنى كان ومتى استطاع. كل الأرض داره، وكل الزمان وقته، فلن تقف دعوة الإسلام.
ما يزال المسلم ينطوي على عزة تقهر الخطوب، وأمل يغلب الزمان، ونفس لا تسف، وقلب لا يذل، وما تزال سيرة محمد في عقله وقلبه، ولا يزال مجد الإسلام ملء جوانحه، ولا تزال كلمة الحق والعدل ملء ضميره، فلن تقف دعوة الإسلام.
إن دعوة الإسلام لا تقف حتى يموت الخلق العلي، والقلب الأبي في نفوس البشر.
وقل للذين يزعمون أنهم حماة الإسلام:
1
ما أذل الإسلام إن ابتغى في غير أولاده حماة! وما أذل المسلمين إن رضوا بغير حماية الله! يا حسرة على الحق إن التمس من الباطل حاميا! ويا خسران العدل إن ابتغى من الظلم واليا! وويل لورثة محمد إن لم تحمهم سيرة محمد وخلفائه ومن أنجبتهم العصور من أئمته وأبطاله!
إن في دين المسلم، وإن في قلب المسلم، وإن في خلق المسلم، ما يربأ به عن كل دنية، ويصمد به إلى كل هول، ويثبته في كل كارثة، ويسمو به إلى مقصد جلل.
أيها الحماة الأبرار! لقد أدرتموها على المسلمين حربا طاحنة في المشرق والمغرب، وغزوتموهم بالسلاح والفتنة والفرية، وكدتم لهم في السر والعلانية، واستبحتم فيهم كل منكر، حتى إذا ظننتم أنهم هانوا وذلوا، ويئسوا وملوا، قلتم: هلم أيها الضعفاء، فنحن الحماة الأقوياء!
أيها الحماة! شد ما قسوتم على المسلمين ثم شد ما رفقتم بهم!
أيها الحماة! لقد تعلمون أن بضعة ألوف من بني الإسلام ثبتوا لكم، وسخروا بقواكم وفنونكم، وأساطيلكم وجيوشكم وطياراتكم أكثر من عشرين عاما، ولم يكن سلاحهم إلا عزة الإسلام ومجد الإسلام.
صفحه نامشخص