92

Assisting the Beneficiary by Explaining the Book of Monotheism

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الطبعة الثالثة

سال انتشار

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

ژانرها

وفي الحديث قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، فسئل عنه، فقال: "الرياء". ــ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ من الخُلَّة، وهي أعلى درجات المحبة، أي: أن الله يحبه أعلى المحبة، وهذه مرتبة لم ينلها إلاَّ إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام. قوله: " ﴿وَاجْنُبْنِي﴾ " أي أبعدني واجعلني في جانب بعيد " ﴿أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾ " خاف من عبادتها. مع هذه المنزلة العظيمة التي نالها إبراهيم ﵇ من ربه، ومع أنه قاوم الشرك وكسر الأصنام بيده، وتعرض لأشد الأذى في سبيل ذلك حتى ألقي في النار، مع ذلك خاف على نفسه من الوقوع في الشرك، لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، والحي لا تؤمن عليه الفتنة، ولهذا قال بعض السلف: "ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ "، فإبراهيم خاف على نفسه الوقوع في الشرك لما رأى كثرة وقوعه في الناس، وقال عن الأصنام: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ . وفي هذا أبلغ الرد على هؤلاء الذين يقولون: لا خوف على المسلمين من الوقوع في الشرك بعدما تعلموا وتثقفوا، لأن الشرك بعبادة الأصنام شرك ساذج يترفع عنه المثقف والفاهم، وإنما الخوف على الناس من الشرك في الحاكمية، ويركزون على هذا النوع خاصة، وأما الشرك في الألوهية والعبادة فلا يهتمون بإنكاره، وعلى هذا يكون الخليل ﵇ وغيره من الرسل إنما ينكرون شركًا ساذجًا!!، ويتركون الشرك الخطير وهو شرك الحاكمية كما يقول هؤلاء. قال: "وفي الحديث" أي الحديث الذي رواه أحمد والطبراني والبيهقي أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، الرسول ﷺ يقول لأبي بكر وعمر ولسادات المهاجرين والأنصار، الذين بلغوا القمّة في التّوحيد والإيمان والجهاد في سبيل الله، ومع هذا الرسول يخاف عليهم، فمن يأمن بعد هؤلاء؟: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، فسئل عنه فقال: "الرياء" هذا دليل على اهتمام الصحابة في الأمر، والرياء معناه: أن الإنسان يتصنّع أمام الناس بالتقوى، والعمل الصالح، وإتقان الصلاة، وغير ذلك، من أجل أن يمدحوه، فالرياء من الرؤية أن يحب الإنسان أن يراه الناس وهو يعمل العمل الصالح من أجل أن

1 / 96