التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Khaldoun Naguib d. Unknown
15

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

ژانرها

- فَائِدَة ١) إنَّ الحَدِيْثَ فِيْهِ بَيَانُ مَغْفِرَةِ اللهِ تَعَالَى لِلذُّنُوْبِ وَلَوْ كَانَتْ بِمِقْدَارِ الأَرْضِ، ولَكِنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأُمُوْرٍ: ١) أَنْ لَا يُشْرِكَ بِاللهِ تَعَالَى شَيْئًا. (١) ٢) أَنْ يَمُوْتَ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ (لَقِيْتَنِيْ). ٣) أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالمَشِيْئَةِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُوْنَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (النِّسَاء:٤٨). - فَائِدَة ٢) اعْلَمْ أَنَّ مَا أَضَافَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: (٢) ١) مَا كَانَ عَيْنًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ؛ فَهُوَ مَخْلُوْقٌ، وَالإِضَافَةُ فِيْهَا لَهَا حَالَتَانِ: أ) عَامَّةٌ: مِنْ بَابِ إِضَافَةِ المَخْلُوْقِ إِلَى خَالِقِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيْعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُوْنَ﴾ (الجَاثِيَة:١٣)، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُوْنِ﴾ (العَنْكَبُوْت:٥٦). ب) خَاصَّةٌ: لِلتَّشْرِيْفِ - رُغْمَ كَوْنِهِ مَشْمُوْلًا بِعُمُوْمِ الإِضَافَةِ السَّابِقَةِ ذِكْرُهَا -؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيْمَ مَكَانَ البَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِيْنَ وَالرُّكَّعِ السُّجُوْدِ﴾ (الحَجّ:٢٦)، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ عِيْسَى ﵇ ﴿وَرُوْحٌ مِنْهُ﴾ (النِّسَاء:١٧١)، فَهَذِهِ الإِضَافَةُ أَيْضًا لِلتَّشْرِيْفِ وَالتَّزْكِيَةِ. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا﴾ (الشَّمْس:١٣). ٢) مَا كَانَ وَصْفًا (أَوْ مَعْنَىً) لِعَيْنٍ مَخْلُوْقَةٍ يَقُوْمُ بِهَا ذَلِكَ المَعْنَى، وَهَذَا القِسْمُ مَخْلُوْقٌ أَيْضًا. (٣) ٣) مَا كَانَ وَصْفًا (أَوْ مَعْنَىً) لَا يَقُوْمُ بِغَيْرِهِ تَعَالَى، كَالمَحَبَّةِ وَالكَلَامِ وَالرِّضَى وَالغَضَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قَالَ يَا مُوْسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِيْنَ﴾ (الأَعْرَاف:١٤٤)، فَالرِّسَالَةُ وَالكَلَامُ أُضِيْفَتَا إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى المَوْصُوْفِ، فَهِيَ لَيْسَتْ عَيْنًا، وَلَا صِفَةً قَائِمَةً بِمَخْلُوْقٍ، فَتَكُوْنُ هَذِهِ الصِّفَةُ غَيْرَ مَخْلُوْقَةٍ، لِأَنَّهَا صِفَةُ الخَالِقِ تَعَالَى. (٤)

(١) وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّوْحِيْدَ هُوَ سَبَبُ الشَّفَاعَاتِ، فَكُلَّمَا قَوِيَ التَّوْحِيْدُ كُلَّمَا زَادَتِ الشَّفَاعَةُ فِي حَقَّهِ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (٩٩) مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ). (٢) بِتَصَرُّفٍ مِنْ كِتَابِ (الجَوَابُ الصَّحِيْحُ لِمَنْ بَدَّلَ دِيْنَ المَسِيْحِ) (٧١/ ٤) لِشَيْخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَسَبَبُ الاشْتِبَاهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ المَسَائِلِ هُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّعْبِيْرُ لُغَةً عَنِ المَفْعُوْلِ بِالصِّفَةِ. فَالمَطَرُ مَفْعُوْلٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى يَرْحَمُ بِهِ عِبَادَهُ، وَيَصِحُّ بِذَلِكَ وَصْفُ المَطَرِ بِأَنَّهُ رَحْمَةُ اللهِ، فَهُوَ مَخْلُوْقٌ وَلَيْسَ بِصِفَةٍ لَهُ سُبْحَانَهُ، وكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُوْنِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِيْنَ مِنْ دُوْنِهِ بَلِ الظَّالِمُوْنَ فِي ضَلَالٍ مُبِيْنٍ﴾ (لُقْمَان:١١). وَقَدْ أَشَارَ البُخَارِيُّ ﵀ إِلَى ذَلِكَ في صَحِيْحِهِ (١٣٤/ ٩) فَقَالَ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الخَلَائِقِ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ ﵎ وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلَامِهِ؛ وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيْقِهِ وَتَكْوِيْنِهِ فَهُوَ مَفْعُوْلٌ مَخْلُوْقٌ مُكَوَّنٌ). (٣) قُلْتُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوْسَى ﵇ ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ (طَه:٣٩)، فَهَذِهِ المَحَبَّةُ الَّتِيْ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى فِي قُلُوْبِ النَّاسِ لِمُوْسَى ﷺ أَضَافَهَا اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فَهِي لِلتَّشْرِيْفِ وَالتَّزْكِيَةِ، وَهِيَ مَعْنىً قَائِمٌ فِي قُلُوْبِ النَّاسِ. (٤) وَانْظُرْ كِتَابَ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (٧٥/ ١) للشَّيْخِ ابْنِ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَفِيْهِ أَيْضًا: (فَالأَعْيَانُ القَائِمَةُ بِنَفْسِهَا وَالمتَّصِلُ بِهَا (مِنَ الصِّفَاتِ) مَخْلُوْقَةٌ، وَالوَصْفُ الَّذِيْ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ عَيْنٌ تَقُوْمُ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُوْنُ مِنْ صِفَاتِ اللهِ، وَصِفَاتُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقَةٍ).

1 / 15