أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة
أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة
ژانرها
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم
جامعة الملك عبد العزيز
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
قسم الشريعة والدراسات الإسلامية
أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة
بحث مقدم لاستكمال متطلبات درجة الدكتوراه في الشريعة والدراسات الإسلامية
تخصص عقيدة ودعوة
إعداد الطالب:
إبراهيم بن حسن الحضريتي
إشراف الدكتور:
موفق بن عبد الله بن علي كدسة
أستاذ العقيدة المشارك بقسم الدراسات الإسلامية والشريعة
العام الجامعي: ١٤٤١/ ٢٠٢٠ م
1 / 1
مستخلص الرسالة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي ﷺ.
أما بعد، فهذه الدراسة بعنوان (أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة)، من إعداد الطالب: ابراهيم بن حسن الحضريتي، وهي دراسة مقدمة لجامعة الملك عبد العزيز قسم الشريعة والدراسات الإسلامية تخصص عقيدة ودعوة لإكمال متطلبات درجة الدكتوراه، وهي دراسة مهمة لأنها تتكلم عن قضية مهمة تتعلق بأثر عمل القلب على الداعية في نفسه وعلى دعوته، والدراسة تشتمل على مقدمة وتمهيد وأربعة أبواب، ذكرت في المقدمة مشكلة البحث، وأهدافه، وأهميته، والدراسات السابقة، وذكرت في الباب الأول: أعمال القلوب ومكانتها، وإثبات أثرها وتأثرها من خلال نصوص الكتاب والسنة، ونبذة موجزة عن عقيدة السلف في عمل القلب والمخالفين لهم، وفيه ثلاثة فصول، وذكرت في الباب الثاني: نماذج من أعمال القلوب المؤثرة على الداعية ودعوته، مع ذكر أمثلة تطبيقية من حياة دعاة السلف يظهر فيها أثر عمل القلب عليهم في حياتهم ودعوتهم، وفيه فصلان، وذكرت في الباب الثالث: من آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في نفسه، وفي دعوته، وفيه فصلان، في الفصل الأول: ذكرت أثني عشر مبحثًا تبين آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في نفسه، وفي الفصل الثاني: ذكرت أحد عشر مبحثًا تبين آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في دعوته، وذكرت في الباب الرابع: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على نفسه وعلى دعوته، وفيه فصلان، الفصل الأول: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على نفسه، وفيه خمسة عشر مبحثًا، والفصل الثاني: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على دعوته، وفيه خمسة مباحث، ثم ختمت البحث بأهم النتائج والتوصيات، ومن أهم النتائج التي ظهرت للباحث أن نجاح الداعية في دعوته أو فشله في ذلك يرجع لأسباب على رأسها اهتمام الداعية بصلاح قلبه وسلامته، أو حصول المرض في القلب وفساده، وذكرت توصيات عملية في هذا المجال، والله الموفق والمعين.
1 / 2
إهداء
محمل بالجميل والثناء العاطر إلى والدي الكريمين فقد كان لهما بعد الله أعظم الأثر وأبلغه في تشجيعي على طلب العلم فجزاهم الله عني خير الجزاء وأوفاه، ثم أثني بأسرتي الكريمة وجهدها الكبير في مساندتي على تحمل أعباء البحث وصبرهم على ذلك، وأهدي ثناء عاطرًا لكل من قدم لي توجيهًا وأرشادًا يخدم البحث من قريب أو بعيد.
وإليك أخي الداعية الموفق الذي يسعى في تعليم الناس الخير ودلالتهم عليه، هذا جهد من أخ ناصح يريد لنفسه ولك الفلاح والفوز في طريق الدعوة طريق الأنبياء.
وإلى لكل قاريْ محب للخير أهدي هذا الجهد المتواضع، وأسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل.
1 / 3
شكر وتقدير
الحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات، هداني لهذا وفتح عليّ ووفقني، فله الحمدُ والفضلُ والمنةُ والثناءُ الحسن.
وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
ثم الشكر والتقدير لكل من تعاون معي، وأخص منهم الأستاذ الدكتور أحمد ال سرور الغامدي مرشدي والذي أشرف على البحث فترة من الزمن واستفدت منه كثيرًا فجزاه الله خيرًا، وكذلك الأستاذ الدكتور ياسر الأحمدي الذي شجعني على البحث في هذا الموضوع فجزاه الله خيرًا.
والشكر موصول لفضيلة مشرفي الحالي: الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والدعوة، فضيلة الشيخ الدكتور موفق بن عبد الله كدسة الغامدي، فلقد وقف معي مواقفَ عظيمةً لا أستطيع أن أرد جميلَه، ولكني أحيله على الكريم العظيم فجزاه الله عني خير الجزاء وأوفاه، كما أشكر أصحابَ الفضيلة أساتذتي الفضلاء في قسم العقيدة والدعوة لما لمسته منهم من حرص على الطلاب، وتشجيعٍ كبير لهم فجزاهم الله خيرًا.
كما أتقدم بوافر الشكر وأتمهِ وأكملهِ لصاحبي الفضيلة أعضاء لجنة المناقشة الموقرة:
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ: أبو زيد محمد مكي، أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى، وفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن سعيد آل مدشة الغامدي، أستاذ العقيدة بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة ورئيس قسم العقيدة والدعوة، أشكرهما على تفضلهما بقبول مناقشتي في هذه الرسالة وعلى ما بذلاه من جهد كبير في مطالعتها من أجل إسداء الملاحظات والتصويبات والتوصيات التي ترقى بهذا البحث إلى المستوى المأمول، فجزاهما الله خيرًا، وبارك في علمهما وعملهما.
وأقدم الشكر الوافر لجامعة الملك عبد العزيز بجدة على ما تيسره لطلاب العلم من إمكانات عظيمة.
وأختم هذه الكلمة سائلًا الله أن يتقبل مني هذا العملَ وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم.
1 / 4
المقدمة
إن الحمدَ لله، نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضْلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُه.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد: فإن الاهتمام بأعمال القلوب، وبيان أثرها على الداعية والدعوة، والكتابة فيها من الأهمية بمكان؛ لأن من أعظم أسباب نجاح الدعاة إلى الله تعالى اهتمامَهم بأعمال القلوب وتحقيقَهم لها في أنفسهم، وفي دعوتهم، وما يظهر اليوم من ضعف في أثر الدعوة وتأخرها في ميادين كثيرة من أعظم أسبابه ضعف أعمال القلوب عند الدعاة في أنفسهم، وضعف الاهتمام بها في دعوتهم، ولا ريب أن تتبع هذه الأسباب وبيان آثارها على الداعية ودعوته من الأولويات؛ لأن أمر الدعوة شأنها عظيم، كيف لا وهي رسالة رسل رب العالمين كلهم عليهم الصلاة والسلام! ولهذا
1 / 5
آثرتُ أن يكون موضوع دراستي في مرحلة الدكتوراه يتعلق بأثر أعمال القلوب على الداعية في نفسه وعلى دعوته، وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم.
مشكلة البحث:
تدور هذه الدراسة في مجملها حول أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة، وفق الأسئلة الآتية:
س ١ - ما مكانة أعمال القلوب؟
س ٢ - ما الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات أثر أعمال القلوب؟
س ٣ - ما الأسباب الجالبة لصلاح أعمال القلوب؟
س ٤ - اذكر أمثلة من أعمال القلوب لها أثر على الداعية ودعوته.
س ٥ - اذكر أمثلة من حياة السلف يظهر عليها أثر عمل القلب في أنفسهم وفي دعوتهم.
س ٦ - ما الآثار المترتبة على تحقيق أعمال القلوب على الداعية والدعوة؟
س ٧ - ما الآثار السلبية لإهمال أعمال القلوب على الداعية والدعوة؟
أهداف البحث:
١. بيان أهمية أعمال القلوب ومكانتها.
