التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
ژانرها
- قَوْلُهُ (مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيْمَةً فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ): قَدْ تَكُوْنُ جُمْلَةً خَبَرِيَّةً، أَيْ: مَعْنَاهَا الإِخْبَارُ بِأَنَّ اللهَ لَا يُتِمُّ لَهُ أَمْرَهُ، وَقَدْ يَكُوْنُ مَعْنَاهَا إِنْشَائِيًّا، أَيْ: مَعْنَاهَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُتِمَّ اللهُ لَهُ أمْرَهُ.
- تَعْلِيْقُ التَّمَائِمِ فِيْهِ خَلَلٌ مِنْ جَانِبِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ حَيْثُ جَعَلَ نَصِيْبًا لِغَيْرِهِ تَعَالَى مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ عِيْسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى؛ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَبِي مَعْبَدِ الجُهَنِيِّ أَعُوْدُهُ - وَبِهِ حُمْرَةٌ -، فَقُلْنَا: أَلَا تُعَلِّقُ شَيْئًا؟ قَالَ: المَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ). (١)
- إِنَّ مَنْ لَبِسَ الحَلْقَةَ وَنَحْوَهَا مِنَ التَّمَائِمَ - لِدَفْعِ العَيْنِ - لَهُ حَالَانِ:
١) إِنِ اعْتَقَدَ لَابِسُهَا أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ بِنَفْسِهَا دُوْنَ اللهِ؛ فَهَذَا شِرْكٌ فِي الرُّبُوْبِيَّةِ، حَيْثُ اعْتَقَدَ شَرِيْكًا مَعَ اللهِ فِي الخَلْقِ وَالتَّدْبِيْرِ، وَهُوَ أَيْضًا شِرْكٌ فِي العُبُوْدِيَّةِ حَيْثُ عَلَّقَ بِهَا قَلْبَهُ طَمَعًا وَرَجَاءً لِلنَّفْعِ.
٢) إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا سَبَبٌ فَقَط، فَهُوَ مُشْرِكٌ شِرْكًا أَصْغَرًا - وَعَلَيْهِ حَدِيْثُ البَابِ (٢) - وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ أَنَّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا وَتَعَلَّقَ بِهِ؛ فَقَدْ شَابَهَ المُشْرِكِيْنَ مِنْ جِهَةِ الهَيْئَةِ (٣)، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ ذِكْرُ القَاعِدَةِ هُنَاكَ. (٤)
- إِنَّ جَعْلَ أَيِّ شَيْءٍ سَبَبًا إِنَّمَا يَكُوْنُ بِطَرِيْقَيْنِ فَقَط:
١) عَنْ طَرِيْقِ الشَّرْعِ: بِأَنْ يَثْبُتَ فِي الشَّرْعِ كَوْنُهُ سَبَبًا لِأَمْرٍ مَا، وَذَلِكَ كَالعَسَلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيْهِ: ﴿فِيْهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ (النَّحْل:٦٩)، وَكَقِرَاءَةِ القُرْآنِ فَفِيْهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَلَا يَزِيْدُ الظَّالِمِيْنَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (الإِسْرَاء:٨٢)، وَكَالحَبَّةِ السَّوْدَاءُ وَ.....
٢) عَنْ طَرِيْقِ القَدَرِ: أَيْ: مَا قَدَّرَهُ اللهُ كَوْنًا أَنَّهُ سَبَبٌ، وَهُوَ مَا عُلِمَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالحِسِّ، كَمَا إِذَا جَرَّبْنَا هَذَا الشَّيْءَ فَوَجَدْنَاهُ نَافِعًا فِي هَذَا الأَلَمِ أَوِ المَرَضِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ أَثَرُهُ ظَاهِرًا مُبَاشِرًا. (٥)
_________
(١) حَسَنٌ لِغَيْرِهِ. التِّرْمِذِيُّ (٢٠٧٢) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّعْلِيْقِ -. صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ (٣٤٥٦).
(٢) كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ المُصَنِّفُ فِي المَسْأَلَةِ التَّاسِعَةِ.
(٣) وَأَيْضًا قَدْ شَارَكَ اللهَ تَعَالَى فِي الحُكْمِ لِهَذَا الشَّيْءِ بِأَنَّهُ سَبَبٌ، وَاللهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْهُ سَبَبًا.
(٤) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي الصَّحِيْحَةِ (١/ ٤٩١): (وَلَمْ يَقِفِ الأَمْرُ بِبَعْضِهِم عِنْدَ مُجَرَّدِ المُخَالَفَةِ، بَلْ تَعَدَّاهُ إِلَى التَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى! فَهَذَا الشَّيْخُ الجَزُوْلِيُّ - صَاحِبُ (دَلَائِلِ الخَيْرَاتِ) - يَقُوْلُ فِي الحِزْبِ السَّابِعِ فِي يَوْمِ الأَحَدِ (ص١١١ طَبْعُ بُوْلَاق): (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، مَا سَجَعَتِ الحَمَائِمُ، وَحَمَتِ الحَوَائِمُ، وَسَرَحَتِ البَهَائِمُ، وَنَفَعَتِ التَّمَائِمُ)! وَتَأْوِيْلُ الشَّارِحِ لِـ (الدَّلَائِلِ) بِأَنَّ (التَّمَائِمَ) جَمْعُ تَمِيْمَةٍ؛ وَهِيَ الوَرَقَةُ الَّتِيْ يُكْتَبُ فِيْهَا شَيْءٌ مِنَ الأَسْمَاءِ أَوِ الآيَاتِ، وَتُعَلَّقُ عَلَى الرَّأْسِ مَثَلًا لِلتَّبَرُّكِ).
(٥) وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِئَلَّا يَقُوْلَ قَائِلٌ: أَنَا جَرَّبْتُ هَذَا وَانْتَفَعْتُ بِهِ - وَهُوَ لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرًا - كَالحَلْقَةِ، فَقَدْ يَلْبَسُهَا إِنْسَانٌ - وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا نَافِعَةٌ - فَيَنْتَفِعُ! لِأَنَّ الانْفِعَالَ النَّفْسِيَّ لِلشَّيْءِ لَهُ أَثَرٌ بَيِّنٌ.
1 / 39