الشَّرْحُ
- السِّحْرُ لُغَةً: كُلُّ مَا لَطُفَ مَأْخَذُه وَدَقَّ. (١)
وَشَرْعًا: (عَزَائِمُ (٢) وَرُقَى وَعُقَدُ تُؤَثِّرُ فِي الأَبْدَانِ وَالقُلُوْبِ فَيُمْرِضُ وَيَقْتُلُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوجِهِ وَيَأخُذُ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ عَنْ صَاحِبِهِ). (٣)
وَفِي هَذَا البَابِ لَنْ نَتَعَرَّضَ لِلمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَإِنَّمَا لِلشَّرْعِيِّ الَّذِيْ يَكُوْنُ مِنْ جِنْسِ الشِّرْكِ وَالاسْتِعَانَةِ بِالشَّيَاطِيْنِ.
- مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ السِّحْرِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ أَنَّ السِّحْرَ نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ.
- السِّحْرُ لَا خَيْرَ فِيْهِ بَلْ كُلُّهُ فَسَادٌ، وَتَأَمَّلْ كَوْنَ عُمَرَ سَمَّى الجِبْتَ سِحْرًا، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَيَتَعَلَّمُوْنَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ (البَقَرَة:١٠٢)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ عَنْ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوْسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِيْنَ﴾ (يُوْنُس:٨١).
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾: أَيْ: أَخَذَ السِّحْرَ وَبَذَلَ تَوْحِيْدَهُ عِوَضًا.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يُؤْمِنُوْنَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوْتِ﴾: قَالَ عُمَرُ: (الجِبْتُ: السِّحْرُ) هَذَا فِي ذَمِّ أَهْلِ الكِتَابِ، لِأَنَّ السِّحْرَ يَكْثُرُ فِي اليَهُوْدِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِيْنُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾، وَجَعْلُهُ إِيْمَانًا هُوَ دَلِيْلُ كُفْرِ مَنْ تَعَاطَاهُ.
- تَفْسِيْرُ عُمَرَ الجِبْتَ بِالسِّحْرِ؛ وَالطَّاغُوْتَ بِالشَّيْطَانِ هُوَ مِنْ بَابِ التَّفْسِيْرِ بِالمِثَالِ، وَكَذَا تَفْسِيْرُ جَابِرٍ ﵃.
- قَوْلُهُ (المُوْبِقَات): أَي المُهْلِكَات، وَالهَلَاكُ فِي الدُّنْيَا بِالعِقَابِ وَالحَدِّ، وَفِي الآخِرَةِ لِمَا لَهُ مِنَ الوَعِيْدِ بِالعَذَابِ.
- قَوْلُهُ (وَأَكْلُ الرِّبَا): خَصُّهُ بِالأَكْلِ؛ لَيْسَ حَصْرًا لِوَجْهِ النَّهْي، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ عَلَى الغَالِبِ، لِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوْهِ الانْتِفَاعِ هُوَ الأَكْلُ، وَكَذَا أَكْلُ مَالِ اليَتِيْمِ.
- الرِّبَا (٤): الزِّيَادَةُ، وَحُكْمُهُ شَرْعًا أَنَّهُ كَبِيْرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوْسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُوْنَ وَلَا تُظْلَمُوْنَ﴾ (البَقَرَة:٢٧٩).
(١) لِسَانُ العَرَبِ (٣٤٨/ ٤).
(٢) العَزَائِمُ: هِيَ القِرَاءَةُ وَالرُّقَى.
(٣) قَالَهُ المُوَفَّقُ ابْنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ ﵀ (ت ٦٢٠هـ) فِي كِتَابِهِ (الكَافِي فِي فِقْهِ الإِمَامِ أَحْمَدَ) (٦٤/ ٤).
(٤) وَمَادَّةُ مَوْضُوْعِ الرِّبَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كِتَابِ (الوَجِيْزُ) (ص٣٤٦) لِلشَّيْخِ عَبْدِ العَظِيْمِ بْنِ بَدَوِيِّ حَفِظَهُ اللهُ، وَمِنْ كِتَابِ (الدَّرَاريُّ المَضِيَّةُ) (٢٥٩/ ٢) لِلشَّوْكَانِيِّ ﵀.
1 / 198