٢. بيان الآثار العظيمة والثمرات المباركة لتحقيق أعمال القلوب على الداعية والدعوة.
٣. بيان الآثار السلبية لإهمال أعمال القلوب على الداعية والدعوة.
٤. بيان الأسباب الجالبة لصلاح أعمال القلوب.
٥. ذكر أمثلة تطبيقية من حياة علماء السلف، تبين أثر عمل القلب عليهم وعلى دعوتهم.
1 / 6
٦. ذكر نماذج من أعمال القلوب لها تأثير في نجاح الداعية في دعوته.
أهمية البحث:
وتظهر من خلال الآتي:
١ - القلوب وأعمالها هي محل نظر الرب ﷾، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» (^١).
٢ - صلاح الجوارح مرتبط بصلاح القلب، وهذا له أثره الكبير على الداعية والدعوة، قال ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» (^٢).
٣ - إن الاهتمام بأعمال القلوب سبب رئيس من أسباب نجاح الداعية في دعوته.
٤ - إن التقصير في العناية بصلاح أعمال القلوب سبب رئيس من أسباب فشل الداعية في دعوته، أو انحرافه عن المنهج الصحيح.
الدراسات السابقة:
لم أعثر -خلال بحثي في المكتبات وعبر الشبكة العنكبوتية- على دراسة علمية اعتنت بأثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة بطريقة تفصيلية، وهناك بحوث ودراسات كثيرة عن أعمال القلوب، ويمكن تقسيمها إلى عدة أقسام، على النحو التالي:
القسم الأول: دراسات في أعمال القلوب، وربطها بالإيمان، وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في ذلك، مع ذكر الفرق المخالفة والرد عليها، ومن الأمثلة على
_________
(^١) أخرجه مسلم (٤/ ١٩٨٧) ح (٢٥٦٤)، وسيأتي تخريجه.
(^٢) أخرجه البخاري (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩)، وسيأتي تخريجه.
1 / 7
هذا القسم:
أولًا: أعمال القلوب وأثرها في الإيمان، رسالة دكتوراه.
للباحث: محمد دوكوري بن محمد، إشراف: الدكتور أحمد عطية الغامدي، الجامعة الإسلامية، عام ١٤١٧ هـ.
تحدث الباحث عن الأعمال القلبية المحضة، ومما فصل القول فيه الإخلاص والمراقبة، والمحبة والرجاء، والخوف والتقوى .. ثم فصل القول في الأعمال المشتركة بين القلوب وسائر الجوارح من مثل: الصبر والرضا، والشكر والذكر، والحلم والتواضع والحياء.
ثانيًا: أعمال القلوب حقيقتها وأحكامها عند أهل السنة والجماعة وعند مخالفيهم، رسالة دكتوراه.
للباحث: سهل بن رفاع العتيبي، إشراف: الشيخ الدكتور عبد الرحمن البراك، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام ١٤٢٣ هـ، وقد طبعت الرسالة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام ١٤٢٦ هـ وتقع في (١٠٤٦) صفحة.
ذكر الباحث فيها أعمال القلوب: حقيقتها، ومنزلتها من الإيمان، وأهميتها، وأقسامها، وأمراضها، وتحدث عن أحكام أعمال القلوب فذكر فيها: عبودية القلب، والتلازم بين أعمال القلوب، وتفاضلها، وأسبابه … وذكر مذاهب المخالفين في أعمال القلوب والرد عليهم، وفصل القول فيها بذكر مذهب المتكلمين والرد عليهم، ومذهب مرجئة الفقهاء والرد عليهم، ومذهب الصوفية والرد عليهم.
ثالثًا: أعمال القلوب عند الإمام ابن القيم جمعًا ودراسة، رسالة ماجستير.
للباحثة: وفاء بنت زيد العزيري، إشراف: الدكتور محمد بن عبد الله الوهيبي، جامعة الملك سعود، عام ١٤٢٥ هـ.
