أي: رب فرع يزين المتن أسود فاحم بين السواد أثيث كثير كقنو النخلة، هو للنخلة كالعنقود للكرم المتعثكل، بكسر الكاف وفتحها أي ذو عثاكيل، والعثكال كقرطاس: القنو غدائره أي ذوائبه جمع غديرة مستشزرات أي مرتفعات من استشزر أي ارتفع، أو مرفوعات من استشزره أي رفعه إلى العلى، جمع العليا تأنيث الأعلى يريد به أعالي شعرات الرأس، والعقاص جمع عقيصة أو عقصة بكسر العين وسكون القاف، وهي الخصلة المجموعة من الشعر على هيئة الرمانة، والمثنى المفتول والمرسل خلاف المثنى، والعقيصة لا خلاف المثنى كما في الشرح، يريد وصف شعره بالكثرة والطول جدا، حتى انقسم إلى أقسام، وغابت عقاص في مثنى منه ومرسل، وحتى احتاج إلى رفعه إلى العلى، وسيجيء أن مرجع معرفة تنافر الكلمات والحروف هو الحسن، لكن لا اعتماد على كل حسن بل الحاكم النافذ الحكم حسن العربي الذي له سليقة الفصاحة، أو كاسب الذوق السليم، من ممارسة التكلم بالفصيح، والتحفظ عن التكلم بغير الفصيح، وليس التنافر لكمال تباعد الحروف بحسب المخارج، وإلا لكان مرجعه إلى علم المخارج، ولا لقربه كذلك لذلك، ولا لاختلاف الحروف في الأوصاف من الجهر والهمس إلى غير ذلك، وإلا لكان المرجع ضبط أقسام الحروف، وإياك أن تذهب إلى شيء منها إذ الكل مبني على الغفلة عن تعيين مرجع التنافر، وعن كثير من المركبات الفصيحة الملتئمة من المتباعدات، نحو علم وفرح، والملتئمة من المتقاربات نحو جيش وشجى، وعن أنه لا تفاوت بين مستشرف ومستشزر مع تنافر أحدهما، وخلوص الآخر، ومن مال إلى أن اجتماع المقاربات المخارج سبب للتنافر لزمه عدم فصاحة ألم أعهد (¬2) فاجترأ، والتزم، فوقع في تصحيحه # على ما وقع، حتى قال: إعجاز السورة من القرآن لا يتوقف إلا على بلاغتها المتوقفة على فصاحتها، وفصاحتها لا يتوقف على جميع كلماته، بل على فصاحة الأكثر، بحيث يكون غير الفصيح مغمورا فيه مستورا على الذائقة بفصاحة الكلمات الكثيرة، كما يستر الحلاوة الشديدة المرارة القليلة، وبعدم فصاحة كلمة من ذلك الكلام لا يخرج عن الفصاحة، كما أن الكلام العربي لا يخرج عن كونه عربيا، بوقوع كلمة غير عربية، ألا ترى أن القرآن عربي بحكم الشارع، وفيه ألفاظ غير عربية؟ بالرواية عن ابن عباس وعكرمة وإجماع النحاة، على أن نوحا وإبراهيم وغيرهما أعجميات، وذلك لأنه تكلف جدا من غير داع.
وأما ما قال الشارح المحقق من أن فصاحة الكلمات شرط فصاحة الكلام فلا يجوز أن يكون جزء منه غير فصيح، فلا يضره لو تم داعيه إلى جعل ألم أعهد غير فصيح لأنه يخالف في اشتراط فصاحة الكلمات تأوله بأن المراد فصاحتها حكما بأن يكون بحيث لا يحسن بغير الفصيح فيها. وكذا ما قاله من أنه لو كان ألم أعهد غير فصيح فلا أقل من أنه يلزم العجز، أو الجهل على الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، لا يتم لأنه لا يجوز أن يكون إيراده لعجز المخاطب عن فهم معنى لفظ آخر بمعناه، أو لبيان أن غير فصيح في كلام طويل لا يضر بالفصاحة.
قال الشارح: لتعذر ضبط التنافر لم يتعرض لتحقيقه واكتفى فيه بالتمثيل، قلت: لو كان كذلك لم يكتف بقوله:
[والغرابة]
(والغرابة)
نحو ... إلخ، بل كان يعرف الغرابة ومخالفة القياس.
والغرابة
كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال كذا في الشرح. فإن قلت لم لم يكتف بقوله غير ظاهرة المعنى كما في الإيضاح؟ قلت: أراد نصب علامتين للغرابة: عدم ظهور المعنى، وعدم أنس السمع به، ونبه على أن كون الغريب مهجور الأمرين انقباض العقل عنه، لعدم وصوله إلى المقصود منه، ونفور السمع عنه لعدم الشبه به، ولا يخفى أن تعريف الغرابة بهذا لا ينفع غير المتتبع، فلهذا فسر بأن يكون مما يحتاج في معرفته إلى أن يرجع إلى كتب اللغة المبسوطة كتكأكأتم، وافرنقعوا، في قول عيسى بن عمر النحوي حين سقط من الحمار واجتمع الناس عليه: ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة، افرنقعوا عني، أي اجتمعتم، تنحوا عني، أو يكون مما # يحتاج إلى أن يخرج له وجه بعيد كما في قوله:
صفحه ۱۶۴