(في نظم القرآن أستارها) نظم القرآن تأليف كلماته مترتبة المعاني متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل (¬1)، بخلاف نظم الحروف فإنه تواليها من غير اعتبار معنى يقتضيه، حتى لو قيل مكان ضرب ربض، لم يخل بنظم الحروف، وليس الإعجاز بمجرد الألفاظ وإلا لما كان للطائف العلمين مدخل فيه؛ # لأنها لا تتعلق بنفس اللفظ فلذا اختار النظم على اللفظ. ولأن فيه استعارة لطيفة متضمنة بجعل كلمات القرآن كالدرر، وكذا في الشرح، وفيه أولا: أن النظم ليس مجرد تأليف كلماته على الوجه المذكور؛ بل يكون تأليف أجزائها أيضا، ولا يتم بدون تأليف جملة أيضا، كذلك إذ النظم كما يتعلق بكلام واحد يتعلق بكلامين أو أكثر، فالصواب: والنظم تأليف أجزائه ... إلخ؛ والنظم يتحقق بمجرد ترتيب المعاني من غير تناسق الدلالات إذا لم يكن في الكلام لفظ مجازي كما في سورة قل هو الله أحد (¬1).
وثانيا: أنه لولا الداعي إلى ذكر النظم لقيل عن وجوه الإعجاز في القرآن إذ لا داعي إلى ذكر اللفظ، فالداعي ليس لترجيحه على اللفظ، بل لترجيح ذكره على تركه.
(وكان القسم الثالث من مفتاح العلوم) سمى كتابه مفتاح العلوم لأنه مفتاح للعلوم التسعة التي اشتمل عليها من الصرف والنحو والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والقوافي والعروض والمنطق، أو لأنه مفتاح للعلوم كلها؛ لأنه يورث الناظر فيه قوة يتمكن بها من تحصيل تلك العلوم، وجعلها مفتاحا لها إشارة إلى أن فيض العلم من الفياض الوهاب، والكتاب ليس إلا لفتح باب فيضه لأولي الألباب.
(الذي صنفه الفاضل العلامة أبو يعقوب يوسف السكاكي تغمده الله بغفرانه) (¬2) في التعبير عن جعله مغفورا بتغمده بالغفران إشارة لطيفة إلى تشبيهه بالسيف القاطع في حدة القريحة (أعظم) خبر كان، والعظيم فوق الكبير شيء كما أن مقابله أعني الحقير دون الصغير الذي يقابل الكبير، صرح به الزمخشري في تفسير: ولهم عذاب عظيم (¬3).
صفحه ۱۴۷