تحدثت الباحثة -مستشهدة بكلام ابن القيم في قضايا البحث- عن حقيقة أعمال القلوب، ومنزلتها، وأنواعها، والعلاقة بينها وبين الجوارح، ثم تحدثت عن
1 / 8
تفاضل أعمال القلوب، وأسبابه، ودرجات الناس فيها، ثم ذكرت أحكام عبودية القلب، وقسمتها إلى أعمال واجبة ومستحبة ومباحة، وإلى أعمال محرمة ومكروهة، ثم ذكرت موقف ابن القيم من أبرز المخالفين في هذا الباب، وقسمته إلى موقفه من الصوفية، وموقفه من المرجئة.
رابعًا: أعمال القلوب بين المتكلمين والصوفية وموقف أهل السنة منهم، رسالة دكتوراه.
للباحث: مطر سالم بن حميد العازمي، إشراف: أ. د. محمد السيد الجليند، جامعة القاهرة، عام ٢٠١٠ م.
طبعت الرسالة في (٣٦٧) صفحة.
تحدث الباحث في رسالته عن الأعمال القلبية المحضة من مثل: النية والإخلاص والمراقبة، والمحبة والخوف والرجاء، واليقين والتوكل، وذكر الأعمال المشتركة بين القلوب وسائر الجوارح، ومثل لذلك بالصبر والرضا، والشكر والذكر، والزهد والتوبة.
وطريقته في عرض الأعمال: أنه يقرن بين كل عملين أو ثلاثة -كما سبق في الوصف- ثم يعرضها وفق منهج أهل الكلام، وكذلك وفق منهج أهل التصوف، ثم يرد على ذلك، فما وافق الكتاب والسنة أقره، وما خالف بيّن بطلانه، وذلك وفق منهج أهل السنة والجماعة.
خامسًا: أعمال القلوب عند شيخ الإسلام ابن تيمية جمعًا ودراسة، رسالة ماجستير.
للباحث: غزمند مهمتي بن عمر، إشراف: الدكتور محمد بن خليفة التميمي، الجامعة الإسلامية، عام ١٤٣٢ هـ.
والرسالة في (١٠٣٤) صفحة، تحدث فيها الباحث عن مفهوم أعمال القلوب، وأنواعها، ومنزلتها من الإيمان عند شيخ الإسلام، وفصّل القول في دراسة مستفيضة للأعمال القلبية، وذكر أمثلة ونماذج على ذلك، وبيّن تفاضل الناس ودرجاتهم فيها، ثم
1 / 9
ختم البحث بالكلام عن المخالفين لأهل السنة والجماعة في أعمال القلوب، والرد عليهم من كلام شيخ الإسلام.
سادسًا: أعمال القلوب عند الشيخ عبد الرحمن السعدي ﵀ جمعًا ودراسة، رسالة ماجستير.
للباحث: عبد الله بن عبد الرحمن بن ناجي الرحيلي، إشراف: الدكتور ذياب بن مدحل دخيل العلوي، الجامعة الإسلامية، عام ١٤٣٤ هـ.
تحدث الباحث -مستشهدًا بكلام السعدي في قضايا البحث- عن حقيقة القلب، وأقسامه، وأمراضه، ثم بين منزلة أعمال القلوب من الإيمان، وتفاضلها، وأسبابه، ودرجات الناس فيها، ثم فصل القول بدراسة لأعمال القلوب، وذكر تسعة عشر عملًا، ومن ذلك: الإخلاص، المحبة، الخوف والخشية، الرجاء والصدق، التوكل، الصبر، الرضا، اليقين …
ويظهر للمتأمل في هذا القسم الأول أن هذه الرسائل العلمية تتفق -في الغالب- في ثلاث قضايا:
الأولى: حقيقة أعمال القلوب، وأقسامها، وتفاضل أهلها فيها، وعلاقتها بالإيمان.
الثانية: نماذج لأعمال القلوب.
الثالثة: منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع أعمال القلوب، وذكر المخالفين والرد عليهم.
