وكان إقباله على الله في استفتاحه على تسبيحه والثناء عليه وعلى سبحات وجهه ، وتنزيهه عما لا يليق به ، ويثني عليه بأوصافه وكماله.
فإذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ، كان إقباله على ركنه الشديد ، وسلطانه وانتصاره لعبده ، ومنعه له منه وحفظه من عدوه.
وإذا تلى كلامه كان إقباله على معرفته في كلامه كأنه يراه ويشاهده في كلامه كما قال بعض السلف : لقد تجلي الله لعباده في كلامه.
والناس في ذلك على أقسام ولهم في ذلك مشارب ، وأذواق فمنهم البصير ، والأعور ، والأعمى ، والأصم ، والأعمش ، وغير ذلك ، في حال التلاوة والصلاة ، فهو في هذه الحال ينبغي له أن يكون مقبلا على ذاته وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه وأحكامه وأسمائه.
وإذا ركع كان إقباله على عظمة ربه ، وإجلاله وعزه وكبرسائه ، ولهذا شرع له في ركوعه أن يقول : " سبحان ربي العظيم " .
فإذا رفع رأسه من الركوع كان إقباله على حمد ربه والثناء عليه وتمجيده وعبوديته له وتفرده بالعطاء والمنع.
فإذا سجد ، كان إقباله على قربه ، والدنو منه ، والخضوع له والتذلل له ، والافتقار إليه والانكسار بين يديه ، والتملق له.
فإذا رفع رأسه من السجود جثى على ركبتيه ، وكان إقباله على غنائه وجوده ، وكرمه وشدة حاجته إليهن ، وتضرعه بين يديه والانكسار ؛ أن يغفر له ويرحمه ، ويعافيه ويهديه ويرزقه.
صفحه ۲۸