259

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

پژوهشگر

عمار طالبي

ناشر

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

شماره نسخه

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

سال انتشار

١٩٦٨ ميلادية

ژانرها

لوجهين: الأول أن الكامل لليتيم قد أعلن بكفالته- بلسان حاله- أنه ملتزم لحفظه في بدنه وماله، فهذا عهد منه يطالب بالوفاء به ويسأل عن ذلك الوفاء، الثاني أن الآية في حفظ الأموال وعدم التعدي على ملك أحد، والناس يتعاملون بحكم الضرورة ويبنون تعاملهم على تبادل الثقة والعهود المبذولة من بعضهم لبعض بلسان المقال أو بلسان الحال، فأمروا بالوفاء بالعهد الذي هو أساس للتعامل، وفي ذلك سلامة مال كل أحد من التعدي عليه.
ولا ينافي هذا عموم اللفظ الذي يقتضي الأمر بالوفاء عامًا لأنه باق على عمومه، وإنما يدخل فيه هذان الوجهان المذكوران في ارتباط النظم دخولًا أوليًا. ومن بديع إيجاز القرآن في نظم الآيات أن يؤتي باللفظ مفيدًا للعام ومقويًا للخاص.
الترغيب في الوفاء والترهيب من الخيانة:
﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾
إذا كان مسؤول بمعنى مطلوب، أي مطلوب الوفاء به، فإنه مطلوب في الفطرة وهي الشريعة، فالعباد فطروا على استحسان الوفاء ومطالبة بعضهم بعضًا به، والشرع طالبهم بالوفاء وشرعه لهم ووعدهم الثواب عليه. ففي قوله: ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ ترغيب لهم في الوفاء بحسنه ومشروعيته وحسن الجزاء عليه. ويتضمن هذا الترغيب بالتخويف من ترك الترغيب بالتخويف من ترك المطلوب. وإذا كان مسؤول بمعنى مسؤول عنه فإن المعنى أن الله تعالى يسأل العباد يوم القيامة عن عهودهم هل أوفوا بها ليجازيهم على الوفاء بحسن الجزاء، وعلى الخيانة بالعذاب والإهانة، فينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ويقال هذه غدرة فلان كما جاء في الصحيح. ففي الآية على هذا- أيضًا- ترغيب وترهيب.

1 / 262