ولا شك أنه -إن شاء الله تعالى- ستتم الإفادة من بعض هذه القضايا المحورية في بحثي؛ ولكن يضيف بحثي إضافة أرى أنها جوهرية، وجديرة بالبحث والتفصيل، وهي ربط هذه القضايا بأثرها على الداعية والدعوة.
القسم الثاني: من اقتصر في دراسته على عمل من أعمال القلوب أو أكثر،
1 / 10
ومن أمثلته:
أولًا: الخوف والرجاء في الكتاب والسنة، رسالة ماجستير.
للباحث: عبد الرحمن سليمان علي الشمسان، إشراف: الدكتور عبد المحسن بن حمد العباد، الجامعة الإسلامية، عام ١٤١١ هـ.
ذكر الباحث الخوف وعرّف به، وذكر أقسامه وأسبابه، ونماذج من الأمور المخوفة. وتكلم عن الرجاء وعرّف به، وذكر درجاته وأسبابه، ثم بيّن الآثار الطيبة لوجود الخوف والرجاء، والآثار السيئة لفقدانهما، ثم عرّج على مسالك الناس في الخوف والرجاء، فذكر منهج أهل السنة والجماعة في ذلك، وقول الخوارج والمرجئة والصوفية.
ثانيًا: الإخلاص حقيقته ونواقضه، رسالة ماجستير.
للباحث: عبد الله بن عيسى الأحمدي، إشراف: أ. د. محمد حسان كسبة، جامعة أم القرى، عام ١٤٢٤ هـ.
وقد طبعت الرسالة في (٦٣٠) صفحة.
تكلم الباحث عن الإخلاص حقيقته وثماره، وعن نواقض الإخلاص.
ثالثًا: اليقين في الاعتقاد حقيقته ونواقضه، رسالة ماجستير.
للباحث: عبد الله بن علي بن عبد الله الرشيد، إشراف: أ. د. سعود بن عبد العزيز العريفي، جامعة أم القرى.
وتقع الرسالة في (٦١٠) صفحة.
تكلم فيها الباحث عن حقيقة اليقين وأنواعه، وأسبابه وثمراته، ونواقضه ومنقصاته، ومفهوم اليقين عند المخالفين.
وعند التأمل في هذا القسم لم أر أنه تعرض لربط أعمال القلوب بالداعية والدعوة، ولذا أرى أن الحاجة ملحة للكتابة في هذا الموضوع، وربط أعمال
1 / 11
القلوب بالداعية والدعوة؛ وبيان آثار ذلك لحاجة الدعاة الماسة للتفصيل في هذه الآثار.
القسم الثالث: من اقتصر في دراسته على تزكية النفس، وتعرض من خلال دراسته لبعض أعمال القلوب وأثرها على تزكية النفس، ومن الأمثلة على هذا القسم:
- منهج الإسلام في تزكية النفس وأثره في الدعوة إلى الله تعالى، رسالة دكتوراه.
للباحث: أنس أحمد كرزون، إشراف: الدكتور أحمد أبو السعادات، جامعة أم القرى، عام ١٤١٥ هـ.
طبعت الرسالة في (٩٢٨) صفحة في مجلدين.
تكلم الباحث عن النفس الإنسانية من ناحية صفاتها وأحوالها، وعرّج على المناهج المختلفة فيها، ثم ذكر الأسس العقدية لتزكية النفس والجوانب العلمية في ذلك، ثم تحدث عن أمراض النفس ومعوقات تزكيتها وجوانب من الانحراف في المفاهيم المتعلقة بتزكيتها، مع بيان الصواب في ذلك، ثم ختم بذكر ثمرات تزكية النفس في المنهج الإسلامي.
في أصل الرسالة كان عنوان البحث: "منهج الإسلام في تزكية النفس وأثره في الدعوة إلى الله"، وعند طباعته للرسالة حذف عبارة: "وأثره في الدعوة إلى الله"؛ لأنه يرى التقارب بين التزكية والدعوة، وفي نظري أن التزكية من أهم مقاصد الدعوة، ولم أر أنه تعرض لأثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة، وعليه فأرى لزامًا أن تسد هذه الثغرة العظيمة بالكتابة فيها، ولا أراني مبالغًا لو قلت: إنها تحتاج لأكثر من دراسة لأهميتها وتعدد جوانبها.
