(والبلاغة (¬1) في الكلام مطابقته) أي مطابقة صفته (لمقتضى الحال) فإن مقتضى الحال خصوصيات، وصفات قائمة بالكلام، فالكلام لا يطابقه بل يشتمل عليه، والخصوصية من حيث إنها حال الكلام ومرتبطة به مطابق لها من حيث إنها مقتضى الحال، فالمطابق والمطابق متغايران اعتبارا على نحو مطابقة نسبة الكلام للواقع، وعلى هذا النحو قول المصنف في تعريف المعاني: علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال أي يطابق صفة اللفظ مقتضى الحال، هذا هو المطابق لعبارات القوم، حيث يجعلون الحذف والذكر # إلى غير ذلك معللة بالأحوال، ولما هو الأليق بالاعتبار؛ لأن الحال عند التحقيق لا يقتضي إلا الخصوصيات دون الكلام المشتمل عليها، والشارح أراد المحافظة على ظاهر مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فوقع في الحكم بأن مقتضى الحال هو الكلام الكلي، والمطابق هو الكلام الجزئي، ومطابقة الجزئي للكلي على عكس اعتبار الميزانيين من مطابقة الكلي للجزئي، فعدل عما هو ظاهر المنقول، وعما هو المعقول، وارتكب كلفة مطابقة الجزئي للكلي، مع أن المحمول بالطبع هو الكلي، واللائق اعتبار مطابقته للجزئي.
(مع فصاحته) قيل خالف في هذا القيد السكاكي فقيل إنه لا يشترط شيئا من فصاحة الكلام في البلاغة، وليس رجوع البلاغة إلى البيان لاشتراطها بالخلو عن التعقيد المعنوي؛ بل لمعرفة أنواع المجاز والكناية وعلاقاتها، لئلا يخرج فيها عن اعتبارات اللغة، وقيل إنه لا يشترط في البلاغة من الفصاحة سوى الخلوص عن التعقيد المعنوي.
صفحه ۱۸۵