لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايبا
فصنها، وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف، وسامح من اعتدى
وفارق، ولكن بالتي هي أحسن
وقد كانت تميل إلى قراءة الشعر وسماعه، وتتأثر به كل التأثر، وبخاصة الشعر العاطفي، وشعر الموعظة والحكمة، وما يكشف عن حقيقة النفس الإنسانية وتجارب الحياة والناس. •••
وقد ولدت الآنسة «مي» في بلدة الناصرة عام 1895م، ووالدها إلياس زيادة من لبنان، ووالدتها سيدة متعلمة من فلسطين. وكان إلياس قد سافر مع كسروان بلبنان إلى الناصرة ليعلم في إحدى مدارسها، فتزوج هذه السيدة، فولدت له «مريم» وابنا توفي صغيرا. أما «مريم» فقد أرسلت في نشأتها الأولى إلى مدرسة عنطورة، ثم التحقت بغيرها من معاهد تعليم البنات في لبنان قبل أن تسافر إلى مصر مع والدها ووالدتها، وكانت تدعى «ماري»، ثم أطلقت على نفسها «مي». وقد حدثتني عن نشأتها الأولى فقالت: «في مشاهد لبنان الجميلة، حيث الجنان المزدانة بمشاهد الطبيعة الضاحكة، والجبال المشرقة بجلالها على البحر المنبسط، عند قدم هاتيك الآكام الوادعة، كنت أسرح الطرف بين عشية وضحاها وأنا طفلة صغيرة بمدرسة عنطورة، فكانت توحي إلى نفسي معاني الجمال، فتفيض بها شعرا أسطره في أوقات الفراغ، وأثناء الدروس التي كنت أشغل عنها بنظم الشعر وتدوينه، حتى اجتمع لي منه مجموعة باللغة الفرنسية سميتها «أزهار الحلم» ونشرتها بإمضاء «إيزيس كوبيا» عام 1911م، بعد أن نزلت مصر مع والدي، وكانت هذه المجموعة أول كتاب صدر لي في عالم التأليف.
ولما رأى المحيطون بي أني أكتب باللغة الفرنسية دون العربية، نصحوني بدراسة اللغة العربية، ومطالعة الكتب العربية الفصحى. وكان والدي - رحمه الله - قد أصدر في هذا العهد جريدة «المحروسة»، فأخذت أقرأ بعناية كل ما يكتبه فيها كبار الكتاب، حتى تكونت لي ملكة عربية شجعتني على ترجمة رواية فرنسية بعنوان: «رجوع الموجة»، وكانت أول كتاب نشرته باللغة العربية.
وفي هذا الحين كنت أتابع دروسي باللغة الألمانية والإنجليزية والفرنسية، فترجمة رواية «هجرة الفرنسيين إلى أمريكا» بعنوان «الحب في العذاب».
صفحه نامشخص