وقد استفدت من هذه الدراسة في وضع جوانب من هيكلة البحث -فجزى الله الجميع خيرًا- والله الهادي إلى سواء السبيل.
1 / 12
والمقصود أن هذه الدراسة تركز على مسألة آثار أعمال القلوب على الداعية والدعوة، ويمكن إجمال الفروق في الأمور التالية:
١ - جمع ما تفرق في مسألة أعمال القلوب وأثرها على الداعية والدعوة.
٢ - ربط أعمال القلوب بالداعية والدعوة.
٣ - أثر تحقيق أعمال القلوب على الداعية والدعوة.
٤ - الآثار المترتبة على إهمال أعمال القلوب على الداعية والدعوة.
منهج البحث:
ستكون الدراسة -إن شاء الله تعالى- قائمة على المنهج الاستقرائي التحليلي، وذلك باستقراء نصوص الكتاب والسنة وأقوال علماء السلف المتعلقة بأعمال القلوب، وتحليلها، وربطها بالداعية والدعوة، وبيان آثارها إيجابًا أو سلبًا.
حدود البحث:
سيكون البحث -بعون الله وتوفيقه- في أثر أعمال القلوب على الداعية والدعوة، وذلك في حدود هيكل البحث المذكور في العنصر التالي.
هيكل البحث:
يشتمل البحث على: مقدمة، وتمهيد، وأربعة أبواب، وخاتمة، وذلك على النحو الآتي:
المقدمة: تحتوي على مشكلة البحث، وأهدافه، وأهميته، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وحدوده، وهيكله.
التمهيد ويشمل التعريف بمصطلحات عنوان البحث وما يتعلق به، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: التعريف بمصطلحات العنوان.
1 / 13
المسألة الثانية: فضائل الدعوة.
المسألة الثالثة: فضائل الداعية.
الباب الأول: أعمال القلوب مكانتها، تأثرها وأثرها من خلال نصوص الكتاب والسنة، وموقف السلف والمخالفين منها، وأسباب صلاحها، وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: أعمال القلوب: مكانتها، تأثرها وأثرها، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مكانة أعمال القلوب في الكتاب والسنة، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: نصوص القرآن الكريم في بيان مكانة أعمال القلوب، وفيه فرعان:
الفرع الأول: مكانة أعمال القلوب التي يحبها الله.
الفرع الثاني: خطر أعمال القلوب التي يبغضها الله.
المطلب الثاني: نصوص السنة النبوية في بيان مكانة أعمال القلوب.
المبحث الثاني: النصوص من الكتاب والسنة في بيان أثر عمل القلب وتأثره، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: من نصوص القرآن الكريم في إثبات أثر عمل القلب وتأثره.
المطلب الثاني: من نصوص السنة في إثبات أثر عمل القلب.
الفصل الثاني: أعمال القلوب بين السلف والمخالفين لهم، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مجمل معتقد أهل السنة والجماعة في أعمال القلوب.
المبحث الثاني: مجمل قول المخالفين لأهل السنة والجماعة في أعمال القلوب.
المبحث الثالث: مجمل الرد على المخالفين لأهل السنة والجماعة في أعمال القلوب.
الفصل الثالث: أسباب صلاح القلب، وفيه مبحثان:
1 / 14
المبحث الأول: الأسس العقدية لصلاح أعمال القلوب، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: التوحيد.
المطلب الثاني: الإيمان بالملائكة والكتب والرسل.
المطلب الثالث: الإيمان بالقضاء والقدر.
المطلب الرابع: الإيمان باليوم الآخر.
المبحث الثاني: الأسس التعبدية لصلاح أعمال القلوب، وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: التقرب إلى الله بالفرائض، وعلى رأسها الصلاة الخاشعة، وأثرها على القلب.
