وأما عدم التقصير في التحقيق والتهذيب والإتيان بأحسن الترتيب فمقبولان لأنفسهما لا يستدعيان داعيا، فمن جعل التعليلين محتملين لكونهما متعلقين بجميع ما ذكر أو منقسمين إليه على ترتيب أو غير ترتيب فكان جواد فهمه مضطربا # محتاجا إلى تأديب. قال الشارح المحقق: ولعمري لقد أفرط المصنف في وصف القسم الثالث بأن فيه حشوا وتطويلا وتعقيدا، حيث صرح به أولا، ولوح به ثانيا، وعرض بوصف مختصره بأنه منقح سهل المأخذ أي لا تطويل فيه ولا حشو ولا تعقيد- بأن في القسم الثالث ذلك- أقول: لعل المبالغة ليست لتزييف المفتاح بل لتعذر شروعه في التصنيف مع وجود المفتاح، وقبول العذر منه يحتاج إلى المبالغة في تحقيقه.
(وأضفت إلى ذلك) المذكور من القواعد والأمثلة والشواهد (فوائد) جمع فائدة وهي ما اكتسبت من علم أو مال (عثرت) اطلعت (في بعض كتب القوم عليها) نبه بإضافة البعض على أن مأخذ فوائده كتب مبهمة لا يطلع عليهما إلا متميز في التتبع، فقد أشار في هذه الفقرة إلى كمال ممارسته كما لو صرح بقوله:
(وزوائد لم أظفر في كلام أحد بالتصريح بها ولا بالإشارة إليها) إلى فطانته ترغيبا في توقير كتابه هذا لأنه وجد شرائط الكمال وهو الممارسة والفطانة وتسميته الملتقطات من كتب القوم فوائد ظاهرة، وتسميته مخترعات خاطره زوائد إما تواضع في الغاية حيث جعلها مستغنى عنها، وإما مبالغة في كمالها حيث جعلها زوائد في الفضل على فوائد
[تسمية الكتاب]
(وسميته تلخيص المفتاح) لأنه تبيين المفتاح باعتبار تعقيداته وتلخيصه وجمع خلاصته باعتبار حشواته وتطويلاته والتلخيص هو التبيين والشرح، والتلخيص على ما في القاموس. (وأنا أسأل الله تعالى) قدم المسند إليه إما للتخصيص إظهارا لوحدته في هذا الدعاء وعدم مشارك له فيه بالتأمين ليستعطف به، كأنه قال في أثناء السؤال: إلهي أجبني وارحم وحدتي، وانفرادي عن الأعوان، أو لينبه على أنه محسود أهل الزمان، حتى لا يساعده أحد في سؤاله، وإما لتقوية الحكم لأن كونه سائلا النفع به من محض الفضل من غير أن ينظر إلى استحقاق كفاية الانتفاع بعد إطرائه في وصف كتابه بما يوجب الانتفاع به، مظنة للإنكار فاندفع ما ذكره الشارح المحقق حيث قال: لا يكون لتقديم المسند إليه هاهنا جهة حسن؛ إذ لا مقتضى للتخصيص ولا للتقوى، على أنه يكفي كون الأصل التقديم (¬1)، ولا مقتضى للعدول عنه جهة للحسن، أما قوله:
صفحه ۱۵۳