والسيد السند ذهب إلى أن ضمير وما يتصل بها إلى التراكيب أي يتبع ما يتصل بالتراكيب من معرفة أن اشتمالها على الخواص هل يستحسن أو يستهجن؛ إذ التركيب المؤكد مثلا قد يستحسن من متكلم في مقام فيحمل على أنه قصد ما يقتضيه، ولا يستحسن من آخر في ذلك المقام لسوء ظن به، فلا يحمل على قصده بل على أن صدوره منه اتفاقي، وكذا حال المخاطب، وقد صرح بذلك المفتاح حيث قال: ومن متممات البلاغة ما قد سبق لي أن نظم الكلام إذا استحسن من بليغ لا يمتنع، أن لا يستحسن مثله من غير البليغ، وإن اتحد المقام، بل لا بد لحسن الكلام من انطباق له على ما لأجله يساق، ومن صاحب له عراف بجهات الحسن لا يتخطاها، ولا بد مع ذلك من إذن لافتنانات الكلام مصوغة، فظهر أنه لا بد لصاحب المعاني مع معرفة الخواص من معرفة كون التراكيب مستحسنة وغير مستحسنة، ليتمكن من إيراد تراكيبه منطبقة على ما ساقها لأجله، ولا مستحسنة في مواقعها، ومن حمل كل تركيب # يرد عليه على ما يليق بحال المتكلم، فإن البلغاء أيضا على درجات متفاوتة، فربما يستحسن كلام في مقام من بليغ فيحمل على دقائق جمة، ولا يستحسن مثله في ذلك المقام من آخر دونه في البلاغة، فلا يحمل عليها بل على ما يناسب منها مرتبته، والأوجه أن مراده بالخواص ما تعين كونه خواص لا يتجاوزها، كالتأكيد والذكر والحذف، وبما يتصل بها من الاستحسان المحسنات البديعية، وبغيره المجازات والكنايات، فإنها قد تصير مقتضيات الأحوال، فلا بد من معرفة كونها خواص في تلك الأوقات، لئلا يقع المتكلم في الخطأ فإنما قد يكون خاصة، وقد لا يكون أكثر إيقاعا في الخطأ، وأن المراد بما يتصل بها من الاستحسان المحسنات البديعية، وبغيره الاستهجان الواقع هفوة أو قصدا، لكن وجوب تتبعها ليتميز عن الخواص ولا تقع في الغلط لتناسبها بها بناء على وقوعها في كلام البلغاء.
ومما لا بد من التنبيه عليه أن المصنف أطلق مقتضى الحال، والمفتاح قيده بمقتضى حال يقتضي ما يفتقر المتكلم في تأديته إلى أزيد من دلالات وضعية، لأن المعاني دون الاحتراز عن الخطأ في تطبيق الكلام على ما يقتضي الحال ذكره، ولا يعرض خطأ لمن له أدنى تمييز في إلقاء الكلام المقتصر على الدلالات الوضعية حين يخاطب من لا خط له في أزيد من الدلالات الوضعية فضلا عمن له فضل تميز، فتطبيق هذا الكلام على ما يقتضي الحال ذكره من التجريد عن الزوائد ليس من مباحث المعاني، لاستغنائه عنه، ويحتمل أن يكون ذلك مخالفة منه معه بناء على أن ما يحتاج إلى تنبيه للقاصر ربما يجعل من الفن.
(وينحصر) قال في الإيضاح (¬1): المقصود من علم المعاني منحصر (في ثمانية أبواب) يريد انحصار الكل في أجزائه لا الكلي في جزيئاته، وإلا لصدق علم المعاني على كل باب، واعترض عليه الشارح المحقق بأن ظاهر هذا الكلام مشعر بأن العلم عبارة عن نفس القواعد لأن تلك الأبواب إنما هي المسائل وليست أجزاء للملكة، وبأن تعريف وبيان الانحصار والتنبيه الآتي خارجة عن المقصود، ولا يخفى أن كون العلم عبارة عن المسائل يوجب خروج هذه الأمور عن العلم لا عن المقصود من العلم لأنها ليست مسائل فلا حاجة لإخراجها إلى درج المقصود، هذا # كلامه مع تنقيح وتحرير.
صفحه ۲۰۶