المطلب الثاني: الزكاة، وأثرها على القلب.
المطلب الثالث: الصيام، وأثره على القلب.
المطلب الرابع: الحج، وأثره على القلب.
المطلب الخامس: الدعاء، وأثره على القلب.
المطلب السادس: التقرب إلى الله بالنوافل.
الباب الثاني: نماذج من أعمال القلوب المؤثرة على الداعية ودعوته، مع ذكر أمثلة تطبيقية من حياة دعاة السلف، وفيه فصلان:
الفصل الأول: نماذج من أعمال القلوب التي لها أثر على الداعية ودعوته، وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: الإخلاص.
المبحث الثاني: اليقين.
المبحث الثالث: الصبر.
1 / 15
المبحث الرابع: الرضا
المبحث الخامس: المحبة.
المبحث السادس: الخوف والخشية.
المبحث السابع: الرجاء.
المبحث الثامن: التوكل.
المبحث التاسع: التقوى.
المبحث العاشر: الورع.
الفصل الثاني: أمثلة وتطبيقات على بعض دعاة علماء السلف وأثر عمل القلب عليهم وعلى دعوتهم، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مواقف من حياة الإمام أحمد عليه رحمة الله، يظهر فيها أثر أعمال القلوب عليه وعلى دعوته، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: أثر عمل القلب على طلبه للعلم، وتعليمه للناس، وفيه فرعان:
الفرع الأول: أثر عمل القلب في طلبه للعلم.
الفرع الثاني: تعليمه العلم للناس وبذله لطالبه، وما تركه للأمة من مؤلفات.
المطلب الثاني: ورعه وزهده في الدنيا وتعلق القلب بالآخرة، وكثرة ذكره وعبادته، وفيه فرعان:
الفرع الأول: ورعه وزهده وتعلق القلب بالآخرة.
الفرع الثاني: تعلق القلب بالله وكثرة الذكر والعبادة.
المطلب الثالث: أثر عمل القلب على ثبات الإمام أحمد على عقيدة السلف، وصبره على ما لقيه في ذلك.
المطلب الرابع: أثر عمل القلب على حسن خلقه ﵀، وعفوه عمن آذوه.
1 / 16
المبحث الثاني: مواقف من حياة الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله، يظهر فيها أثر أعمال القلوب عليه وعلى دعوته، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: أثر عمل القلب على طلبه للعلم، وتعليمه للناس، وفيه فرعان:
الفرع الأول: أثر عمل القلب في طلبه للعلم.
الفرع الثاني: تعليمه العلم للناس وبذله لطالبه، وما تركه للأمة من مؤلفات.
المطلب الثاني: ورعه وزهده في الدنيا وتعلق القلب بالآخرة، وكثرة ذكره وعبادته، وفيه فرعان:
الفرع الأول: ورعه وزهده وتعلق القلب بالآخرة.
الفرع الثاني: تعلق القلب بالله وكثرة الذكر والعبادة.
المطلب الثالث: أثر عمل القلب على ثبات الإمام ابن تيمية على عقيدة السلف، وصبره على ما لقيه في ذلك.
المطلب الرابع: أثر عمل القلب على حسن خلقه ﵀، وعفوه عمن آذوه.
المطلب الخامس: أثر عمل القلب على نظرته التفاؤلية للمستقبل، وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
المبحث الثالث: مواقف من حياة الإمام محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله، يظهر فيها أثر أعمال القلوب عليه وعلى دعوته، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: أثر عمل القلب على طلبه للعلم، وتعليمه للناس، وفيه فرعان:
الفرع الأول: أثر عمل القلب في طلبه للعلم.
الفرع الثاني: أثر عمل القلب على تعليمه للناس الخير وعلى رأس ذلك التوحيد، وإنكاره للشرك أينما حل، وما تركه للأمة من مؤلفات.
المطلب الثاني: أثر عمل القلب على ثبات الإمام محمد بن عبد الوهاب على
1 / 17
عقيدة السلف، وصبره على ما لقيه في سبيل دعوته.
