229

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

ژانرها

الشَّرْحُ
- قَالَ فِي المُعْجَمِ الوَسِيْطِ: «كَهَنَ) لَهُ كِهَانَةً؛ أَخْبَرَهُ بِالغَيْبِ؛ فَهُوَ كَاهِنٌ). (١)
وَفِي القَامُوْسِ المُحِيْطِ: (تَكَهَّنَ: قَضَى لَهُ بِالغَيْبِ). (٢)
- الكَاهِنُ يَجْتَمِعُ مَعَ السَّاحِرِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَخْدِمُ الجِنَّ لِغَرَضِهِ وَيَسْتَمْتِعُ بِهِ.
- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ وَلِمَا قَبْلَهُ؛ هُوَ أَنَّ الكَاهِنَ كَافرٌ، وَأَنَّ الكِهَانَةَ شِرْكٌ، وَذَلِكَ مِنْ جِهَتَيْنٍ:
١) مِنْ جِهَةِ دَعْوَى مُشَارَكَةِ اللهِ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ بِالغَيْبِ؛ وَهَذَا اخْتَصَّ بِهِ سُبْحَانَهُ. (٣)
٢) مِنْ جِهَةِ التَّقَرُّبِ إِلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى مِنَ الجِنِّ؛ وَدُعَائِهِم وَعِبَادَتِهِم.
وَقَدْ جَعَلَهُم جَابِرٌ ﵁ مِنَ الطَّوَاغِيْتِ - كَمَا سَبَقَ فِي الأَبْوَابِ -، فَهُم طَوَاغِيْتُ لِأَنَّهُم تَجَاوَزُوا حَدَّهُم فَنَازَعُوا اللهَ تَعَالَى فِي صِفَاتِهِ مِنْ عِلْمِ الغَيْبِ وعِلْمِ مَا فِي الصُّدُوْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُوْنَ أَيَّانَ يُبْعَثُوْنَ﴾ (النَّمْل:٦٥).
- قَوْلُهُ (فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ): أَيْ: بِالقُرْآنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُوْنَ أَيَّانَ يُبْعَثُوْنَ﴾ (النَّمْل:٦٥).
- أَثَرُ ابْنِ مَسْعُوْدٍ المَوْقُوْفُ هُوَ بِلَفْظِ (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ سَاحِرًا أَوْ كَاهِنًا؛ فَسَأَلَهُ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، وَلَهُ حُكْمُ الرَّفعِ، كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي): (إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، ومِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْي). (٤)
- قَوْلُهُ (لَيسَ مِنَّا): إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الكَبَائِرِ، وَالكَبَائِرُ مِنْهَا مَا قَدْ يَكُوْنُ كُفْرًا مُخْرِجًا مِنَ المِلَّةِ، وَمِنْهُ مَا قَدْ يَكُوْنُ مَعْصِيَةً كَبِيْرَةً.
- أَبُو يَعْلَى: هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ؛ المَوْصِلِيُّ -نِسْبَةً إِلَى المَوْصِل - صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ كَالمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ، (ت ٣٠٧هـ).

(١) المُعْجَمُ الوَسِيْطُ (٨٠٣/ ٢)
(٢) القَامُوْسُ المُحِيْطُ (ص١٢٢٨).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الفَتْحِ (٢١٦/ ١٠): (وَالكَهَانَةُ - بِفَتْحِ الكَافِ وَيَجُوْزُ كَسْرُهَا- ادِّعَاءُ عِلْمِ الغَيْبِ؛ كَالإِخْبَارِ بِمَا سَيَقَعُ فِي الأَرْضِ مَعَ الاسْتِنَادِ إِلَى سَبَبٍ، وَالأَصْلُ فِيْهَا اسْتِرَاقُ السَّمْعِ مِنْ كَلَامِ المَلَائِكَةِ، فَيُلْقِيْهِ فِي أُذُنِ الكَاهِنِ.
وَالكَاهِنُ لَفْظٌ يُطْلَقُ عَلَى العَرَّافِ وَالَّذِيْ يَضْرِبُ بِالحَصَى وَالمُنَجِّمِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ يَقُوْمُ بِأَمْرٍ آخَرَ وَيَسْعَى فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ.
وَقَالَ فِي المُحْكَمِ: الكَاهِنُ: القَاضِي بِالغَيْبِ، وَقَالَ فِي الجَامِعِ: العَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَنْ أَذِنَ بِشَيْءٍ قَبْلَ وُقُوْعِهِ كَاهِنًا).
(٣) وَتَأَمَّلْ قَوْلَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ ﵂ فِي حَقِّ الرَّسُوْلِ ﷺ (وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُوْنُ فِي غَدٍ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُوْلُ: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ﴾). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٤٨٥٥)، وَمُسْلِمٌ (١٧٧)، حَيْثُ جَعَلَتْ ادِّعَاءَ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ افْتِرَاءً عَظِيْمًا عَلَى اللهِ تَعَالَى؛ وَلَيْسَ فَقَطْ عَلَى الرَّسُوْلِ، وَمَا ذَاكَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - إِلَّا لِأَنَّ الشِّرْكَ مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي صِفَاتِهِ هُوَ تَنَقُّصٌ لِلرَّبِّ ﷾.
(٤) (٢١٧/ ١٠).

1 / 229