آثار البلاد وأخبار العباد
آثار البلاد وأخبار العباد
ناشر
دار صادر
محل انتشار
بيروت
أتعرف قائل هذا الشعر:
ماذا أؤمّل بعد آل محرّقٍ ... تركوا منازلهم وبعد إياد
قال: لا! فقال: توقف يا وكيل في شهادته فإن من كان في قومه رجل له هذه النباهة وهو لا يعرفه أظنه ضعيفًا.
وكتب مسروق بن عبد الله إلى القاضي شريح، وقد دخل زياد ابن أبيه في مرض موته ومنعوا الناس عنه، وكتب إليه: أخبرنا عن حال الأمير فإن القلوب لبطء مرضه مجروحة، والصدور لنا حزينة غير مشروحة! فأجابه القاضي: تركت الأمير وهو يأمر وينهى! فقال: أما تعلمون أن القاضي صاحب تعريض؟ يقول: تركته يأمر الوصية وينهى عن الجزع! وكان كما ظن. والقاضي شريح توفي سنة اثنتين وثمانين عن مائة وعشرين سنة.
وينسب إليها أبو عبد الله سعيد بن جبير، كان الناس إذا سألوا بالكوفة ابن عباس يقول: أتسألونني وفيكم سعيد بن جبير؟ وكان سعيد ممن خرج على الحجاج وشهد دير الجماجم، فلما انهزم ابن الأشعث لحق سعيد بمكة، وبعد مدة بعثه خالد بن عبد الله القسري، وكان واليًا على مكة من قبل الوليد ابن عبد الملك، إلى الحجاج تحت الاستظهار، وكان في طريقه يصوم نهارًا ويقوم ليلًا، فقال له الموكل به: إني لا أحب أن أحملك إلى من يقتلك، فاذهب أي طريق شئت! فقال له سعيد: انه يبلغ الحجاج أنك خليتني وأخاف أن يقتلك! فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: سعيد بن جبير! قال: بل أنت شقي بن كسير! قال: سمتني أمي! قال: شقيت! قال: الغيب يعلمه غيرك! فقال له الحجاج: لأبدلنك من دنياك نارًا تتلظى! فقال سعيد: لو علمت أن ذاك إليك ما اتخذت إلهًا غيرك! قال: ما تقول في الأمير؟ قال: إن كان محسنًا فعند الله ثواب إحسانه، وإن كان مسيئًا فلن يعجز الله! قال: فما تقول في؟ قال: أنت أعلم بنفسك! فقال: تب في علمك! فقال: اذم
1 / 255