المطلب الثالث: أثر عمل القلب على حسن خلقه ﵀، وسلامة قلبه، وعفوه عمن آذوه.
المطلب الرابع: أثر عمل القلب على نظرته التفاؤلية للمستقبل، وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
الباب الثالث: من آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في نفسه، وفي دعوته، وفيه فصلان:
الفصل الأول: من آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في نفسه، وفيه اثنا عشر مبحثًا:
المبحث الأول: سلامة المقصد وخلوصه لله وحده.
المبحث الثاني: الشعور بمعية الله ورعايته له.
المبحث الثالث: الشعور بتوفيق الله وإعانته له.
المبحث الرابع: اليقين بنصر الله تعالى لدينه.
المبحث الخامس: التفاؤل وعدم اليأس.
المبحث السادس: تعلق القلب بالله تعالى.
المبحث السابع: الزهد في الدنيا وتعلق القلب بالآخرة.
المبحث الثامن: طمأنينة القلب وقوته.
المبحث التاسع: الرضا بما يلقاه في ذات الله تعالى.
المبحث العاشر: المسارعة في فعل القربات.
المبحث الحادي عشر: الثبات.
1 / 18
المبحث الثاني عشر: الفوز والنجاة في الآخرة.
الفصل الثاني: من آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في دعوته، وفيه أحد عشر مبحثًا:
المبحث الأول: الإخلاص لله في الدعوة، والتجرد من حظوظ النفس.
المبحث الثاني: الاهتمام العظيم بعقيدة التوحيد.
المبحث الثالث: الدعوة إلى الله على بصيرة.
المبحث الرابع: الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة.
المبحث الخامس: الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة.
المبحث السادس: المجادلة بالتي هي أحسن.
المبحث السابع: الحرص على هداية الناس.
المبحث الثامن: الرحمة والشفقة بالمدعوين.
المبحث التاسع: إقبال الناس على دعوته.
المبحث العاشر: نبذ أسباب التفرق والاختلاف.
المبحث الحادي عشر: التأييد والتمكين في الأرض.
الباب الرابع: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على نفسه وعلى دعوته، وفيه فصلان:
الفصل الأول: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على نفسه، وفيه خمسة عشر مبحثًا:
المبحث الأول: التعلق بمطامع الدنيا والتنازل عن الأصول من أجلها.
المبحث الثاني: قسوة القلب وتسلط الشيطان.
1 / 19
المبحث الثالث: اتباع الهوى، والوقوع في فتنة الشبهات والشهوات.
المبحث الرابع: التطلع إلى الرياسة للمكاسب الدنيوية.
المبحث الخامس: الركون إلى الكفار والظلمة.
المبحث السادس: الهزيمة النفسية.
المبحث السابع: لبس الحق بالباطل وكتمانه.
المبحث الثامن: العُجْب، والرياء والسمعة، والكبر.
المبحث التاسع: الاستعجال.
المبحث العاشر: الضيق والتبرم من النصيحة، وعدم حب الناصحين.
المبحث الحادي عشر: تتبع العثرات، وتصيد الهفوات، والفرح بزلات الآخرين.
المبحث الثاني عشر: البخل والشح والعجز والكسل والجبن والهم والحزن.
المبحث الثالث عشر: الخذلان وقلة التوفيق.
المبحث الرابع عشر: الغفلة عن الآخرة.
المبحث الخامس عشر: الخسارة في الآخرة.
الفصل الثاني: من آثار إهمال الداعية لأعمال القلوب على دعوته، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: التفرق والاختلاف والتنازع وذهاب الريح.
المبحث الثاني: تسلط الأعداء على الأمة.
المبحث الثالث: تسلط أعداء الأمة على الدعاة، وتنفير الناس من دعوتهم.
المبحث الرابع: نفور الناس من الدعاة، وتفرقهم عنهم.
المبحث الخامس: تأخر النصر.
1 / 20