الإلحاد والظلم في المسجد الحرام بين الإرادة والتنفيذ

Mohammed bin Saud d. Unknown
21

الإلحاد والظلم في المسجد الحرام بين الإرادة والتنفيذ

الإلحاد والظلم في المسجد الحرام بين الإرادة والتنفيذ

ناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

شماره نسخه

السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ) / (١٩٩٨

سال انتشار

١٩٩٩م

ژانرها

بأحدهم يستجلي الأمر، حتى إذا وقف على هاجر، ورأى الماء عندها، سألها المشاركة فيه، فأبت عليهم ذلك إلا أن يكون أمر الماء إليها، فوافق ذلك هوى في نفوسهم، وهوت أفئدتهم إليها فحطوا عن رحالهم، وأقاموا مشكِّلين بذلك النواة الأولى لمجتمع مكة المكرمة، مما مكن إسماعيل ﵇ عند نشأته، وفي نشأته من تعلم لغتهم، وفنونهم في الفروسية، حتى إذا شب عن الطوق زوجوه منهم. وأخذ الخليل ﵇ يعاود زيارة تركته في ذلك المكان، مرة بعد مرة: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [البقرة ٢٦] . ولم تزل أرض مكة حرمًا آمنًا منذ خلق الله السموات والأرض. وإنما سأل الخليل ﵇ ربه ﵎ أن يجعلها آمنة من الجدب والقحط، وأن يرزق أهلها من الثمرات١. ثم يمضي الله - جل وعلا - في مشيئته، تحقيقًا، وتثبيتًا، فيأمر خليله وابنه إسماعيل، ﵉ برفع قواعد بيته المندثرة، وبنائِه للمرة الثالثة بعد بناء الملائكة، وآدم ﵇. قال تعالى يصف فعلهما: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة ١٢٧] . وكان ذلك كما بينه الله تعالى في كتابه: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران ٩٧] . فالأمن لمن دخله، عرض مغر لأولئك الذين يعيشون الخوف في مجتمعاتهم لا يأمنون على شيء مما يملكون. فإذا اجتاز حدود الحرم إليه استشعر الأمن لنفسه

١ انظر شفاء الغرام - للفاسي - (١/٧٢) .

1 / 144