إلا حمدك؟ يزدان وأهرمن رمزا نورك وظلالك،
5
وهدايتك وإضلالك. •••
رب! وموسى إذ لاح له ضياؤك في الغلس، وخلع نعليه في الوادي المقدس، لمع له بصيص في الطور فاهتدى، ودعا الناس إلى الهدى. بنورك ضرب بحر الظلمات فانفلق، ثم بهره جلالك فصعق. وعيسى أمددته بروحك وبرك، وأطلعته على ذرة من مكنون سرك، ومحمد خاتم أنبيائك، وصفي أصفيائك، آنسه ذكرك في الغار، فرأى في الظلمات النهار، فأملى دينك وفرقانك، وأوضح محجتك وبرهانك، وترك على الدهر أثرك الأغر، ودينك الأبر. رب! ومن وراء ذلك سرك المكنون، وحماك المصون.
أنقذنا من الحيرة بهديك، واهدنا إلى جنابك برحمتك. اللهم منك وإليك، أنت الأول والآخر، والظاهر والباطن.
إلى الرسول الكريم
في عيد مولده
مضت عشر وأربعمائة وألف سنة منذ ظهر في الجزيرة العربية نجم الصباح بشيرا بطلوع الشمس، منذ طلع الكوكب المبشر بالغيث في الأرض المجدبة، منذ ولدت الأرض منبع النهر الذي فاض على الناس بالخير والبركة ولا يزال فياضا، منذ سطرت في سجل الأيام بسملة سيرة عظيمة، منذ كتبت على صفحات الزمان فاتحة كتاب دفتاه المشرق والمغرب، وصفحاته تاريخ البشر في أروع وقائعه، منذ خط الله القدير على أرض الجزيرة عنوان أعظم فضل في تاريخ البشر، منذ ولدت الخليقة قانونا من قوانينها في صورة طفل، منذ استهل هذا الطفل الفقير في دار من دور قريش بمكة، منذ ولدت آمنة بنت وهب محمد بن عبد الله.
لم تضرب البشائر لمولده، ولا سارت الأنباء، ولا تطايرت التهاني، ولا اجتمعت المحافل، ولكن الله - سبحانه - كان يعلم ماذا أخرج من غيبه، وماذا وضع على أرضه. كان الله وحده يعلم أن قد ولد الرجل الذي أعده ليعلي التوحيد ويضع الوثنية، ويعز الحق ويذل الباطل، وينصر الخير ويخذل الشر، ويمحو العبودية ويثبت الحرية، ويزلزل الجبارين، ويثبت الضعفاء والمساكين، ويبطل التمييز بين الناس، ويشيع المساواة بينهم، ويحقر الأحساب والأنساب، ويعظم العمل الصالح، ويحطم العصبيات ويدعو إلى الأخوة العامة.
كان الله وحده يعلم أن قد ولد الرجل الذي يخرج الحق من الصوامع والمعابد إلى معارك الحياة، ويقيم البر بألسنة الملوك وأيديهم بعد أن كان تعلة الفقراء والمساكين، ويقف الملوك في صفوف الصلاة بعد أن كانوا في صفوف الآلهة، ويجعل الحياة جهادا دائبا للحق والخير، ولا يضعف ولا يفتر، ويري الناس كيف يجتمع الحق والقوة، ويلتئم الملك والنبوة.
صفحه نامشخص