الحمد لله رب العالمين، وصلواته وسلامه على محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه اجتمع حنبلي وشافعي في مجلس، فأفضى الأمر إلى ذكر الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الشافعي: إنما أسرى الله بروحه، فقال الحنبلي: إنما أسرى الله بجسده وروحه، فقال الشافعي: الصحيح أنه أسري بروحه، وهو قول الجمهور، وقد ذكر صاحب الحاوي عن عائشة أنها قالت: إنما أسري بروحه، وما برح جسده عندي، فقال الحنبلي: هذا ليس بصحيح، يعني المنقول عن عائشة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بعائشة في المدينة، وما كانت معه ولا مصاحبة له بمكة، والإسراء إنما كان من مكة،كما قال الله تعالى عز وجل.
وهذا الحنبلي يذكر الآن حجته من الكتاب والسنة والمعقول والمنقول، ومهما كان للشافعي من حجة أتى بها، ورحم الله من وقف على قول الرجلين، وأنصف وقال الحق.
قال الله عز وجل: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا}، فقال: بعبده، والعبد يقع على الجسد والروح، بدليل ما لو قال: عبدي حر، يعتق جمعيه، وقال: {لنريه من آياتنا} ومتى أطلقت الرؤية كانت للبصر، ولتكون الدلالة أتم.
صفحه ۵۴۸